الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
لدراسة الملابس أهمية كبيرة من الناحية المعجمية؛ فهي تلقى الضوء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للشعوب، وتُعدُّ من أهم المؤشرات على حضارات الأمم، كما تكشف عن ذوق الشعوب وفنها الجميل بما تضفيه على الملابس من نقوش وزخارف؛ لأن الملابس ظاهرة تقوم على عنصرى الإبداع والتقليد، كما ترتبط الملابس بالحياة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للشعوب. كما تكشف دراسة الملابس عن مدى ما وصلت إليه الشعوب من رقى في مضمار الصناعة، التي تُعدُّ ركنًا هامًا من أركان الحضارة لأية أمة من الأمم.
وعلى الرغم مما للملابس من أهمية كبيرة. فإن الدراسات اللغوية البحثية لم تولها اهتمامًا كبيرًا، وظل المعجم الذي ألفه دوزى منذ أكثر من مائة عام مرجع الباحثين، وذلك على الرغم من مادته التي تخلو من كلمات كثيرة لها أهميتها وتاريخها. وله في هذا السياق فضل الريادة.
وتهدف هذه الدراسة إلى سد خَلَّة من خلال المعجم العربي؛ بإضافة عدد كبير من ألفاظ الملابس المُعرَّبة أو الدخيلة إلى هذا المعجم. وذلك من خلال تتبع قطاع لغوى بعينه؛ وهو قطاع الملابس منذ العصر الجاهلى إلى العصر الحديث، ومحاولة حصر ألفاظ الملابس حصرًا شاملًا، والكشف عن معنى كل لفظة، وبيان الألفاظ العربية والألفاظ المُعرَّبة، ورسم صورة واضحة للملابس وأصنافها وألوانها، وبيان أشكالها وهيئاتها، وتطورها على مدى العصور.
وأما عن حدود هذا العمل جغرافيًّا فإنه وقف على دراسة الملابس عند العرب قديمًا وحديثًا في شبه الجزيرة العربية، والعراق، والشام، ومصر، وبلاد المغرب العربي، والأندلس. ولم يقف هذا المعجم عند فترة تاريخية معينة؛ وإنما تناول ألفاظ الملابس منذ العصر الجاهلى إلى العصر الحديث من خلال المعاجم العربية والنصوص الموثَّقة، فقد وضع اللفظ القديم إلى جوار اللفظ الحديث، وألغى هذا المعجم الحدود التاريخية والحواجز الزمنية بين الألفاظ.
وهذا المعجم لم يتناول ألفاظ الملابس في مستوى لغوى واحد فقط، وإنما تناولها في مستويات لغوية متعددة؛ فقد جمع هذا المعجم ألفاظ الملابس العربية الفصحى، كما جمع ألفاظ الملابس المعرَّبة، وكذلك الدخيلة، وكذلك جمع ألفاظ الملابس في العامية واللهجات أيضًا فاشتمل على:
- ألفاظ عربية فصيحة.
- ألفاظ مُعرَّبة "حدث لها تغير صوتى عندما دخلت العربية".
- ألفاظ دخيلة "بقيت كما هي في العربية دون تغير صوتى".
- ألفاظ عامية "شاعت على ألسنة العامة".
- ألفاظ لهجات "شاعت في بلد دون غيره".
وهناك عدد من الدراسات السابقة التي تناولت ألفاظ الملابس بالبحث، منها: المعاجم العربية بدءًا من معجم العين وانتهاءً بالمعجم الوسيط الذي أصدره مجمع اللغة العربية لأول مرة سنة 1960 م، فقد استوعبت المعاجم العربية كثيرًا من ألفاظ الملابس، وذكرت النصوص التي توضحها وتبيِّن زمن استعمالها ومكان شيوعها وطريقة ارتدائها، ولا يكاد معجم يخلو من ذكر الملابس وأنواعها وألوانها، ولكن المعاجم فرَّقت ألفاظ الملابس على الحروف العربية فجاءت متناثرة متباعدة، اللهم إلا ما قام به الخطيب الإسكافى محمد بن عبد اللَّه (ت 420 هـ) من عقد باب في كتابه "مبادئ اللغة" للثياب ذكر فيه أنواعها وأجزاءها، وما قام به أبو منصور الثعالبي (ت 430 هـ) من عقد فصل صغير في كتابه: فقه اللغة وسر العربية سمَّاه: فصل في الثياب ذكر فيه سبعة أنواع من الملابس، وكذلك عقد ابن الأجدابى (ت 470 هـ) في كتابه: كفاية المتحفَّظ في اللغة بابًا وفصلًا للباس، ذكر فيه تسعة وثمانين نوعًا منها، وان جاء ذكره لهذه الأنواع موجزًا لا يعطى صورة واضحة لنوع الألبسة وألوانها وصفاتها.
وكان ابن سيده الأندلسي (ت 458 هـ) أكثر علماء اللغة تفصيلًا للملابس،
إذ عقد في السفر الرابع من معجمه المخصص فصلًا تطرق فيه إلى ذكر الملابس عامة ولباس النساء خاصة، وتكلم عن المادة التي تُصنع منها الثياب كالخز والحرير والقطن والكتان، وذكر أنواعًا مختلفة من الثياب، وتحدث عن البُسُط وتعرض لنعوت الثياب في قصرها وطولها وضيقها وسعتها، وطى الثياب ونشرها وضروب اللبس، وعرَّج على الجلود ودباغها وقشرها وسائر علاجها، وعلى النعال والخف وأدوات الخرازة والخصف، وما يتصل بالثياب كالوسخ والقذر. وإلي جانب المعاجم العربية وما كتبه علماء اللغة يُعدُّ القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وكلام الصحابة، ودواوين الشعر العربي، وكتب الفقه، والسيرة، والتفسير، والتاريخ، والأدب، والرحلات، والطبقات من أهم المصادر لدراسة الملابس.
وقد اهتم الباحثون العرب بدراسة الملابس والزينة، ومنهم د. صالح أحمد العلى الذي عُنى بدراسة الألبسة في القرنين الأول والثانى الهجري، فقد نشر في عام 1961 م بحثًا بعنوان: الأنسجة في القرنين الأول والثانى الهجري"، ثم أعقبه في عام 1966 م ببحث عن "الألبسة العربية في القرن الأول الهجري"، كما أصدر د. يحيى الجبورى في سنة 1989 م كتاب "الملابس العربية في الشعر الجاهلى"، وأصدر د. صلاح العبيدى (بغداد 1980 م) كتاب الملابس العربية الإِسلامية في العصر العباسى الثاني، كما أصدر د. محمد عبد العزيز عمرو (بيروت 1983 م) كتاب "اللباس والزينة في الشريعة الإِسلامية"، كما أصدر الخطيب العدنانى كتاب "الملابس والزينة في الإِسلام" (بيروت 1999 م).
كما وضع ل. أ. مايز كتابًا هامًا هو كتاب "الملابس المملوكية".
وقد نقله إلى العربية صالح الشيتى وراجعه وقدم له د. عبد الرحمن فهمي (القاهرة 1972 م).
وهناك كتب كثيرة اهتمت بالأزياء والمنسوجات؛ مثل: "الزخرفة المنسوجة في الأقمشة الفاطمية" للدكتور محمد عبد العزيز مرزوق (القاهرة 1942 م)،
و "تأريخ المنسوجات العراقية الإِسلامية". لحسين خليفة (القاهرة 1961 م)، و"المنسوجات العراقية الإِسلامية" لفريال داود المختار (بغداد 1976 م).
وإلى جانب كتب التاريخ والرحلات هناك الكتب التي تناولت الألفاظ العامية؛ كمعجم تيمور الكبير للعلامة أحمد تيمور، (القاهرة 1970 م)، وتهذيب الألفاظ العامية لمحمد على الدسوقى، (القاهرة 1932 م)، والمحكم في أصول الكلمات العامية لأحمد عيسى (القاهرة 1939 م) فقد جاء في ثناياها ألفاظ كثيرة للملابس.
* * *
ولعل أهم عملين تناولا ألفاظ الملابس، ما قام به العلامة الهولندى رينهارت دوزى الذي وضع معجمه الشهير: المعجم المفصَّل بأسماء الملابس عند العرب Dictionnaire detaille des noms des vetements chez arabes ودوزى هو رينهارت بيتر - آن دوزى Reinhart pieter - Anne Dozy وُلد 1820 م في مدينة ليدن بهولندا في عائلة فرنسية الأصل (*) وكان أسلافها قد هاجروا إلى هولندا في منتصف القرن السابع عشر، وقد درس اللغة العربية وآدابها واللغات السامية في جامعة ليدن، وكان يجيد بالإضافة إلى اللغة العربية اللغات اللاتينية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية والهولندية.
وقد عُيِّن أستاذًا للعربية وآدابها في جامعة ليدن من سنة 1850 م - 1878 م.
وقد اهتم في دراساته وبحوثه بالمعاجم العربية وبتاريخ الدول الإسلامية في بلاد المغرب والأندلس تأليفًا وتحقيقًا.
ومن أهم مؤلفاته في مجال المعجم:
(*) الأعلام للزركلى 3/ 39 ط 1998 م، تاريخ آداب اللغة العربية لجورجى زيدان 4/ 155، معجم المطبوعات العربية والمعرَّبة يوسف إلياس سركيس 893 - 894، معجم المؤلفين لرضا كحالة 4/ 177، في المعجمية العربية المعاصرة، كتاب تذكارى صدر في الجامعة التونسية احتفالًا بدوزى وبطرس البستانى وأحمد فارس الشدياق.
* المعجم المفصَّل بأسماء الملابس عند العرب والذي صدر في أمستردام عام 1845 م.
* معجم الألفاظ الإسبانية والبرتغالية المشتقة من العربية، وقد ظهرت طبعته 1869 م.
Glossaire des mots Espangnols et portugais derives de LArabe.
* المستدرك على المعاجم العربية، أو تكملة المعاجم العربية، وقد ظهر في جزأين سنة 1881 م.
Supplement aux Dictionnaires Arabes
* مسارد لغوية ذيَّل بها بعض النصوص العربية القديمة التي حققها، أو شارك في تحقيقها، مثل:
- شرح قصيدة ابن عبدون، لابن بدرون الأندلسي، وقد ظهرت طبعتها سنة 1846 م.
- البيان المغرب لابن عِذارى المراكشى، وقد ظهرت (1848 - 1851 م).
- القسم الخاص ببلاد المغرب والأندلس من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للشريف الإدريسى بالاشتراك مع العلامة الهولندى أيضًا دى خويه De Goeje، وقد ظهرهدا القسم سنة 1866 م.
ويرجع سبب تأليف Dozy لمعجم الملابس إلى أن المعهد الملكى للبلاد المنخفضة في "هولندا" أعلن في جلسته المنعقدة في 16 كانون الأول سنة 1841 م عن مسابقة لتأليف بحث مستكمل للشروط عن الألبسة العربية، سواء تلك التي كان يرتديها الجنسان من العرب في مختلف العهود وفي مختلف الأقطار أم تلك التي ما زالوا يلبسونها، بحيث يبرز هذا البحث صورة كل قطعة من قطع ملبوساتهم، وذلك بعد مقدمة عامة يتحدث فيها عن الملابس عند العرب بصفة عامة، على أن يتتبع البحث الطريقة الهجائية في الحروف العربية، مع ذكر معالم شكل
الملبس ونوع النسيج الذي صنع منه، وخاصية الاستعمال.
وقد فاز بالجائزة Dozy في الجلسة التي عقدها المعهد في 20 تشرين الثاني سنة 1843 م.
وقد أمضى Dozy في هذا العمل ثلاث سنوات جمع فيها مائتين وستًا وسبعين كلمة للملابس، تتبع في هذا المعجم كل ملبس، ذكر بالتفصيل هل هو زى رجالى أم نسائي، وفي أي عصر استعمل، وشكل هذا الملبس، ونوع النسيج المتخذ منه هذا الملبس.
وقد جاء هذا المعجم في شكل موسوعة علمية تضم إلى جانب الملابس التاريخ والأدب والفولكلور، وهو يتناول الملابس في جميع الأقطار العربية، شرقيها وغربيها، ولكن هذه الملابس تخص أكثر ما تخص الأندلس وأقطار المغرب العربي ومصر.
وقد ظل هذا المعجم مصدرًا عالميًا للملابس العربية في معظم البلدان الأوربية، ولم يكن الكثير من الدارسين العرب يعلمون عنه شيئًا ولا عن صاحبه.
وقد ظل هذا الكتاب أكثر من قرن قابعًا في نصه الأول رغم أهميته العالمية، وقد قام الدكتور أكرم فاضل الذي كان يعمل مديرًا للفنون والثقافة الشعبية في وزارة الإعلام العراقية بنقل الكتاب إلى العربية، وقد نُشر تباعًا في مجلة اللسان العربي (الرباط، المجلدان 8، 9) ثم نشرته وزارة الإعلام العراقية بعد ذلك (بغداد 1971).
والذي ينظر في الكتاب يلمس الجهد الواضح والعمل الدائب الذي بذله صاحبه فيه، فقد قرأ أكثر من مائتي مرجع وطالع عددًا كبيرًا من الصفحات المخطوطة والمطبوعة، إلى جانب تمكنه من العديد من اللغات، ظهر ذلك جليًّا في تأصيل الألفاظ الواردة في معجمه والتي ردها إلى أكثر من عشر لغات.
وقد أوضح Dozy في مقدمة هذا المعجم الحاجة الشديدة إلى معجم عربى
شامل يعرفنا بوضوح ودقة كلما طلبنا فيه المعني الدقيق لأى لفظ في أصل استعماله، بمختلف الدلالات المستحدثة التي طرأت عليه في جزيرة العرب وبلاد فارس والشام والمغرب. . . إلخ، أي في كل الأمصار التي كوّنت تلك الإمبراطورية الشاسعة التي امتدت ما بين بلاد الهند والحدود الفرنسية، هو معجم يرسم لنا بالاعتماد على الشواهد والنصوص اعتمادًا مستمرًا تاريخ كل لفظ وكل عبارة، ويميز بين المعانى الخاصة بكل لفظ في قطر عربى ما والمعانى التي كان يفيدها في قطر آخر، بين مدلول كل لفظ عند الشعراء ومدلوله عند الناثرين. ثم هو معجم يشتمل على كل مصطلحات العلوم والفنون مفسَّرة تفسيرًا منهجيًا.
ثم يبين Dozy في مقدمته أننا يمكننا دفع عجلة التأليف المعجمى بثلاث طرق: أولاها هي كتابة حواشٍ معجمية شرحًا لألفاظ مصنف ما أو بتذييل نص ينشر محققًا لأحد المؤلفين بمسرد لغوى يكون مستدركا على المعجم العربي، وهذه الطريقة هي المتبعة إلى الآن، وثانيتهما هي جمع ألفاظ مجال دلالى بعينه، كألفاظ الملبس، أو المأكل، أو المشرب. . . إلخ، وثالثتهما هي الاقتصار على تدوين لغة عصر بعينه، أو قطر بعينه.
ويستنتج من هذا أن المعجم المثالى في نظر دوزى هو المعجم اللغوى التاريخى الجامع الذي يدوّن شتات ألفاظ اللغة العربية وعباراتها ويؤرِّخ لمختلف دلالاتها في مختلف العصور والأقطار بالاعتماد على استقراء النصوص.
وقد نحا دوزى في كل أعماله المعجمية منحى الطريقتين الأولى والثانية من الطرق الثلاث التي ذكرها، فقد ذيَّل نصوصًا حققها أو شارك في تحقيقها لمؤلفين عرب قدامى بمسارد لغوية، كما جمع ما استطاع من ألفاظ مجال بعينه هو الملابس العربية.
ثم اختتم دوزى مقدمة معجمه ببيان الخطة التي اتبعها في هذا المعجم، وهى أنه سيتحرى الدقة عند تناوله للملابس العربية، كما أنه سيعتمد أساسًا على شواهد المؤلفين، ثم يقوم بمعارضة بعضها بعضًا ليصل إلى نتائج يطمئن إليها.
ثم يعلل دوزى سبب كتابة معجمه باللغة الفرنسية رغم أنه كان من السهل عليه كتابته باللغة اللاتينية، لكنه خشى أن يُرغم إرغامًا على تفسير الكلمات العربية بتعابير مستعارة من تلك اللغة الرومانية العتيقة التي لم تعد مدلولاتها معروفة بصورة دائمة.
ثم عقد بعد المقدمة مدخلًا هامًا تحدَّث فيه عن تطور فن الحياكة والخياطة عند العرب منذ العصر الإسلامي، مبينًا ملابس الرسول صلى الله عليه وسلم والحكام المسلمين، مستعينًا بالنصوص التاريخية الموثقة.
وقد رتب دوزى معجمه ترتيبًا هجائيًا مراعيًا الجذور الأصلية للكلمات، وكانت أول كلمة تناولها بالدراسة في معجمه: الإتب والمئتبة، وآخر كلمة تناولها في معجمه هي: اليلك.
ولم يلتزم دوزى في معجمه مستوى لغويًّا بعينه، وإنما جمع في معجمه الكلمات العربية الفصيحة إلى جانب الكلمات العامية، إلى جانب الكلمات المعربة أو الدخيلة.
وقد رجع في شرح الكلمات العربية الفصيحة إلى معجمين: صحاح الجوهرى، والقاموس المحيط للفيروزآبادى، وفي شرح الكلمات العامية اعتمد على محيط المحيط لبطرس البستانى، وأما في شرح وتأصيل الكلمات المعربة والدخيلة فقد اعتمد على إجادته عددًا من اللغات التى ساعدته على تأصيل الكلمات، إلى جانب المعاجم الثنائية التي ألفها عدد من المستشرقين.
كما أنه ألغى حواجز الزمن بين الكلمات فنجد الكلمة المستعملة في العصر الجاهلى إلى جانب الكلمة المستعملة في العصر العباسى أو المملوكى.
هذا وقد تعددت المصادر التي اعتمد عليها دوزى في معجمه، وجاءت على أنواع:
أ - معاجم ألفت في إسبانيا في العصر الوسيط، مثل المعجم الإسبانى العربي لـ
(بيدرو دى ألكالا) Pedro de Alcala وقد طبع في غرناطة سنة 1505 م ومعجم Schiaparelli وقد طبع في فلورسنا سنة 1871 م، ومعجم Cobarruvias كنز اللغة القشتالية، مدريد، 1611 م.
ب - التعليقات المعجمية التي وضعها المؤلفون الأوربيون في ما أخرجوه من كتب ما بين محقق ومترجم.
جـ - معاجم الكلمات العصرية على غرار معجم بقطر Bocthor وهومبير Humbert وإيلو Helot ودومباى Dombay وشيربونو Cherbonneau وغيرهم، وهي معاجم مفيدة في ضبط لغة العصور الوسطى.
د - معجم محيط المحيط للمعلم بطرس البستانى.
هـ - كتب الرحالة سواء أكانوا رحالة عربًا أم رحالة غربيين، فمن الرحالة العرب ابن بطوطة، وابن جبير. . . إلخ، ومن الرحالة الغربيين: فريزر: رحلة إلى خراسان، وريشتر: رحلة إلى الشرق الأوسط، وبركهارت: أسفار في الجزيرة العربية، وملاحظات على البدر والوهابيين له أيضًا، وكوتوفيك: رحلة إلى أورشليم. . . إلخ.
و- كتب المؤلفين العرب سواء أكانت مخطوطة أم محققة، كمقدمة ابن خلدون، ونفح الطيب للمقّرى، والإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب، وتاريخ مصر للنويرى، وكتاب الروضتين لأبي شامة، وكتاب الأغانى لأبي الفرج، وقلائد العقيان للفتح بن خاقان، وكتاب البلدان لأبي الفداء، وكتابا المقريزى الخطط والسلوك. . . إلخ.
ز - المعاجم العربية، وقد اعتمد على معجمين هما: تاج اللغة وصحاح العربية للجوهرى، والقاموس المحيط للفيروزآبادى، بجانب محيط المحيط للبستانى.
ح - كتب المؤلفين الغربيين مثل: مارمول: ثورة الموريسكيين (المتنصرين)، دى كايانكوس: تاريخ السلالات المحمدية في الأندلس، إدوارد لين: المصريون المحدثون، فيرس: تاريخ اليمن، كوندة: تاريخ حكم العرب في أسبانيا،
هوست: أخبار من مراكش، كاترمير: تاريخ السلاطين المماليك، دونباى: النحو المغربى العربي، دوزى: تاريخ بني عباد، وتاريخ المسلمين في الأندلس له أيضًا.
ط - دواوين الشعر: مثل شرح ابن جنى لديوان المتنبى، وشرح الواحدى أيضًا لديوان المتنبى، وديوان ابن زيدون.
ى - كتب أخرى كوصف مصر، وكتاب ألف ليلة وليلة.
كل هذه المصادر أتاحت لدوزى سعة من الاطلاع والصبر الدءوب في تتاول الألفاظ، فقد تستغرق اللفظة عشر صفحات، ينقب عن معانيها المتعددة على مر الأزمان وتعدد الأمصار مدعمًا ذلك كله بالشواهد والأدلة، سواء أكانت نصوصًا تاريخية موثقة أم أبياتًا من الشعر أم مقطوعات من النثر، وقد لا يكتفى بالشاهد الواحد، وإنما يسوق الشواهد سوقًا على معنى من المعانى.
ومن نافلة القول التنويه بالعمل الكبير الذي قام به دوزى وهو: المستدرك على المعاجم العربية، أو تتمة المعاجم العربية، أو ملحق للمعاجم العربية، أو تكملة المعاجم العربية، فقد قضى في هذا العمل سنين عديدة منقبًا وباحثًا، وعاد إلى أكثر من أربعمائة مرجع، وطالع الآلاف العديدة من الصفحات المخطوطة والمطبوعة، وأتقن عددًا من اللغات حتى أخرج معجمه الذي ما يزال نسيج وحده وعلى رأس قائمة أمثاله، وأهمية هذا المعجم لا تكمن فقط في الزيادات والإضافات لما طرأ على اللغة العربية من مفردات واستعمالات بل في اعتبار ذلك المعجم خطوة كبيرة في تأريخ استعمالات المفردة العربية والمعربة، وهو نقص كبير ما تزال تشكوه اللغة العربية.
ورغم مرور أكثر من قرن على صدور هذا المعجم فإنه لم يلق حظه الكامل من الدراسة والنقد، ولعل من أبكر المهتمين به من العرب العلامة إبراهيم اليازجى فقد نشر ثلاث مقالات في مجلة الطبيب سنة 1884 م ينقد فيها معجم دوزى، كما نشر الأب أنستاس مارى الكرملى بعض الملاحظات عنه في مجلة لغة العرب.
ولعل أشد الاهتمامات بهذا المعجم ما قام به المرحوم الدكتور محمد سليم النعيمى عندما أقدم على نقله إلى العربية، وقد نقل منه ما يقرب من ثلثه "إلى نهاية حرف الزاى"، وصدر منه خمسة أجزاء عن دار الرشيد ببغداد سنة 1981 م، وقد توفي قبل أن يستكمله، والأمل كبير في أن يُستكمل هذا العمل حتى يستفيد منه الباحثون والدارسون نظرًا لأهميته الكبيرة.
وأما العمل الثاني الذى له أهميته بعد معجم دوزى هو "معجم الملابس في لسان العرب" للعلامة د. أحمد مطلوب، الذي قام باستقراء الملابس وما يتصل بها في أكبر موسوعة لغوية في الترات العربى والإسلامى، وهو معجم لسان العرب لابن منطور المصري، ليكون خطوة أولى لوصد الألبسة بعد أن تنأثرت في المعاجم والمظان المختلفة.
وقد رتب د. مطلوب مواد معجمه على الحرف الأول لا كما رتبها ابن منظور على الحرف الأخير، وذلك ليسهل الرجوع إليها.
وقد كانت النية أن يرتبه موضوعيًا ملابس الرأس، وملابس الجسد، وملابس القدم، ولكن التداخل والاختلاف في الوصف وتفاوت الدلالات وجهت إلى هذا الترتيب خشية التكرار والاضطراب في التصنيف.
وقد كتب د. مطلوب مقدمة قيِّمة أوضح فيها زمن الملابس من خلال النصوص التي أوردها ابن منظور، ونوع النسيج أو المادة المصنوعة منها الألبسة، كالإبريسم، والأدم، والحرير، والصوف، والشعر، والوبر، والفرو، والقز، والقطن، والكتان. . . إلخ.
كما أوضح بعض أنواع النسيج، كالثخين، والخشن، والتخفيف، والرهو، والرقيق، والسخيف، والصفيق، والغليظ، والكثيف. . . إلخ.
كما أوضح بعض ألوان الملابس ووشيها، فالأبيض كالقوهى، والأحص كالمفدَّم، والأخضر كالرفرف، والأسود كالخميصة، والأصفر كالمعصفر، والكحلى كالسجلاط.
كما بيَّن الملابس الموشَّاة، كالمُبرَّج، والمُرجَّل، والمضلَّع، والمضرَّس، والمعيَّن، والمفلَّس، والمشجَّر، والمسهَّم.
كما أوضح بعض المواد التي يصبغ بها النسيج أو الملابس، كالزعفران، والصبيب، والعصفر، والعفص، والفوَّه، والكركم، والمرَّيق، والمغرة، والمكر، والهرد. . . الخ.
وأوضح عددًا من الملابس المنسوبة إلى أماكن صنعها التي اشتهرت بها، وقد تظل محتفظة بالنسبة وإن نُسجت في غير مكانها الأصلى، مثل الجهرمىّ، والحضرمى، والسابرى، والصّحارى، والفساساوى، والفرقبى، والقسطلانى، والقوهى، والدبيقى، والشطوية، والقسّية، والقبطية، والسبنية، والإنبجانية، والسعدية، . . . الخ.
كما قسَّم أنواع الملابس من حيث استعمالها إلى خمسة أقسام: فمنها ما هو للرأس: كالعمامة، والغفارة، والقلنسوة، ومنها ما هو للوجه: كالبرقع، واللثام، واللفام، والنقاب، ومنها ما هو للجسد: كالجبة، والبردة، والمعطف. . . إلخ، ومنها ما هو للتوشح: كالوشاح، والحزام، والزنار، والهميان، ومنها ما هو للقدم: كالتساخين، والتاسومة، والحذاء، والجورب، والنخاف، والنعل. . . إلخ.
كما أوضح كثيرًا من الملابس الدالة على جنس لابسها من رجال ونساء وصبيان، فمن ملابس الرجال: البردة، والعمامة، والبرجد، والسيدارة، ومن ملابس النساء: الأضخومة، والإعجازة، والبريم، والبقير، والحجاب، والحشيَّة، والعجار. . . إلخ، ومن ملابس الصبيان: الجديلة، والعلق، والقبعة، والمعوذ، والنفاض.
كما حصر في المقدمة بعض الملابس الخاصة بأصحاب الحرف: كالتُّبَّان الذي يلبسه الملاحون، والخافة التي يلبسها مشتارو العسل، والسُّبجة التي يلبسها
الطيانون، والفوطة التي يلبسها الحمالون.
كما تحدث عن أجزاء الملابس كالبطانة، والبنادك، والبنيقة، والتخريص، والتكّة، والجيب، والحُجْزة، والدَّرز، والذُّلذُّل، والذيل. . . إلخ، وذكر صفات الثياب كالبالي، والخلق، والرث، والسابغ، والمرقع. . . إلخ.
وختم حديثه عن ضروب اللبس، وبيّن أنه كان للعرب بعض الطرق في ارتداء الملابس، مثل: الاحتباء، والاحتباك، والاشتمال، والاضطباع، والاقتعاط، والاعتجار. . . إلخ.
وقد رتب د. مطلوب معجمه ترتيبًا هجائيًا، ولكنه لم يهتم بالأصل الثلاثى للكلمة، وإنما ذكر الكلمات على ما فيها من حروف الزيادة تسهيلًا للوصول إلى الكلمة.
وقد بلغ مجموع الكلمات التي أخرجها من لسان العرب والخاصة بالملابس بدون التكرار ما يقرب من خمسمائة كلمة.
وقد ذكر د. مطلوب الدراسات التي اهتمت بالملابس والزينة وبيَّن أننا في حاجة إلى معجم تاريخى للملابس العربية الإِسلامية حتى اليوم.
وبعد فإن كلا المعجمين لهما دور الريادة في هذا المجال غير أنهما اقتصرا على قدر من الكلمات الخاصة بالملابس، فمعجم دوزى ذكره مائتين وستًا وسبعين كلمة، ومعجم د. أحمد مطلوب ذكر ما يقرب من خمسمائة كلمة، وبين المعجمين تداخل كبير، الأمر الذي يجعلهما معًا يضمان أقل من ثلث المادة التي يضمها هذا العمل الذي يسعدنا أن نقدمه إلى قرّاء العربية.
فإن هذا المعجم الذي نقدمه اليوم يضم ألفًا وخمسمائة كلمة.
وقد تم ذلك بالاطلاع على مزيد من كتب العربية التي نُشرت على مدى القرون، ومحاولة تفصيل المادة وتأصيلها.
* * *
إن مصادر هذا المعجم عديدة ومتنوعة؛ فالمصدر الأول هو القرآن الكريم فقد قمت بجمع ألفاظ الملابس الواردة فيه كالسندس، والإستبرق، والحرير، والرفرف وغيرها.
والمصدر الثاني: الحديث الشريف، فقد جمعت ألفاظ الملابس من صحيح البخاري وغيره.
والمصدر الثالث: المعاجم العربية: فقد قمت بجمع ما في المعاجم من ألفاظ الملابس، وركزت اهتمامى على أكبر معجمين في العربية: لسان العرب لابن منطور (ت 711 هـ) وتاج العروس من جواهر القاموس لموتضى الزبيدى (ت 1205 هـ) إلى جانب المصباح المنير للفيومى، ومحيط المحيط للبستانى، والمعجم الكبير (جـ 1، جـ 2، جـ 3)، والمعجم الوسيط.
والمصدر الرابع: كتب الرحلات قديمًا؛ مثل: مروج الذهب للمسعودى، ورحلة ابن جبير، ورحلة ابن بطوطة، ورحلة الغرناطى المسمَّاة تحفة الألباب، إلى جانب الرحلات الحديثة التي قام بها رحالة غربيون إلى بلاد المشرق، كرحلة ماركو بوللو، ورحلة بيرتون، ورحلة فارتيما، ورحلة الأمير رودلف.
والمصدر الخامس: كتب التاريخ، مثل تاريخ الطبرى، والطبقات الكبرى لابن سعد، والكامل لابن الأثير، ومقدمة ابن خلدون، وخطط المقريزى، ونفح الطيب للمقرى، والإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب. . . إلخ.
والمصدر السادس: الكتب التي أُلِّفت في العامية؛ مثل تهذيب الألفاظ العامية لمحمد على الدسوقى، والدليل إلى مرادف العامى والدخيل لرشيد عطية، وقاموس رد العامى إلى الفصيح لأحمد رضا العاملى، ومعجم تيمور الكبير للعلامة أحمد تيمور (جـ 1، جـ 2، جـ 3)، والمحكم في أصول الكلمات العامية لأحمد عيسى بك، وقاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية لأحمد أمين. . . إلخ.
والمصدر السابع: كتب لحن العامة؛ مثل كتاب تثقيف اللسان وتلقيح
الجنان لابن مكى الصقلى، ولحن العامة لأبي بكر الزبيدى، والمدخل إلى تقويم اللسان لابن هشام اللخمى. . . إلخ.
والمصدر الثامن: كتب الأدب، مثل: البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب التبصر بالتجارة له أيضًا، ونهاية الأرب في فنون الأدب للنويرى، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندى. . . إلخ.
والمصدر الثامن: كتب المُعرَّبات؛ مثل: المعرب للجواليقى وجامع التعريب بالطريق القريب للعلائى، والمهذب فيما وقع في القرآن من المعرب للسيوطي، وشفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل للشهاب الخفاجى، والألفاظ الفارسية المعرية لأدى شير، والمعرب والدخيل لمصطفى المدني، والطراز المذهب للمطرزى، وتفسير الألفاظ الدخيلة لطوبيا العنيسى، والمفردات الأجنبية في القرآن الكريم لآرثر جيفرى، وغرائب اللغة العربية لرفائيل نخلة اليسوعى، والدخيل في اللغة العربية لفؤاد حسنين على، وتأصيل ما ورد في تاريخ الجبرتى من الدخيل لأحمد السعيد سليمان. . . إلخ.
والمصدر التاسع: المعاجم الفارسية؛ مثل: المعجم الفارسي الكبير، لإبراهيم الدسوقى شتا، والمعجم الذهبي لمحمد التونجى، ومعجم Persian English Dictionary: Steingass
والمصدر العاشر: كتب الأزياء والمنسوجات وصناعة النسيج: مثل: الملابس الشعبية في العراق لوليد الجادر، والنسيج الإسلامي لسعاد ماهر، والملابس المملوكية لماير، والمنسوجات العراقية الإِسلامية لفريال داود المختار، والمنسوجات الأموية والعباسية لحسن الهوارى، وتاريخ المنسوجات لسيد خليفة، ومنسوجات المتحف القبطى لسعاد ماهر، والزخرفة المنسوجة في الأقمشة الفاطمية لمحمد عبد العزيز مرزوق، والملابس والزينة في الإسلام للخطيب العدنانى، والأزياء الشعبية لسعد الخادم، وتاريخ الأزياء وتطورها لتحية كامل حسين، والزى والزينة لعثمان خيرت، وأزياؤنا الشعبية بين القديم والحديث لعبد الغنى أبو
العينين، وتاريخ أزياء الشعوب، وأزياء النساء في العصر العثمانى وهما للدكتورة ثريا نصر، واللباس والزينة في العالم العربي لبيندل، والملابس العربية وتطورها في العهود الإِسلامية لصبيحة رشيد رشدى، ولمحة على الأزياء الشعبية العراقية لعامر رشيد السامرائى. . . إلخ.
والمصدر الحادى عشر: يتمثل في أهم عملين تناولا الملابس؛ معجم الملابس في لسان العرب لأحمد مطلوب، والمعجم المفصَّل بأسماء الملابس عند العرب لدوزى، فقد أدخلت موادهما في هذا المعجم.
* * *
وقد نجحت -بفضل اللَّه عز وجل في جمع ما يربو على ألف وخمسمائة لفظة من ألفاظ الملابس قديمًا وحديثًا من كل هذه المصادر العربية.
أما عن الصعوبات التي واجهت هذا العمل فهي كثيرة؛ فقد استغرق جمع هذا العمل ما يزيد على ثلاث سنوات، وكانت أولى الصعوبات التي واجهت هذا العمل هي غزارة المادة: فالألفاظ الدالة على الملابس في الاستعمال العربى كثيرة: منها ألفاظ عربية، وألفاظ معرَّبة، وألفاظ دخيلة، وألفاظ عامية، وألفاظ لهجات، وثانى هذه الصعوبات تمثل في تعدد دلالات اللفظ الواحد عند العرب، ففي المعاجم العربية معانٍ كثيرة للفظ الواحد، وقد يصل الأمر إلى حد ألا يمكنك الحكم على هذا النوع من اللباس: هل هو من أغطية الرأس أو من أغطية الجسد.
وثالث هذه الصعوبات تمثل في تأصيل الكلمات المعرَّبة والدخيلة، فما زالت المؤلفات التي تحصر الألفاظ المعربة والدخيلة في اللغة العربية قليلة؛ خاصة الألفاظ التي دخلت العربية في العصور الوسطى بعد القرن الرابع الهجري تقريبًا.
أما عن الطريقة التي اتبعتها في عرض مواد المعجم فجاءت كالآتى: المدخل مضبوط بالشكل ضبطًا كاملًا، ثم أشير إلى طريقة الضبط بالشرح؛ كأن أقول مثلًا: البُرْجُد: بضلم الباء وسكون الراء وضم الجيم، ثم إذا كانت الكلمة عربية
أشير إلى صيغتها اللغوي: هل هي جمع أو مفرد، وإذا كانت جمعًا فما مفردها والعكس.
ثم أنتقل إلى بيان دلالة الكلمة؛ ثم بعد ذلك أسوق الشواهد من النصوص الموثقة لتأكيد الدلالة: تبعًا لنظرية السياق التي تؤكد أنا معنى الكلمة لا يتحدد إلا بالسياق الذي وضُعت فيه، أما الكلمة خارج السياق فمعانيها متعددة.
وإذا كانت الكلمة مُعَرَّبة؛ أقوم أولًا بضبطها بالشكل ثم أشرح هذا الضبط أحيانًا إن كانت الكلمة غريبة، مثل: الأَنْدَرْ وَرْد بفتح فسكون ففتح فسكون ففتح فسكون. ثم أنتقل بعد ذلك إلى تأصيل الكلمة في لغتها فأقول مثلا: البيجامة؛ كلمة مُعرَّبة، أصلها في الفارسية: بيْ جامه، مكونة من بي بمعنى الساق، وجامه بمعنى قطعة قماش، والمعنى الكلى: قماش الرِّجْل أو السَّاق. ولما دخلت العربية صارت تعنى المنامة؛ أو الثوب الكون من قطعتين: سروال وسترة يُتخذ للنوم.
ثم بعد التأصيل وبيان دلالة الكلمة في لغتها ودلالتها عندما دخلت العربية، وبيان ما حدث لها من تفسير صوتى في العربية، أذكر الشواهد عليها، وتتم الخطوات كالآتى:
1 -
تأصيل الكلمة.
2 -
بيان ما حدث لها من تغير صوتى.
3 -
بيان دلالتها في لغتها.
4 -
بيان دلالتها في العربية.
وأخيرا فإن هذا المعجم موجه إلى كل مهتم بدراسة الملابس؛ وتاريخها، سواء أكان متخصصًا في اللغة العربية أم في غيرها من الباحثين في الآثار والفنون الشعبية المختلفة. ولذا جاءت لغة الشرح لغة سهلة واضحة بعيدة كل البعد عن الغموض والاستغلاق، فقد راعيت عندما أنقل نصًّا قديمًا من أحد المعاجم العربية أنما أوضحه بلغة سهلة تقرِّب المعنى في الذهن وتجلوه.
وسيجد القارئ الألفاظ العربية القديمة التي كانت موجودة في العصر الجاهلى إلى جانب الألفاظ التي دخلت العربية في مرحلة متأخرة، ففي هذا المعجم ألفاظ
عربية، وألفاظ معربة، وألفاظ دخيلة، وألفاظ من لهجات مختلفة، وألفاظ عامية شاع استعمالها في بلدان الوطن العربي، مع ملاحظة أنني عندما أذكر اللفظ المعرب أو اللفظ الدخيل أو اللفظ الذي من لهجات مختلفة أو اللفظ العامى أذكر أيضًا ما يرادفه في العربية الفصحى إتمامًا للفائدة، مثل البيجامة ويرادفها في العربية الفصحى المنامة، والبالطو ويرادفه في العربية الفصحى المعطف. . . إلخ.
وسوف يجد القارئ في هذا المعجم كلمات من أصول عربية، وكلمات من أصول فارسية، وكلمات من أصول آرامية، وكلمات من أصول يونانية، وكلمات من أصول لاتينية، وكلمات من أصول حبشية، وأخرى من أصول عبرية، وكلمات من أصول تركية، وكلمات أوربية حديثة من فرنسية، وإيطالية، وإنجليزية، وأسبانية، وغيرها.
كما سيجد القارئ ألفاظًا عُرفت في العصر الجاهلى وما زالت مستمرة حتى اليوم تعيش بيننا بمعناها الذي كان معروفًا في العصر الجاهلى، وقد أشرت إلى ذلك في متن المعجم، وسيجد القارئ ألفاظًا ارتبطت بمرحلة تاريخية معينة لم تتعدها إلى غيرها، وقد أشرت أيضًا إلى ذلك.
وسوف يجد القارئ أيضًا ألفاظًا نُسبت إلى بلد أو إلى شخص كالعتَّابى نسبة إلى عتَّاب بن أسيد، والدبيقى نسبة إلى بلدة دبيق، والقبطية نسبة إلى القبط (أهل مصر)، والبغدادى نسبة إلى مدينة بغداد، والإسكندرانى نسبة إلى مدينة الإسكندرية، والقسِّية نسبة إلى قرية القسّ. . . إلخ.
وسوف يجد القارئ ألفاظًا نُقلت من العربية إلى اللغات الأوربية ثم عادت من الأوربية إلى العربية مرة أخرى في صورة مغايرة لما كانت عليه، مثل الدمقسى نسبة إلى دمشق، والبلدكين نسبة إلى بغداد، والموسلين نسبة إلى الموصل. . . إلخ.
ولا يسعنى في ختام هذه المقدمة إلا أن أتقدم بخالص الشكر وجزيل العرفان
للعالم الجليل أ. د. محمود فهمي حجازي الذي حفَّزنى كثيرًا لهذا العمل وطوى لي بعده، كما أتوجه بخالص شكرى وامتنانى للعلَّامة المغربى أ. د. عبد الهادي التازى الذي تفضَّل مشكورًا واقتطع لي من وقته الثمين جزءًا غاليا راجع فيه الألفاظ المغربية، وصوَّب كثيرًا من الأوهام التي كنت سأقع فيها جريًا وراء دوزى، كما أتوجه بعظيم امتنانى للعالم الجليل أ. د. محمود على مكى على ملاحظاته القيمة، وآرائه الثاقبة، كما أدعو بالرحمة والغفران للعالم الجليل أ. د. محمود الطناحى؛ الذي أمدنى بكثير من المصادر والمراجع النادرة.
هذا وباللَّه التوفيق.
القاهرة 1/ 1/ 2002
د. رجب عبد الجواد إبراهيم