الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدينة، فهناك عجوز عندها ديك، فاشتره منها واذبحه، فقال له الآخر: وأنا أيضا لي إليك حاجة. قال: وما هي؟
قال: إذا ركب الجني إنسانا ما يعمل له قال: تشد إبهاميه بسير من جلد اليحمور وتقطر في أذنيه من ماء السذاب في اليمنى أربعا وفي اليسرى ثلاثا، فإن الراكب له يموت تفرقا ودخل الأنسي ففعل ما أمره به الجني من شراء الديك، وذبحه، فلم يشعر بعد أيام إلا وقد أحاط به أهل صبية من تلك البلدة وقالوا له: أنت ساحر، ومن حين ذبحت الديك سلبت من صبية عندنا عقلها، فلا نفلتك إلا إلى صاحب المدينة، قال: ائتوني بسير من جلد اليحمور وقليل من ماء السذاب، ودخلت على الصبية، فشددت وقطرت ماء السذاب في أذنيها، فسمعت صوتا يقول: آه علمتك على نفسي، ثم مات من ساعته، وشفى الله تلك الشابة.
فصل في خواص الطير والحيوان على الإجمال
الضب والخنزير لا يلقيان شيئا من أسنانهما أبدا، وكل حيوان يعوم بالطبع. الإنسان والقرد وكل ذي عين، فإن أهداب عينه في الجهة العليا فقط إلا الإنسان من الجهتين، والفرس لا طحال له والبعير لا مرارة له والظليم لا مخ لعظمه، والحيات لا ألسنة لها، والسمكة لارئة لها لأنها تتنفس من كبدها، وكل حيوان لا حافر له فله قرن وما لا قرن له فله حافر.
والحيوان المتهم باللواط: القرد والخنزير والحمار والسنور، والعيون التي تضيء بالليل عين الأسد والنمر والأفعى والسنور. والذي يدخر القوت من الحيوان:
الإنسان والفأر والغراب والنحل والنمل. والذي يحيض من الحيوان: الإنسان والفرس والكلب والأرنب والضبع والخفاش، ويقال أيضا: الرعاد من السمك فتبارك الله أحسن الخالقين، وهذا آخر ما قصدت إيراده في هذه الباب، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
الباب الثالث والستون في ذكر نبذة من عجائب المخلوقات وصفاتهم
ذكر المسعودي في كتابه عن بعض العلماء: أن الله سبحانه وتعالى خلق في الأرض قبل آدم ثمانيا وعشرين أمة على خلق مختلفة، وهي أنواع منها: ذوات أجنحة وكلامهم قرقعة، ومنها ما له أبدان كالأسود ورؤوس كالطير، ولهم شعور وأذناب وكلامهم دوي، ومنها ما له وجهان واحد من قبله والآخر من خلفه، وأرجل كثيرة، ومنها يشبه نصف الإنسان بيد ورجل وكلامهم مثل صياح الغرانيق، ومنها ما وجهه كالآدمي وظهره كالسلحفاة وفي رأسه قرن وكلامهم مثال عوي الكلاب ومنها ما له شعر أبيض وذنب كالبقر، ومنها ما له أنياب بارزة كالخناجر وآذان طوال.
ويقال: إن هذه الأمم تناكحت وتناسلت حتى صارت مائة وعشرين أمة، ولم يخلق الله تعالى أفضل ولا أحسن ولا أجمل من الإنسان.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: خلق الله تعالى ألف أمة وعشرين أمة منها ستمائة في البحر، وأربعمائة وعشرون في البر، وفي الإنسان من كل خلق، فلذلك سخّر الله له جميع الخلق، واستجمعت له جميع اللذات وعمل بيده جميع الآلات، وله النطق والضحك، والبكاء، والفكرة، والفطنة، واختراعات الأشياء، واستنباط جميع العلوم، واستخراج المعادن، وعليه وقع الأمر والنهي والوعد والوعيد والنعيم والعذاب، وإياه خاطب وله قرب، وخلق الله تعالى إسرافيل عليه السلام على صورة الإنسان، وهو أقرب الملائكة إليه، وفي الحديث:«لا تضربوا الوجوه، فإنها على صورة إسرافيل» . وآيات الله تعالى في البشر أكثر من أن تحصر:
فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
«1» .
وقال الشيخ عبد الله صاحب كتاب تحفة الألباب:
دخلت إلى باشقرد فرأيت قبور عاد، فوجدت سن أحدهم طوله أربعة أشبار وعرضه شبران، وكان عندي في باشقرد نصف ثنية أخرجت لي من فك أحدهم الأسفل، فكان نصف الثنية شبرين ووزنها ألف ومائة مثقال، وكان دور فك ذلك العادي سبعة عشر ذراعا وطول عظم عضد أحدهم ثمانية أذرع، وعرض كل ضلع من أضلاعهم ثلاثة أشبار كلوح الرخام. قال: ولقد رأيت في بلغار سنة ثلاثين وخمسمائة من نسل عاد رجلا طويلا طوله أكثر من سبعة وعشرين ذراعا كان يسمى: دنقي أو ديقي وكان يأخذ الفرس تحت إبطه كما يأخذ الولد الصغير، وكان من قوته يكسر بيده ساق الفرس ويقطع جلده وأعضاءه كما يقطع
باقة البقل، وكان صاحب بلغار قد اتخذ له درعا تحمل على عجلة وبيضة عادية لرأسه كأنها قطعة من جبل، وكان يأخذ في يده شجرة من، البلوط كالعصا لو ضرب بها الفيل لقتله، وكان خيرا متواضعا، كان إذا لقيني يسلم عليّ ويرحب بي ويكرمني، وكان رأسي لا يصل إلى ركبتيه رحمة الله تعالى عليه، ولم يكن في بلغار حمام يمكنه دخولها إلا حمام واحدة، وكانت له أخت على طوله ورأيتها مرات في بلغار، وقال لي قاضي بلغار يعقوب بن النعمان: إن هذه المرأة العادية قتلت زوجها وكان اسمه آدم وكان أقوى أهل بلغار قيل: إنها ضمته إليها، فكسرت أضلاعه، فمات من ساعته.
وروي عن وهب بن منبه في عوج بن عناق أنه كان من أحسن الناس وأجملهم إلا أنه كان لا يوصف طوله، قيل:
إنه كان يخوض في الطوفان، فلم يبلغ ركبتيه، ويقال إن الطوفان علا على رؤوس الجبال أربعين ذراعا، وكان يجتاز بالمدينة فيتخطاها كما يتخطى أحدكم الجدول الصغير، وعمره الله دهرا طويلا حتى أدرك موسى عليه السلام، وكان جبارا في أفعاله يسير في الأرض برا وبحرا ويفسد ما شاء، ويقال: إنه لما حصر بنو إسرائيل في التيه ذهب فأتى بقطعة من جبل على قدرهم واحتملها على رأسه ليلقيها عليهم فبعث الله طيرا في منقاره حجر مدور فوضعه على الحجر الذي على رأسه، فانثقب من وسطه وانخرق في عنقه، وأخبر الله عز وجل نبيه موسى عليه الصلاة والسلام بذلك، فخرج إليه وضربه بعصا فقتله، ويقال: إن موسى عليه الصلاة والسلام كان طوله عشرة أذرع وعصاه عشرة أذرع، وقفز في الهواء عشرة أذرع، وضربه فلم يصل إلى عرقوبه، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ومن ذلك ما قيل عن أمه عناق بنت آدم عليه الصلاة والسلام، وكانت مفردة بغير أخ، وكانت مشوهة الخلقة لها رأسان، وفي كل يد عشرة أصابع، ولكل أصبع ظفران كالمنجلين. وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: هي أول من بغى في الأرض وعمل الفجور، وجاهر بالمعاصي واستخدم الشياطين وصرفهم في وجوه السحر، وكان قد أنزل الله على آدم عليه الصلاة والسلام أسماء عظيمة تطيعه الشياطين بها وأمره أن يدفعها إلى حواء لتحترز بها، فغافلتها عناق وسرقتها واستخدمت بها الشياطين، وتكلمت بشيء من الكهانة، فدعا عليها آدم، وأمنت على ذلك حواء، فأرسل الله عليها أسدا أعظم من الفيل، فهجم عليها وقتلها، وذلك بعد ولادتها عوجا بسنتين. ومن ذلك ما حكي عن بعض فقهاء الموصل: أنه شاهد ببلاد الأكراد المحمدية في جبل من جبال الموصل إنسانا طوله تسعة أذرع وهو صبي لم يبلغ الحلم وكان يأخذ بيده الرجل القوي ويرميه خلف ظهره فأراد صاحب الموصل استخدامه، فقيل له في عقله خبل، فتركه.
وروي عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال:
دخلت بلدة اليمن، فرأيت بها إنسانا من وسطه إلى أسفله بدن واحد، ومن وسطه إلى أعلاه بدنان مفترقان برأسين ووجهين وأربع أيد، وهما يأكلان ويشربان ويتقاتلان ويتلاطمان ويصطلحان. قال: ثم غبت عنهما قليلا ورجعت، فقيل لي: أحسن الله عزاءك في أحد الشقين، فقلت: وكيف صنع به؟ فقيل: ربط في أسفله حبل وثيق وترك حتى ذبل، ثم قطع ورأيت الجسد الآخر بالسوق ذاهبا وراجعا «1» .
ومنه: ما أرسله بطارقة الأرمن إلى ناصر الدولة، وهو رجلان في جسد واحد، فأحضر الأطباء وسألهم عن انفصال أحدهما عن الآخر فسألوهما هل تجوعان معا وتعطشان معا؟ قال: نعم، فقالوا له: لا يمكن فصلهما، ويقال: إنه أحضر أباهما فسأله عن حالهما، فأخبر أنهما يختصمان في بعض الأحيان وأنه يصلح بينهما «2» .
ومن ذلك: ما ذكر أنه أهدي إلى أبي منصور الساماني فرس له قرنان، وثعلب له جناحان إذا قرب منه إنسان نشرهما، وإذا بعد ألصقهما. وذكر القاضي عياض رحمة الله تعالى عليه أنه ولد له مولود على أحد جنبيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهذا لا يبعد، فإنه يوجد كثيرا في السنور الدبركي وذكر أنه ولد بالقاهرة غلام له أربعة أرجل، ومثلها أيد وذكر أنه كان لبعض ولاة مصر مملوك يدعى طقطو، فولاه فوض من أعمال الصعيد فتزوج بها وولد له ولد، ثم انقلب امرأة فتزوج بها وولدت ولدين، وأما كبش بأربعة قرون ودجاجة بأربعة أرجل، وحيوان برأسين، والمخرج واحد، فكثير، وعجائب الله تعالى في مصنوعاته غير متناهية، فلله الحمد على ما أنعم به علينا لا نحصي ثناء عليه.
ومن ذلك: إنسان الماء وهو حيوان يشبه الآدمي، وفي بعض الأوقات يطلع ببحر الشام شيخ بلحية بيضاء، ويستبشر الناس برؤيته في تلك السنة بالخصب.
ومن ذلك: بنات الماء وهم أمة ببحر الروم يشبهن النساء ذوات شعور وثدي وفروج، وهن حسان ولهن كلام لا يفهم، وضحك ولعب، ولهن رجال من جنسهن ويقال: إن الصيادين يصطادونهن ويجامعونهن، فيجدون لذة عظيمة لا توجد في غيرهن من النساء، ثم يعيدوهن في البحور ثانيا، ويقال: إن هذا الصنف يوجد بالبرلس ورشيد على ما ذكر «1» .
وحكي عن الشيخ أبي العباس الحجازي قال: حدثني بعض التجار أنه في سنة من السنين خرجت إليه سمكة عظيمة فنقبوا أذنها وجعلوا فيها الحبال، وأخرجوها، ففتحت أذنها، فخرجت جارية حسناء بيضاء سوداء الشعر حمراء الخدين كحلاء العينين من أحسن ما يكون من النساء ومن صرتها إلى نصف ساقيها شيء كالثوب يستر قبلها ودبرها ودائر عليها كالإزار، فأخذها الرجال إلى البر، فصارت تلطم وجهها وتنتف شعرها، وتعض يدها وتصيح كما تصيح النساء حتى ماتت في أيديهم فألقوها في البحر، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وحكى القزويني عن بعض البحريين: أن الريح ألقتهم على جزيرة ذات أشجار، وأنهار، فأقاموا بها مدة وكانوا إذا جاء الليل يسمعون بها همهمة وأصواتا وضحكا ولعبا، فخرج من المركب جماعة وكمنوا في جانب البحر، فلما جاء الليل خرج بنات الماء على عادتهن، فوثبوا عليهن، فأخذوا منهن اثنتين، فتزوج بهما شخصان، فأما أحدهما، فوثق بصاحبته، فأطلقها، فوثبت في البحر، وأما الآخر فبقي مع صاحبته زمانا وهو يحرسها حتى ولدت له ولدا كأنه القمر، فلما طاب الهواء، وركبوا البحر ووثق بها، فأطلقها، فأغفلته وألقت نفسها في البحر، فتأسف عليها تأسفا عظيما، فلما كان بعد أيام ظهرت من البحر ودنت من المراكب وألقت لصاحبها صدفا فيه در وجوهر، فباعه وصار من التجار.
ونظير هذه الحكاية: ما ذكره ابن زولاق في تاريخه أن رجلا من الأندلس من الجزيرة الخضراء صاد جارية منهن حسناء الوجه سوداء الشعر حمراء الخدين نجلاء العينين كأنها البدر ليلة التمام كاملة الأوصاف فأقامت عنده سنين وأحبها حبا شديدا وأولدها ولدا ذكرا، وبلغ من العمر أربع سنين، ثم إنه أراد السفر فاستصحبها معه، ووثق بها، فلما توسطت البحر أخذت ولدها وألقت نفسها في البحر، فكاد أن يلقي نفسه خلفها حسرة عليها، فلم يمكنه أهل المركب من ذلك، فلما كان بعد ثلاثة أيام ظهرت له، ألقت له صدفا كثيرا فيه در، ثم سلمت عليه وتركته، فكان ذلك آخر العهد بها، فتبارك الله ما أكثر عجائب خلقه، وما لم نشاهده ونسمع به أكثر، فسبحان القادر على كل شيء لا إله إلا هو ولا معبود سواه، فالعاقل يعرف الجائز، والمستحيل، ويعلم أن كل مقدور بالإضافة إلى قدرة الله تعالى قليل، وإذا سمع عجبا جائزا استحسنه ولم يكذب قائله، والجاهل إذا سمع ما لم يشاهده قطع بتكذيب قائله، وتزييف ناقله، وذلك لقلة عقله. وقد وصف الله تعالى الجاهل بعدم العقل بقوله تعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ
«2» وقد أودع الله تعالى من عجائب المصنوعات في الآفاق والسماوات ما يدل عليه قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ 105
«3» . فلا تكن منكر العجائب، فكل الأشياء من آياته:
فيا عجبا كيف يعصى الال
…
هـ أم كيف يجحده الجاحد
وفي كلّ شيء له آية
…
تدلّ على أنه الواحد
ومن شاهد حجر المغناطيس وجذبه للحديد، وكذلك حجر الماس الذي يعجز عن كسره الحديد ويكسره الرصاص ويثقب الياقوت والفولاذ ولا يقدر على ثقب الرصاص يعلم أن الذي أودعه هذا السر قادر على كل شيء، فلا تكن مكذبا بما لا تعلم وجه حكمته، فإن الله تعالى قال: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ
«4» .
قال صاحب تحفة الألباب: إن في بلاد السودان أمة لا رؤوس لهم، وقد ذكرهم الشعبي في كتاب سير الملوك، وذكر في بلاد المغرب أمة من ولد آدم كلهم نساء، ولا يعيش في أرضهم ذكر، وأن هؤلاء النساء يدخلن في ماء عندهم، فيحبلن من ذلك، وتلد كل إمرأة منهن بنتا ولا يلدن ذكرانا أبدا.
وقيل: إن ولد تبع اليماني وصل إليهم لما أراد أن يصل إلى الظلمات التي دخلها ذو القرنين، وإن ولد تبع هذا كان إسمه إفريقش، وهو الذي بنى إفريقية، وسماها باسمه، وأنه وصل إلى وادي السبت، وهو واد يجري فيه الرمل كما يجري فيه السيل لا يمكن أن يدخل فيه حيوان إلا هلك، فلما رآه استعجل الرجوع، وذو القرنين لما وصل إليه أقام إلى يوم السبت، فسكن جريانه فعبره إلى أن وصل إلى الظلمات، فيما يقال والله سبحانه وتعالى أعلم.
وتلك الأمة التي لا رؤوس لهم أعينهم في مناكبهم وأفواههم في صدورهم، وهم كثيرون كالبهائم يتناسلون ولا مضرة على أحد منهم.
وأما الملك العظيم والعدل الكثير والنعم الجزيلة والسياسة الحسنة، والرخاء والأمن الذي لا خوف معه، ففي بلاد الهند وبلاد الصين، وأهل الهند أعلم الناس بعلم الطب وعلم النجوم والهندسة والصناعات العجيبة التي لا يقدر أحد سواهم على أمثالها، وفي بلادهم وجزائرهم ينبت العود وشجر الكافور، وجميع أنواع الطيب كالقرنفل والنسبل والدارصيني «1» ، والكبابة، والبسباسة، وأنواع العقاقير والأدوية، وعندهم حيوان المسك، وهو حيوان كالغزال يجتمع المسك في سرته، وعندهم حيوان الزباد وهو حيوان كالسنور يخرج منه عرق كالقطران أسود ثخين يسيل من جسده وتزيد رائحته بالتغرب بحيث تكون أذكى من المسك الأذفر، ويخرج من بلادهم أنواع اليواقيت، وأكثرها في جزيرة سرنديب، وعلى جبلها نزل آدم عليه الصلاة والسلام من الجنة فيما يقال.
وحكي إنه كان ببابل سبع مدائن كل مدينة فيها أعجوبة كان في إحداها تمثال الأرض، فإذا التوى على الملك بعض أهل مملكته وامتنعوا عن القيام بالخراج خرج أنهارها عليهم في التمثال، فلا يطيق أهل تلك الناحية سد الماء حتى يعتدلوا، وما لم يسد التمثال لا يسد في ذلك البلد.
وفي الثانية حوض إذا أراد الملك أن يجمعهم لطعامه أتى كل واحد بما أحب من الشراب، فصبه ذلك الحوض، فاختلطت الأشربة، فكل من سقي من ذلك الحوض كان شرابه الذي جاء به.
وفي الثالثة طبل إذا أرادوا أن يعلموا حال الغائب عن أهله قرعوه، فإن كان حيا سمع له صوت وإن كان ميتا لم يسمع له صوت.
وفي الرابعة مرآة إذا أرادوا أن يعلموا حال الغائب نظروا فيها، فأبصروه على أي حالة هو عليها، كأنهم يشاهدونه.
وفي الخامسة أوزة من نحاس، فإذا دخل الغريب صوتت الأوزة صوتا يسمعه أهل المدينة.
وفي السادسة قاضيان جالسان على الماء فيأتي الخصمان، فيمشي المحق على الماء حتى يجلس مع القاضيين، ويقع المبطل في الماء.
وفي السابعة شجرة ضخمة لا تظل إلا ساقها، فإن جلس تحتها أحد أظلته إلى ألف شخص، فإذا زادوا على الألف واحدا جلسوا في الشمس كلهم.
ولو بسطت المقال في ذلك لا تسع المجال. وقد اقتصرت في ذلك على ما ذكرت والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب الرابع والستون في خلق الجان وصفاتهم
روي عن الشيخ عبد الله صاحب تحفة الألباب أنه قال:
قرأت في بعض الكتب المتقدمة المأثورة عن العلماء رحمهم الله تعالى أن الله تعالى لما أراد أن يخلق الجان خلق نار السموم وخلق من مارجها خلقا سماه جانا، كما قال الله تعالى: وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ 27
«2» وقال الله تعالى في موضع آخر: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ 15
«3» وقيل: إن الله تعالى خلق الملائكة من نور النار، والجان من لهبها والشياطين من دخانها، وقد جاء في بعض الأخبار أن نوعا من الجن في قديم الزمان قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام كانوا سكانا في الأرض قد طبقوها برا وبحرا، سهلا وجبلا، وكان فيهم الملك والنبوة والدين والشريعة، وكانوا يطيرون إلى السماء، ويسلمون على الملائكة، ويستعلمون منهم خبر ما في السماء. وكثرت نعم الله عليهم إلى أن بغوا وطغوا وتركوا