الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَطلب الأوَّل
سَوق حديثِ: «لم يكذبْ إبراهيم عليه السلام إلَّا ثلاثَ كذِبات»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لم يكذب إبراهيم النَّبي عليه السلام قطُّ إلَّا ثلاث كذبات، ثِنتين في ذاتِ الله، قوله:{إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وقوله:{فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الأنبياء: 63]، وواحدة في شأنِ سارة، فإنَّه قدِم أرضَ جبَّارٍ ومعه سارة، وكانت أحسنَ النَّاس، فقال لها: إنَّ هذا الجبَّار إن يعلمْ أنَّكِ امرأتي يغلِبُني عليك، فإنْ سأَلك فأخبريه أنَّكِ أختي، فإنَّك أختي في الإسلام، فإنِّي لا أعلم في الأرض مسلمًا غيري وغيرك.
فلمَّا دَخَل أرضَه رآها بعضُ أهل الجبَّار، أتاه فقال له: لقد قدِم أرضَك امرأةٌ لا ينبغي لها أن تكون إلَّا لك، فأرسل إليها، فأُتي بها، فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصَّلاة، فلمَّا دخلت عليه لم يتمالك أن بسَطَ يدَه إليها، فقُبضت يدُه قبضةً شديدةً، فقال لها: ادعي الله أن يُطلق يدي ولا أضرُّك، ففعلت، فعاد، فقُبِضت أشدَّ مِن القبضةِ الأولى، فقال لها مثل ذلك، ففعلت، فعاد، فقُبِضت أشدَّ من القبضتين الأوليَين، فقال: ادعي الله أن يطلق يدي، فلكِ الله أن لا أضرَّكِ، ففعلت، وأطلقت يدَه، ودعا الَّذي جاء بها فقال له: إنَّك إنَّما أتيتني بشيطان، ولم تأتني بإنسان، فأخرجها مِن أرضي، وأعطِها هاجرَ، قال: فأقبلَتْ تمشي،
فلمَّا رآها إبراهيم عليه السلام انصرف، فقال لها: مَهيم
(1)
؟ قالت: خيرًا، كفَّ الله يدَ الفاجر، وأخدم خادمًا».
قال أبو هريرة رضي الله عنه: «فتلك أمُّكم يا بَني ماءَ السَّماء (2» ) متَّفق عليه
(3)
.
(1)
مَهيم: أي ما أمرُكم وشأنُكم، وهي كلمةٌ يمانيَّة، انظر «النهاية» لابن الأثير (4/ 378).
(2)
بنو ماء السَّماء: يريد العربَ؛ لأنَّهم كانوا يَتَّبعون قطْرَ السَّماء، فينزلون حيث كان، انظر المصدر السابق (2/ 406).
(3)
أخرجه البخاري (ك: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}، رقم: 3358)، ومسلم في (ك: الفضائل، باب: فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام، رقم: 2371) واللفظ له.