المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثدفع دعاوى المعارضات الفكرية المعاصرةعن حديث «خلق الله آدم على صورته» - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ٣

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث السادسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث غارَتِه صلى الله عليه وسلم على بني المُصطلِق

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ غارَتِه صلى الله عليه وسلم على بني المُصطلِق

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث إغارته صلى الله عليه وسلم على بني المُصطلق

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ غارَتِه صلى الله عليه وسلم على بني المُصطلق

- ‌المَبحث السَّابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث العُرَنيِّين

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ العُرَنيِّين

- ‌المطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ العُرَنيِّين

- ‌المطلب الثَّالثدفع المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديث العُرنيِّين

- ‌المَبحث الثَّامننقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ أَمْرِه صلى الله عليه وسلم بقتلِ المُتَّهَم بأمِّ ولدِه

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديثِ أَمْرِه صلى الله عليه وسلم بقتلِ المُتَّهَم بأمِّ ولدِه

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث أمْرِه صلى الله عليه وسلم بقتلِ المُتَّهم بأمِّ ولدِه

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ المُعارضاتِ الفِكريَّةِ المُعاصرةِعن حديث أمرِه صلى الله عليه وسلم بقتلِ المُتَّهم بأمِّ وَلدِه

- ‌المَبحث التَّاسعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ دعاء النَّبي صلى الله عليه وسلم بالخيرِ لِمَن آذاه أو لَعنه مِن المسلمين

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديثِ دعاء النَّبي صلى الله عليه وسلمبالخيرِ لِمَن آذاه أو لَعنه مِن المسلمين

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ دعاءِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بالخير لِمَن آذاه أو لَعَنه

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ دعاء النَّبي صلى الله عليه وسلم لِمَن آذاه أو لَعنه مِن المسلمين

- ‌المَبحث العاشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث: «إنَّ أبي وأباك في النَّار»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديثِ «إنَّ أبي وأباك في النَّار»

- ‌المطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِلحديثِ «إنَّ أبي وأباك في النَّار»

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ: «إنَّ أبي وأباك في النَّار»

- ‌المَبحث الحادي عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث خَلوَتِه صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ مِن الأنصارِ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديثِ خَلوَتِه صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ مِن الأنصارِ

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةلحديثِ خَلْوتِه صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ مِن الأنصارِ

- ‌المَطلب الثَّالثدَفع المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ خَلْوتِه صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ أنصارِيَّة

- ‌المَبحث الثَّاني عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ دخولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ حرامٍ وأختِها

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق أحاديثِ دخولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ حرامٍ وأختِها

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلدخول النَّبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ حرامٍ وأختِها

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن دخولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ حرامٍ وأختِها

- ‌المَبحث الثَّالث عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ المتعلِّقة بإتيانِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نساءَه

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق الأحاديثِ المتعلِّقة بإتيانِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نساءَه

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِلأحاديث إتيانِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نساءَه

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى المُعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِعن أحاديث إتيانِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نساءَه

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ عَرْضِ أبي سفيان أمَّ حبيبة على النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ عَرْضِ أبي سفيان أمَّ حبيبة على النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ عَرْضِ أبي سفيان أمَّ حبيبة على النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّالثدراسةُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ عَرْضِ أبي سفيان أمَّ حَبيبةَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعخلاصة القول في حديث عرض أبي سفيان لابنته على النَّبي صلى الله عليه وسلموردُّ رَميِ ابن حزم له بالوَضعِ

- ‌المَبحث الخامس عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ طَلاقِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم للجَوْنيَّة

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ طَلاقِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم للجَوْنيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِلحديثِ طَلاقِه صلى الله عليه وسلم الجونيَّة

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديث طلاقِه صلى الله عليه وسلم الجونيَّة

- ‌الفصل الخامسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للأحاديث المُتعلِّقة بباقي الأنبياء

- ‌المَبحث الأوَّلنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث: «خلقَ الله آدمَ على صورتِه»

- ‌المَطلب الأولسَوْق حديث «خلقَ الله آدمَ على صورتِه»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ «خلَقَ الله آدمَ على صورتِه»

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعاوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ «خَلَقَ الله آدمَ على صورتِه»

- ‌المَبحث الثَّانينقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ: «لم يكذبْ إبراهيم عليه السلام إلَّا ثلاثَ كذِبات»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ: «لم يكذبْ إبراهيم عليه السلام إلَّا ثلاثَ كذِبات»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق دعاوى الُمعارضات الفكريَّة المعاصرةلحديث «لم يكذب إبراهيم إلَّا ثلاث كذبات»

- ‌المطلب الثَّالثدفعُ دعوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديث: «لم يكذب إبراهيم إلَّا ثلاث كذبات»

- ‌المَبحث الثَّالثنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث فرارِ الحجرِ بثيابِ موسى عليه السلام

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث فرارِ الحجرِ بثيابِ موسى عليه السلام

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المُعاصرةِلحديث فِرارِ الَحجرِ بثيابِ موسى عليه السلام

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المُعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِعن حديثِ فِرارِ الحَجرِ بثيابِ موسى عليه السلام

- ‌المَبحث الرَّابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث لَطْمِ موسى عليه السلام لملَكِ الموتِ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث لَطْمِ موسى عليه السلام لملَكِ الموتِ

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق المعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةلحديث لطمِ موسى عليه السلام لملَكِ الموتِ

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المعارضاتِ الفكريَّةِ الُمعاصرةِعن حديث لطمِ موسى عليه السلام لملَكِ الموتِ

- ‌المَبحث الخامسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ طوافِ سليمان عليه السلام على نسائِه في ليلةٍ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ طوافِ سليمان عليه السلام على نسائِه في ليلةٍ

- ‌المَطلب الثانيسَوْق المُعارَضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ طوافَ سليمان عليه السلام على نسائِه في ليلةٍ

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ دعاوي المعارَضاتِ الفكريَّة المعاصرةعن حديثِ طوافِ سليمان عليه السلام على نسائِه في ليلةٍ

- ‌المَبحث السَّادسدفع دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة عن حديثِ «نحن أحقُّ بالشَّك مِن إبراهيم

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ «نحن أحقُّ بالشَّك مِن إبراهيم

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق دعاوي المعارضات المعاصرةعلى حديث: «نحن أحقُّ بالشَّك مِن إبراهيم عليه السلام»

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ «نحن أحقُّ بالشَّك مِن إبراهيم»

- ‌الفصل السادسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للأحاديث المُتعلِّقة بالطَّبيعيَّات

- ‌المَبحث الأوَّلنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث التَّصبُّح بسبعِ تمَرات عَجوة

- ‌المَطلب الأوَّلسوق حديث التَّصبُّح بسبعِ تمَرات عَجوة

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْقُ المُعارضاتِ الفِكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ التَّصبُّحِ بسبعِ تمَراتٍ عَجوة

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ التَّصبُّح بسبعِ تمراتٍ عَجوة

- ‌المَبحث الثَّانينقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث الحبَّة السَّوداء شفاء

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديثِ الحبَّةِ السَّوداءِ

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِلحديثِ الحبَّةِ السَّوداءِ

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ الحبَّةِ السَّوداءِ

- ‌المَبحث الثَّالثنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث نفخِ الرُّوح في الجَنين

- ‌المَّطلب الأوَّلسَوق حديث نفخِ الرُّوح في الجَنين

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارَضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِلحديث نفخِ الرُّوحِ في الجَنينِ

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ نفخِ الرُّوحِ في الجنينِ

- ‌المَبحث الأوَّلنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ: «لولا بنو إسرائيل لم يخنِز اللَّحم»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ: «لولا بنو إسرائيل لم يخنِز اللَّحم»

- ‌‌‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِلحديث: «لولا بنو إسرائيل لم يخنِز اللَّحم»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِلحديث: «لولا بنو إسرائيل لم يخنِز اللَّحم»

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعاوي المعارضات الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديث: «لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللَّحم»

- ‌الفصل السابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للأحاديث المُتعلِّقة بالمرأة

- ‌المَبحث الأوَّلنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث خلق المرأةِ من ضِلع

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْقُ حديث خلقِ المرأةِ من ضِلع

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث خلق المرأةِ مِن ضلع

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةعن حديثِ خلق المرأةِ مِن ضَلعٍ

- ‌المَبحث الثَّانينقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث: «إذا دَعا الرَّجلُ اِمرَأتَه إلى فراشِه»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديث: «إذا دَعا الرَّجلُ اِمرَأتَه إلى فراشِه»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ: «إذا دَعا الرَّجل امرَأته إلى فراشِه»

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَبحث الثَّالثنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث: أنَّ النِّساء أكثر أهلِ النَّار وأنَّهنَّ ناقصات عَقْلٍ ودينٍ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث أنَّ النِّساء أكثر أهلِ النَّاروأنَّهنَّ ناقصات عَقْلٍ ودينٍ

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق دعاوي المعارضات الفكريَّة المعاصرةلحديث ناقصات عقلٍ ودين

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى المعارضات الفكريَّة المعاصرةعن حديث ناقصات عقلٍ ودين

- ‌المَبحث الرَّابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث: «لَنْ يُفلح قَومٌ وَلَّوا أمرَهم اِمرأةً»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث «لَنْ يُفلح قَومٌ وَلَّوا أمرَهم اِمرأةً»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ: «لنْ يُفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأةً»

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ: «لن يفلح قومٌ وَلَّوا أمرَهم امرأةً»

- ‌المَبحث الخامسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ: «لولا حَوَّاءُ ما خَانَتْ أنثى زوجَها»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديث: «لولا حَوَّاءُ ما خَانَتْ أنثى زوجَها»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ: «لولا حوَّاءُ ما خَانَتْ أنثى زوجَها»

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ: «لولا حوَّاء ما خانَت أنثى زوجَها»

- ‌المَبحث السَّادسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحَديثِ الشُّؤم في الدَّار والمرأة والفَرس

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حَديثِ الشُّؤم في الدَّار والمرأة والفَرس

- ‌المطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ الشُّؤم في الدَّار والمرأة والفَرس

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ الشُّؤمِ في الدَّارِ والمرأةِ والفَرسِ

- ‌المَبحث السَّابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ: «يَقطعُ الصَّلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلب»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث: «يَقطعُ الصَّلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلب»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث: «يَقطعُ الصَّلاةَ المرأةُ والحمار والكلب»

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديث: «يَقطعُ الصَّلاةَ المرأةُ والحمار والكلب»

- ‌المَبحث الثَّامننقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحَديث رَضاعُ الكَبيرِ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديث رضاع الكبير

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق دعاوي المعارضاتُ الفكريَّة المعاصرةلحديثِ رضاعِ الكَبيرِ

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ دعوى المعارضات الفكريَّةِ المعارضةِعن حديثِ رَضاعِ الكبيرِ

- ‌المَبحث التَّاسعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث سِنِّ عائشةَ عند زواجِها بالنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث سِنِّ عائشةَ عند زواجِها بالنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّانيسَوقُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديثِ سِنِّ عائشة عند زواجها بالنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديثِ سِنِّ عائشة عند زواجِها بالنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثامننقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديث «الصَّحيحين» بدعوى أنَّها إسرائيليَّات

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف الرِّوايات الإسرائيليَّة

- ‌المَبحث الثَّانيالدَّعاوي المُعاصرة لاشتمالِ «الصَّحيحين» على إسرائيليَّات

- ‌المَبحث الثَّالثأقسام المَرويَّات الإسرائيليَّات وحكمها

- ‌المَبحث الرَّابعمَوقف الصَّحابة مِن روايةِ الإسرائيليَّات

- ‌المَبحث الخامسموقف أهل الحديث من الإسرائيليَّات

- ‌المَبحث السَّادسمسالك المعاصرين في دعوى اشتمال الصَّحيحين على الإسرائيليَّات

- ‌المَطلب الأوَّلالمَسْلك الإسناديُّ لدعوى احتواءِ «الصَّحيحين» على إسرائيليَّات، ونقضُه

- ‌المَطلب الثَّانيالمَسلك المتنيُّ الَّذي مَشَى عليه الطَّاعنون المُعاصِرونفي دعواهم بوجود الإسرائيليَّات في «الصَّحيحين»

- ‌الخاتمة

- ‌ثَبت المَصادر والمَراجع

الفصل: ‌المطلب الثالثدفع دعاوى المعارضات الفكرية المعاصرةعن حديث «خلق الله آدم على صورته»

‌المَطلب الثَّالث

دفع دعاوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ

عن حديثِ «خَلَقَ الله آدمَ على صورتِه»

أمَّا جواب المُعارضة الأولى من دعوى تشبيهِ الحديثِ لله بخلقِه وتجسيِمه بإثباتِ الصُّورةِ له، فيقال فيه:

إنَّ أهل السُّنةِ في تفسيرِهم لهذا الحديثِ على مَذْهَبين مِشهورين، مُبتَنَيَينِ على مَرجعِ الضَّميرِ في قولِه:«على صورَتِه» ، هل هو إلى اللهِ تعالى، أم إلى آدمَ عليه السلام؟

فذَهب فريقٌ مِن مُحَقِّقيهم إلى أنَّ الضَّميرَ فيه راجعٌ إلى آدم عليه السلام:

والمعنى: أنَّ الله تعالى خَلَق آدم على صورتِه الَّتي كان عليها مِن مَبدأ فِطرتِه إلى مَوْتِه، لم تَتَفاوت هيئتُه كما الحالُ مع بَنِيه، ولم يَتَنَقَّل بين الأطوارِ كذُرَّيَّتِهِ، فإنَّ كُلًّا منهم يكون نطفةً، ثمَّ علقةً، ثمَّ مضغةً، ثمَّ عظامًا وأعصابًا عاريةً، ثمَّ يكسوها لحمًا وجلدًا، ثمَّ يكون مَولودًا رضيعًا، ثمَّ طفلًا مترعرِعًا، ثمَّ شابًا، ثمَّ كهلًا، فشيخًا.

أمَّا آدم عليه السلام: فخَلَقَه الله ونفَخَ فيه الرُّوح حالَ كونِه على صورتِه الَّتي هو عليها.

ص: 1427

وهذا القول مَبنيٌّ على أنَّ الأصلَ في اللُّغةِ: رجوع الضَّمير إلى أقربِ مَذكورٍ، والشَّاهد على هذا العَوْدِ عندهم، قوله صلى الله عليه وسلم بعدها في نفسِ الحديث:« .. طولُه ستُّون ذراعًا» ، فعادَ الضَّميرُ أيضًا على آدم

(1)

.

وفي تقريرِ هذا المعنى للحديثِ، يقول ابن حبَّان: «هذا الخبر تَعَلَّق به مَن لم يُحكِم صناعةَ العِلم، وأخَذَ يُشنِّع على أهلِ الحديثِ الَّذين يَنتحلون السُّنَن، ويَذبُّون عنها، ويَقمعون مَن خالفها، بأنْ قال:

ليست تخلو هذه الهاء مِن أن تُنسَب إلى الله أو إلى آدم؛ فإن نُسِبَت إلى الله: كان ذلك كُفرًا، إذْ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}! وإن نُسِبَت إلى آدم: تَعرَّى الخبرُ عن الفائدة، لأنَّه لا شكَّ أنَّ كلَّ شيءٍ خُلِق على صورتِه لا على صورةِ غيره!

ولو تَملَّق قائلُ هذا إلى بارئِه في الخلوة، وسأَله التَّوفيقَ لإصابةِ الحقِّ، والهداية للطَّريق المستقيم في لزومِ سُنَن المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكانَ أوْلى به مِن القَدح في مُنتَحِلي السُّنَن بما يجهل معناه، وليس جهلُ الإنسان بالشَّيءِ دالًّا على نَفْيِ الحقِّ عنه لجهلِه به.

ونحن نقول: إنَّ أخبارَ المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا صَحَّت مِن جهةِ النَّقل لا تَتَضادُّ، ولا تَتَهاتَر، ولا تَنسخُ القرآن، بل لكلِّ خَبرٍ معنىً معلومٌ يُعلَم، وفصلٌ صحيحٌ يُعقل، يعقِله العالمون.

فمعنى الخبر عندنا بقوله صلى الله عليه وسلم: «خَلق الله آدم على صورتِه» : إبانةُ فضلِ آدم على سائرِ الخلقِ، والهاء راجعةٌ إلى آدم، والفائدةُ مِن رجوع الهاء إلى آدم دون إضافتها إلى البارئِ جلَّ وعلا -جلَّ ربُّنا وتعالى عن أن يُشبه بشيءٍ من المخلوقين-: أنَّه جلَّ وعلَا جَعَلَ سبَبَ الخَلْقِ الَّذي هو المُتحرِّك النَّامي بذاتِه اجتماعَ الذَّكر والأنثى، ثمَّ زوال الماء عن قرارِ الذَّكر إلى رحِم الأنثى، ثمَّ تَغيُّر ذلك إلى العَلَقة بعد مُدَّة، ثمَّ إلى المضغة، ثمَّ إلى الصُّورة، ثمَّ إلى الوقت

(1)

انظر «الكواكب الدَّراري» للكرماني (22/ 72)، و «طرح التثريب» للعراقي (8/ 104)، و «فتح الباري» لابن حجر (6/ 366).

ص: 1428

الممدود فيه، ثمَّ الخروج مِن قراره، ثمَّ الرَّضاع، ثمَّ الفِطام، ثمَّ المراتب الأُخَر على حسبِ ما ذكرنا، إلى حلولِ المَنيَّة به.

هذا وصفُ المتحرِّك النِّامي بذاتِه مِن خلقِه.

وخَلَق الله جلَّ وعلا آدمَ على صورتِه الَّتي خَلَقه عليها وطولُه ستُّون ذراعًا مِن غير أن يكون تَقدَّمه اجتماعُ الذَّكرِ والأنثى، أو زوالُ الماء، أو قرارُه، أو تغيير الماء علقةً أو مضغةً، أو تجسيمه بعده، فأبان الله بهذا فضلَه على سائرِ مَن ذَكَرنا مِن خلقِه، بأنَّه لم يكُن نطفةً فعلقةً، ولا علقةً فمضغةً، ولا مضغةً فرضيعًا، ولا رضيعًا ففطيمًا، ولا فطيمًا فشابًّا، كما كانت هذه حالةُ غيره؛ ضدَّ قولِ مَن زَعَم أنَّ أصحابَ الحديثِ حَشَويَّةٌ! يروُون ما لا يعقلون، ويحتجُّون بما لا يدرونَ!»

(1)

.

وتقريرًا لهذا التَّوجيه للحديث، يقول الخطَّابي: «إنَّ ذريَّة آدمَ إنمَّا خُلِقوا أطوارًا، كانوا في مَبدأِ الخلقةِ نُطفةً، ثمَّ علقةً، ثمَّ مضغةً، ثمَّ صاروا صُوَرًا أجِنَّة، إلى أن تَتِمَّ مدَّة الحملِ، فيُولَدون أطفالًا، ويَنشَئون صِغارًا إلى أن يكبروا، فيتمُّ طول أجسامهم.

يقول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ آدمَ لم يكُن خلقُه على هذه الصِّفة، لكنَّه أوَّلَ ما تناولته الخِلقة، وُجِد خلقًا تامًّا، طوله سِتُّون ذراعًا»

(2)

.

وهذا ما رجَّحه الطَّيبيُّ أيضًا، وزاد عليه فوائدَ بأن قال:«تأويلُ أبي سليمانَ -يعني الخطَّابيَّ- للحديثِ في هذا المَقام سَديدٌ، يَجب المَصير إليه؛ لأنَّ قولَه: «طولُه» بيانٌ لقوله: «على صورتِه» ؛ كأنَّه قيل: خُلِق آدم على ما عُرِف مِن صورتِه الحسنةِ، وشكلِه وهيئتِه مِن الجمالِ والكمالِ وطولِ القامة، كما قال تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]، وإنَّما خُصَّ الطُّولُ منها، لأنَّه لم يكُن مُتَعارفًا بين النَّاس .. »

(3)

.

(1)

«صحيح ابن حبان» (14/ 33)، وهو قول أبي ثور كما في «طبقات الحنابلة» (1/ 212)، وابن خزيمة في «كتاب التوحيد» (1/ 93)، وابن منده في «التوحيد» (1/ 222).

(2)

«أعلام الحديث» للخطابي (3/ 2228).

(3)

«الكاشف عن حقائق السُّنن» للطيبي (10/ 3035).

ص: 1429

وأمَّا الفريق الآخر، فذَهبوا إلى عَوْد الضَّميرِ إلى الله عز وجل لا إلى آدَم

(1)

:

على رأسهم أحمد بن حنبل، فقد سُئل عن هذا حديث « .. على صورته» على صورةِ آدم؟ فقال: فأين الَّذي يُرْوَى عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أنَّ الله تَعَالَى خلق آدم عَلَى صورة الرَّحمن عز وجل»

(2)

؟! ..

ثمَّ قال: وأيُّ صورةٍ كانت لآدمَ قبل أن يُخلَق؟!»

(3)

.

لكن المُراد عند أصحابِ هذا القولِ مِن «الصُّورة» هنا: «الصِّفة» ؛ كما تقول مَثلًا: عَرِّفني صورةَ هذا الأمر؛ أي: صِفَتَه

(4)

؛ وصورةُ الشَّيء: مَجموع الصِّفاتِ الذَّاتيةِ الَّتي تُعرَف بها شخصيَّة الشَّيء، «ولا ريب أن الأدخلَ فيه هو الوَجه، ولِذا أظنُّ أنَّ غالبَ استعمالِ الصُّورةِ في الوَجْه، لأنَّه هو مَبدأ التَّمييز والمعرفة كثيرًا»

(5)

.

فعلى هذا يكون مَعنى الحديث على هذا الرَّأي: أنَّ الله خَلقَ آدمَ عليه السلام على صِفَتِه ذا وجهٍ، مُتَّصفًا بالسَّمعِ والبَصر والكلام، كما أنَّ الله تعالى متَّصِفٌ بجنسِ هذه الصِّفات، فكأنَّه «وَضَع في بني آدم أُنموذجًا مِن الصِّفاتِ الإلهيَّةِ، وليس مِن الكائناتِ أحَدٌ يكون مَظهرًا كاملًا لتلكِ الصِّفاتِ إلَّا هو»

(6)

، فيكون خلقُه على صورةِ الرَّحمن مِن هذه الحيثيَّة فقط، فلا يستلزم مُماثلة

(7)

.

(1)

وهو قول أحمد بن حنبل كما سيأتي، وقول ابن راهويه كما في «الشريعة» للآجري (3/ 1127)، وكذا الآجريُّ في موضعه، وأبو إسماعيل الهرويُّ في كتابه «الأربعون في دلائل التوحيد» (ص/63)، وهو الذي نصره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (6/ 373).

(2)

اختلف العلماء في هذا اللفظ من الحديث بين مُصحِّح له ومُضعف، فمِمَّن صحَّحه: أحمد بن حنبل، وابن راهويه، كما في «ميزان الاعتدال» (1/ 603)(2/ 420)، وابن تيمية في «تلبيس الجهمية» (6/ 430)، والذهبي في «سير النبلاء» (5/ 450).

وضعَّفه ابن خزيمة في «التوحيد» (1/ 86)، والمازري في «المُعلم» (3/ 169)، والألباني في «الضعيفة» (3/ 316).

(3)

«إبطال التأويلات» لأبي يعلى الفرَّاء (1/ 88).

(4)

انظر «اللَّامع الصَّبيح» للبرماوي (15/ 268).

(5)

«فيض الباري» للكشميري (6/ 189).

(6)

«فيض الباري» للكشميري (6/ 187).

(7)

ذهب بعضٌ ممَّن أثبت رجوعَ الضَّمير إلى الله تعالى إلى أنَّه من باب إضافة المخلوقِ إلى الخالقِ تشريفًا للمُضاف واختصاصًا له، كما في قوله «ناقة الله» و «بيت الله» ، وهو ما تأوَّل به ابن خزيمة حديثَ «صورة الرَّحمن» على فرضِه صحَّته، انظر كتابه «التوحيد» (1/ 86)، و «شرح النووي على مسلم» (16/ 166).

وفيه بعد، لأنَّ معنى الاختصاص والتَّشريف يأتي في الأعيان القائمة بنفسها، كالناقة والبيت ونحو ذلك، إذ معلوم انتفاء قيامها بذات الله تعالى، فأما الصفات القائمة بغيرها، مثل العلم، والقدرة، والكلام، والصورة، إذا أضيفت، كانت إضافتها إضافةَ صفةٍ إلى موصوف، وانظر تفصيل جوابه في «بيان تلبيس الجهمية» (6/ 534 - 535).

ص: 1430

يقول أبو يعلى الفرَّاء (ت 458 هـ): «ليس في حملِه على ظاهرِه ما يُحيل صفاتَه، ولا يُخرجها عمَّا تستحِقُّه، لأنَّنا نُطلِق تسميةَ الصُّورةِ عليه لا كالصُّوَر، كما أطلقنا تسميةَ ذاتٍ ونَفسٍ لا كالذَّواتِ والنُّفوس.

وممَّا يُبيِّن صِحَّة هذا: أنَّ الصُّورةَ ليست فِي حقيقةِ اللُّغة عبارةً عن التَّخاطيط، وإنَّما هي عبارة عن (حقيقةِ الشَّيء)، ولهذا تقُول: عرِّفني صورةَ هذا الأمر، ويُطلَق القول في صورةِ آدم على صورتِه سبحانه، لا على طريقِ التَّشبيه فِي الجسم والنَّوعِ والشَّكلِ والطُّول، لأنَّ ذلك مستحيلٌ في صفاتِه»

(1)

.

ويزيد ابن القيِّم توضيحَ انتفاءِ التَّمثيلِ عن الحديثِ على هذا التَّوجيه الثَّاني قائلًا: «قولُه: ( .. على صورة الرَّحمن): لم يُرِد به تشبيهَ الرَّب وتمثيلَه بالمَخلوق، وإنَّما أرادَ به تحقيقَ الوجهَ، وإثباتَ السَّمعِ والبَصر والكلامِ صِفةً ومَحلًّا»

(2)

.

وبصرفِ النَّظر عن أرجحيَّة أحدِ هذين القَولين السُّنِّيَين السَّابقين للحديث، فلقد بانَ -بحمد الله- أنَّ الحديثَ على تَفسِيرَيْه سَالمٌ مِن غَوائل التَّشبيه، مُنَزَّه عن آفةِ التَّجسيمِ، فإنَّ نسبةَ الصُّورة إلى الله تعالى أتى عليها الذِّكر في عِدَّة أحاديث في الصِّحاح وغيرها

(3)

، ونسبةُ ذلك إلىه سبحانه على ما يَليق بجمالِ وجهِه، وجلالِ سلطانِه، لا يَلزمُ منه تشبيهٌ بصُوَر خلقِه؛ تعالى ربُّنا عن ذلك عُلوًّا كبيرًا.

(1)

«إبطال التأويلات» (ص/81).

(2)

«مختصر الصواعق المرسلة» (ص/539).

(3)

تراها مجموعةً في كتاب «صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسُّنة» لعلوي السَّقاف (ص/229).

ص: 1431

كلُّ ما في الأمرِ: أنَّ الإِلْفَ وَقع ببعض الصِّفات الذَّاتيَّة لمَجِيئِها في القرآن، ووَقَعَت الوَحشةُ مِن الصُّورة لأنَّها لم تَأتِ في القرآن! ونحن نُؤمن بالجميع، ولا نقول في شيءٍ منه بكيفيَّةٍ ولا حَدٍّ

(1)

.

أمَّا دعوى المعارضة الثَّانية من كونِ ما ذُكر من طولِ آدم ونقصانِ ذرِّيتَه في ذلك تدريجيًّا مُخالفٌ للمُشاهدِ مِن آثار ثمود ونحوها مِن الحفريَّات، الَّتي تدلُّ أحجامُ عماراتهم على نفسِ أطوالِنا، ومُؤدَّى ذلك أنَّ متوسِّط أطوالنا واحد لم يتغيَّر منذ آدم؛ فيُقال في جوابه:

قد مرَّ استشهادُ (الكرديِّ) على شُبهتِه هذه بنَصٍّ لابن حجر يَستشكل فيه متن الحديث، يستقوي بهذا النَّص على أهلِ السُّنة ويُحاجُّهم! وكذا فعل (عدنان إبراهيم) في حضِّه أهلَ السُّنة على اقتفاءِ أَثَرِ ابنِ حَجَرٍ في (عَقليَّتِه العلميَّة)

(2)

حين رآه تَكَلَّم في مَتن هذا الحديث واستشكله!

وكان هاذان أحقَّ باقتفاءِ هذه النَّصيحةِ قبل غيرهما! إذ غاية ما بلغ به كلام ابن حَجر أن استشكل المتنِ، فهو -إذن- مُقِرٌّ بصِحَّته! والصِّحة والاستشكال قد يَجتمِعان في نَظَرِ العَالِمِ ولا ضَيْر، وكنَّا قرَّرنا في تمهيد هذه الرِّسالة بـ: أنَّ الاستشكالَ لا يَستلزم البُطلان

(3)

، فلا ينبغي للحصيف أن يجَعَلَ العاقِلُ مِن عَجْزِه عن حَلِّهِ حُجَّةً لنَسْفِ النَّصِ مُطلَقًا! كما فَعلَ هاذان النَّاصِحان لأهلِ الأثَر.

لكن عجبي مِن ابنِ خَلْدونٍ (ت 808 هـ)! كيف جَرَى على خلافِ هذا المَهْيعِ السُّنيِّ القَويمِ في مُعاملةِ الأخبارِ، فأنكَرَ ما في هذا الحديث من طُولِ الأوَّلينَ بدعوى ما رآه من حالِ عماراتِ ثَمود؛ حتَّى جَعَل الحديثَ فيه مِن أساطير القُصَّاص!

(1)

انظر «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص/322).

(2)

هذا ما نَعتَ به عدنان إبراهيم تعامل ابن حجرٍ مع الحديث! وذلك عند كلامه على حديث طول آدم عليه السلام ضمن خطبته المُصوَّرة المشهورة «مُشكلتي مع صحيح البخاري» ، ابتداءً من الدَّقيقة 58 إلى 67، على الموقع العالميِّ (اليوتيوب).

(3)

«الأنوار الكاشفة» للمعلمي (ص/293).

ص: 1432

فقد كان بهذا النَّعت للحديث أسبَقَ مِن ابنِ حَجَرٍ إلى الإشكال على متن الخبر بآثارِ ثَمودٍ؛ غير أنَّ الفرق المنهجيَّ الجوهريَّ بينهما: أنَّ ابن خلدون سارَعَ إلى إنكارِ المتنِ، بينما تَوَرَّع ابن حجرٍ عن هذه المَزَلَّة

(1)

!

وعند تأمُّلِ ما أشكلَ به ابن حَجَرٍ على متنِ الحديث، وإليه استَنَدَ مَن أنكرَه مِن المُعاصرين: نجد أنَّه مُبتَنًى على بِضعِ مُقدِّماتٍ، أَوْحَى مَجمُوعُها إلى ابن حجرٍ بالإشكالِ في متن الخَبر، هذه المُقدِّمات مُجمَلةٌ في ما يلي:

المقدِّمة الأولى: أنَّ قومَ ثمودٍ هم أقربُ زمانًا إلى آدم عليه السلام مِنَّا إليه.

المقدِّمة الثَّانية: أنَّ ما نعهده مِن أَبْنِةٍ (الحِجْر) بأبوابِها الصَّغِرَةِ شمالَ غربِ الجزيرة العَربيَّة عائدةٌ إلى ثمود.

ففي هاتين المُقدِّمتين ما يُفيد ابنَ حجرٍ نتيجةً واحدةً: وهي استقرارُ طولِ بني آدمَ، وعدَم نُقصانِه منذ عهدِ ثَمودِ إلى زمنِه، وهي بهذا مخالفةٌ لما أفاده الحديث: مِن تَناقُصِ طُولِ بَنِيه عبر الزَّمَن عن السِّتين ذراعًا، وبشكلٍ مُطَّردٍ.

فمنشأ الإشكال عند ابن حجرٍ من امتناعِ الجَمْع بين هذه المَعلوماتِ جميعِها! إذْ كان مِن المَقبولِ أن تَقَع أطوالُ ثَمود في مَنزلةٍ بين طول آدم وأطوالِنا؛ أمَا وأبنِيَتُهم شاهدةٌ على أنَّ طولَهم في مِثلِ طولِنا، ففي ذلك دليل على أنَّ إحدى تلك المَعلومات السَّابقةِ خاطئة!

ولقد كان حقًّا على النَّاظرِ حينَهَا أن يَسْتَشكلَ مِن بين تلك المُقدِّمات السَّابقة أضعفَها مِن جِهة الثُّبوت، هذا البَديهيُّ في عملِ النَّاقد؛ لكن قد وَقَع نقد ابن حجرٍ على النَّقل الحَديثيِّ، ولم نَرَه يُشَكِّك في المَعلومةِ النَّقليَّة التَّاريخيَّة الأخرى بالمَرَّة! والَّتي هي عندي أساس ما بَنى عليه استشكالَه أصلًا، أعني بها: ما تَعَارف عليه النَّاسُ مِن نسبةِ آثارِ دِيارٍ مَنحوتةٍ في مكانٍ مَخصوصٍ مِن جزيرة العرب إلى ثمود!

ص: 1433

فآنَ الشُّروع في نَقدِ كلِّ مُقدِّمة ومعلومةٍ بَنى ابن حجرٍ عليها استشكاله على حِدةٍ، فأقول مستعينًا بالله:

قولُ ابن حَجرٍ في المقدِّمة الأولى: بأنَّ عهدَ ثمود «قديم، وأنَّ الزَّمان الَّذي بينهم وبين آدم، دون الزَّمان الَّذي بينهم وبين أوَّل هذه الأُمَّة»

(1)

:

فقد ذكرَ هو برهانَ ذلك في مَوضعٍ آخر مِن كتابِه

(2)

، وهو قولُ صالحٍ عليه السلام لثمود:{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ} [الأعراف: 74]، ومَعلوم أنَّ قومَ عادٍ أوَّل الأقوامِ الَّتي خُلِفَّت بعد الطُّوفان، كما في قولِ نبيِّهم هودٍ عليه السلام لهم:{وَاذكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: 69]، فهذا الاستدلال منه صحيح، فلا إشكال في هذه المقدِّمة.

وأمَّا مقدِّمته الثَّانية: من دعواه أنَّ ما هو مُشاهَد مِن أبنِية ثَمودٍ لم تكن مُفرِطةَ الطُّول، فيُقال في نقضها:

إنَّ هذه المَعلومة لا تقوم ابتداءً إلَّا على فَرْضِ صِحَّةِ ما تَنسِبه العامَّةُ إلى ثَمود مِن دِيارٍ مَنحوتةٍ في شمال الجزيرة، والَّتي تُسمِّيه الحِجرَ أو ديار صالحٍ؛ والحَقُّ أنْ لا دَليل يُثبِتُ جزمًا كون ما حَوَته تلك المنطقة مِن بيوتٍ مَنحوتة في تلك الصُّخور هي نفسُها مَساكن ثمود!

فقد بَرَز مِن الأثَريِّين والمُؤرِّخِين مَن يُرجِع بناءَ هذه الَمدائن بشكلِها الحاليِّ إلى أقوامٍ آخرين، منهم الأنباط، حيث اتَّخذوا (الحِجْرَ) عاصمتَهم الثَّانيةَ بعد عاصمتِهم الأولى (الَبتْراء)، فلا يُستَبعَد بعدُ إحداثَ الأنباطِ في عمارتِها الصَّخريَّة مِن التَّغيِير كما صَنعوه في عمارةِ (البَتراء)، ليشمَلَ ذلك فَتحاتِ الأبواب، بل واجهاتِ المَباني ذاتِها

(3)

.

(1)

«فتح الباري» لابن حجر (6/ 367).

(2)

«فتح الباري» لابن حجر (6/ 381).

(3)

انظر مقالًا بعنوان: «ناقة صالح حائرة» لـ د. محمد علي الحربي، بـ «جريدة عكاظ» السعودية، العدد (3659)، 24/ 6/2011 م، ومقالًا بعنوان:«طول آدم والإنسان، ومنحنى نقصانه مع الزمان» لعز الدين كزابر، بمُدوَّنة blogger الإلكترونية، بتاريخ الأربعاء 19 ديسمبر 2012 م.

ص: 1434

وعَينُ هذه المنطقة كانت مَعمورةً قبل الأنباطِ بالدَّدَانيِّين، ثمَّ باللِّحيانيِّين

(1)

، وهذا يَزيد مِن احتمالِ حدوثِ التَّغيير في عمارتِها.

فالقصدُ: أنَّ الجزمَ بأنَّ ما يُعهَد مِن تلك المبَاني الصَّخريَّة شمالَ غربِ الجزيرة هو عينُ مَباني ثمودٍ، وأنَّه لَمْ يُصِبها شيءٌ مِن التَّغيير مَن قِبَل الحضاراتِ المتلاحقة عليها عبر الزَّمن الطَّويل: الجزمُ بهذا ضَربٌ مِن المُجازفةِ المُفتقرةِ إلى البرهانِ العِلْميِّ والتَّواتر النَّقلي.

غايةُ العِلم في مثلِ هذا الأمر أن يكون ظَنًّا، ولا ينبغي لِما هو ظنِّيٌ أن يُستشكَل به ما تَواردت الأمِّة على قَبولِه مِن حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فضلًا عن تعطيلِه به!

ثمَّ على التَّسليمِ بأنَّ هذه الأطلالَ هي عينُها ديار ثَمود: فقد كان يَصِحُّ لابن حجرٍ الاستشكالُ بهذه المقدِّمة لو كان الحديثُ يَلْزم مِن ظاهرِه اطِّرادُ النَّقْصِ بتَدَرُّجِ أطوالِ بني آدم عبر الأجيال على وَتيرةٍ واحدةٍ! وذلك بأن يكون مُعَدَّل التَّناقصُ في الطُّولِ والحجمِ مِن قَرْنٍ إلى آخر ثابتٌ لا يَتَغيَّر!

وهذه هي المَغلطة الَّتي زَّلَ فيها المُحْدَثون! وليس في ظاهر النَّص ما يُسْعِفُها البتَّة، فليس يُفيد متنُه إلَّا جنسَ التَّناقصِ في الطُّولِ فحسب؛ أمَّا درجات التَّناقص هذا أو اطِّراده عبر الأجيال، فليس في الحديثِ ما يَنْفِيه أو يُثبته.

فلذا جازَ لنا مِن جِهة النَّظر في الحديث أن نقول:

لا مانعَ من أن يكون التَّناقصُ على وتيرةٍ سريعةٍ بعد آدم في الأجيالِ الأولى مِن بَنِيه قبل الطُّوفان، ثمَّ تَباطَأَت وتيرة التَّناقص فيما بعد ذلك تدريجيًّا عبر آلاف السِّنين، وخَفَّ التَّقاصر، حتَّى وَصَل الحال إلى مثلِ ما نحن عليه اليَوم.

(1)

مملكة دادان أو لحيان: مقاطعة تابعة لمملكة مَعين اليمنيَّة الأصل، قامت غرب شمال الجزيرة العربية في القرن السابع قبل الميلاد، واستمرت باسم مملكة دادان إلى القرن الأول قبل الميلاد، ثم باسم لحيان بعد سقوط مملكة الأنباط من سنة 106 م إلى 150 م، انظر «تاريخ الجزيرة العربية في عصورها القديمة» لـ د. عبد العزيز صالح (ص/143).

ص: 1435

بل يسوغ أن يُقال: أنَّ هذا التَّدرُّج نفسَه في النُّقصانِ كانت تختلِف وَتِيرتُه مِن جنسٍ بَشريٍّ إلى آخر في الزَّمن الواحد، فيبطُؤ في أقوامٍ، ويشتدُّ في آخرين.

شاهد ذلك: ما تَواتر في شريعتِنا وصُحف أهل الكتاب مِن خُلُوِّ أقوامٍ عَماليقَ ضِخام الأجسامِ، كالَّذين قاتَلهم بنو إسرائيل في زَمَنِ يوشع بن نون عليه السلام، وهو قولهم لنبيِّهم:{يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ} [المائدة: 22]، يقول ابن جرير:«سَمُّوهم جبَّارين: لأَّنهم كانوا بشدَّةِ بطشِهم، وعظيمِ خَلْقِهم -فيما ذُكِر لنا- قد قَهَروا سائرَ الأُمَم غيرهم»

(1)

.

فقولنا بعدمِ اطِّرادِ وتيرةِ النَّقصِ عبر الأجيالِ، هذا في نَظَري أفضل ما يُجمَع به بين الحديثِ وبين بعضِ الآثار المُشاهَدةِ، وعليه ما نراه مِن آثار قديمةٍ تقربُ من أطوالِنا اليوم: تكون لأقوامٍ تباطَأَ فيهم التَّناقصُ، حتَّى قرُبوا في أطوالِهم مِن أطوالنا.

ثمَّ إنَّا نقول: إنَّ حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا في نقصِ طول بني آدم ليس الدَّليل الشَّرعي الوحيدَ على إفراطِ طولِ أبينا آدم عليه السلام والأجيالِ الَّتي جاءت بعده، ففي كتابِ الله تعالى ما يُشِير إلى ذلك، بل في المُكتشفات البيولوجيَّة والحَفْريَّةِ ما يَعضد ذلك.

بيان ذلك: أنَّ المُقرَّر من دلائلَ الشَّريعة فرطُ أعْمارِ البَشَر في الأُمَمِ السَّابقة الأولى، على غير ما نعهده في هذه الأحقابِ المتأخِّرة

(2)

، فقد لَبِث نوحٍ في قَومِه {أَلْفَ سَنَةٍ إِلَاّ خَمْسِينَ عَاماً} [العنكبوت: 14].

وليس يخفى أنَّ هذا ليس بخَصِيصةٍ لنوح عليه السلام ولا آيةً له، بل ميزة في الأوائل عمومًا، بَدَأت بآدم عليه السلام حيث ناهزَ الألفَ سنة

(3)

، ثمَّ تَتالَت بعدُ في أبنائِه.

(1)

«جامع البيان» (8/ 289).

(2)

مما رُوي في ذلك ـ مثلًا ـ ما أخرجه مالك بلاغًا في «الموطأ» (1/ 321، رقم: 15): من «أن رسول الله أُريَ أعمار النَّاس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنَّه تقاصر أعمار أمَّتِه .. » .

(3)

كما صحَّ به الحديث عن أبي هريرة وابن عبَّاس رضي الله عنهم: «أنَّ الله تعالى كتب لآدم ألف سنةٍ، ثمَّ وأنَّه وَهَب لداود عليه السلام مِن عمرِه أربعين سنةً .. » ، أخرجه الترمذي في (ك: التفسير، باب، رقم: 3368) وقال: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد رُوي من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم» ، وصحَّحه ابن حبَّان (رقم: 6167)، وأخرجه أحمد في «المسند» (رقم: 2269، 2714، 3519) عن ابن عباس، وقال مخرِّجوه:«حديث حسن لغيره» .

ص: 1436

وفي تقرير ذلك يقول ابن تيميَّة: «أعمارُ بني آدم -في الغالبِ- كلَّما تأخَّر الزَّمانُ قصُرت ولم تطُل .. » ، وذَكَر عُمْر آدمَ ونوحٍ، ثمَّ قال:«فكان الُعمْر في ذلك الزَّمان طويلًا، ثمَّ أعمارُ هذه الأمَّة ما بين السِّتين إلى السَّبعين، وأقلُّهم مَن يجوز ذلك»

(1)

.

فإذا تَقرَّر هذا؛ فإنَّ هذا الطُّول في عُمْر الإنسانيَّة الأولى مُفْضٍ عند المُختَصِّين في علومِ البِنْياتِ الطَّبيعةِ إلى ضرورةِ امتلاكِ أولائكَ لأبدان كبيرةٍ تَتَحمَّل هذه الحياةَ الطَّويلةَ على الأرض! وهو ما يَتَّسق مع الدِّراساتِ الحديثةِ الَّتي تربِط بين عُمْر الكائنات الحيَّة وبين أحجامِها، حيث يقول أهل الاختصاص: إنَّ الأكبرَ حجمًا هو الأطولُ عُمْرًا في الجملة، لأنَّ طُولَ الحياة تستلزم جسمًا أكبرَ يُقاوم مَوانع البَقاء.

وقد أثبتت دراساتٌ إحصائيَّة عَديدة هذه الملاحظة، تؤكِّد العلاقةَ الطَّردية بين حجمِ الجسمِ وطولِ العُمْر، وفي هذه العلاقة التَّناسبيَّة بين الأعمارِ والأحجامِ جوابٌ لِمن يَسأل عن عِلَّةِ عَيشِ سَمكِ السَّلَمون -مثلًا- مدَّةً قصيرةً لا تجاوز الأربعَ سنين، بينما يَعيش الحوتُ القطبيُّ مُقوَّس الرَّأس قريبًا مِن مائتي سنة

(2)

.

إنَّ مِن المُستبعَد على ما تُؤكِّده هذه الشَّواهد العِلميَّة، أن يكون الإنسان الأوَّل ذا عُمْرٍ يتجاوز المئاتِ مِن السِّنين، يَصل إلى الألفِ في بواكيره، ثمَّ يكون

(1)

«منهاج السنة النبوية» (4/ 92 - 93).

(2)

انظر دراسة علمية منشورة في ذلك بالإنجليزية للبروفيسورَين (جوانا كوستا juana costa)، و (جورج شارش george church)، بعنوان:

" An analysis of the relationship between metabolism، developmental schedules، and longevity using phylogenetic independent contrasts"(2) p:17.

وهذه الدراسة منشورة في عدة مواقع بحثيَّة متخصِّصة على الشَّبكة الإلكترونية.

ص: 1437

بدَنُه مماثلًا لِما نعهدُه مِن أبدانِنا اليوم! والَّتي لا تَتَحمَّل إلَّا بِضْعَ عقودٍ مِن السِّنين، لتهرمَ بعدُ وتضعُف بِنيتُها بفعلِ الشَّيخوخة

(1)

؛ هذا مِن المُحال.

ومِن لطائف الأخبار في هذا الباب، ما وجدته لابن عمر رضي الله عنه من إشارة لَطيفةٍ إلى هذا التَّلازمِ الواقعِ بين نقصانِ عُمْر الإنسانِ وخِلقَتِه! وذلك فيما رواه عنه مجاهد قال: قال ابنُ عمر: «هل تَدري كم لَبِثَ نوحٌ في قومِه؟ قلتُ: نعم، ألفَ سنةٍ إلَّا خمسين عامًا، قال: «فإنَّ النَّاسَ لم يَزدادوا إلَّا نقصًا في لحومِهم وأجسامِهم وأعمارِهم»

(2)

.

تَتَلمَّح هذا الرَّبطَ بين هذين الطُّولَين في التَّناسبِ -طولِ العُمرِ وطولِ الجسم- في قولِ المَقريزيِّ (ت 845 هـ) أيضًا: «العَرَب العاربة الَّذين كانوا في الزَّمَن الغابر، وقد طالت مُدَدُهم في الحياة، وعظُمًت خلقتهم»

(3)

.

لكن عَجَبي لا ينقضي مِن عَالمٍ فقيهٍ مِن جهابذة القرنِ السَّادس، كيف انتبهَ إلى هذه العلاقةِ التَّناسبيَّةِ بين عُمْرِ الإنسان وحجمِه قبل قرونٍ مِن الزَّمن؟! أعني به ابنَ هُبيرة الوَزيرِ (ت 560 هـ)، حيث قال في شرحِه لحديثِ أبي هريرة هذا:

«إنَّه لمَّا كانت أعمارُ الأوائلِ طِوَالًا، لم يَكُن يَقتضي طولٌ بلوغَ الأشدِّ منه؛ لأنَّ مُدَّتَه

(4)

تُناسب ذلك الطُّول، وأنَّ ابتداءَ الخلق مِن ( .. )

(5)

الآدمي إلى أن

(1)

ومِن لطيف الاعتبارِ بحديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلم: أنَّه يُعَيِّن النِّسبة بين طولِ آدم وما نعهده من طول الإنسان الحاليِّ، إذْ حاصل قِسمة 60 ذراعًا -وهو طول آدم- على 3.8 ذراع -وهو متوسِّط طول الإنسان اليوم- هو:(16)، أي أنَّ طول آدم يفضُل على طول أبنائه اليوم بستة عشر ضعفًا، والعجبُ في أنَّ هذه النِّسبة هي نفسُها النِّسبة بين طولِ عُمر آدم وعمر الإنسان الحالي، أي تقسيم ألف -وهو عمر آدم بالسِّنين- على 65 سنة هجريَّة أو 63.1 سنة شمسيَّة -وهو متوسط أعمار الأمَّة المحمَّدية- والَّذي حاصله ما يقرب منه (16) أيضًا! وانظر مقال عز الدِّين كزابر المُشار إليه سابقًا:«طول آدم والإنسان، ومنحنى نقصانه مع الزَّمان» .

(2)

أخرجه ابن الجعد في «المسند» (رقم: 274)، وبنحوه نعيم بن حماد في «الفتن» (2/ 703 رقم: 1986)، وابن أبي حاتم في «التفسير» (9/ 3041)، وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 280): بأسانيد صحيحة عن مجاهد.

(3)

«ضوء السَّاري» للمقريزي (ص/29 - 30).

(4)

في الأصل المطبوع: (مده)، ولعل ما أثبته أصح وأنسب للسياق.

(5)

كذا في الأصل المطبوع، ولعله بياض في نسخته الخطية.

ص: 1438

يبلغ أشدَّه، فإنه يكون ما يخلُف عليه في مُدَّتِه أكبر ما يتخلَّل منه دائمًا إلى القوَّة والزِّيادة، فإذا حسبتَ هذا على مقتضى ما يستحقُّ العُمْر الَّذي هو الآن مِن السِّتين إلى السبعين، أو العُمْر الَّذي هو ستمائة أو سبعمائة وألف: كان قريبًا ممَّا ذُكِر أنَّ طولَه كان سِتِّين ذراعًا»

(1)

!

ثمَّ إنَّ مِن الآياتِ القرآنيَّة ما يشهد على فرطِ طول الأوَّلين:

منها ما وَصَفَ الله تعالى به أجسامَ عادٍ عند إهلاكِهم بأنَّهم {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} [القمر: 20]، و {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7]، فهذا تَشبيهٌ لأجسامِهم وهي مُلقاةٌ على الأرضِ بأعجازِ الَّنخيلِ المُنقعرٍ، أي: المُقتلعٍ مِن أصولِه مَطروحًا على الأرضِ

(2)

.

وأعجازُ النَّخل: هي أصولُها وجذوعُها الَّتي قُطِعَت فُروعها

(3)

.

ومَفاد الآيتين: أنَّك ترى أجسامَ قَومِ عادٍ في طولِها عند إهلاكِها كأنَّها جذوع نخيلٍ مُلْقاةً على الأرضِ، وهذا التَّشبيهُ لا يَستقيم مع أجسادِنا الصَّغيرة المَعهودة اليوم، فالنَّخلُ التَّام النُّمو في الصَّحاري شبهِ الاستوائيَّةِ، يصل طولُه الأقصى إلى 80 قدمًا، أي 24 مترًا، بل يزيد على ذلك

(4)

.

وهذه الأطْوَال تُقارب جدًّا طولَ آدم عليه السلام البالغِ 28 مترًا!

(5)

ثمَّ تأمَّلْ قولَ ابن عبَّاس رضي الله عنه في تفسيره لآيةِ: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ} [الأحقاف: 26] قال: «عَادٌ مُكِّنوا في الأرض أفضلَ ممَّا مُكِّنت فيه هذه الأمَّة، وكانوا أطولَ أعمارًا»

(6)

، لترَى تعزيزَ ما قرَّرناه آنفًا مِن تلك العلاقة الطرديَّةٍ التناسبيَّة بين طُولِ عمر الإنسانِ، وضخامةِ جسَدِه.

(1)

«الإفصاح عن معاني الصحاح» (7/ 215 - 216).

(2)

انظر «جامع البيان» لابن جرير (10/ 278)(22/ 138)، و «معاني القرآن» للزجاج (5/ 89)

(3)

انظر «معالم التنزيل» للبغوي (7/ 430).

(4)

انظر المقال المُشار إليه قبلُ: «طول آدم والإنسان، ومنحنى نقصانه مع الزمان» لعز الدِّين كزابر.

(5)

وقد يكون في هذا شاهدٌ على تَناقصِ طولِ البَشَر بين آدم وعادٍ، إذْ المَعلوم أنَّ عادًا أوَّلُ الأقوامِ قد خلَفت قومَ نوحٍ بعد الطُّوفان، كما تقدَّم تقريره.

(6)

انظر «الدر المنثور» للسيوطي (7/ 451) بتصرف يسير.

ص: 1439

فإنْ قيل: هذا المُقرَّر منك «يُخالِف كلَّ ما اكتشفَه علماءُ الآثارِ والحفريَّاتِ عن أقدمِ هياكلِ البَشَر العَظْميَّةِ، الَّتي لا يختلف طولُها عمَّا عليه الإنسان الآن إلَّا يَسيرًا»

(1)

.

قُلنا في جوابه: إنَّ المُتَتبِّع لكثيرٍ مِن أخبارِ هذا المُجتمعِ (الحَفْريِّ الأثريِّ!) الغَربيِّ، لن يُعدَم من أربابِه تَفَشيًّا مَشِينًا لانعدامِ الحِيادِ في تَقريراتِ بُحوثِهم المزعومةِ، يَتَمثَّل تلاعبُهم هذا في الغِشِّ والتَّزييفِ وإخفاءِ الآثار غيرِ المَرغوب في إظهارها! سواء على المُستوى الحكوميِّ، أو السَّماسرة، ولصوصِ الآثار

(2)

.

كيف لا، والإقرارُ بعَمالقةٍ في الماضي أجدادًا للبَشر يضرب خُرافتهم في التَّطوُّر في مَقتلٍ! حيث يَفترِضُ الدَّاروِينيُّون بأنَّ الإنسانَ الحاليَّ مُنحدرٌ مِن قِرَدة جَنوبيَّة طولها لا يَتعدَّى المِترَ ونصفَه! .. فكيف يكون سَلفُه إنسانًا عِملاقًا؟!

(1)

«تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/183 - 184).

(2)

مثال واحد يُنبيك عن حجم الفسادِ القابع في هذا الحقل من حقولِ العلمِ البحثيِّ: وهو ما قدَّمته المؤسسة الأمريكية لعلم الآثار البديل (AIAA) مِن دعوى ضدِّ معهد (سميثسونيان Smithsonian Institution)، تتَّهمه فيها بالتَّخلُّص أو إخفاء آلافٍ من قِطع الهياكل البشريَّة العملاقة، مِن طول 6 أقدام إلى 12 قدم، أي من مترين إلى 3.6 مترا!، وذلك منذ أوائل القرن الميلاديِّ الماضي.

وأنه رغم الإنكار لذلك، إلا أن الدليل الذي غير مجريات القضية كان تقديم (جيمس شوروارد James Churward) المتحدِّث باسم (AIAA) عظمة فخذ بشرية بطول 1.3 متر كانت في حوزة أحد القيمين على المعهد وقد سرقها منه في عام 1930 م، وقد اعترف بذلك قبل موته وكان مما قال مستنكرا: «إنه لأمر فظيع أن يجري للشعب الأمريكي .. »، وكتب في رسالة:«نحن نخفي الحقيقة عن أسلاف البشر، أجدادنا، والعمالقة الذين جابوا الأرض كما ذكر في الكتاب المقدس والنصوص القديمة من العالم!» .

وبالفعل تمَّ الحكم بالإفراج عن تلك الوثائق في 2015 م، لكن لا نعرف شيئا عنها إلى الآن!

وانظر تقريرًا عن الموضوع في:

http://worldnewsdailyreport.com/smithsonian-admits-to-destruction-of-thousands-of-giant-human-skeletons-in-early-1900 s

http://dailyoccupation.com/2016/10/25/smithsonian-destruction-giant-skeletons/

هذا؛ وقد انتشرت مجموعة فيديوهاتٍ ومقاطع نادرة للباحث الأمريكي (مايكل كريمو Michael Cremo) عن الفوضى والتَّلاعب والاضطهاد في عالم الآثار الإنسانيَّة والحفريات وأعمارها، مثل ما وقع من فضيحة عالم الحفريات (راينر بروتش Reiner Protsch)، يمكن الوقوف عليها باستعمال الشَّبكة الإلكترونيَّة.

ص: 1440

ومع الضَّباب الَّذي يَغشى هذا المجالَ ومُكتَشفَاته، فقد أعلَنَت بعضُ الفِرَق البحثيَّة الغَربيَّة عن هياكل بَشريَّةٍ عملاقةٍ اكتُشِفت في بقاعٍ مختلفةٍ من العالَم، مِن ذلك على سَبيلِ المثالِ:

ما عُثِر عليه بين عَامَيْ (1934 و 1939 م) قرب مدينة (هونج كونج) الصِّينيَّة، مِن أسنان طاحنةٍ بشريَّةٍ قديمةٍ كبيرةٍ جدًّا، هي أكبر مِن حجم أسناننا اليوم بستَّة أضعافٍ! حتَّى سمَّى (د. فايد نرايش faid naraych) - وهو عالم طبيعة أمريكيٌّ- صاحبَ هذه الأسنان بـ (الإنسان العملاق)، وهو يؤكِّدُ: أنَّ الإنسان تَسَلسل مِن أحجامٍ عملاقةٍ ذات جماجم كبيرةٍ، ثمَّ حَصَل النَّقص التَّدريجيُّ مع مرور الزَّمَن

(1)

!

بل عن قريب عهدٍ، عَثر بعض علماء الآثار العاملين قربَ سواحلَ الأَمازُون في الإكوادور وبِيرُو، على مَقابرَ عظامٍ بَشريَّة كثيرةٍ، تعود إلى أناسٍ يَصِل طولهم إلى ما يَقرب مِن ثلاثةِ أمتار!

(2)

والأخبار عن مثل هذه المُكتشَفاتِ يَتَزايد خروجُها عَلنًا مع مُرورِ الأيَّامٍ

(3)

.

ولا عَجَب؛ فإنَّ ما يُكتَشَف مِن هذه الهياكلِ العظميَّةِ العملاقةِ، قد كان مَعهودًا قبل زمانِنا هذا، دَوَّنَ أخبارَها علماءُ المسلمين في تَواريخِهم

(4)

، مِن ذلك:

أنَّ قبرًا بمدينةِ (الكَرْك) في الأردن، كان يظنُّ النَّاس لضخامتِه أنَّه لنوح عليه السلام! وقد وجدوا فيه عظامًا عظيمةَ الحجم، يقول عنه ابن تيميَّة: «قد

(1)

انظر «التطور والإنسان» لـ د. حسن زينو (ص/91 - 92).

(2)

مُستلٌّ من خَبر نشرته «قناة روسيا الفضائيَّة» على موقعها الرَّسمي، بتاريخ 20 يناير 2016، بعنوان:«لُغز عمالقة الأرض المنسيِّين» ، وبحسب رئيسِ بعثة التَّنقيب عن تلك الآثار، فبقايا هذه الهياكل البشريَّة موجود في ألمانيا، حيث تخضع لفحوص من قبل خبراء مختصين.

(3)

والكثير من الاكتشافات لهياكل بشرية بأحجام ضخمة مُوثقة من مصادر غربية تجدها في مقال علمي بموقع (muslims-res) بعنوان: «منكوشات تطوريَّة .. هل هناك عمالقة عاشوا قديما؟» .

(4)

انظر شيئًا من ذلك فيما رواه القزويني عمَّن شاهده من الرَّحالة والمؤرِّخين في كتابه «آثار البلاد وأخبار العباد» (1/ 252)، وكتابه الآخر «عجائب المخلوقات» (7/ 340).

ص: 1441

حدَّثني مِن ثقاتِ أهلِ المكانِ عن آبائهم مَن ذَكَر أنَّهم رَأوا تلك العظام الكبيرة فيه، وشاهدوه قبل ذلك مكانًا للزَّرع والحياكة؛ وحدَّثني مِن الثِّقات مَن شاهَد في المقابر القريبة منه رؤوسًا عظيمةً جدَّا، تُناسب تلك العظام، فعُلِم أنَّ هذا وأمثالَه مِن عِظام العَمالقةِ، الَّذين كانوا في الزَّمن القديم أو نحوِهم»

(1)

.

ولله في خلقه شؤون!

(1)

«مجموع الفتاوى» (27/ 62).

ص: 1442