الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[193 ب] فقال: إنّي مهرت في المسألة، وأخاف أن أدعها فتفلت منّي.
*** وقيل له: ما بلغ من طمعك؟
قال: ما رأيت اثنين يتسارّان قطّ إلّا ظننت أنّهما أمرا لي بشيء.
*** وقال لأمّه: رأيتك في النوم مطلية بالعسل، وأنا مطليّ بعذرة.
فقالت: يا فاسق، هذا عملك الخبيث أراك [هـ] الله!
قال: إنّ في الرؤيا شيئا آخر.
قالت: وما هو؟
قال: رأيت أنّي ألطعك، وأنت تلطعنني (1).
قالت: لعنك الله يا فاسق!
*** وكان يتحدّث إلى امرأة حتّى عرف بذلك.
فقالت لها جاراتها: لو سألته شيئا، فإنّه موسر؟
فلما جاء قالت: إنّ جاراتي يقلن لي: ما يصلك بشيء.
فخرج نافرا من منزلها فلم يقربها شهرين. ثم جاء ذات يوم فجلس على الباب، فأخرجت له قدحا مملوءا ماء فقالت: اشرب هذا من الفزع!
فقال: اشربيه أنت من الطمع!
*** ودخل يوما على الحسين بن عليّ رضي الله عنهما، وعنده أعرابيّ قبيح الوجه، فسبّح أشعب حين رآه، ثم قال للحسين: بأبي أنت وأمّي، تأذن لي أن أسلح عليه؟
قال: إن شئت- ومع الأعرابيّ قوس وكنانة، ففوّق سهما نحو أشعب وقال: والله لئن فعلت لتوكننّ آخر سلحة سلحتها!
فقال أشعب للحسين: فديتك، قد أخذني القولنج.
*** وغسل في وضوء رجله اليسرى وترك اليمنى بغير غسل، فقيل له: لم تركت غسل اليمنى؟
قال: لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أمّتي غرّ محجّلون من آثار الوضوء، فأنا أحبّ أن أكون مطلق اليمنى.
*** وسمع حبّى المدنيّة تقول: اللهمّ لا تمتني أو تغفر ذنوبي!
فقال: يا فاسقة، أنت لم تسأل [ي] المغفرة، إنّما تسأل [ين] عمر الأبد!
*** وساوم بقوس عربيّة فقال صاحبها: لا أنقصها من مائة دينار.
فقال أشعب: أعتق ما ملك [- ت]: لو أنّها إذا رمي بها طائر في جوّ السماء [ف] وقع مشويّا بين رغيفين، ما [194 أ] أخذتها بدينار!
*** وقيل له: أرأيت أحدا أطمع منك؟
قال: نعم! كلب تبعني أربعة أيّام على مضغ العلك.
وقيل له: كان أبوك ألحى، وأنت أثطّ (2)، فإلى من خرجت؟
قال: [205 ب] إلى أمّي!
[خبره مع سكينة وزوجها]:
وكان أشعب منقطعا إلى سكينة بنت الحسين
(1) لطع بوزن فتح: لحس.
(2)
الأثطّ: الكوسج قليل الشعر.
ابن علي، وكانت متزوّجة بزيد [بن عمرو](1) بن عثمان بن عفّان، وكانت محبّة له، وكان لا يستقرّ معها. تقول له: أريد الحجّ- فيخرج معها، فإذا مضوا إلى مكّة قالت: أريد الرجوع إلى المدينة-.
فإذا عاد إلى المدينة قالت: أريد العمرة. فهو معها في سفر لا ينقضي. وكانت حلّفته يمينا لا كفّارة لها أن لا يتزوّج عليها ولا يتسرّر ولا يلمّ بنسائه ولا جواريه إلّا بإذنها.
وخرج الخليفة إلى الحجّ في بعض السنين فقال لها زيد: قد حجّ أمير المؤمنين، ولا بدّ لي من لقائه.
فحلّفته أنّه لا يدخل الطائف ولا يلمّ بجواريه.
وامتنع أن يحلف لها بالطلاق. وبعثت معه أشعب وأعطته ثلاثين دينارا وحلّفته بالطلاق لزوجته بنت وردان أن لا يطلق لزيد الخروج إلى الطائف بوجه ولا سبب. وخرجا. فلمّا حاذوا الطائف قال زيد:
يا أشعب، هذه ثلاثمائة دينار، خذها وائذن لي أن ألمّ بجواريّ.
فقال: يا سيّدي، إنّها سكينة! فالله الله فيّ!
قال: أو تعلم سكينة الغيب؟
ولم يزل به حتى أذن له، فمضى وبات عند جواريه. فلمّا أصبح لبس أشعب حلّة وشي لزيد قيمتها ألف دينار وركب فرسه وجاء نساء في أبيات قوم من العرب قريبة منهم، فسلّم عليهنّ، فرددن عليه وسألنه عن نسبه فانتسب بنسب زيد. فحادثنه مليّا حتى جاء شيخ فسلّم عليه وعظّمه وسأل عنه فأخبر بنسبه. فنظر إليه وقال: ما هذه خلقة قرشيّ، وما هو إلّا عبد! - وبادر إلى بيته، فعلم أشعب أنّه يريد شرّا. فركب ومضى، والشيخ في إثره، فرماه بسهم ما أخطأ قربوس السرج. فسلح
أشعب في ثيابه حتى نفذ إلى الحلّة فصيّرها شهرة.
ووصل إلى رحل زيد فغسل الحلّة ونشفها، وإذا بزيد أقبل، فرأى ما أصاب حلّته وقربوس سرجه، فقال: ما القصّة؟ - فحدّثه الحديث، فغضب ووبّخه.
فلمّا عاد إلى سكينة سألت عن خبره كلّه فحدّثها، فقالت: هل مضيت إلى جواريك بالطائف؟
فقال: سلي نفسك؟
فدعت أشعب فسألته فحلف لها بكلّ يمين محرجة أنّه ما مرّ بالطائف ولا فارقني.
فقال زيد: اليمين التي حلفها لازمة لي إن لم أكن دخلت الطائف وبتّ عند جواريّ وغشيتهنّ جميعا، وأخذ منّي ثلاثمائة دينار وفعل كذا وكذا- وأراها الحلّة والسرج.
[194 ب] فقالت لأشعب: فعلتها! أنا نفيّة من أبي إن أنفقتها إلّا فيما يسوءك.
ثم أمرت بكبس منزل أشعب، وأحضرت الدنانير واشترت بها بيضا وسرجين وخشبا وعملت الخشب بيتا حبسته فيه، وحلفت أن لا يخرج منه حتى يحضن البيض كلّه إلى أن ينقب.
فمكث أربعين يوما إلى أن نقب وخرج منه فراريج كبيرة فربّتهنّ وتناسلن وكنّ في المدينة يقال لهنّ:
بنات أشعب.
792 -
أشهب بن عبد العزيز [140 - 204](2)[فقيه مصر]
[195 أ] أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم، أبو عمرو، القيسيّ، ثمّ العامريّ، أحد
(1) الزيادة من الوفيات 2/ 394 (ترجمة سكينة).
(2)
وفيات 1/ 239 (100)؛ الديباج 98؛ شذرات 2/ 12.