الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعافري أبي محمَّد المصري مدني الأصل. روى عن أبي الزبير والزهري وعامر بن يحيى ويحيى ابن سعيد. وعنه الليث والأوزعي عبد الرحمن بن عمرو وسعيد بن عبد العزيز وحيوة بن شريح ومحمد بن شريح وآخرون. قال ابن معين ضعيف الحديث وقال وأبو زرعة منكر الحديث وقال أبو حاتم والنسائي وابن ماجه والترمذي
(معنى الحديث)
(قوله حذف السلام سنة) وفي رواية أحمد حذف التسليم سنة يعني عدم تطويله في الصلاة سنة (وباستحباب) ذلك قال كافة العلماء قال الترمذي وهو الذي يستحبه أهل العلم اهـ
(وقال ابن سيد الناس) قال العلماء يستحب أن يدرج لفظ السلام ولا يمدّه مدّا لا أعلم في ذلك خلافًا بين العلماء اهـ
(وقال) الحطاب على الإِمام أن يجزم تحريمه وسلامه ولا يمططهما لئلا يسبقه من وراءه اهـ
(وفي الواضحة) وليحذف الإِمام سلامه ولا يمدّه قال أبوهريرة وتلك السنة
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والحاكم مرفوعًا ورواه الترمذي موقوفًا على أبي هريرة. والحديث ضعيف لأنه من رواية قرّة بن عبد الرحمن وفيه مقال كما تقدم. وفي بعض النسخ زيادة "قال عيسى نهاني ابن المبارك عن رفع هذا الحديث قال أبو داود سمعت أبا عمير عيسى بن يونس الفاخوري الرملي قال لما رجع الفريابي من مكة ترك رفع هذا الحديث وقال نهاه أحمد بن حنبل عن رفعه"
(باب إذا أحدث في صلاتة)
وفي نسخة "باب إذا أحدث في صلاته يستقبل" أي يعيد الصلاة
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلَاّمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ في الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ".
(ش) تقدم الكلام على هذا الحديث في كتاب الطهارة في باب فيمن يحدث في الصلاة وأعاده هنا لمناسبة الصلاة
(باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة)
أيجوز له ذلك أم لا
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا حَمَّادٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ لَيْثٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ". قَالَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ "أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ". زَادَ في حَدِيثِ حَمَّادٍ "في الصَّلَاةِ". يَعْنِي في السُّبْحَةِ.
(ش)(رجال الحديث)(حماد) بن زيد و (عبد الوارث) بن سعيد. و (الحجاج ابن عبيد) ويقال ابن أبي عبد الله. وروى عن إبراهيم بن إسماعيل. وعنه الليث بن أبي سليم قال أبو حاتم مجهول الحال وقال البخاري لم يصح إسناده وقال في التقريب مجهول من السادسة و (إبراهيم بن إسماعيل) السلمي الشيباني الحجازي. روى عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وعنه حجاج بن عبيد وعمرو بن دينار وعباس بن عبد الله. قال أبو حاتم مجهول وقال في التقريب مجهول الحال من الثالثة. روى له أبو داود وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله أيعجز) بكسر الجيم من باب ضرب وفي لغة قليلة من باب تعب
(قوله قال عن عبد الوارث الخ) أي قال مسدد بن مسرهد في روايته عن عبد الوارث أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر عن المكان الذي صلى فيه المكتوبة لأجل صلاة النافلة أو ينتقل إلى جهة يمينه أوجهة شماله
(قوله زاد في حديث حماد الخ) أي زاد مسدد في روايته عن حماد قوله في الصلاة يعني في السبحة أي النافلة. والعناية من بعض الرواة
(والحديث يدلّ) على مشروعية انتقال المصلي من مصلاه الذي صلى فيه المكتوبة إذا أراد أن يتنفل لا فرق بين الإِمام وغيره. وتقدم أن ذلك لتكثير مواضع السجود كما قال البخاري والبغوي لأن مواضع السجود تشهد له يوم القيامة كما في قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) أي تخبر بما عمل عليها ولأن بقاء الإِمام في موضوعه الذي صلى فيه يهمل اشتباها للداخل
(قال في النيل) وهذه العلة تقتضي أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام لحديث النهي عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم المصلي أو يخرج اهـ
وحديث النهي الذي أشار إليه ما سيذكره المصنف بعد
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد وابن ماجه وكذا البيهقي من رواية حماد عن الليث بلفظ إذا أراد أحدكم أن يتطوع بعد الفريضة فليتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله وروى من طريق المعتمر عن الليث بلفظ أيعجز أحدكم إذا صلى فأراد أن يتطوع أن يتقدم أو يتأخر أو يتحول عن يمينه أو عن يساره. ورواه جرير عن ليث عن حجاج عن إسماعيل بن إبراهيم أو إبراهيم بن إسماعيل قال البخاري رحمه الله تعالى إسماعيل بن إبراهيم أصح. والليث يضطرب فيه "قال البيهقي" وهو ليث بن أبي سليم يتفرّد به والله تعالى أعلم اهـ
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ نَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا يُكْنَى أَبَا رِمْثَةَ فَقَالَ صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ -أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ- مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقُومَانِ في الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ فَصَلَّى نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ -يَعْنِي نَفْسَهُ- فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ يَشْفَعُ فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ فَهَزَّهُ ثُمَّ قَالَ اجْلِسْ فَإِنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَاّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ فَصْلٌ. فَرَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بَصَرَهُ فَقَالَ "أَصَابَ الله بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ".
(ش)(رجال الحديث)(أشعث بن شعبة) المصيصي أبو أحمد خراساني الأصل روى عن المنهال بن خليفة وأرطأة بن المنذر والسري بن يحيى. وعنه محمَّد بن عيسى وأبو الطاهر ابن السرح وعبد الوهاب بن نجدة وجماعة. ضعفه الأزدي ووثقه أبو داود وقال أبو زرعة لين وقال في التقريب مقبول من الثالثة. روى له أبو داود.
و(المنهال بن خليفة) الكوفي أبي قدامة العجلي. روى عن أبي المليح وعطاء بن أبي رباح والحجاج بن أرطأة وسماك بن حرب وعلى ابن زيد. وعنه وكيع وابن المبارك وأبو معاوية وعبد الله بن جابر ومحمد بن سابق وكثيرون ضعفه ابن معين والنسائي وقال ابن حبان كان ينفرد. بالمناكير عن المشاهير لا يجوز الاحتجاج به وقال البخاري حديثه منكر وقال الدولابي والحاكم ليس بالقوي. روى له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
و(الأزرق بن قيس) الحارثي البصري. روى عن ابن عمر وأنس وأبي برزة الأسلمي وغيرهم. وعنه سليمان التيمي والحمادان وشعبة وطائفة. قال النسائي ثقة وقال أبو حاتم صالح الحدث وقال الدارقطني ثقة مأمون ووثقه ابن سعد وابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وقال مات في ولاية خالد على العراق
(قوله يكنى أبا رمثة) بكسر الراء وسكرن الميم التيمي ابن تيم الرباب قيل اسمه رفاعة بن يثربي وقيل حبان بن وهب وقيل غير ذلك. روى
عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه إياد بن لقيط وثابت بن أبي منقذ
(معنى الحديث)
(قوله أو مثل هذه الصلاة) شك من الأزرق بن قيس
(قوله قال وكان أبو بكر الخ) أي قال أبو رمثة كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يقومان في الصف الأول عن يمينه لفضل الصف الأول والجهة اليمنى ولما تقدم للمصنف في باب من يستحب أن يلي الإِمام في الصف من حديث أبي مسعود أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى.
(قوله وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولى) يعني تكبيرة الإحرام والمراد أنه لم يكن مسبوقًا
(قوله ثم انفتل الخ) أي تحول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن القبلة بعد أن سلم وقوله كانفتال أبي رمثة فيه وضع الظاهر موضع المضمر وكان القياس أن يقول كانفتالي
(قوله يشفع الخ) يعني يصلي عقب السلام شفعًا من غير فاصل أو يشفع صلاته بصلاة أخرى فوثب إليه عمر أي قام إليه فقبض على منكبيه وحرّكه. وفي نسخة فأخذ بمنكبه وفعل ذاك إنكارًا على الرجل في صنعه للإشارة إلى أنه لا ينبغي فعل هذا
(قوله فإنه لم يهلك أهل الكتاب الخ) تعليل لأمره الرجل بالجلوس
(قوله أصاب الله بك الخ) أي أصاب الله بك الحق والمراد فعلت فعلًا موافقًا للصواب
(فقه الحديث) دلّ الحديث على كرهة وصل النافلة بالفريضة (والمستحب) الفصل بينهما عند الحنفية بمقدار اللهمّ أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أو بمقدار لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهمّ لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدّ (وذهب) غيرهم إلى أنه يندب الفصل بينهما بالأذكار الواردة عقب الصلوات من الاستغفار والتسبيح والتكبير. ودلّ الحديث أيضًا على فضل سيدنا عمرو بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وعلى أنه ينبغي للتابع إذا رأى منكرًا أن يبادر إلى إزالته ولو مع حضور المتبوع ولا يتوقف على إذنه، وعلى أنه يطلب من المتبوع أن يعزّزه إذا وافق الحق
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الحاكم والطبراني عن أبي رمثه وأخرجه ابن منده وأبو نعيم من طريق المنهال بن خليفة عن الأزرق بن قيس قال صلى بنا إمام لنا يكنى أبا ريمة فسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خدّيه ثم قال صليت بكم كما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي فذكر أبا ريمة بدل أبي رمثة. ولم نقف على هذه الكنية في نسخ أبي داود. وفي بعض النسخ "قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ قِيلَ أَبُو أُمَيَّةَ مَكَانَ أَبِي رِمْثَةَ."
(باب السهو في السجدتين)
المراد بالسجدتين الركعتان فهو من إطلاق الجزء على الكل. وفي نسخة "باب في سجدتي
السهو" وفي أخرى "باب في سجود السهو" وفي أخرى "جماع أبواب السهو في الصلاة باب في سجدتي السهو"
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ -الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ قَالَ- فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ في مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهَا إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى يُعْرَفُ في وَجْهِهِ الْغَضَبُ ثُمَّ خَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ وَهُمْ يَقُولُونَ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَاهُ أَنْ يُكَلِّمَاهُ فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرِ الصَّلَاةُ". قَالَ بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ "أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ". فَأَوْمَئُوا أَىْ نَعَمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَقَامِهِ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ. قَالَ فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ سَلَّمَ في السَّهْوِ فَقَالَ لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ثُمَّ سَلَّمَ.
(ش)(أيوب) السختياني تقدم في الجزء الأول صفحة 257 وكذا (محمَّد) بن سيرين صفحة 243
(قوله صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) ظاهر في أن أبا هريرة كات حاضرًا القصة "فما قيل" من أنه لم يشهد تلك القصة وأن الكلام فيها على المجاز والمراد صلى بالمسلمين "مردود" بهذه الرواية (وبما رواه) أحمد ومسلم من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله إحدى صلاتي العشيّ الخ) العشيّ ما بين
الزوال إلى الغروب وقيل ما بين الزوال إلى الصباح. وقوله الظهر أو العصر. بيان لإحدى صلاتي العشيّ وهو كذلك بالشك في رواية البخاري من طريق آدم عن شعبة. والشك في رواية المصنف من ابن سيرين كما تؤيده رواية البخاري عنه عن أبي هريرة صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إحدى صلاتي العشيّ. قال ابن سيرين سماها أبوهريرة ولكن نسيت أنا. وفي أخرى للبخاري قال محمَّد وأكثر ظني أنها العصر. وعند الطحاوي من طريق أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة وأكثر ظني أنه ذكر الظهر. وفي أخرى من طريق أبي الوليد عن شعبة الظهر من غير شك. ولمسلم من طريق سلمة الظهر أيضًا من غير شك
(قال) في الفتح والظاهر أن الاختلاف فيه من الرواة. وأبعد من قال يحمل على أن القصة وقعت مرّتين وروى النسائي من طريق ابن عون عن ابن سيرين أن الشك فيه من أبي هريرة. ولفظه صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إحدى صلاتي العشيّ قال أبوهريرة ولكني نسيتها (فالظاهر) أن أبا هريرة رواه كثيرًا على الشك وكان ربما غلب على ظنه أنها الظهر فجزم بها وتارة غلب على ظنه أنها العصر فجزم بها. وطرأ الشك في تعيينها أيضًا على ابن سيرين. وكأن السبب في ذلك الاهتمام بما في القصة من الأحكام الشرعية. ولم تختلف الرواة في حديث عمران في قصة الخرباق أنها العصر "فإن قلنا" إنهما قصة واحدة "فيترجح" رواية من عين العصر في حديث أبي هريرة اهـ
"وما قاله" من أن الرواة لم تختلف في حديث عمران في قصة الخرباق أنها العصر "غير مسلم" فقد أخرج البيهقي من طريق خالد عن أبي قلابة ثنا أبو المهلب عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى في الظهر أو العصر ثلاث ركعات "الحديث" بالشك
(قوله في مقدّم المسجد) أي جهة القبلة. ففي رواية لمسلم من طريق ابن عيينة ثم أتى جذعًا في قبلة المسجد فاستند إليه مغضبًا وفي رواية للبخاري فقام إلى خشبة معروضة في المسجد أي موضوعة بالعرض (ولا تنافي) بين هذه الروايات لأن المراد بالخشبة في حديث المصنف الجذع الذي كان ممتدًّا بالعرض في قبلة المسجد الذي كان يتكئُ عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل اتخاذ المنبر
(قوله فوضع يديه عليها) وفي رواية للبخاري فوضع يده عليها بالإفراد. وفي رواية له أيضًا فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خدّه الأيمن على ظهر كله اليسرى
(قوله يعرف في وجهه الغضب الخ) لعلّ غضبه كان لأمر من أمور المسلمين ثم خرج سرعان الناس بفتح السين والراء وبتسكين الراء أيضًا أي أوائلهم الذين يتسارعون إلى الشيء. والمراد هنا أوائل الناس خروجا من المسجد وهم أصحاب الحاجات غالبًا. وحكى القاضي عياض أن الأصيلى ضبطه بضم السين وسكون الراء وعليه فهو جمع سريع ثل قفيز وقفزان
(قوله قصرت الصلاة) كذا في رواية
للبخاري بصيغة الأخبار وفي رواية له أيضًا أقصرت الصلاة بالاستفهام واستفهموا لجواز النسخ
(قوله فهاباه أن يكلماه الخ) أي بما وقع له من نقصان الصلاة إعظامًا له لما ظهر عليه من أثر الغضب وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على العلم فسأله. وكان رسول الله صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يلقبه بذلك لطول في يديه حقيقة لما في رواية مسلم بلفظ وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين. ويحتمل أن يكون كناية عن طولهما بعمل الخير والسخاء كما ذكره القرطبي (وقال) ابن قتيبة لأنه كان يعمل يديه جميعًا. واسم ذى اليدين الخرباق كما في رواية لمسلم عن عمران بن حصين. وعليه أكثر العلماء (وقال) الطيبى الخرباق لقب له واسمه عمير
(قوله لم أنس ولم تقصر) كذا في أكثر الطرق وهو صريح في نفي النسيان والقصر وفي رواية لمسلم كل ذلك لم يكن. وأخبر بذلك على اعتقاده لا بحسب نفس الأمر
(قوله بل نسيت) أثبت ذو اليدين النسيان لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما نفى الأمرين وكان مقرّرًا عند الصحابي أن السهو غير جائز عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيما أمر بتبليغه جزم بوقوع النسيان لا بوقوع القصر لأنه مما أمر بتبليغه فلا ينساه (وفيه دليل) على جواز السهو عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الأفعال الشرعية (قال) ابن دقيق العيد وهو مذهب عامة العلماء والنظار وهذا الحديث مما يدل عليه وقد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حديث ابن مسعود الآتي إنما أنا بشر أنسى كما تنسون (وشذّت) طائفة من المتوغلين فقالو لا يجوز السهو عليه وإنما ينسى عمدًا ويتعمد صورة النسيان ليسنّ (وهذا باطل) لإخباره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه ينسى ولأن الأفعال العمدية تبطل الصلاة ولأن صورة الفعل النسياني كصورة الفعل العمد وإنما يتميزان للغير بالإخبار فلا يتمّ ما قالوه إلا أن يتمايز الفعلًان بأنفسهما. ومن أجازوا السهو عليه قالوا لا يقرّ عليه اتفاقًا بل يقع له بيانه إما متصلًا بالفعل كما في هذا الحديث أوبعده (وفائدته) بيان الحكم الشرعى إذا وقع مثله لغيره (أما القول) فنقل القاضي عياض والنووي الإجماع على عدم جواز السهو عليه فيما طريقه البلاغ منها (وما ليس) طر يقه البلاغ من الأقوال الدنيوية والأخبار التي لا مستند الأحكام إليها ولا ما تضاف إلى وحي فقال جماعة يجوز النسيان عليه فيها إذ ليس من باب التبليغ الذي يتطرّق به إلى القدح في الشريعة (قال القاضي) عياض والحق الذي لا مرية فيه ترجيح قول من لم يجز ذلك على الأنبياء في خبر من الأخبار كما لم يجيزوا عليهم فيها العمد فإنه لا يجوز عليهم خلف في خبر لا عن قصد ولا سهو ولافى صحة ولا مرض ولا رضا ولا غضب اهـ
وهذا كله مبني على أن النسيان والسهو بمعنى وهو الذهول عن الشيء تقدمه ذكر أولم يتقدّمه أما من فرق بينهما فجعل السهو ما ذكر والنسيان لابدّ أن يتقدمه ذكر فقال يمتنع السهو عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الأقوال البلاغية وغيرها ويجوز عليه في الأفعال مطلقًا
بلاغية أم لا. أما النسيان فممتنع في البلاغيات مطلقًا فعلية أو قولية قبل تبليغها. وبعد التبليغ يجوز عليه لكن يكون من الله تعالى لا من الشيطان إذ ليس له عليه سبيل
(قوله فقال أصدق ذواليدين فأومأوا أي نعم) أي أشاروا إلى صدق ما قاله ذو اليدين. وقوله نعم تفسير من بعض الرواة للإيماء وفي رواية مسلم نظر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمينًا وشمالًا فقال ما يقول ذواليدين قالوا صدق لم تصلّ إلا ركعتين. وفي رواية ابن ماجه قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أكما يقول ذو اليدين قالوا نعم. وفي رواية للبخاري قالوا صدق لم تصلّ إلا ركعتين (ولا منافاة) بين هذه الروايات لإمكان الجمع بينها بأن البعض جمع بين الإشارة والكلام وبعضهم أشار والآخر تكلم
"فإن قيل" كيف تكلم ذو اليدين ومن معه وهم في الصلاة "أجيب" بأنهم لم يكونوا على يقين أنهم في صلاة فإنهم كانوا مجوّزين نسخ الصلاة من أربع إلى اثنتين ولهذا قيل أقصرت الصلاة أم نسيت (وقال النووي) إن هذا كان خطابًا للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وجوابا وذلك لا يبطل عندنا وعند غيرنا اهـ وقوله وعند غيرنا فيه نظر لأنه محمول عند بعضهم على صلاة النافلة
(قوله فرجع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى مقامه فصلى الركعتين الباقيتين) ظاهره أنه رجع لتمام الصلاة لمجرّد قول القوم. لكن سيأتي للمصنف في الباب في حديث محمَّد بن يحيى بن فارس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله عز وجل ذلك أي أنه سلم من اثنتين فلا يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ترك يقين نفسه ورجع إلى قولهم
(وفي الحديث حجة) لمن قال إن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بني على صلاته التي سلم منها ناسيًا (وأجاب) عنه من قال ببطلان الصلاة بالكلام مطلقًا ولو لمصلحتها بأن الحديث منسوخ بحديث ابن مسعود المتقدم في "باب ردّ السلام في الصلاة" وفيه وإن الله عز وجل قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة وبحديث زيد بن أرقم المتقدم أيضًا في "باب النهي عن الكلام في الصلاة" ولفظه كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة فنزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام لأن ذا اليدين قتل يوم بدر على ما نقلوه عن الزهري وقالوا لا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الإِسلام عن وقعة بدر لأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو من صحابي (لكن) دعوى النسخ مردودة لأن حديث ابن مسعود كان بمكة حين رجع من الحبشة قبل الهجرة أو كان بالمدينة حين كان يتجهز صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لغزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة. وحديث أبي هريرة في قصة ذى اليدين كان بعد ذلك لأن أبا هريرة أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة "وقولهم" لا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الإِسلام الخ "مردود" أيضًا بأن أبا هريرة كان يصلي مع النبي صلى الله
تعالى عليه وعلى آله وسلم في تلك الواقعة كما تقدم في رواية أحمد ومسلم بلفظ بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "وقولهم" إن ذا اليدين قتل ببدر "مردود" بأن المقتول يوم بدر ذو الشمالين وهو غير ذى اليدين فإن ذا الشمالين هو عمير بن عمرو الخزاعي وذا اليدين الخرباق بن عمرو السلمي كما في رواية مسلم (وقد) عاش ذو اليدين بعد وفاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زمانًا (ولا ينافي) هذا ما رواه النسائي من طريق ابن أبي حثمة عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الظهر أو العصر فسلم في ركعتين وانصرف فقال له ذو الشمالين بن عمرو أنقصت من الصلاة أم نسيت قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما يقول ذو اليدين "الحديث"(لاحتمال أن كلا) من ذى اليدين وذى الشمالين كان يلقب بما يلقب به الآخر. وعلى تقدير أنهما واحد فلا يصح القول بأنه مات ببدر لحديث الباب. ولما رواه مسلم عن أبي هريرة من عدّة طرق في إحداها صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إحدى صلاتي العشي "الحديث" وفيه فقام ذو اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت. وفي الثانية مثلها. وفي الثالثة قال أبوهريرة صلى لنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "الحديث" وفيه فقام ذوا اليدين الخ وقد علمت أن أبا هريرة أسلم في السنة السابعة من الهجرة عام خيبر وغزوة بدر كانت في السنة الثانية (قال في الفتح)"قوله صلي بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ" ظاهر في أن أبا هريرة حضر القصة. وحمله الطحاوي على المجازر فقال إن المراد به صلى بالمسلمين. وسبب ذلك قول الزهري إن صاحبب القصة استشهد ببدر فإن مقتضاه أن تكون القصة وقعت قبل بدر وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين. لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله ابن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك. وسببه أنه جعل القصة لذى الشمالين وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خزاعي واسمه عمير بن عمرو بن نضلة. وأما ذو اليدين فتأخر بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمدّة لأنه حدّث بهذا الحديث بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما أخرجه الطبراني وغيره وهو سلمي واسمه الخرباق (وقد) وقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة فقام رجل من بني سليم فلما وقع عند الزهري بلفظ فقام ذو الشمالين وهو يعرف أنه قتل ببدر قال لأجل. ذلك إن القصة وقعت قبل بدر (وقد) جوّز بعض الأئمة أن تكون القصة وقعت لكلّ من ذى الشمالين وذى اليدين وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل أحدهما وهو قصة ذى الشمالين وشاهد الآخر وهو قصة ذى اليدين وهذا محتمل من طريق الجمع (وقيل يحمل) على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضًا ذو اليدين وبالعكس فإن ذلك سببًا للاشتباه (ويدفع) المجاز الذي ارتكبه الطحاوي ما رواه مسلم وأحمد وغيرهما من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة في هذا الحديث عن أبي هريرة
بلفظ بينما أنا أصلي مع رسول لله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذى اليدين ونصّ على ذلك الشافعي رحمه الله تعالى في اختلاف الحديث اهـ ببعض حذف
(وأما حديث) زيد بن أرقم فليس فيه بيان أنه قبل حديث أبي هريرة أو بعده فلا يصح الحكم بنسخة له. وعلى فرض أن حديثي ابن مسعود وزيد بن أرقم متأخران عن قصة ذى اليدين فيمكن الجمع بينها بأن النهي عن الكلام في حديثي ابن مسعود وزيد بن أرقم محمول على الكلام الذي ليس لمصلحة الصلاة والسلام في قصة ذى اليدين كان لمصلحة الصلاة فلا معارضة بينها
(قوله ثم سلم ثم كبر وسجد الخ) فيه دلالة على أن سجود بعد السلام (وإلى هذا) ذهبت الحنفية والثوري مطلقًا وبه قال جماعة من الصحابة منهم على وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وابن مسعود وعمران بن حصين وأنس والمغيرة بن شعبة وجمع من التابعين منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن والحسن البصري والنخعي وعمر بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن أبي ليلى والسائب ومن أهل البيت الهادي والقاسم وزيد بن علي والمؤيد بالله (واستدلوا) بحديث الباب. وبما رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي وأحمد عن عمران بن حصين وسيأتي للمصنف وفيه ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم (وذهب) جماعة إلى أن سجود السهو يكون قبل السلام مطلقًا منهم الزهري ومكحول وابن أبي ذئب والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي في الجديد. ونسبة الترمذي إلى أكثر فقهاء المدينة وأبي هريرة وقال به من الصحابة أبو سعيد الخدري وروى عن ابن عباس ومعاوية (واستدلوا) بما رواه البخاري عن عبد الله بن بحينة أنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قامو فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم (وبما رواه) أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرك صلى ثلاثًا أم أربعًا فليطرح الشك وليس على ما استقين ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته وإن كان صلى إتمامًا لأربع كانتا ترغما للشيطان. ويأتي للمصنف نحوه. وما ذكر هو مشهور مذهب الشافعية ولهم في المسألة قولان آخران (أحدهما) التخيير بين تقديم السجود على السلام وتأخيره عنه (والثاني) إن كان السهو لزيادة فبعد السلام وإن كان لنقص فقبله وهو قول المزني وأبي ثور والصادق والناصر من أهل البيت (أما السجود) بعد السلام للزيادة فلحديث الباب ونحوه. وأما السجود قبل السلام للنقص فلحديث عبد الله بن بحينة المتقدم (وبهذا قال) مالك وقال أيضًا إذا اجتمع نقص وزيادة وسجد قبل السلام (قال ابن عبد البرّ) وبما قاله مالك وأصحابه يصح استعمال الخبرين جميعًا واستعمال الأخبار على وجهها أولى من ادّعاء النسخ ومن جهة النظر الفرق بين الزيادة والنقصان بين في ذلك لأن السجود في النقصان
إصلاح وجبر ومحال أن يكون الإصلاح والجبر بعد الخروج من الصلاة. وأما السجود في الزيادة فإنما هو ترغيم للشيطان وذلك ينبغي أن يكون بعد الفراغ (قال ابن العربي) مالك أسعد قيلا وأهدى سبيلا اهـ
(وذهب أحمد) وسليمان بن داود من أصحاب الشافعي إلى أنه يستعمل كل حديث في سجود السهو على ما ورد فيه ومالم يرد فيه شيء سجد فيه قبل السلام
(وقال إسحاق) بن راهويه يستعمل كل حديث كما ورد وما لم يرد فيه شيء فما كان نقصًا سجد له قبل السلام وما كان زيادة سجد له بعده
(وحكى) ابن أبي شيبة عن علي عليه السلام أن الساهي يخير بين السجود قبل السلام وبعده سواه أكان لزيادة أم نقص وحكاه الرافعي قولًا للشافعى ورواه المهدي في البحر عن الطبري وقالوا إنه صح عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى السجود قبل السلام وبعده فكان الكل سنة (ومال إلى ذلك) صاحب سبل السلام حيث قال الأولى العمل على التوسيع في جواز الأمرين. والقول بالتخيير أقرب الطرق للجمع بين الأحاديث
(قال) الحافظ أبو بكر البيهقي روينا عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه سجد للسهو قبل السلام وأنه أمر بذلك. وروينا أنه سجد بعد السلام وأنه أمر بذلك وكلاهما صحيح ولهما شواهد يطول بذكرها الكلام ثم قال الأشبه بالصواب جواز الأمرين جميعًا. وهذا مذهب كثيرين من أصحابنا اهـ بتصرّف
(وذهب أهل الظاهر) إلى أن محل سجود السهو كله بعد السلام إلا في موضعين فإن الساهي مخير في السجود فيهما قبل السلام وبعده "أحدهما" من قام من ركعتين ولم يجلس ولم يتشهد "ثانيهما" أن لا يدري كم صلى أثلاثا أم أربعًا فيبني على الأقل
(وقال في النيل) وأحسن ما يقال في المقام إنه يعمل على ما يقتضيه أقواله وأفعاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص لما أخرجه مسلم في في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. وجميع أسباب السجود لا تكون إلا زيادة أو نقصًا أو مجموعهما وهذا ينبغي أن يعدّ مذهبًا لأن مذهب داود وإن كان فيه أنه يعمل بمقتضى النصوص الواردة كما حكاه النووي فقد جزم بأن الخارج عنها يكون قبل السلام. وإسحاق بن راهويه وإن قال إنها تستعمل الأحاديث كما وردت فقد جزم أنه يسجد لما خرج عنها إن كان زيادة بعد السلام وإن كان نقصًا فقبله كما سبق. والقائلون بالتخيير لم يستعملوا النصوص كما وردت ولا شك أنه أفضل اهـ
(وهذا الخلاف) كله في بيان الأفضل (قال) القاضي عياض وجماعة من أصحاب الشافعي لا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام أو بعده للزيادة أوللنقص يجزئه ولا تفسد صلاته وإنما اختلافهم في الأفضل ولا عبرة بما قاله الهادوية من فساد صلاة من سجد قبل السلام مطلقًا لأنه مخالف للإجماع ولما صرّحت به الأحاديث
(قوله ثم رفع وكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده الخ) هكذا في
أكثر النسخ أي ثم رفع رأسه من سجدة السهو الأولى مكبرًا ثم كبر للسجود الثاني وسجد كسجوده الأول في الصلاة أو أطول منه. وفي بعض النسخ ثم رفع وكبر وسجد بإسقاط لفظ ثم كبر وهو هكذا فيما أخرجه البيهقي من طريق المصنف وفيه وصلى الركعتين الباقيتين ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع وكبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع وكبر ويؤيدهما أيضًا ما أخرجه الطحاوي من طريق أسد عن حماد بن زيد بهذا السند فقال في فصلى بنا الركعتين الباقيتين ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر وسجد مثل سجوده أو أطول. والنسخة الأولى واضحة والثانية على تقدير ثم كبر
(قوله قال فقيل لمحمد الخ) أي قال أيوب السختياني قيل لمحمد بن سيرين أسلم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد سجدتي السهو فهو على تقدير الاستفهام فقال لم أحفظه عن أبي هريرة لكن أخبرت أن عمران بن حصين قال في حديثه ثم سلم. وحديث عمران بن حصين أخرجه البخاري ومسلم بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى العصر فسلم من ثلاث ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول فقال يا رسول الله فذكر له صنعه فقال أصدق هذا قالوا نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم ويأتي للمصنف نحوه
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز السهو في الأفعال على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وتقدم بيانه، وعلى أن السلام قبل تمام الصلاة سهوًا والكلام لمصلحتها لا يبطلها وتقدم بيانه أيضًا، وعلى أنه لو ادعى واحدث شيئًا بحضرة جمع لا يخفى عليهم ما ادعاه سئلوا عما ادعاه ولا يعمل بقول الواحد من غير تثبت من الجماعة، وعلى أن الأفعال التي ليست من جنس الصلاة إذا وقعت فيها سهوًا لا تبطلها وعلى جواز البناء على ما صلى إذا سلم من الصلاة سهوًا قبل تمامها لا فرق بين من سلم من ركعتين أو أكثر أو أقل عند الجهور (وقال سحنون) إنما يبني من سلم من ركعتين كما في قصة ذى اليدين لأن ذلك وقع على غير القياس فيقتصر به على مورد النص والذين قالوا بجواز البناء مطلقًا قيدوه بما إذا لم يطل الفصل (واختلفوا) في قدر الطول فحدّه الشافعي في الأمّ بالعرف. وفي البويطي بقدر ركعة (وعن) ابن أبي هريرة بقدر الصلاة التي يقع السهو فيها (ومن العلماء) من اعتبره على ما زاد على مقدار فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث (وقال) بعض المتقدمين يجوز البناء وإن طال الزمن ما لم ينتقض وضوؤه ذكر هذا ابن دقيق العيد. ودلّ الحديث أيضًا على مشروعية سجود السهو وتقدم الخلاف في محله، وعلى أنه سجدتان كسجود الصلاة وعلى أنه يكبر في الخفض للسجود والرفع منه. وسيأتي الكلام على التشهد فيه والسلام منه. ودلّ الحديث على أن سجود السهو يكون آخر الصلاة لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسم لم يفعله إلا كذلك. وتأخيره احتمال وجود سهو آخر فيكون جابرًا للكل لأن
سجود السهو لا يتعدد بتعدد أسبابه كما يأتي بيانه
(والحديث) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه ومالك في الموطأ والدارقطني وابن حبان
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ -وَحَدِيثُ حَمَّادٍ أَتَمُّ- قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَقُلْ بِنَا. وَلَمْ يَقُلْ فَأَوْمَئُوا. قَالَ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. قَالَ ثُمَّ رَفَعَ -وَلَمْ يَقُلْ وَكَبَّرَ- ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَتَمَّ حَدِيثُهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَأَوْمَئُوا. إِلَاّ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.
(ش)(قوله بإسناده الخ) أي لإسناد محمَّد بن سيرين السابق يعني عن أبي هريرة لكن حديث حماد بن زيد السابق أتمّ من حديث مالك بن أنس هذا
(قوله لم يقل بنا الخ) أي لم يقل مالك بن أنس في روايته صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعتين كما قال حماد في روايته بل قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعتين وكذلك لم يقل مالك فأومأوا كما قال حماد بل قال فقال الناس نعم
(قوله ثم رفع ولم يقل وكبر الخ) يعني لم يذكر مالك في روايته التكبير عند الرفع من السجدتين كما ذكره حماد في روايته
(وحديث) مالك هذا رواه مطولًا في الموطأ عن أيوب عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فصلى ركعتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع
(قوله ولم يذكر ما بعده) أي ما بعد ثم رفع كما ذكره حماد وهو قوله فقيل لمحمد الخ
(قوله ولم يذكر فأومأوا إلا حماد بن زيد) أي لم يذكر أحد في روايته ممن روى عن أيوب قوله فأومأوا إلا حماد بن زيد بل كلهم أجابوا باللفظ فقال بعضهم نعم وقال بعضهم صدق كما تقدم.
وفي بعض النسخ زيادة " قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَقُلْ فَكَبَّرَ. وَلَا ذَكَرَ رَجَعَ." أي أن كل من روى هذا الحديث عن ابن سيرين لم يقل في روايته وكبر بعد قوله ثم رفع ولم يذكروا أيضًا قوله فرجع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى مقامه فقد انفرد حماد بهاتين الجملتين. أما انفراده بقوله رجع فسلم لأنا لم نجد أحدًا رواه عن أيوب بهذه الزيادة إلا حماد بن زيد. وأما انفراده بقوله فكبر فغير مسلم فقد أخرج مسلم الحديث من طريق
سفيان بن عيينة عن أيوب وفيه فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع "الحديث" وأخرج نحوه النسائي من طريق ابن عون عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة وكذلك روى نحوه البخاري من طريق حفص بن عمر عن ابن سيرين عن أبي هريرة
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا بِشْرٌ -يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ- نَا سَلَمَةُ -يَعْنِي ابْنَ عَلْقَمَةَ- عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِمَعْنَى حَمَّادٍ كُلِّهِ إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ثُمَّ سَلَّمَ. قَالَ قُلْتُ فَالتَّشَهُّدُ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِي التَّشَهُّدِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَلَمْ يَذْكُرْ كَانَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ. وَلَا ذَكَرَ فَأَوْمَئُوا. وَلَا ذَكَرَ الْغَضَبَ وَحَدِيثُ حَمَّادٍ أَتَمُّ.
(ش) غرض المصنف بسياق هذه الرواية بيان أن سلمه بن علقمة روى حديث محمَّد بن سيرين بمعنى حديث حماد بن زيد
(رجال الحديث)(سلمة بن علقمة) التميمي أبو بشر البصري. روى عن محمَّد ابن سيرين ونافع مولى ابن عمر وعبيد الله بن حميد وجماعة. وعنه يزيد بن زريع وابن علية وابن أبي عدي وحماد بن زيد وبشر بن المفضل. وثقه أحمد وابن معين وابن سعد والعجلي وقال ابن حبان كان حافظًا متقنًا وقال أبو حاتم صالح الحديث ثقة وقال ابن المديني ثبت. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله بمعنى حماد كله الخ) أي حدّث سلمة عن ابن سيرين بمعنى حديث حماد. لكن زاد سلمة في روايته السؤال عن التشهد ولم يذكر تسمية ذى اليدين ولا قوله فأومأوا ولا قوله يعرف في وجهه الغضب. وقوله فالتشهد مبتدأ خبره محذوف وهو على تقدير الاستفهام أي فهل التشهد مذكور في الحديث. وفي رواية البخاري عن سلمة بن علقمة قال قلت لمحمد يعني ابن سيرين في سجدتي السهو تشهد قال ليس في حديث أبي هريرة
(ص) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ وَيَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ وَابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ كَبَّرَ وَسَجَدَ. وَقَالَ هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ وَحُمَيْدٌ وَيُونُسُ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ أَنَّهُ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ لَمْ يَذْكُرَا عَنْهُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ.
(ش) غرض المصنف بسياق هذا بيان أن الرواة اختلفوا في إثبات التكبير الأول لسجود السهو قبل تكبيرة السجدة الأولى (وحاصله) أن حمادًا روى هذا الحديث عن أيوب ويحيى وابن عون وكذا رواه حبيب بن الشهيد وحميد ويونس وعاصم الأحول كلهم عن محمَّد بن سيرين ولم يذكر أحد منهم تكبيرة الإحرام لسجود السهو. واختلفت الرواة عن هشام بن حسان فرواه أبو بكر بن عياش وحماد بن زيد عن محمَّد بن سيرين بدون ذكر تكبيرة الإحرام كرواية هؤلاء عنه. ورواه حماد بن زيد عن هشام عن محمَّد بن سيرين بتكبير إحرام للسجود. وبه قال مالك في إحدى روايتيه لأنه كصلاة مستقلة فيفتقر إلى إحرام جديد "والثانية" لا إحرام له كسجود التلاوة
(واستدلّ) للرواية الأولى برواية حماد بن زيد هذه. لكنها رواية شاذة لا يصح الاحتجاج بها كما قال المصنف ولم يقل أحد فكبر ثم كبر إلاحماد بن زيد وقال البيهقي في سننه بعد ما أخرج حديث المصنف تفرّد به حماد بن زيد عن هشام وسائر الروايات عن ابن سيرين ثم سائر الروايات عن هشام بن حسان لم يحفظ التكبيرة الأولى وحفظها حماد بن زيد اهـ
(وقال) الحافظ في الفتح اختلف في سجود السهو بعد السلام هل يشترط له تكبيرة إحرام أو يكتفى بتكبير السجود (فالجمهور) على الاكتفاء وهو ظاهر غالب الأحاديث (وحكى) القرطبي أن قول مالك لم يختلف في وجوب السلام بعد سجدتي السهو قال وما يتحلل منه بسلام لا بدّ له من تكبيرة إحرام ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن ابن سيرين في هذا الحديث قال فكبر ثم كبر وسجد للسهو قال أبو داود لم يقل أحد فكبر ثم كبر إلا حماد بن زيد فأشار إلى شذوذ هذه الزيادة. و (أبو بكر بن عياش) بن سالم الأسدي الكوفي الخياط مولى واصل الأحدب قيل اسمه محمَّد وقيل سالم وقيل اسمه كنيته وهو الصحيح كما قاله الحافظ. روى عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وعبد العزيز بن رفيع وحميد الطويل وأبي إسحاق الشيباني وجماعة. وعنه أبو داود الطيالسي والثوري وابن المبارك وابن مهدي وأحمد وأبو نعيم وكثيرون قال العجلي كان ثقة قديمًا صاحب سنة وعبادة وكان يخطئُ بعض الخطأ وقال ابن سعد كان ثقة
صدوقًا عارفًا بالحديث والعلم إلا أنه كثير الغلط وقال يعقوب بن شيبة شيخ قديم معروف بالصلاح البارع وكان له فقه كثير وعلم بأخبار الناس ورواية للحديث يعرف له سنة وفضل وفي حديثه اضطراب وقال أبو نعيم لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطًا منه وقال البزّار لم يكن بالحافظ وتكلم فيه غير واحد من جهة حفظه. مات سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين. روى له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ.
(ش) ساق المصنف هذه الرواية لما فيها من قول أبي هريرة لم يسجد صلى الله عليه وعلى آله وسلم سجدتي السهو حتى يقنه الله تعالى أنه سلم من ركعتين إما بوحى أو بتذكيره إياه لما سأل القوم عما قاله ذو اليدين فصدقه القوم. وعلم أبوهريرة ذلك إما من قرائن الأحوال أو بإخباره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(ص) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ نَا يَعْقُوبُ -يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ- نَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ وَلَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُسْجَدَانِ إِذَا شَكَّ حَتَّى لَقَّاهُ النَّاسُ.
(ش)(رجال الحديث)
(قوله حدثنا أبي) هو إبراهيم بن سعد تقدم في الجزء الأول صفحة 176. و (صالح) بن كيسان في الثالث صفحة 153. و (ابن شهاب) محمَّد بن مسلم الزهري في الأول صفحة 48. و (أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمه) اسمه عبد الله بن حذيفة وقيل عدي ابن كعب بن حذيفة بن تمام بن غانم بن عبد الله العدوي المدني. روى عن أبيه وجدته وحكيم ابن حزام وأبي هريرة. وعنه خالد بن إياس والزهري وأبو بكر بن أبي الجهم وابن المنكدر وصالح بن كيسان. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب ثقة من الرابعة
(معنى الحديث)
(قوله قال ولم يسجد السجدتين الخ) أي قال أبو بكر بن سليمان ولم يسجد النبي صلى
لله عليه وآله وسلم سجدتي قبل السلام ولا بعده كما صرّح به في رواية النسائي عن الزهري وفيها قال أبوهريرة لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يومئذ قبل السلام ولا بعده
(قوله حتى لقاه الناس) أي ذكروه بأنه سلم من اثنتين. وفي بعض النسخ حين لقنه الناس (وقد) أخرج البيهقي رواية صالح بن كيسان عن ابن شهاب أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة أخبره أنه بلغه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى ركعتين ثم سلم ثم قام فقال ذو الشمالين بن عبد يا رسول الله قصرت الصلاة أم نسيت فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم تقصر الصلاة ولم أنس فقال ذو الشمالين قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على القوم فقال أصدق ذو الشمالين فقالوا نعم فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأتمّ ما بقي من الصلاة ولم يسجد السجدتين اللتين تسجدان إذا شك الرجل في صلاته حين لقاه الناس اهـ
"وقوله ذو الشمالين بن عبد" لعله ذو الشمالين بن عمرو كما تقدم في رواية مسلم
(ص) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْخَبَرِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
(ش) غرض المصنف بهذه التعاليق تقوية رواية صالح بن كيسان في أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يسجد سجدتي السهو حتى ذكره الناس. ولم نقف على من أخرج رواية سعيد ابن المسيب وأبي بكر بن الحارث وعبيد الله بن عبد الله. وأما رواية أبي سلمة فقد رواها النسائي من طريق محمَّد بن رافع قال نا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الظهر أو العصر فسلم في ركعتين وانصرف فقال له ذو الشمالين بن عمرو أنقصت الصلاة أم نسيت قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما يقول ذو اليدين فقالوا صدق يا نبي الله فأتمّ بهم الركعتين اللتين نقص
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ.
(ش) رواية يحيى بن أبي كثير أخرجها البيهقي من طريق شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
"الحديث" وفي آخره فصلى بهم ركعتين أخريين وأخرجه مسلم في صحيحه بهذا السند فاختصره وقال بعد ذكر بعض الرواية واقتص الحديث. ورواية عمران بن أبي أنس أخرجها الطحاوي والنسائي عنه بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى يوما فسلم في ركعتين ثم انصرف فأدركه ذو الشمالين فقال يا رسول الله أنقصت الصلاة أم نسيت فقال لم تنقص ولم أنس فقال بلى والذي بعثك بالحق فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أصدق ذو اليدين فقالوا نعم يا رسول الله فصلى للناس ركعتين
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِيهِ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَي السَّهْوِ.
(ش) فيه أيضًا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يسجد سجدتي السهو في قصة ذى اليدين (والحاصل) أن روايات الزهري مضطربة فبعضها فيها أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد للسهو وبعضها مسكوت فيها عن السجود وبعضها صريح في أنه لم يسجد وما كان كذلك لاتقوم به حجة (قال ابن عبد البرّ) قد اضطرب الزهري في حديث ذى اليدين اضطرابًا أوجب عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة ولا أعلم أحدًا من أهل العلم بالحديث عوّل على حديث الزهري في قصة ذى اليدين وكلهم تركوه لاضطرابه وأنه لم يقم له إسنادًا ولا متنًا وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن فالغلط لا يسلم منه بشر والكمال لله تعالى وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلى النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم فقول الزهري إن ذا اليدين قتل يوم بدر متروك لتحقق غلطه فيه اهـ
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ نَا أَبِي نَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الظُّهْرَ فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقِيلَ لَهُ نَقَصَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
(ش)(قوله سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة) هكذا رواية الطحاوي. وفي رواية للنسائي سمع أبا سلمة يحدث عن أبا هريرة
(قوله فقيل له نقصت الصلاة) هو على تقدير الاستفهام كما يدل عليه سائر الأحاديث وكما في رواية الطحاوي أقصرت. وأخرج النسائي هذه الرواية بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى صلاة الظهر ركعتين ثم سلموا فقالوا
قصرت الصلاة فقام فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين. وأخرجه الطحاوي بلفظ قال أبوهريرة سلم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ركعتين فقيل له يا رسول الله أقصرت الصلاة فقال وماذاك فأخبر بما صنع فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين وهو جالس
(ص) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَسَدٍ أَنَا شَبَابَةُ نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- انْصَرَفَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ نَسِيتَ قَالَ "كُلَّ ذَلِكَ لَمْ أَفْعَلْ". فَقَالَ النَّاسُ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.
(ش)(رجال الحديث)(إسماعيل بن أسد) بن شاهين البغدادي أبو إسحاق. روى عن شجاع بن الوليد وروح بن عبادة وحجاج الأعور ويزيد بن هارون وجماعة. وعنه أبو داود وابن ماجه والبزّار وابن أبي حاتم وآخرون. قال ابن أبي حاتم ثقة صدوق وقال الدارقطني ثقة صدوق ورع فاضل وقال البزّار ثقة مأمون وقال ابن مخلد من خيار المسلمين. توفي سنة ثمان وخمسين وثلثمائة. و (شبابة) بن سوّار تقدم في الجزء الرابع صفحة 219. و (ابن أبي ذئب) هو محمَّد بن عبد الرحمن تقدم في الجزء الثاني صفحة 83
(معنى الحديث)
(قوله كل ذلك لم أفعل) يعني لم أنس ولم تقصر. وكل بالنصب مفعول لأفعل مقدم عليه ويجوز رفعه على الابتداء وخبره جملة أفعل
(قوله قد فعلت ذلك) يعني أديت الصلاة ناقصة
(قوله ولم يسجد سجدتي السهو) هو مخالف أيضًا للروايات الكثيرة عن أبي هريرة الدالة على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد بعد السلام. وهو ضعيف لأن في سنده شبابة ابن سوّار وقد رمي بالإرجاء
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
(ش) هذا تعليق وصله مسلم والنسائي قال أخبرنا قتيبة عن مالك عن داود بن الحصين
عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه قال سمعت أبا هريرة يقول صلي لنا رسول الله صلي الله تعالي عليه ولي آله وسلم صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم كل ذلك لم يكن فقال قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي الناس فقال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم فأتم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو وجالس بعد التسليم. هذا
و(داود بن الحصين) الأموي مولهما أبوسليمان المدني. روي عن أبيه وعكرمة ونافع وأبي سفيان وجماعة. وعنه مالك وابن إسحاق وإبراهيم بن أبي حبيب وإبراهيم ابن أبي يحيى. وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وقال أبو حاتم ليس بالقوي ولولا أن مالكًا روى عنه لترك حديثه. وقال أبو داود أحاديثه عن شيوخه مستقيمة وأحاديث عن عكرمة مناكير وقال الساجي منكر الحديث يتهم برأي الخوارج. مات سنة خمس وثلاثين ومائة روي له الجماعة
(قوله عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد) هكذا في بعض النسخ وفي بعضها مولى أبي أحمد. والصواب النسخة الأولي لموافقتها رواية الموطأ والبخاوي والنسائي. وقيل كان مولى لبني عبد الأشهل وانقطع إلي ابن أبي أحمد قيل اسمه وهب وقيل قزمان بضم القاف وسكون الزاي وقال ابن عبد البر لا يصح له اسم غير كنيته. روي عن أبي هريرة وأبي سعيد وعبد الله ابن حنظلة ومروان بن الحكم وعبد الله بن زيد وغيرها. وعنه ابنه عبد الله وداود بن الحصين وخالد بن رباح. وثقه الدارقطني وقال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث وقال في التقريب ثقة من الثالثة. روي له الجماعة
(ص) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ نَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْهِفَّانِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ.
(ش)(الهفاني) بكسر الهاء وتشديد الفاء نسبة إلي هفان بطن من حنيفة. وحديث ضمضم أخرجه النسائي كما ذكره المنذري
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ نَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ.
(ش)(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة تقدم في الجزء الأول صفحة 152. وكذا (عبيد الله) ابن عمر العمري صفحة 271
(قوله فذكر نحو حديث ابن سيرين) ولفظه كما في ابن ماجه عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم سها فسلم في الركعتين فقال له رجل يقال له ذو اليدين يا رسول الله أقصرت الصلاة أو نسيت فقال ما قصرت وما نسيت قال إذًا فصليت ركعتين قال أكما يقول ذو اليدين قالوا نعم فتقدم فصلي ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ح وَنَا مُسَدَّدٌ نَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ نَا أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- في ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ ثُمَّ دَخَلَ -قَالَ عَنْ مَسْلَمَةَ- الْحُجَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ كَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ فَقَالَ لَهُ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللهِ فَخَرَجَ مُغْضَبًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ "أَصَدَقَ". قَالُوا نَعَمْ. فَصَلَّي تِلْكَ الرَّكْعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْهَا ثُمَّ سَلَّمَ.
(ش)(رجال الحديث)(أبو المهلب) هو عمرو بن معاوية وقيل عبد الرحمن بن معاوية روي عن عمر وعثمان وأبيّ بن كعب وأبي مسعود الأنصاري وأبي موسي الأشعري وغيرهم من الصحابة. وعنه أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي وسعيد الجريري ومحمد بن سيرين وعوف الأعرابي. قال العجلي تابعي ثقة وقال ابن سعد كان من الطبقة الأولى من أهل البصرة وكان ثقة قليل الحديث. روي له مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله سلم رسول الله صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم في ثلاث ركعات من العصر) وفي رواية البيهقي من طريق هشيم قال أنبأنا خالد عن أبي قلابة ثنا أبو المهلب عن عمران ابن حصين أن رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم صلي الظهر أو العصر ثلاث ركعات "الحديث" فروي بالشك بين الظهر والعصر وقال في آخره هذا هو الصحيح بهذا اللفظ
(قوله ثم دخل قال عن مسلمة الحجر) أي قال مسدد في روايته عن مسلمة سلم رسول الله صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم دخل الحجر فزاد في روايته عن مسلمة لفظ الحجر ولم يذكره عن يزيد
(قوله فخرج مغضبًا يجرّ رداءه) لأنه لم يتمهل حتى يلبس رداءه
(قوله ثم سجد سجدتيها ثم سلم) المراد سجدتي السهو الذي حصل في الصلاة. وفي بعض