الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحتها، وكذلك كان يفعل أمراؤهم وجندهم ومماليكهم. ولم يزل السلاطين والجند يلبسون الكلوتات الصفراء بغير عمامة إلى أواسط دولة المماليك البحرية.
فلما ولى السلطان المنصور قلاوون السلطنة غيَّر هذا الزى إذ أضاف لبس الشاش على الكلوتة. وفى عهد ابنه الأشرف خليل رسم لجميع الأمراء أن يركبوا بين مماليكهم بالكلوتات الزركش وتركلت الكلوتات الجوخ الصفر لمن دونهم، على أنها ظلت تلبس فوق ذوائب الشعر المرخاة على ما كان عليه الأمر أولًا.
فلما ملك السلطان الناصر محمد بن قلاوون استجد العمائم الناصرية وهى صغار، وحلق رأسه وحلق الأمراء رؤوسهم، وتركت ذوائب الشعر، ثم حلت الكلوتات اليلبغاوية المنسوبة إلى الأمير يلبغا الخاصكى العمرى محل العمائم الناصرية، وظل الأمر على ذلك حتى عهد السلطان الظاهر برقوق أول سلاطين دولة المماليك الجراكسة، فأحدث هذا السلطان الكلوتات الجركسية وهى أكبر من اليلبغاوية وهى التى يُلفُّ حولها منديل فيه انتفاخات، وقد كانت الكلوتة أخف من الشربوش العادى، ولكنها لا تقل عنه مكانة من الناحية الرسمية، وأضحت الكلوتة في العصر المملوكى رمزًا للأرستقراطية العسكرية، وأُطلق عليهم اسم: المكلوتون، وكان السلطان المملوكى يرتدى كلوتة صفراء، وكانت هذه الكلوته أيضًا خاصة بالأمراء وباقى العسكريين، يحيط بحافتها شريط أو بند يطلق عليه اسم: تضريب، وأبازيم يُطلق عليها اسم كلاليب، وكانت تُلبس دون العمامة (1).
الكَمْخَاء:
الكمخاء بفتح فسكون: كلمة فارسية مُعرَّبة؛ وأصلها في الفارسية: كمخا؛ ومعناها في الفارسية: ثوب حريرى منقوش من لون واحد، وقد يكون من عدة ألوان (2).
(1) خطط المقريزى 2/ 98، صبح الأعشى 4/ 6، 39 ، الملابس المملوكية 52 وما بعدها.
(2)
المعجم الفارسى الكبير 2/ 2275.
وقد انتقلت الكلمة إلى العربية في صورتين: صورتها الفارسية: كمخا؛ وصورة عربية "ممدودة": الكمخاء؛ وتعنى: الثياب الحريرية المنقوشة المزركشة؛ وقد كانت مدينتا نيسابور والخنسا مشهورتين بصناعة الكمخا؛ وفى ذلك يقول ابن بطوطة: "ويُصنع بنيسابور ثياب الحرير من النخ والكمخاء وغيرهما، وتحمل منها إلى الهند"(1)، "ومدينة الخنسا مدينة عظيمة كبيرة تصنع بها ثياب الكمخا والأطلس"(2).
وقد وردت الكمخا في نصوص كثيرة من رحلة ابن بطوطة؛ منها قوله: "وصنعت رسنًا مصفحًا بصفائح الفضة، وجعلت لها جُلّين من زردخانة مبطنين بالكمخا"(3)، وقوله:
"وأهدانى ثيابًا من الملف والمرعز والقسى والكمخا"(4).
والكمخا: قماش حريرى دمقسى مَوْشِيٌّ بالذهب كثيرًا، إن لم يكن دائمًا، يُصنع منه ملابس للحفلات وحليات كهنوتية وطنافس للبيوت، وكان يُصنع في الأصل في الصين؛ حيث كانت ترتديه الشخصيات الكبيرة، وينتسب اسمه إلى بلد في الصين يدعى: بروكار كنشا أو كمشا Kimcha و Kincha وانتقل إلى فارس باسم الكمخا: Kimkha، وكان يُصنع أيضًا في هراة ونيسابور وتبريز، وفيما بعد دخلت الكمخا بلاد العرب؛ وهناك نصوص كثيرة تثبت وجود مصانع خاصة بهذا النوع في بغداد ودمشق والإسكندرية، ومن هذه النصوص قول ابن بطوطة:"وأعطانى مملوكًا روميا خماسيًا أسمه نقولا، وثوبين من الكمخا، وهى ثياب حرير، وتصنع ببغداد وتبريز ونيسابور وبالصين"(5).
ولقد ظل هذا النوع من القماش غالى
(1) رحلة ابن بطوطة 402.
(2)
رحلة ابن بطوطة 634.
(3)
رحلة ابن بطوطة 531.
(4)
رحلة ابن بطوطه 319.
(5)
رحلة ابن بطوطة 319.