الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
891 - أيدمر الشّيخيّ [- 773]
(1)
[259 ب] أيدمر الشيخيّ، الأمير عزّ الدين نائب حماة. أحد المماليك الناصريّة محمد بن قلاوون.
ترقّى في الخدم إلى أن أنعم عليه في الأيّام المنصوريّة حسن بتقدمة ألف.
فلمّا قتل السلطان حسن عمل أمير جاندار، ثم أخرج إلى نيابة حماة عوضا عن عمر شاه في سنة تسع وستّين، وصرف عنها في ثالث ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين بالأمير كبجكي (2)، وأنعم عليه بإمرة بحلب. فلم يزل بها حتى مات في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة عن بضع وخمسين سنة.
وكان خيّرا مهابا متواضعا يوصف بدين وإحسان.
892 - أيدمر «دقماق» [- 734]
(3)
[259 ب] أيدمر العلائيّ المعروف بدقماق. أحد المماليك الأشرفيّة خليل بن قلاوون.
ترقّى في الخدم إلى أن صار من نقباء المماليك السلطانيّة. ثم استقرّ نقيب الجيش حتى مات في [
…
] سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. فاستقرّ عوضه الأمير صاروجا نقيب المماليك، واستقرّ ناصر الدين محمد بن لاجين المحمّديّ نقيب المماليك عوضا عن صاروجا.
وكان دقماق مشكورا.
893 - أيمن بن خريم [- 86]
(4)
[260 أ] أيمن بن خريم- أوّله خاء معجمة مضمومة، ثم راء مهملة مفتوحة- بن فاتك- ويقال: حريم بن الأخرم- بن شدّاد بن عمرو بن الفاتك بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان.
وأبوه الأخرم يقال له: فاتك. وقد قيل إنّ فاتكا هو ابن الأخرم. ويكنّى أيمن بن خريم «أبو عطيّة» ، ويكنّى أبوه خريم بن فاتك «أبو يحيى» ، وقيل:«أبو أيمن» .
وهو أسديّ من بني أسد بن خزيمة.
شهد أبوه خريم بدرا مع أخيه سبرة بن فاتك.
وقيل: أسلم حريم وابنه أيمن يوم فتح مكّة، والأوّل أصحّ: فقد صحّح البخاريّ وغيره أنّ خريم ابن فاتك [238 ب] وأخاه سبرة بن فاتك شهدا بدرا. ولقي أيمن [
…
] طليحة بن خويلد فقال له: ما بقي من كنانتك؟
قال: نفخة أو نفختان بالكير- يعيّره بأنّه من القيون (5).
(1) السلوك 3/ 75، 160، 200، الدرر 1/ 428 (1124)، المنهل 3/ 176 (603).
(2)
في السلوك 3/ 182: كنجكجي.
(3)
الدرر 1/ 430 (1132)، السلوك 2/ 376.
(4)
انظر الطيّب العشّاش: أيمن بن خريم، أخباره وأشعاره، حوليات 9/ 1972، وأسد الغابة 1/ 188 (352)، الأغاني 20/ 269، الوافي 10/ 30 (4475)، مختصر ابن عساكر 5/ 100 (33).
(5)
كان بنو أسد بن خزيمة رهط أيمن بن خريم يلقّبون «القيون» لأنّ جدّهم كان قينا يصنع الحديد، من ذلك التلميح إلى كير الحدّاد وربّما لأسنّة النبال في كنانة الرامي. ولكنّ أشخاص القصّة كلّهم أسديّون: أيمن بن خريم وطليحة بن خويلد الكذّاب الذي ارتدّ وادّعى النبوّة ثم صح إسلامه ومات في الجهاد، وكذلك طلحة بن خويلد مات مجاهدا فاتحا. انظر المعارف 303 و 299، ولا نتبين في المخطوط أهو طلحة أم طليحة. فمن المتهكّم ومن المتهكّم به؟
وروى أيمن عن أبيه وعمّه. وروى عنه الشعبيّ. وهو شاميّ نزل الكوفة. وقدم مصر مع مروان بن الحكم سنة خمس وستّين، واستعان به على ولده عبد العزيز بن مروان حين كره الإقامة بمصر. وكان شاعرا محسنا.
قال الشعبيّ: أرسل مروان إلى أيمن بن خريم يوم المرج يوم قتل الضحّاك بن قيس الفهريّ: ألا تخرج تقاتل معنا؟ ألا تتبعنا على ما نحن فيه؟
فقال: إنّ أبي وعمّي شهدا بدرا، وإنّهما عهدا إليّ ألّا أقاتل رجلا يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله. فإن جئتني ببراءة من النار فأنا معك.
فقال: لا حاجة لنا بمعونتك.
فخرج وهو يقول [وافر]:
ولست مقاتلا رجلا يصلّي
…
على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعليّ إثمي
…
معاذ الله من سفه وطيش
أأقتل مسلما في غير جرم
…
فلست بنافع ما عشت عيشي
وقال الدارقطني: قد روى أيمن بن خريم عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البرّ: وأمّا أنا فما وجدت له رواية إلّا عن أبيه وعمّه.
وقال أبو الفرج الأصبهانيّ: وكان أيمن يتشيّع.
وكان أبوه أحد من اعتزل حرب الجمل وصفّين وما بعدهما من الأحداث فلم يحضرها. وقال مجالد:
كان [260 ب] عبد الملك بن مروان شديد الشغف بالنساء. فلمّا أسنّ وضعف عن الجماع ازداد غرامه بهنّ. فدخل عليه أيمن بن خريم فقال له:
كيف أنت يا أيمن؟
قال: بخير يا أمير المؤمنين.
قال: كيف قوّتك؟
قال: كما أحبّ ولله الحمد: إنّي لآكل الجذعة من الضأن بالصاع من البرّ، وأشرب العسّ المملوء أعبّه عبّا، وأرتحل البعير الصعب فأنضيه، وأركب المهر الأرن (1) فأذلّله، وأفترع العذراء لا يقعدني عنها الكبر ولا يمنعني منها إلّا السحر، لا يرويني الغمر ولا ينقضي منّي الوطر.
فغاظ عبد الملك قوله وحسده. فمنعه العطاء وحجبه وقصده بما يكره حتى أثّر ذلك في حاله.
فقالت له امرأته: ويحك! اصدقني عن حالك! فهل لك جرم؟
قال: لا والله.
قالت: فأيّ شيء دار بينك وبين أمير المؤمنين آخر ما لقيته؟
فأخبرها. فقالت: إنّا لله، ها هنا أتيت! أنا أحتال لك في ذلك حتى أزيل ما جرى عليك، فقد حسدك الرجل على ما وصفت به نفسك.
فتهيّأت ولبست ثيابها ودخلت على عاتكة بنت يزيد بن معاوية امرأة عبد الملك فقالت: أسألك أن تستعدي لي أمير المؤمنين على زوجي.
قالت: وما له؟
قالت: ما أدري أنا مع رجل أو مع حائط، وإنّ له لسنين ما يعرف فراشي. فاسأليه أن يفرّق بيني وبينه.
فخرجت عاتكة إلى عبد الملك فذكرت له ذلك وسألته في أمرها. فوجّه إلى أيمن فأحضره وسأله عمّا شكت امرأته. فاعترف بذلك. فقال له: أو لمأسألك عام أوّل عن حالك، فوصفت لي كيت وكيت؟
(1) الأرن من المركوب: الفاره النشيط الجامح.
فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ الرجل ليتجمّل عند سلطانه، ويتجلّد عند أعدائه بأكثر ممّا وصفت نفسي به، وإنّي القائل [متقارب]:
لقيت من الغانيات العجابا
…
لو ادرك منّي النساء الشبابا
يرى الشيب جمع النساء الحسان
…
عناء شديدا إذا المرء شابا (1)
ولو كلت بالمدّ للغانيات
…
وضاعفت فوق القياب الثيابا
إذا لم تنلهنّ من ذاك ذاك
…
نعينك عند الكبير الكذابا (2)
يذدن بكلّ عصا ذائد
…
ويصبحن كلّ غداة صعابا
إذا لم يخالطن كلّ الخلا
…
ط أصبحن مخرنطمات غضابا [239 أ]
علام يكحّلن حور العيون
…
ويحدثن بعد الخضاب الخضابا
ويعركن بالمسك أجيادهنّ
…
ويدنين عند الحجاب العيابا
ويبرقن إلّا لما تعلمون
…
فلا تمنعنّ النساء الضّرابا (3)!
فجعل عبد الملك يضحك من قوله، ثم قال:
أولى لك يا ابن خريم! لقد لقيت منهنّ ترحا. فما ترى أن نصنع بينك وبينها؟
قال: نستأجلها إلى أجل العنّين، وأداريها لعلّي أستطيع إمساكها.
قال: أفعل ذلك.
ففعل وردّها إليه. وأمر له بما فات من عطائه وعاد إلى برّه وتقريبه.
وقال ابن قتيبة: قال له عبد الملك لمّا أنشده هذا الشعر: ما وصف النساء أحد بمثل هذا، ولا عرفهنّ أحد معرفتك.
فقال له: لئن كنت صدقت، لقد صدق الذي يقول- وهو علقمة بن عبدة-[طويل]:
فإن تسألوني بالنساء فإنّني
…
خبير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله
…
فليس له في ودّهنّ نصيب
يردن ثراء المال حيث علمنه
…
وشرخ الشباب عندهنّ عجيب
وقال أيمن في شبيب ومحاربته الحجّاج بن يوسف، من أبيات [متقارب]:
أبي الجبناء من اهل العراق
…
على الله في الحرب إلّا قسوطا
يقتّلهم مائتا فارس
…
من السافكين الدماء العبيطا
وخمسون من مارقات النسا
…
ء يجررن للمنديات المروطا
وخيل غزالة تنتابهم
…
تحوز العراق وتجبي النبيطا
تكرّ وتحجر فرسانهم
…
كما أجحر الحيّة العضرفوطا (4)
قد آذى الخليفة ما يصنعون
…
ومستنصر الأمّة المستشيطا
(1) في الهامش شروح وتصويبات: الغانية، المتزوّجة، وقيل: الشابّة. وصدر البيت: ولكنّ جمع النساء الحسان. وهي رواية الأغاني 20/ 270.
(2)
في الأغاني: جحدنك عند الأمير الكتابا.
(3)
في الأغاني: فلا تحرموا الغانيات الضرابا.
(4)
العضرفوت: في اللسان: دويبة بيضاء ناعمة، وزاد الجاحظ (الحيوان 6/ 319): صغيرة ضعيفة، والحيّات تأكلها. وفي المخطوط كتب المقريزي: العرّفوطا، ولم نجدها.
فلو كان لوط إماما لكم
…
لأسلمتم يوم تلقون لوطا (1)
وقال [بسيط]:
تفاقد الذابحو عثمان ضاحية
…
أيّ قتيل حرام- ذبّحوا- ذبحوا (2)
ضحّوا بعثمان في الشهر الحرام، ولم
…
يخشوا على مطمح الكفّ الذي طمحوا
فأيّ سنّة جور سنّ أوّلهم
…
وباب سوء (3) على سلطانهم فتحوا
ماذا أرادوا- أضلّ [الله] سعيهم-
…
في سفح ذاك الدم الزاكي الذي سفحوا
فاستوردتهم سيوف المسلمين على
…
تمام ظمئ كما يستورد النّضح
إنّ الذين تولّوا قتله سفها
…
لقوا أثاما وخسرانا وما ربحوا
وقال أبو بكر الصولي: وكان يسمّى «خليل الخلفاء» لإعجابهم به لحسن حديثه وعلمه وفصاحته. وكان به وضح ويغيّره (4) بزعفران فقدم على عبد العزيز بن مروان، فكان حظيّا عنده يؤاكله ويحتمل ذاك لإعجابه به. ثم خرج من مصر إلى الشام إلى بشر بن مروان، وقال [وافر]:
ركبت من المقطّم في جمادى
…
إلى بشر بن مروان البريدا
فمرّ بي البريد على شميل
…
يجوب مهامها غبرا وسودا [289 ب]
أمير المؤمنين أقم ببشر
…
عمود الدين إنّ له عمودا
ودع بشرا يقوّمهم ويحدث
…
لأهل الزيغ إسلاما جديدا
فلو أعطاك بشر ألف ألف
…
رأى حقّا عليه أن يعودا (5)
كأنّ التاج تاج بني هرقل
…
جلوه لأعظم الأعياد عيدا (6)
يصافح خدّ بشر حين يمسي
…
إذا الظلماء صافحت الخدودا
على ديباج خدّي وجه بشر
…
إذا الألوان حالفت الخدودا
قيل: إنّه عرّض بقوله: «إذا الألوان حالفت الخدودا» بكلف (7) كان في [262 أ] وجه عبد العزيز.
وإنّا قد وجدنا أمّ بشر
…
كأمّ الأسد مذكارا ولودا
فأعطاه بشر مائة ألف درهم.
وكان سبب خروجه من مصر أنّه دخل على عبد العزيز بن مروان وعنده نصيب. فقال له: يا أيمن، كم ترى ثمن هذا العبد؟
فنظر إلى نصيب فقال: والله لنعم الغادي في إثر المخاض. هذا أيّها الأمير أرى ثمنه مائة دينار.
قال: فإنّ له شعرا وفصاحة.
قال: فثمنه ثلاثون دينارا.
قال: يا أيمن، أرفعه وتخفضه؟
قال: لكونه أحمق أيّها الأمير، أمثل هذا يقول الشعر أو يحسن شعرا؟
(1) في الأغاني: لأسلمتم في الملمّات لوطا.
(2)
شرح في هامش البيت: تفاقد القوم أي فقد بعضهم بعضا.
(3)
تصحيح فوق سوء: جور.
(4)
جعله الجاحظ من البرصان وقال ص 78:
…
يدلك مكان البرص بالحصّ أي الورس (الزعفران) وأيضا ص 162:
…
يخضب يده ليغطّي البياض بالورس.
(5)
في الهامش: يزيدا.
(6)
في الهامش: الأيّام.
(7)
الكلف: النقاط الشقراء في الوجه.