الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأنشأ الزوج يقول:
زهّدني في فرشها وفي الحلل
…
أنّي امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النمل وفي السبع الطول
…
وفي كتاب الله تخويف يجل
فقال له القاضي:
إنّ لها عليك حقّا لم يزل
…
في أربع نصيبها لمن عقل
فعاطها ذاك ودع عنك العلل ثم قال: إن الله تعالى أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاثة أيام بلياليهن ولها يوم وليلة، فقال عمر رضي الله عنه: لا أدري من أيكم أعجب أمن كلامها أم من حكمك بينهما، إذهب فقد وليتك البصرة.
حكاية المتكلمة بالقرآن
قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام، فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بسواد على الطريق، فتميزت ذاك، فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف، فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقالت: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ 58
«1» ، قال: فقلت لها: يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان؟ قالت: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ
«2» ، فعلمت أنها ضالة عن الطريق، فقلت لها: أين تريدين؟ قالت: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
«3» ، فعلمت أنها قد قضت حجها، وهي تريد بيت المقدس، فقلت لها: أنت منذ كم في هذا الموضع؟
قالت: ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا
«4» ، فقلت: ما أرى معك طعاما تأكلين؟ قالت: هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
«5» فقلت:
فبأي شيء تتوضئين؟ قالت: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
«6» ، فقلت لها: إن معي طعاما، فهل لك في الأكل؟ قالت: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ
«7» ، فقلت:
ليس هذا شهر رمضان. قالت: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ
«8» ، فقلت: قد أبيح لنا الإفطار في السفر.
قالت: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
«9» ، فقلت: لم لا تكلميني مثل ما أكلمك؟ قالت: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ 18
«10» ، فقلت: فمن أي الناس أنت؟ قالت: وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا 36
«11» فقلت:
قد أخطأت فاجعليني في حل، قالت: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ
«12» فقلت: فهل لك أن أحملك على ناقتي هذه فتدركي القافلة، قالت: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ
«13» قال: فانخت ناقتي، قالت: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ
«14» فغضضت بصري عنها وقلت لها: اركبي، فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها فقالت: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
«15» فقلت لها: اصبري حتى أعقلها، قالت: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ
«16» فعقلت الناقة وقلت لها:
اركبي فلما ركبت قالت: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ 13 وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ 14
«17» قال:
فأخذت بزمام الناقة، وجعلت أسعى وأصيح فقالت:
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
«18» فجعلت أمشي رويدا رويدا وأترنم بالشعر، فقالت: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ
«19» فقلت لها: لقد أوتيت خيرا كثيرا، قالت:
وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ
«20» فلما مشيت بها قليلا قلت: ألك زوج؟ قالت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ
«21» فسكت، ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة، فقلت لها: هذه القافلة فمن لك
فيها؟ فقالت: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا
«1» فعلمت أن لها أولاد فقلت: وما شأنهم في الحج؟ قالت:
وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ 16
«2» فعلمت أنهم أدلاء الركب، فقصدت بها القباب والعمارات فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟ قالت: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا
«3» وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً
«4» يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ
«5» فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا، فلما استقر بهم الجلوس قالت: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ
«6» فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي فقالت:
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ 24
«7» فقلت: الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمرها، فقالوا: هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن، فسبحان القادر على ما يشاء، فقلت: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
«8» والله أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب الثامن في الأجوبة المسكتة والمستحسنة ورشقات اللسان وما جرى مجرى ذلك
قيل: أن معن بن زائدة دخل على المنصور، فقال له:
هيه يا معن تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف على قوله:
معن بن زائدة الذي زادت به
…
شرفا على شرف بنو شيبان
فقال كلا يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله:
ما زلت يوم الهاشمية معلنا
…
بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه
…
من وقع كلّ مهند وسنان «9»
فقال: أحسنت والله يا معن وأمر له بالجوائز والخلع.
ووفد ابن أبي محجن على معاوية، فقام خطيبا فأحسن، فحسده معاوية وأراد أن يوقعه، فقال له: أنت الذي أوصاك أبوك بقوله:
إذا متّ فادفني إلى جنب كرمة
…
تروّي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة فإنني
…
أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
وقال: بل أنا الذي يقول أبي:
لا تسأل الناس ما مالي وكثرته
…
وسائل الناس ما جودي وما خلقي
أعطي الحسام غداة الروع حصّته
…
وعامل الرمح أرويه من العلق «10»
وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض
…
وأكتم السرّ فيه ضربة العنق
ويعلم الناس أنّي من سراتهم
…
إذا سما بصر الرعديد بالفرق «11»
فقال له معاوية: أحسنت والله يا ابن أبي محجن، وأمر له بصلة وجائزة.
وقيل: أخذ عبد الملك بن مروان بعض أصحاب شبيب الخارجي «12» ، فقال له: ألست القائل:
ومنّا شريد والبطين وقعنب
…
ومنا أمير المؤمنين شبيب
فقال: يا أمير المؤمنين إنما قلت ومنا يا أمير المؤمنين شبيب، وأردت بذلك مناداة لك. فكان ذلك سببا لنجاته.
ودخل شريك بن الأعور على معاوية وكان دميما، فقال
له معاوية: إنك لدميم والجميل خير من الدميم وإنك لشريك وما لله من شريك، وإن أباك لأعور والصحيح خير من الأعور، فكيف سدت قومك؟ فقال له: إنك معاوية وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت لها الكلاب، وإنك لابن صخر، والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية وما أمية إلا أمة صغّرت، فكيف صرت أمير المؤمنين؟ ثم خرج وهو يقول:
أيشتمني معاوية بن حرب
…
وسيفي صارم ومعي لساني
وحولي من ذوي يزن ليوث
…
ضراغمة تهشّ إلى الطّعان «1»
يعير بالدمامة من سفاه
…
وربات الحجال من الغواني
ودخل يزيد بن أبي مسلم صاحب شرطة الحجاج على سليمان بن عبد الملك بعد موت الحجاج، فقال له سليمان: قبّح الله رجلا أجرّك رسنه، وأولاك أمانته.
فقال: يا أمير المؤمنين رأيتني والأمر لك وهو عني مدبر، فلو رأيتني وهو علي مقبل لاستكبرت مني ما استصغرت، واستعظمت مني ما استعظمت.
فقال سليمان: أترى الحجاج استقرّ في جهنم! فقال:
يا أمير المؤمنين لا تقل ذلك، فإن الحجاج وطّأ لكم المنابر، وأذل لكم الجبابرة، وهو يجيء يوم القيامة عن يمين أبيك وشمال أخيك، فحيثما كانا كان.
وقال يهودي لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما لكم لم تلبثوا بعد نبيكم إلا خمس عشرة سنة حتى تقاتلتم، فقال علي كرم الله وجهه: ولم أنتم لم تجف أقدامكم من البلل حتى قلتم يا موسى أجعل لنا إلها كما لهم آلهة.
ووجد الحجاج على منبره مكتوبا قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ
«2» ، فكتب تحته قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
«3» .
ودخل عقيل على معاوية وقد كف بصره، فأجلسه معه على سريره ثم قال له: أنتم معشر بني هاشم تصابون في أبصاركم، فقال له عقيل: وأنتم معشر بني أمية تصابون في بصائركم.
وقيل: اجتمعت بنو هاشم يوما عند معاوية فأقبل عليهم وقال: يا بني هاشم إن خيري لكم لممنوح، وإن بابي لكم لمفتوح فلا يقطع خيري عنكم، ولا يرد بابي دونكم، ولما نظرت في أمري وأمركم رأيت أمرا مختلفا، إنكم ترون أنكم أحق بما في يدي مني، وإذا أعطيتكم عطية فيها قضاء حقوقكم قلتم: أعطانا دون حقنا، وقصّر بنا عن قدرنا، فصرت كالمسلوب والمسلوب لا حمد له، هذا مع إنصاف قائلكم وإسعاف سائلكم، قال: فأقبل عليه ابن عباس رضي الله عنهما فقال: والله ما منحتنا شيئا حتى سألناه، ولا فتحت لنا بابا حتى قرعناه، ولئن قطعت عنا خيرك فخير الله أوسع منك، ولئن أغلقت دوننا بابا لنكففن أنفسنا عنك، وأما هذا المال فليس لك منه إلا ما للرجل من المسلمين ولولا حقنا في هذا المال لم يأتك منا زائر يحمله خف، ولا حافر «4» أكفاك أم أزيدك؟ قال: كفاني يا ابن عباس. وقال معاوية يومها: أيها الناس إن الله حبا قريش بثلاث فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ 214
«5» ونحن عشيرته الأقربون، وقال تعالى:
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ
«6» . ونحن قومه، وقال:
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ 1 إِيلافِهِمْ
«7» . ونحن قريش، فأجابه رجل من الأنصار فقال: على رسلك يا معاوية فإن الله تعالى يقول: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ
«8» . وأنتم قومه. وقال تعالى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ 57
«9» وأنتم قومه وقال تعالى:
وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً 30
«10» وأنتم قومه ثلاثة بثلاثة ولو زدتنا لزدناك.
وقال معاوية أيضا لرجل من اليمن: ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! فقال: أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ
«11» . ولم يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه.
وقال يوما لجارية بن قدامة: ما كان أهونك على قومك إذ سمّوك جارية! فقال: ما كان أهونك على قومك إذ سموك معاوية وهي الأنثى من الكلاب! قال: اسكت لا أم لك. قال: لي أم ولدتني، أما والله إن القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا، وإنك لم تهلكنا قسوة، ولم تملكنا عنوة، ولكنك أعطيتنا عهدا وميثاقا، وأعطيناك سمعا وطاعة، فإن وفيت لنا وفينا لك، وإن نزعت إلى غير ذلك فإنّا تركنا وراءنا رجالا شدادا، وأسنة حدادا، فقال معاوية: لا أكثر الله في الناس مثلك يا جارية، فقال له: قل معروفا فإن شر الدعاء محيط بأهله.
وخطب معاوية يوما فقال: إن الله تعالى يقول: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ 21
«1» فعلام تلوموني إذا قصرت في عطاياكم؟
فقال له الأحنف: وإنا والله لا نلومك على ما في خزائن الله ولكن على ما أنزله الله لنا من خزائنه فجعلته في خزائنك وحلت بيننا وبينه.
وقيل: دخل مجنون الطاق يوما إلى الحمام وكان بغير مئزر فرآه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وكان في الحمام فغمض عينيه فقال المجنون: متى أعماك الله؟ قال: حين هتك سترك.
ومن ذلك ما حكي أن الحجاج خرج يوما متنزها فلما فرغ من نزهته صرف عنه أصحابه، وانفرد بنفسه، فإذا هو بشيخ من بني عجل فقال له: من أين أيها الشيخ؟ قال: من هذه القرية، قال: كيف ترون عمالكم؟ قال: شرّ عمال، يظلمون الناس، ويستحلون أموالهم. قال: فكيف قولك في الحجاج؟ قال: ذاك ما ولي العراق شر منه، قبّحه الله، وقبّح من استعمله، قال: أتعرف من أنا؟ قال: لا، قال:
أنا الحجاج، قال: جعلت فداك أو تعرف من أنا؟ قال:
لا. قال: فلان بن فلان مجنون بني عجل أصرع في كل يوم مرتين، قال: فضحك الحجاج منه وأمر له بصلة.
وقال رجل لصاحب منزل: أصلح خشب هذا السقف فإنه يقرقع. قال: لا تخف فإنه يسبّح. قال: إني أخاف أن تدركه رقة فيسجد.
وقالت عجوز لزوجها: أما تستحي أن تزني ولك حلال طيب؟ قال: أما حلال فنعم، وأما طيّب فلا.
وقال مالك لوزيره: ما خير ما يرزقه العبد؟ قال: عقل يعيش به، قال: فإن عدمه، قال: أدب يتحلّى به، قال:
فإن عدمه؟ قال: مال يستره، قال: فإن عدمه؟ قال:
فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد.
وتنبأ رجل في زمن المنصور فقال له المنصور: أنت نبي سفلة؟ فقال: جعلت فداك كل نبي يبعث إلى شكله.
ومن الأجوبة المسكتة المستحسنة:
ما ذكر أن إبراهيم مغني الرشيد غنّى يوما بين يديه فقال له: أحسنت أحسن الله إليك، فقال له: يا أمير المؤمنين إنما يحسن الله إلي بك، فأمر له بمائة ألف درهم.
وقال رجل لبعض العلوية: أنت بستان، فقال العلوي:
وأنت النهر الذي يسقى منه البستان.
وذبحت عائشة رضي الله تعالى عنها شاة وتصدقت بها وأفضلت منها كتفا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما عندك منها؟
فقالت: ما بقي منها إلا كتف، فقال: كلها إلا كتفا» «2» .
وقال عبد الله بن يحيى لأبي العيناء: كيف الحال؟ قال:
أنت الحال. فانظر كيف أنت لنا، فأمر له بمال جزيل وأحسن صلته.
وكان عمرو بن سعد بن سالم في حرس المأمون ليلة فخرج المأمون يتفقد الحرس، فقال لعمرو: من أنت؟
قال: عمرو عمرك الله بن سعد أسعدك الله بن سالم سلّمك الله. قال: أنت تكلأنا «3» الليلة؟ قال: الله يكلأك يا أمير المؤمنين وهو خير حافظا وهو أرحم الراحمين فقال المأمون:
إن أخا الهيجاء من يسعى معك
…
ومن يضرّ نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك
…
شتت فيك شمله ليجمعك
ودفع إليه أربعة آلاف دينار. قال عمرو: وددت لو أن الأبيات طالت.
وقال المعتصم للفتح بن خاقان وهو صبي صغير:
أرأيت يا فتح أحسن من هذا الفص، لفص كان في يده؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين: اليد التي هو فيها أحسن منه، فأعجبه جوابه وأمر له بصلة وكسوة.
وقيل إن رجلا سأل العباس رضي الله عنه: أأنت أكبر أم