الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثَّاني
سَوْق المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ
لحديثِ الشُّؤم في الدَّار والمرأة والفَرس
هذا الحديث مِن قديمِ الأخبار الَّتي أثارت لَغَطًا مِن قِبَلِ مُتَمَعقِلةِ كلِّ زمان، يدَّعون تَضادَّها مع الثَّابتِ مِن كونِ الشَّريعة قد أبطلت الطِّيرة ونهت عن التَّطيُّر.
وقد بَلَغ حَنقُ أهلِ العلمِ بهؤلاءِ المُهَرْوِلين إلى إبطالِ مِثل هذه السُّنَن بمجرَّدِ الرَّأي -طمعًا في رَدْعِهم عن غَيِّهم، وتَنفيرِ غيرِهم عن زَيْغِهم- أن نعتوهم بـ (المُلحِدَة)!
(1)
لكن أبَى هذا الجِذْر إلَّا أن يُخرِج فروعَه الخبيثة، فكان لهؤلاء خَلَفٌ مِن مَلاحدةِ هذا العصرٍ، مَن قالوا لأسلافِهم: ما قُلتم شيئًا إزاءَ ما نقول! بعد أن تتبَّعوا آثارَهم في نقضِ رواياتِ هذا البابِ، وشَنَّعوا على الشَّيخين تصحيحَهما للحديث.
كان من هؤلاءِ على سبيل المثال: (صالح أبو بكر)، الَّذي تحذلَق في عَربيَّةِ الحديث قائلًا:
«إنَّ الشُّؤم أصلًا مِن خصالِ المشركين وطِباعهم، وقد نَشأ في أنفسِهم نتيجةً لعدم إيمانهم بقضاء الله وقدره، .. فكيف تكون دَعوة النَّبي صلى الله عليه وسلم مُركَّزةً على إبطال
(1)
كما في «إكمال المعلم» للقاضي عياض (7/ 150)، و «شرح النَّووي على مسلم» (14/ 220).
هذه العقيدة، ثمَّ يؤيِّدها بحديثٍ مثل هذا؟! ويُحدِّد الشُّؤمَ في أهمِّ نِعَم الله على خلقِه، وهي: الدَّار، والمرأة، والفَرس؟!»
(1)
.
فهذه هي الدَّعوى الأولى: أنَّ الحديثَ يُناقض ما استَقرَّ في الشَّريعة مِن نهيِها عن التَّطيُّر، بإثباتِ ضدِّ ذلك في ثلاثة أمور.
وأمَّا الدَّعوى الثَّانية: فهي أنَّ الحديثَ يَزْدَري المرأة ويُهينها، حيث يجعلها مَشئومةَ بطَبعِها.
وفي تقرير هذه الشُّبهة، يقول (زهير الأدهميُّ):«إنَّ حصَر الشُّؤم في ثلاثةٍ تكون المرأة واحدة منها: تحقيرٌ لها، واستصغارٌ لقيمتِها، ونَيْلٌ مِن كرامتِها، وأكثر مِن ذلك كلِّه، نَراه ظُلمًا في حقِّها بأن تكون مَوصوفةً بالشُّؤم»
(2)
.