الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوصيكم بالصلاة واتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي. وعن ابن مسعود الأنصاري قال: ضربت غلاما لي فسمعت من خلفي صوتا: «اعلم يا أبا مسعود إن الله أقدر عليك منك عليه» .
فالتفت فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله: هو حر لوجه الله تعالى، فقال: أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار.
وروي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كم تعفو عن الخادم؟ ثم أعاد عليه فصمت، فلما كانت الثالثة قال له: أعفو عنه كل يوم سبعين مرة.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: حدثني أبو القاسم نبي التوبة صلى الله عليه وسلم «من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جلد له يوم القيامة حدا» . وقيل: أراد رجل بيع جاريته فبكت، فقال لها: مالك؟ فقالت: لو ملكت منك ما ملكت مني ما أخرجتك من يدي، فأعتقها وتزوجها.
وقال أبو اليقظان: إن قريشا لم تكن ترغب في أمهات الأولاد حتى ولدن ثلاثة هم خير أهل زمانهم، علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وذلك أن عمر رضي الله تعالى عنه أتى ببنات يزدجرد بن شهريار بن كسرى مسبيات، فأراد بيعهن فأعطاهن للدلال ينادي عليهن بالسوق، فكشف عن وجه إحداهن فلطمته لطمة شديدة على وجهه فصاح: واعمراه، وشكا إليه، فدعاهن عمر وأراد أن يضربهن بالدرة، فقال علي رضي الله تعالى عنه يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أكرموا عزيز قوم ذل، وغني قوم افتقر» . إن بنات الملوك لا يبعن، ولكن قوموهن، فقومهن وأعطاه أثمانهن، وقسمهن بين الحسن بن علي ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن عمر، فولدن هؤلاء الثلاثة.
وقيل: إستبق بنو عبد الملك فسبقوا مسلمة وكان ابن أمة، فتمثل عبد الملك بقول عمرو العبدي:
نهيتكموا أن تحملوا فوق خيلكم
…
هجينا لكم يوم الرهان فيدرك «1»
فتعثر كفّاه ويسقط سوطه
…
ويخدر ساقاه فما يتحرك
وهل يستوي المرآن هذا ابن حرّة
…
وهذا ابن أخرى ظهرها متشرّك «2»
فقال له مسلمة: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين ليس هذا مثلي، ولكن كما قال ابن المعمر هذه الأبيات:
فما أنكحونا طائعين بناتهم
…
ولكن خطبناهم بأرماحنا قسرا
فما زادنا فيها السباء مذلة
…
ولا كلّفت خبزا ولا طبخت قدرا
وكم قد ترى فينا من ابن سبية
…
إذا لقي الأبطال يطعنهم شزرا «3»
ويأخذ ريّان الطعان بكفّه
…
فيوردها بيضا ويصدرها حمرا
فقبل رأسه وعينيه وقال: أحسنت يا بني ذاك والله أنت، وأمر له بمائة ألف درهم مثل ما أخذ السابق والله أعلم.
الفصل الثاني في ذم العبيد والخدم
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بئس المال في آخر الزمان المماليك» . وقال مجاهد: إذا كثرت الخدم كثرت الشياطين. وقال لقمان لابنه: لا تأمنن امرأة على سرّ ولا تطأ خادما تريدها للخدمة. ووصف بعضهم عبدا فقال:
يأكل فارها «4» ويعمل كارها ويبغض قوما ويحب نوما.
وقيل لبعضهم: ألك غلام؟ فقال:
ومالي غلام فادعوا به
…
سوى من أبوه أخو عمتي
وقال أكثم:
الحر حر وإن مسه الضرّ
…
والعبد عبد وإن ألبسته الدرّ
ودعا بعض أهل الكوفة إخوانه وله جارية فقصرت فيما ينبغي لهم من الخدمة فقال:
إذا لم يكن في منزل المرء حرّة
…
رأى خللا فيما تولّى الولائد
فلا يتخذ منهنّ حرّ قعيدة
…
فهنّ لعمر الله بئس القعائد
وكان لرجل غلام من أكسل الناس، فأرسله يوما يشتري له عنبا وتينا، فأبطأ عليه حتى عيل صبره، ثم جاء بأحدهما فضربه وقال: ينبغي لك إذا استقضيتك حاجة أن تقضي حاجتين، فمرض الرجل، فأمر الغلام أن يأتيه بطبيب، فغاب ثم جاء بالطبيب ومعه رجل آخر، فسأله عنه فقال:
أما ضربتني وأمرتني أن أقضي حاجتين في حاجة، فجئتك بالطبيب، فإن شفاك الله تعالى، وإلا حفر لك هذا قبرك، فهذا طبيب وهذا حفّار.
وقيل: كان عمرو الأعجمي يلي حكم السند، فكتب إلى موسى الهادي: إن رجلا من أشراف أهل الهند من آل المهلب ابن أبي صفرة اشترى غلاما أسود فرباه وتبناه، فلما كبر وشب اشتد به هوى مولاته فراودها عن نفسها، فأجابته، فدخل مولاه يوما على غفلة منه من حيث لا يعلم، فإذا هو على صدر مولاته، فعمد إليه فجب ذكره وتركه يتشحط في دمه، ثم أدركته عليه رقة وندم على ذلك فعالجه إلى أن برىء من علته، فأقام الغلام بعدها مدة يطلب أن يأخذ ثأره من مولاه ويدبر عليه أمرا يكون فيه شفاء غليله، وكان لمولاه ابنان أحدهما طفل والآخر يافع كأنهما الشمس والقمر، فغاب الرجل يوما عن منزله لبعض الأمور فأخذ الأسود الصبيين فصعد بهما على ذروة سطح عال، فنصبهما هناك وجعل يعللهما بالمطعم مرة وباللعب أخرى إلى أن دخل مولاه، فرفع رأسه فرآه في شاهق مع الغلام فقال: ويلك عرضت ابني للموت، قال: أجل والله الذي لا يحلف العبد بأعظم منه لئن لم تجب ذكرك مثل ما جببتني لأرمين بهما، فقال: الله الله يا ولدي في تربيتي لك، قال: دع هذا عنك، فو الله ما هي إلا نفسي وإني لأسمح بها في شربة ماء، فجعل يكرر عليه ويتضرع له، وهو لا يقبل ذلك ويذهب الوالد يريد الصعود إليه، فيدليهما من ذلك الشاهق، فقال: أبوهما: ويلك، فاصبر حتى أخرج مدية وأفعل ما أمرت، ثم أسرع وأخذ مدية فجب نفسه وهو يراه، فلما رأى الأسود ذلك رمى الصبيين من ذلك الشاهق فتقطعا، وقال: إن جبك لنفسك ثأري، وقتل أولادك زيادة فيه، فأخذ الأسود وكتب بخبره لموسى الهادي، فكتب موسى لصاحب السند عمرو الأعجمي بقتل الغلام، وقال: ما سمعت بمثل هذا قط، وأمر أن يخرج من مملكته كل أسود، فما ترى أردأ من العبيد ولا أقل خيرا منهم. وأكثرهم رداءة المولدون لو أحسنت إلى أحدهم الدهر كله بكل ما تصل يدك إليه أنكره، كأن لم ير منك شيئا، وكلما أحسنت إليه تمرّد، وإن أسأت إليه خضع وذل وقد جربت أنا ذلك كثيرا. وما أحسن ما قيل:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
…
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا «1»
وقيل: إن العبد إذا شبع فسق، وإن جاع سرق. وكان جدي لأمي يقول: شر المال تربية العبيد، والمولدون منهم ألأم من الزنوج وأردأ، لأن المولد لا يعرف له أبا وربما يعرف الزنجي أبويه. ويقال في المولد: بغل لأنه مجنس والبغل تكون أمه فرسا وأبوه حمارا، وبالعكس فلا تثق بمولد لأنه قل أن يكون فيه خير وإن كان فذاك نادر والنادر لا حكم له، وأنا أستغفر الله العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب التاسع والخمسون في أخبار العرب الجاهلية وأوابدهم وذكر غرائب من عوائدهم وعجائب من أكاذيبهم
للعرب أوابد وعوائد كانوا يرونها فضلا، وقد دل على بعضها القرآن العظيم وأكذب الله دعاويهم فيها، فمن ذلك قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ 103
«2» .
قال أهل اللغة: البحيرة ناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن وكان الأخير ذكرا بحروا أذنها أي شقوا أذنها وامتنعوا من ذكاتها ولا تمنع من ماء ولا مرعى. وكان الرجل إذا أعتق عبدا وقال هو سائبة فلا عقد بينهما ولا ميراث. وأما الوصيلة ففي الغنم، كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم، وإن ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم، فإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلا يذبح الذكر لآلهتهم. وأما الحام، فالذكر من الإبل، كانت العرب إذا نتج من صلب الفحل