الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويمين طلعته وطالعه الذي
…
شرقت علينا نيّرات سعوده
طابت دمشق لأهلها وجميع من
…
فيها بما سكنت لخفق بنوده
كم في المغاني من معان أطربت
…
فرحا بمقدمه ويمن وروده
وتناثرت ورد الحباء حيا له
…
لمّا جنينا الدرّ من تقليده
[و] كأنّ غداة قدومه لسروره
…
حقّا يرى ذاك النهار كعيده
فشكره على ذلك. وركب الموكب على العادة في تجمّل عظيم، وجلس وأرقطاي إلى جانبه، وقرئت القصص عليهما. وأقام تنكز حرمة وافرة، فهابه أمراء [334 ب] دمشق وخشوا عاقبته.
[تأميره على كافّة أمراء الشام]:
فلمّا راك السلطان البلاد الشاميّة في سنة ثلاث عشرة، زاد إقطاع النيابة عن عادته. ورسم أن تكون كتب نوّاب بلاد الشام كحلب وحماة وطرابلس وصفد وغيرها ترد على تنكز بما عادته أن ترد على السلطان، ويكاتب السلطان بما تشتمل عليه ويجاوبه عنها. وبقي أمر البلاد الشاميّة كلّها لا يخرج منه شيء عنه.
وخرج أوّل المحرّم سنة خمس عشرة بعساكر مصر والشام، ومعه القضاة، وهو بزيّ الملوك من العصائب السلطانيّة والكوسات- ولم يفعل ذلك نائب قبله- وجرّ ثلاثة وثمانين نجيبا من الخيل، وسار وفي إثره عسكر صفد وحماة وطرابلس إلى حلب. وتنكّر على الملك المؤيّد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة من أجل أنّه لم يتلقّاه (1) من بعد، وأبى أن يأكل طعامه، وأعرض عنه.
فلمّا نزل حلب جرّد منها عسكرا إلى ملطية، وكان في ظنّ كلّ أحد أن العساكر متوجّهة إلى سيس. ثمّ سار في إثره ونازل ملطية يوم الثلاثاء ثالث عشرين المحرّم حتى تسلّمها من أهلها. فأقرّ كلّ أحد على ما هو عليه، وقبض على مندوه الكرديّ متولّي الخراج. ونهب العسكر المدينة فقام تنكز وأخرجهم. ورحل بمال كثير وأسرى متعدّدة وعاد إلى دمشق في سادس عشر ربيع الأوّل، وقد قاسى الأمراء منه ما لا يوصف من الجنف (2) والترفّع، بحيث كان إذا ركب يترجّل سائر الأمراء وتمشي في خدمته، حتى البوبكريّ، إلى أن ينزل.
[جامع تنكز بدمشق]:
فلمّا كانت سنة ثماني عشرة أنشأ بالشرف القبليّ خارج دمشق جامعا في غاية الحسن، وهدم أماكن كثيرة استجدّت في أسواق دمشق كانت قد ضيّقت الطرقات من باب جسر الحديد إلى باب الفراديس، وفي سوق الخيل أيضا حتى ذهبت عن آخرها، وكانت شيئا كثيرا، فلم يتجاسر أحد على الكلام فيها.
وحجّ سنة إحدى وعشرين، واستخلف عنه الأمير بيبرس الحاجب إلى أن عاد. ثمّ قدم إلى مصر يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رجب بعد الاستئذان، فأكرمه السلطان وقرّبه، ورسم لسائر الأمراء أن تحمل إليه التقادم والهدايا، فلم يبق أحد منهم حتى بالغ فيما يحمله إليه، وبلغت قيمة ما جاءه منالتقادم ثمانين ألف دينار، منها مبلغ أربعة آلاف دينار حملت إليه من السلطان، ونحو عشرة آلاف دينار من كريم الدين ناظر الخاصّ.
وبلغت عدّة السلاسل الذهب والفضّة التي [335 أ]
(1) في السلوك 2/ 142: لم يتلقّه بالجزم الصحيح.
(2)
الجنف: التكبّر والميل عن العدل.