الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَبحث الرَّابع
مَوقف الصَّحابة مِن روايةِ الإسرائيليَّات
رواية الصحَّابة رضي الله عنهم عن أهلِ الكتاب قليلٌ جدًّا مُقارنةً بروايةِ التَّابعين وأتباعِهم، وروايتُهم رضي الله عنهم كانت في الأخبارِ والقَصص ونحوِها، لا في العقائدِ والأحكامِ، وهم في ذلك مِن أعلمِ النَّاسِ بتَميِيزِ غَثِّ أخبارِهم مِن سَمينِها
(1)
.
(2)
.
وما رُوي عن بعضِهم مِمَّا قد يُفهَم منه النَّكيرُ على الرِّوايةِ عن أهل الكتابِ مُطلقًا: فإمَّا ألَّا يكون ثابتًا عنهم مِن جِهة الإسناد
(3)
، أو يُحمَل نهيُهم على مَن
(1)
انظر بحثا للماجستير في جامعة أم القرى لـ (نور بنت محمد باصمد) بعنوان: «موقف الصحابة من رواية الإسرائيليات في التفسير» ، خلصت فيه الباحثة إلى هذه النتيجة من خلال دراسة نماذج من مرويات أكثر من عشرين صحابيًّا للإسرائيليات.
(2)
«الحديث والمحدثون» لمحمد أبو زهو (ص/186).
(3)
كالأثر الذي يُروى عن عائشة رضي الله عنها في امتناعها عن قبول هدية ظنَّتها من عبد الله بن عمرو رضي الله عنه بدعوى أنه يتبع الكُتب الأولى، وهي رواية ساقطة الإسناد، فلا تثبت عنها، وقد أخرجها أبو القاسم الكعبي البلخي (ت 319 هـ) في «قبول الأخبار» (1/ 193)، وكان داعية إلى الاعتزال، شديد الحطِّ من أهل السُّنة، له كتاب «الطَّعن على المحدِّثين» اشتمل على الغضِّ من أكابرهم، وتتبُّع مثالبهم، سواء كان ذلك عن صحَّة أم لا، وسواء كان ذلك قادحًا أم غير قادح، وقد كان جعفر المُستغفري لا يستجيز الرِّواية عنه، انظر «تاريخ الإسلام» للذهبي (7/ 355)، و «لسان الميزان» لابن حجر (4/ 429).
يُكثِر مِن ذلك، فيُخاف الخَلطُ عنه، أوالغَلطُ منه
(1)
؛ أو على مَن يَستَهدي بما عندهم، أو يُكثِرُ الرُّجوع إليهم، أو يُصَدِّقهم فيما يقولون
(2)
،
أو على مَن يُخاف أن تعلَقَ في نفسِه شُبهةٌ مِن أباطيلِهم لعدم رُسوخِه، ونحو ذلك
(3)
فخوفًا مِن وقوعِ بعضِ هذه المفاسد، شَدَّد عمر رضي الله عنه على كعبِ الأحبار في نهيِه له عن الرَّوايةِ عن صُحفِ أهلِ الكتاب -مع صدقِه عنده- بقولِه:«لتَترُكَنَّ الحديثَ عن الأُوَل، أو لأُلحقنَّك بأرضِ القِرَدة!»
(4)
.
يقول ابن كثير: «هذا مَحمولٌ مِن عمر رضي الله عنه على أنَّه خَشِيَ مِن الأحاديث الَّتي يَضعها النَّاس على غيرِ مَواضِعها»
(5)
.
(1)
وعليه يُحمل تهديد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكعب الأحبار في قوله: «لتترُكنَّ الحديثَ عن الأُوَل، أو لألحقنك بأرض القردة» ، يقول ابن كثير في «البداية والنهاية» (11/ 371):«وهذا محمول من عمر على أنَّه خشي من الأحاديث الَّتي يضعها النَّاس على غير مواضعها، وأنَّهم يتَّكلون على ما فيها من أحاديث الرُّخص، أو أنَّ الرَّجل إذا أكثر من الحديث ربَّما وقع في أحاديثه بعض الغلط أو الخطأ فيحملها النَّاس عنه، أو نحو ذلك» .
(2)
«شرح مقدمة في أصول التفسير» لمساعد الطيار (ص/155 - 156) ..
(3)
انظر «فتح الباري» لابن حجر (11/ 374)، و «الحديث والمحدثون» لمحمد أبو زهو (ص/190)، و «المقدمات الأساسيات في علوم القرآن» لعبد الله الجديع (ص/346).
(4)
أخرجه أبو زرعة الدمشقي في «تاريخه» (ص/544)، وعنه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (50/ 172).
(5)
«البداية والنهاية» (11/ 371)