الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَطلب الثَّاني
المَسلك المتنيُّ الَّذي مَشَى عليه الطَّاعنون المُعاصِرون
في دعواهم بوجود الإسرائيليَّات في «الصَّحيحين»
وهو ينقسم إلى مِسلكين، مُضمَّنين في هذين الفرعين.
الفرع الأوَّل: دعوى (التَّشابه).
حيث ادَّعى المُتأثِّرون بالنَّهجِ الاستشراقي في نقدِ الأخبارِ، أنَّ كثيرًا مِن الأحاديث الَّتي يُصحِّحها أهل السُّنة، ليست في الحقيقة إلَّا مَرويَّات إسرائيليَّة الأصل، بدلالةِ وجود أصلِها في التَّوراةِ أو الإنجيل، والتَّشابهُ الحاصلُ بين ما وَرَد في الأحاديث، وما جاء في صُحفِ أهلِ الكتابِ، أمارةٌ كافيةٌ عندهم لإسقاطِ النِّسبةِ النَّبويةِ عن تلك الأحاديث، مُستندين إلى حُجَّةِ إخبارِ القرآنِ بتحَريفِ تلك الكُتبِ وإبطالِها، وأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم مُنَزَّه عن قولِ الباطل الَّذي فيها
(1)
.
تَرى أمثلةَ الجريِ على هذا المَسلكِ في لائحةِ طويلةٍ سَطَّرها (نيازي عز الدِّين) لعقدِ مُقارناته بين نصوصِ التَّوراة والإنجيل ومتونِ بعضِ أحاديثِ «الصَّحيحين» ، ليُبرهن بدلالةِ هذا التَّشابهِ -على التَّسليم بوجودِه
(2)
- أنَّ هذا مِن ذاك!
(1)
انظر مثال ذلك في «دين السلطان» لنيازي (ص/230)، و «الحديث والقرآن» لابن قرناس (72، 132).
(2)
حيث يذكر أحيانًا نصوصًا من التَّوراة أو الإنجيل لا علاقة لها بمتنِ الحديث المطعون، من ذلك ما ذكره في كتابه «دين السلطان» (ص/355) مما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا:«ضرس الكافر وناب الكافر مثل أُحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث» ، حيث زعم (نيازي) أنَّه مأخوذ من نصٍّ في الإنجيل جاء فيه كما نقله بتمامه:«ورأيتُ بعد ذلك أربعة ملائكة، واقفين على زوايا الأرض، يحبسون رياح الأرض الأربع، فلا تهبُّ ريح على برٍّ أو بحر أو شجر، ثمَّ رأيت ملاكا آخر قادمًا من الشَّرق يحمل ختم الله الحي .. » !
حتَّى إذا أعوَزَهم إلصاقُ الحديثِ بمرجعيَّةٍ أقدمَ مِن الإسلامِ، أخذوا يتَكلَّفون مُقاربتَه بأخبارٍ مِلِيَّةٍ أخرى، يَدَّعونَ أنَّه منسوجٌ على مِنوالها، بل اتَّسعَت تشبيهاتهم لتشملَ الأديانَ الأخرى والمذاهبَ الفلسفيَّة القديمة
(1)
، كالثَّقافة الغَنوصيَّة والهُرمسيَّة!
ثمَّ تمادَى بهم الخيالُ المُنفلت عن أزِمَّة البراهين المنطقيَّةِ، حتَّى أرجعوا كثيرًا مِن الأحاديثِ النَّبوية إلى الثَّقافةِ الشَّعبيَّةَ السَّائدةِ عند العربِ قبلَ الإسلامِ وصدرَه.
كلُّ هذا ليعلِنوا اكتشافَ اختراقٍ مَهولٍ في المنظومةِ الحديثيَّةِ، قد فاتَ حُرَّاسَ الشَّريعةِ مِن المحدِّثين أنفسهِم، إذْ «لم يكونوا واعين كلَّ الوَعيِ بأنَّ ما دَوَّنوه إنَّما هو تمثُّلٌ مُعيَّن للسُّنة، وليس السُّنة ذاتها! وهو تمثُّل فيه مِن التَّأثُّر بالثَّقافة المحيطةِ، وكَيَّفَته المُخيِّلةُ الاجتماعيَّة، وذاكرةُ الرُّواةِ طيلةَ عقودٍ عديدةٍ مِن الزَّمن»
(2)
.
ومِمَّا يُمثِّل به المُعترضون على أحاديثِ «الصَّحيحين» مِن هذا المسلكِ:
ما أخرجه الشَّيخان مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «خَلَق الله آدمَ على صورتِه .. »
(3)
.
(1)
مثال ذلك: ما نقله بسام الجمل مستشهدًا به في كتابه «أسباب النزول» (ص/391) عن محمد عجينة، في أنَّ الأحاديث المذكورة في الملائكة «تتَّصل برافدين كبيرين، هما الرافد السَّامي المشترك: وإليه يعود معظم التراث العربي قبل الإسلام، والرافد الآري: أي الهندي والفارسي» .
(2)
«لبِنات» لعبد المجيد الشرفي (ص/153 - 154).
(3)
أخرجه البخاري (ك: الاستئذان، باب: بدء السلام، برقم: 5873)، ومسلم (ك: الجنة وصفة نعيمها، باب: يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، برقم: 2841).
فقد طَعَن في الحديثِ عددٌ مِن المعاصرين، منهم (نيازي عز الدِّين) بتُهمةِ «أنَّ أبا هريرة إنَّما أخَذَه عن اليهودِ بواسطةِ كعبِ الأحبار أو غيره، بدليلِ أنَّه مأخوذٌ من التَّوراة، لأنَّ مَضمون هذا الحديث إنَّما هو عينُ الفقرة السَّابعة والعشرين مِن الإصحاح الأوَّل مِن إصحاحاتِ التَّكوينِ مِن كتابِ اليهود -العهدِ القديم- .. »
(1)
.
وكذا حديث أبي هريرة مرفوعًا: «اختتنَ إبراهيم وهو ابن ثمانينِ سنةٍ بالقَدوم»
(2)
.
فقد رَدَّ (نيازي) هذا الخبر لمُجرَّدِ وجودِ مثلِه في التَّوراة، فقال:«إذا بحثنا في كتابِ الله الَّذي هو القرآن، فلن نجد ما يدعمُ ويشهدُ لحديثِ أبي هريرة، ولكنَّنا إذا بحثنا في كتابِ التَّوراة المحرَّفة، سنجدُ ما يلي: (وكانَ إبراهيم في التِّاسعة والتِّسعين مِن عمرِه عندما خُتِن في لحمِ غُرلته»
(3)
.
ورَدمُ هذا المَسلكِ في تُهمةِ أحاديث «الصَّحيحين» بالإسرائيليَّة، بأن يُقال:
إنَّ التَّماثلَ لا يَقتضي التَّناقل! بمعنى: أنَّ الخبرَ إذا ثَبَت في نصٍّ شرعيٍّ، وكان في أخبارِ أهل الكتابِ ما يُماثله، فلا يدلُّ هذا على نقلِه مِن عندِهم، لمُجرَّد أنَّهم أسبقُ في الزَّمن.
وبيان ذلك: أنَّ المُتقرَّر عندنا شرعًا وعقلًا، أنَّ التَّشابهَ بين الإسلام وبعضِ الأديانِ الكِتابيَّة الأخرى غيرُ مَدفوعٍ، ليس هو أمرًا بحاجةٍ إلى إعادةِ اكتشافٍ، ومثلُ هذا لم يكُن غائبًا قطُّ عن علماءِ المسلمين، فضلًا عن أن يكون «كشفًا صاعِقًا لا يَقِلُّ أهميَّةً عن اكتشافات دارْوِين أو كوبِرنيكوس» كما يُعبِّر عنه (أركون)!
(4)
(1)
«دين السلطان» (ص/352)، وانظر مثله في «الحديث والقرآن» لابن قرناس (ص/165)، و «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» لإسماعيل الكردي (ص/182)، و «أضواء على الصحيحين» لصادق النجمي (ص/168).
(2)
أخرجه البخاري في (ك: أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}، رقم: 3356)، ومسلم في (ك: الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام، رقم: 2370).
(3)
«دين السلطان» (ص/714 - 715).
(4)
«القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني» لمحمد أركون (ص/95).
فإنَّ النُّبوات ذاتُ رسالةٍ واحدةٍ، وأصحابُها كلُّهم مُبلِّغون عن الله تعالى، فإن لوحِظ شيءٌ مِن التَّشابه بين نصوصِ الأنبياء، فما هو إلَّا تأكيدٌ لوحدةِ مصدرِهم في التَّلقي، وعلى التَّصديقِ الَّذي جاء به النَّبي صلى الله عليه وسلم للرِّسالاتِ قبله، فلا غرابةَ -إذن- أن يكون في حديثِه لأمتِّه ما يُحدِّث بمعناه أهلُ الكتاب ممَّا تَلقَّوه عن أنبيائِهم.
(1)
.
فما نَراه مِن مُسارعة مَن قَلَّ فهمُهم إلى تعليلِ جملةٍ مِن أحاديث «الصَّحيحين» ، بدعوى التَّشابه بينها وبين نصوصِ أهل الكتاب، هو في حقيقتِه سَوْءة في منهجِ النَّقد، وخَلَل مَعيب في استنتاج الأحكامِ مِن المُقارنات.
والحقُّ أنَّه لا يَتِمُّ لهم استدلالٌ على بطلانِ الحديث بدعوى إسرائيليَّتِه، إلَّا بإثباتِ أحَدِ مُقدِّمتين:
المُقدِّمة الأولى: أنَّ مجرَّد التَّشابه بين تلك النُّصوص، هو دليل في نفسِه على أنَّ المُتأخِّر منها آخذٌ مِن المُتقدِّم!
وهذه الدَّلالة عندنا مَعاشِرَ المُسلمين باطلةٌ -اللَّهم إلَّا عند المُستشرقين، لأنَّهم لا يؤمنون بأنَّ رسالةَ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وَحيٌ مِن السَّماء- وذلك لوَحدةِ المصدرِ في الكلِّ -كما أشرنا إليه قريبًا- وإلَّا للزِمَ المُعترِضين طَردُ هذا الحكمِ على آياتِ القرآنِ! فإنَّ فيها -بإقرار الجميع- ما يُشبه التَّوراة والإنجيل في بعضِ التَّشريعاتِ والأخلاقِ والقَصَص.
وهكذا الحديث النَّبوي هو مِن باب القرآن في موضوعِ التَّشابه، فإذا لم يأخذوا مِن تشابه القرآن مع ما في كُتبِ أهل الكتاب دليلًا على أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم اقتبَسَه منها، فينبغي أن يكون حديثُه كذلك.
(1)
«جامع المسائل» لابن تيمية (3/ 346).
ولا خلاصَ مِن هذا الطَّردِ الواجبِ إلَّا بمعاملةِ الكلِّ مُعاملةً واحدةً، ومِن هذا الباب الواحدِ، فإنَّه بإمكانِ المُستشرقين القائلين به إلزامُ مَن لم يَقُل به! فاتِّهامُ بعض الكُتَّابِ المعاصرين «للرُّواةِ بأخذِ الحديثِ مِن كُتبِ أهل الكتاب، ونسبته زورًا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، ليس بأولى مِن اتِّهام النَّبي صلى الله عليه وسلم نفسِه بأخذِه مِن كُتب أهلِ الكتاب، ونسبتِه إلى الله» !
(1)
المُقدِّمة الثَّانية: أن يَزْعُموا أنَّ كلَّ ما جاء في التَّوراةِ والإنجيل الَّتي بين أيدينا مُحرَّف باطلٌ، فيُحكَم للحديثِ المُشابِه لمِا فيهما بالبُطلان تَبَعًا.
وهذا أيضًا باطلٌ؛ فإنَّ المُقرَّر المعلومَ بداهةً مِن شريعتنا أنَّ تلك الكُتب فيها حقٌّ وباطلٌ، وأنَّ التَّحريفِ لم يَطَل كلَّ مَوضعٍ فيهما، بل يصيرُ الميزان الحقُّ في معرفةِ ذلك، هو القرآن والسُّنة مِن حيث المُوافقة والمُخالفة، لا العكس.
يقول ابن تيميَّة: « .. ثمَّ مِن هؤلاء مَن زَعَم أنَّ كثيرًا ممَّا في التَّوراة أو الإنجيل باطلٌ ليس مِن كلام الله، ومنهم مَن قال: بل ذلك قليلٌ، وقيل: لم يُحرِّف أحدٌ شيئًا مِن حروفِ الكُتب، وإنمَّا حرَّفوا معانيها بالتَّأويل، وهذان القولان قال كُلًّا منهما كثيرٌ مِن المُسلمين.
والصَّحيح القول الثَّالث، وهو أنَّ في الأرضِ نُسخًا صحيحةً، وبقيت إلى عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم، ونُسخًا كثيرةً مُحرَّفةً، ومَن قال: إنَّه لم يُحرَّف شيءٌ مِن النُّسخ، فقد قال ما لا يُمكنه نَفيُه، ومَن قال: جميعُ النُّسخِ بعد النَّبي صلى الله عليه وسلم حُرِّفت، فقد قال ما يعلم أنَّه خطأ، والقرآن يأمرهم أن يحكموا بما أنزل الله في التَّوراة والإنجيل، ويخبر أنَّ فيهما حكمَه، وليس في القرآن خبرٌ أنَّهم غيَّروا جميعَ النُّسَخ»
(2)
.
الفرع الثَّاني: التَّحسُّس مِن كلِّ حديث موضوعُه مُتعلِّق ببني إسرائيل.
متى ما رأى بعضُ الكُتَّابِ المُعاصرين حديثًا موضوعُه بني إسرائيل رَموَه بأنَّه مِن اختلاقِ أهل الكتاب! و (أبو ريَّة) مُكثرٌ مِن سُلوكِ هذه الطَّريقة؛ فقد ادَّعي
(1)
«تقويم النقد الموجه لصحيح البخاري» لـ د. عادل المطرفي، بحث مقدم لـ (مؤتمر أعلام الإسلام - البخاري نموذجا، ص/302 - 303).
(2)
«مجموع الفتاوى» (13/ 104).
-مثلًا- في جملةِ الأحاديثِ الَّتي فيها فضلٌ لموسى عليه السلام أنَّها مِن صُنعِ اليهود انتصارًا لنَبيِّهم! بل يتأوَّلُ بعضَ ذلك على أنَّه مُتضمِّن لمنقصةٍ خفيَّةٍ لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم.
فمثال انتهاجِه لهذا المسلكِ في نقدِ أحاديث «الصَّحيحين» :
ما تراه في ردِّه لحديثِ الإسراء في قصَّةِ فرضِ الصَّلاة، والحوارِ الَّذي جَرى بشأنِها بين نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وموسى عليه السلام
(1)
(2)
.
ومثلُه قال حُسين غلامي: «أخبارُ اليهود والإسرائيليَّات الَّتي تَغَلغلت في أخبار المُحدِّثين، خاصَّة في «صحيح البخاري» .. حيث يَتجلَّى التَّفكير اليهوديُّ في تفضيل موسى صلى الله عليه وسلم على نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، ونقل حكايات لا تليق بمَقامِ الأنبياء والرُّسل»
(3)
.
ونقض هذا المَسلكِ المَتنيِّ في التَّعليل، في أن نعلمَ أوَّلًا:
أنَّ الرَّمي بالقولِ على عواهِنه ظنًّا مِن غير حُجَّة، هو شيمة الباحثِ المُتحيِّز إلى ما يهواه مِن نتائج، قبل أن ينظر في صِحَّة المقدِّمات ابتداء.
إنَّ ذكرَ موسى عليه السلام أو غيره مِن أنبياء بني إسرائيل في حديثٍ ما لا يقتضي أن يكون مِن الإسرائيليَّات أصالةً، فللنَّبي صلى الله عليه وسلم أن يحكي لأصحابِه شيئًا -ممَّا أطلَعه الله عليه- مِن قَصصِهم وما جَرى لهم مع أعدائِهم للاعتبارِ.
(1)
أخرجه البخاري (ك: المناقب، باب: المعراج، برقم: 3887)، ومسلم (ك: الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات، وفرض الصلوات، برقم: 162).
(2)
«أضواء على السنة المحمدية» (ص/135) بتصرف يسير.
(3)
«البخاري وصحيحه» (ص/10 - 11).
(1)
.
ومِن فروعِ الاعتبارِ بهذا المسلكِ المَتنيِّ الواهِي عند المُعاصرين:
النَّظرُ في أحاديثِ الحدودِ والزَّواجر، فإن استثقَلَت بعض النُّفوس المستغربة ما فيه مِن عقوبةٍ، أو رأت فيه شدَّةً، أرجَعَتْهُ إلى شريعةِ التَّوراة، والفرضُ عندها أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم جاء بما يَنسَخُ الشَّرائع السَّابقة ويُهيمن عليها، وعليه ألحَقَت هذه الأحاديث بالإسرائيليَّات.
ترى مثال هذا الخطلِ في التَّفكير في ما قاله (أبو القاسم حاج حمد) في مَعرض ذكرِه لبعضِ الحدودِ المنَصوص عليها في الأحاديثِ، كحدِّ الحرابة، ورجمِ الزَّاني:
(2)
.
وهذا قولٌ تُغنِي حِكايتُه عن إبطالِه!
إنَّ شريعةً إسلاميَّةً مُتواترةً -مثل شريعةِ الحدود- لا يُمكن الدَّس فيها بحالٍ، لاشتهارِها وشيوعِ العملِ بها في الأمَّة، منذ عهد النُّبوة جيلًا بعد جيل، بما يُغني عن تَطلُّب إسنادٍ لها مِن الأساس.
(1)
«دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين» لمحمد أبو شهبة (ص/89).
(2)
«إبستمولوجيا المعرفة الكونية» لمحمد أبو القاسم حاج حمد (ص/94 - 95).
وما ذكره مِن كونِ أحاديث الحدودِ جاءت مِن طريقِ مُسلِمة أهلِ الكتاب، ككعبٍ الأحبار، دون كبارِ الصَّحابة: هو مَحضُ كذبٍ، يُنبِيكَ عنه إطلالةٌ سريعةٌ على «الصَّحيحين» ، وكُتبِ الأحكامِ، تجِدُها تخلو رِواياتُها في هذا البابِ مِمَّن ذَكَرَهم هو مِن مُسلمة أهلِ الكتاب.
فهذه الأغاليط لا تخلو أن تكون مِن قائِلها جهلًا مُركَّبًا بمُصنَّفات الحديث وما فيها، أو تَعمُّدًا للكذب تدليسًا على القُرَّاء، لا يُبقي لصاحبِه ماءَ وجهٍ للأسفِ.