الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَبحث الأوَّل
تعريف الرِّوايات الإسرائيليَّة
الرِّواية (الإسرائيليَّة): مُصطلح يُطلَق على الأخبارِ المَاضيةِ المَرويَّة مِن طريقِ بني إسرائيل، المَقصودِ بهم اليَهود والنَّصارى؛ فالقَيدُ الأخير يَمنعُ التَّمثيلَ للإسرائيليَّات بما نُقِل عنهم مِن طريقِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نقلًا صَحيحًا، لأنَّها تصيرُ بذا مِن قَبيل الخبرِ المَرفوعِ! فلا تدخل في التَّعريفِ كونها إسلاميَّةَ المصدرِ.
وأغلبُ هذا المَرويِّ عن بني إسرائيل هو مِن أسفارِ اليَهود، أمَّا المَرويُّ عن النَّصارَى فقليلٌ بالنِّسبةِ لما عند اليهودِ، لظهورِ أمرِ هؤلاءِ، وشِدَّة اختلاطِهم بالمسلمين أوَّلَ الإسلام
(1)
.
ثمَّ جاء بعدُ مَن عَدَّ مِن الإسرائيليَّات كُلَّ ما دَسَّه أعداءُ المُسلمين مِن اليَهودِ وغيرِهم في التَّفسيرِ والحديثِ مِن أخبار زائفةٍ، وإن لم يكُن لها أصلٌ في مَصدرٍ كِتابيٍّ قديمٍ، وإنمَّا هي أخبارُ صَنعوها بسوءِ طَويَّةٍ، ليُفسدوا بها عقائدَ المُسلمين
(2)
،
(1)
ولأجل ذا نحى (محمَّد أبو شهبة) في كتابه «الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير» (ص/13 - 14) إلى تركيز تعريف الإسرائيليَّات في معارف اليهودِ دون غيرهم، بل عدَّ إدخال معارف النَّصارى في التَّعريف نوع توسُّعٍ من بعض الباحثين، ولا شكَّ أنَّه من باب التَّغليب في التَّعريف فحسب.
(2)
«الإسرائيليات في التفسير والحديث» لمحمد حسين الذهبي (ص/19 - 20)، ومثَّل بقصة الغرانيق، وما ذكره هنا أوسع مما ذكره في كتابه «التفسير والمفسرون» (1/ 166 - 169)، واستفاده منه محمد أبو شهبة في كتابه «الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير» (ص/12 - 14).
يَتَقدَّم القائلين بهذا (محمود أبو ريَّة)
(1)
و (صالح أبو بكر)
(2)
؛ يَستدلُّون على ذلك بما يَرَوْنَه أماراتٍ مُنكرةٍ في المتنِ تكشفُ لهم مصدرَه اليهوديَّ -فيما يزعمون- في اختلاقِها.
ولا ريبَ أنَّ هذا الرَّأي تَوسُّعٌ غير جيِّدٍ في معنى الإسرائيليَّات، ولم أقِف على مَن قال به مِن أهل العلمِ المُعتبرين، ولا نَسَبه مَن قال به إلى سَلَفٍ
(3)
؛ بصرفِ النَّظرِ عن وَهاءِ ما يَعدُّونه أمارةً على نكارةِ المتنِ واختلاقِه.
وقد وُجِد من أدخلَ في مفهوم الإسرائيليَّاتِ كلَّ ما تَطَرَّق إلى التَّفسيرِ والحديثِ مِن أساطيرٍ مَنسوبةٍ في أصلِ روايتِها إلى غيرِ المصدَرَين اليَهوديٍّ والنَّصرانيِّ! «ليلحَقَ بها ما هو عَربيُّ الأصل أيضًا، مثل بعض القصَّاصين اللَّذين تَأثَّروا بطريقة أهلِ الكتاب، فرَووا قَصصًا ليس مصدرها أهل الكتاب، لكن لا تخرُج بمعانيها مِن مادَّة الإسرائيليَّات، بل ربَّما وَضَعوا بعضَها وَضعًا»
(4)
.
وفي هذا الرأيِّ كسادٌ كسابِقه؛ إذ ثمَّة فرقٌ بين ما يَروِيه أهلُ الكتابِ أنفسُهم، وما وَضَعه عليهم الوضَّاعون بعدهم! هذا أمْيَلُ إلى حكمِ الخُرافةِ، قد انتفت عنه المَصدريَّة الإسرائيليَّة المَطلوبة في التَّعريفِ.
(1)
انظر «أضواء على السنة المحمدية» له (ص/154).
(2)
في كتابه «الأضواء القرآنية في اكتساح الأحاديث الإسرائيلية وتطهير البخاري منها» ، فكثيرًا ما يطلق عبارات توحي بأنَّ الإسرائيليَّات موضوعات دسَّها اليهود لخدمة مصالحهم وهدم الإِسلام، انظر مثلًا (ص/10، 12، 123، 167).
(3)
انظر «تفسير القرآن بالإسرائيليات، نظرة تقويمية» لمساعد الطيار (ص/16)
(4)
«كعب الأحبار وأثره في التفسير» لخليل إلياس (ص/107).