الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بستانه بخليج بني وائل خارج مدينة مصر، وكان العزيز بالله مبرزا بعين شمس، فعاد إلى البستان وأقام به حتى فرغ من جهازه. وغسّله القاضي محمد بن النعمان وكفّنه في ستّين ثوبا. وأخرج من البستان مع المغرب وحمل بين يديه فصلّى عليه بالقرافة، وحمل إلى القصر فدفن به.
[شيء من شعره]:
وكان تميم فاضلا شاعرا ماهرا لطيفا ظريفا.
وقال في كتاب «معاقرة الشراب» : إنّ تميما ركب في النيل متنزّها فمرّ ببعض طاقات الدور المشرفة على النيل وجارية تغنّي [الكامل]:
نبّهت ندماني بدجلة موهنا
…
والنجم في أفق السماء معلّق
والبدر يضحك وجهه في وجهها
…
والماء يرقص حولنا ويصفّق
فاستحسن ذلك وطرب عليه وما زال يستعيده ويشرب عليه حتى انصرف وهو لا يعقل سكرا.
فلمّا أصبح عارضه فقال [المتقارب](1):
شربنا على النيل لمّا بدا
…
بموج يزيد ولا ينقص
كأنّ تكاثف أمواجه
…
معاطف جارية ترقص
فأحسن ما شاء. وبلغ هذا الشعر عبد الله بن محمد الكاتب (2)، فجمع شعراء إفريقيّة وأمرهم أن
يقولوا في معناه فلم يأتوا بطائل.
وقال [الخفيف]:
وانجلى الغيم عن هلال تبدّى
…
في يد الأفق مثل نصف سوار (3)
وقال [الخفيف]:
وكأنّ الصباح في الأفق باز
…
والدّجى بين مخلبيه غراب (4)
وكأنّ السماء لجّة بحر
…
وكأنّ النجوم فيها حباب
وقال [البسيط]:
ناولتها شبه خدّيها مشعشعة
…
بكرا كأنّ سناها ضوء مقباس
تقبّلتها وقالت وهي ضاحكة
…
وكيف تسقى خدود الناس للناس؟ (5)
…
قلت: اشربي، إنّها دمعي، وحمرتها
…
دمي، وطابخها في الكأس أنفاسي
قالت: إذا أنت من حيي بكيت دما
…
فسقّنيها على العينين والرأس
- نشأ بإفريقيّة وتعلّم الخطّ والترسّل فاستكتبه زيزي بن مناد، ثمّ استكتبه ابنه أبو الفتوح يوسف بن زيزي [وكان] حاذقا بلسان البربر. فبعثه يوسف إلى المنصوريّة عونا لأبي نصر زيادة الله بن القديم، فقدمها ثالث رمضان سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة فأمر ونهى مع ابن القديم إلى أن تحاسدا وثارت الحرب بينهما، وقبض على ابن القديم وسجنه حتّى مات. واستبدّ بأمر إفريقيّة في ثامن ربيع الأوّل سنة أربع وستّين [وثلاثمائة] إلى أن قتله الأمير أبو الفتح منصور بن يوسف يوم الأحد لإحدى عشرة خلت من رجب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة هو وابنه يوسف بن عبد الله، فدفنا بغير غسل ولا كفن [و] ردّ عليهما التراب في اصطبل].
(1)
ديوان تميم 255.
(2)
عبد الله بن محمد الكاتب: أمير إفريقيّة من قبل الصنهاجيّين. انظر عنه رسالة هـ. ر. إدريس عن الدولة الزيريّة 1/ 48 و 1/ 66.
هذا وقد أقحمت في المتن ترجمة لهذا الوالي علّم عليها الناسخ- أو غيره- بحرف (ح) في أوّلها، وكأنّه ينبّه على أنّها ليست من متن المقفّى، وهذه الحاشية المقحمة تقول: [عبد الله بن محمد بن أبي العبّاس من بني الأغلب-
(3)
الديوان 183.
(4)
الديوان 70.
(5)
فقبّلتها في الديوان، وبعده بيتان سقطا.
يا ليلة بات فيها البدر معتنقي
…
وباتت الشمس فيها بعض جلّاسي
وبتّ مستغنيا بالثغر عن قدح
…
وبالخدود عن التفّاح والآس (1)
وقال [البسيط]:
قالت وقد نالها للبين أوجعه
…
والبين صعب على الأحباب موقعه
اجعل يديك على قلبي فقد ضعفت
…
قواه عن حمل ما فيه وأضلعه (2)
واعطف عليّ المطايا ساعة فعسى
…
من شتّ شمل الهوى بالبين يجمعه (3)
كأنّني يوم ولّت حسرة وأسى
…
غريق بحر يرى الشاطي ويمنعه
وقال [الطويل]:
إذا حان من شمس النهار غروب
…
تذكّر مشتاق وحنّ غريب
…
وما بلد الإنسان إلّا الذي له
…
به سكن يشتاقه وحبيب
…
ترى عندهم علم وإن شطّت النوى
…
بأنّ لهم قلبي عليّ رقيب (4)
وقال [الكامل]:
والله لولا أن يقال تغيّرا
…
وسلا، وإن كان التسلّي أجدرا (5)
لأعدت تفّاح الخدود بنفسجا
…
لثما وكافور الترائب عنبرا
وقال [الكامل]:
يوم لنا بالنيل مختصر
…
ولكلّ وقت مسرّة قصر (6)
والسّفن تصعد كالخيول بنا
…
فيه وحشد الماء منحدر (7)
وكأنّما أمواجه عكن
…
وكأنّما داراته سرر
وقال [البسيط]:
أما ترى يومنا قد جاء بالعجب
…
فما انتظارك باللذّات والطرب؟
والبدر في الأفق الغربيّ تحسبه
…
قد مدّ جسرا على الشطّين من ذهب (8)
وقال [الطويل]:
راتني وقد شبّهت بالورد خدّها
…
فتاهت وقالت: قاس خدّي بالورد!
كما قال إنّ الأقحوان كمبسمي
…
وأنّ قضيب الآس يشبهه قدّي
وحقّ صفا ماء النعيم بوجنتي
…
وحسن الجبين والفاحم الجعد
لئن عاد للتشبيه يوما حرمته
…
لذيذ الكرى، لا بل أذوّقه فقدي!
إذا كان هذا في البساتين عنده
…
فقولوا له: لم جاء يطلبه عندي؟ (9)
وكان قد طال عهده بالاجتماع مع أخيه عقيل وعمّه حيدرة، فلمّا [380 أ] التقوا في يوم عيد الفطر سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة قال لهما في
(1) الديوان 249.
(2)
في المخطوط: قواي، والتصويب من الديوان 260.
(3)
في الديوان: بالوصل.
(4)
الديوان 52.
(5)
في الديوان 464، وفي ترجمة الوفيات وكذلك اليتيمة 1/ 292: وصبا وإن كان التصابي
…
(6)
الديوان 241: ولكلّ يوم.
(7)
الديوان: في موجه والماء ينحدر. وفي الوفيات: فيه، وجيش الماء ينحدر.
(8)
هذان البيتان لا يوجدان في الديوان، على كثرة المقطوعات من الوزن والرويّ.
(9)
هذه الأبيات أيضا مفقودة من الديوان ومن اليتيمة ومن مختارات الحصريّ (زهر 757 - 764).