الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينصرف بالشك اهـ
(قوله ولا تسليم) بالنفى وهو بمعنى النهى. وتسليم يروي بالنصب والجرّ فعلى الجرّ يكون معطوفًا على صلاة ويكون المعنى لا نقص في صلاة ولا في تسليم والنقص في السلام أن يقول في الردّ وعليك دون أن يقول وعليك السلام (وقال) الخطابي الغرار في السلام أن تقول لمن قال السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم أو عليكم فقط ولا تردّ التحية كما سمعتها من صاحبك فتبخسه حقه اهـ وعلى أنه منصوب يكون معطوفًا على غرار فيكون المعنى لا نقص في الصلاة ولا تسليم فيها أي لا يسلم المصلى على غيره ولا يسلم الغير عليه كما ذكره المصنف عن أحمد وهذا هو المناسب للترجمة
(قوله ويغرّر الرجل بصلاته الخ) تصير الإِمام أحمد للغرار في الصلاة
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ -أُرَاهُ رَفَعَهُ- قَالَ "لَا غِرَارَ في تَسْلِيمٍ وَلَا صَلَاةٍ".
(ش)(قوله قال أراه رفعه) أي قال معاوية في روايته أظن أن أبا هريرة رفع الحديث إلى الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ عَلَى لَفْظِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ.
(ش) أي روى هذا الحدث محمَّد بن فضيل بلفظ عبد الرحمن بن مهدي موقوفُ اعلى أبى هريرة أي لا غرار في صلاة ولا تسليم لا على لفظ معاوية بن هشام فوافق ابن فضيل عبد الرحمن بن مهدي في اللفظ وخالفه في الرفع وخالف معاوية في لفظ الحديث وفي الشك في رفعه
(وحاصله) أن هذا الحديث رواه عن سفيان الثوري ثلاثة "أولهم" عبد الرحمن بن مهدي فرفعه إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلا شك "وثانيهم" معاوية بن هشام رواه عن سفيان مرفوعًا على الظن "وثالثهم" محمَّد بن فضيل رواه عن سفيان موقوفُ اعلى أبى هريرة
(باب في تشميت العاطس في الصلاة)
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى ح وَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -الْمَعْنَى- عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله تعالى عليه
وعلى آله وسلم فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ الله فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يُصَمِّتُونِي -فَقَالَ عُثْمَانُ- فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونِي لَكِنِّى سَكَتُّ قَالَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم-بِأَبِي وَأُمِّي- مَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي ثُمَّ قَالَ "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَحِلُّ فِيهَا شَىْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ". أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا قَوْمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَنَا الله بِالإِسْلَامِ وَمِنَّا رِجَالٌ يَأْتُونَ الْكُهَّانَ. قَالَ "فَلَا تَأْتِهِمْ". قَالَ قُلْتُ وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ "ذَاكَ شَىْءٌ يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدُّهُمْ". قُلْتُ وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ. قَالَ "كَانَ نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ". قَالَ قُلْتُ جَارِيَةٌ لِي كَانَتْ تَرْعَى غُنَيْمَاتٍ قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ إِذِ اطَّلَعْتُ عَلَيْهَا إِطْلَاعَةً فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْهَا وَأَنَا مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّى صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَعَظَّمَ ذَاكَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ "ائْتِنِي بِهَا". قَالَ فَجِئْتُهُ بِهَا فَقَالَ "أَيْنَ الله". قَالَتْ في السَّمَاءِ. قَالَ "مَنْ أَنَا". قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ".
(ش)(رجال الحديث)(يحيى) بن سعيد القطان. و (حجاج) بن أبي عثمان أبى الصلت الصواف تقدم في الجزء الرابع صفحة 224. و (هلال بن أبي ميمونة) هو هلال بن علي بن أسامة العامري مولاهم المدني. روى عن أنس وأبى سلمة وعطاء بن يسار. وعنه يحيى ابن أبي كثير وزياد بن سعد وفليح وعبد العزيز بن الماجشون. وثقه الدارقطني ومسلمة بن قاسم وقال في التقريب ثقة من الخامسة وقال أبو حاتم شيخ يكتب حديثه وقال النسائي
لا بأس به روى له الجماعة. و (معاوية بن الحكم السلمي) روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه ابن كثير وعطاء بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن. كان ينزل المدينة ويسكن في بني سليم. روى له مسلم وأبو داود والنسائي
(معنى الحديث)
(قوله فعطس) بفتح الطاء المهملة من بابي ضرب ونصر والعطاس معروف
(قوله فقلت يرحمك الله) شمته لأنه سمعه يحمد الله تعالى كما تفيده الرواية الآتية
(قوله فرماني القوم بأبصارهم) وفي رواية مسلم فحدقني القوم بأبصارهم من التحديق وهو شدة النظر أي نظروا إليّ نظرة منكر كيلا أتكلم في الصلاة. وفي الكلام استعارة بالكناية حيث شبه الأبصار بالسهام ثم حذف السهام وأشار إليها بالرمى
(قوله واثكل أمياه) بضم الثاء المثلثة وسكون الكاف وبفتحهما لغتان وهو فقدان المرأة ولدها يقال ثكلته أمه بكسر الكاف من باب تعب فقدته والواو فيه للندبة وأمياه بكسر الميم مضافا إلى ياء المتكلم المفتوحة والألف للندبة والهاء للسكت فكأنه قال وافقد ولدها يعني نفسه. وقال ذلك لما علم أنه خالف بكلامه في الصلاة
(قوله ما شأنكم تنظرون إليّ) أي ما خالكم تنظرون إليّ نظر غضب وإنكار. وفي رواية النسائي ما لكم تنظرون إليّ
(قوله فجعلوا يضربون بأيدههم على أفخادهم) وفي رواية النسائي فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم. وفعلوا ذلك لزيادة الإنكار ليسكتوه. وهو محمول على أن ذلك كان قبل مشروعية التسبيح لمن نابه شيء في الصلاة
(قوله فعرفت أنهم يصمتوني الخ) بتشديد الميم أي يسكتوني وهذا لفظ مسدد. ولفظ عثمان فلما رأيتهم يسكتوني وهي رواية النسائي
(قوله لكني سكتُ) استدراك على محذوف جواب لما أي لما رأيتهم يسكتوني غضبت لكني سكتّ ولم أسأل عن السبب امتثالًا لما أشاروا إليه لأنهم أعلم مني
(قوله بأبي وأمي) أي هو مفدي بأبي وأمي وفي رواية مسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه. وأتى به تعظيمًا له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله ما ضربني الخ) مرتب عل جواب الشرط المحذوف أي لما صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دعاني فعلمني برفق وما ضربني الخ وقوله بأبي وأمي معترض بين الشرط وجوابه. وقوله ولا كهرني ولا سبني أي ما انتهرني ولا أغلظ عليّ القول ولا استقبلني صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بوجه عبوس يقال كهر الرجل إذا انتهره
(قوله إن هذه الصلاة لا يحلّ فيها شيء من كلام الناس) صريح في تحريم الكلام في الصلاة وأضاف الكلام إلى الناس ليخرج التسبيح والذكر فإنه لا يراد بهما خطاب الناس وإفهامهم
(ويؤخذ منه) منع تشميت العاطس في الصلاة وأنه من كلام الناس الذي يحرم في الصلاة وتفسد به إذا أتى به عامدًا عالمًا. ولعلّ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يأمر معاوية بالإعادة لجهله بتحريم الكلام في الصلاة
(وإلى أن) تشميت العاطس مبطل للصلاة ذهبت الحنفية والشافعية
والحنابلة قالوا لأنه خطاب للغير
(وقالت الحنفية) لو قال العاطس لنفسه يرحمك الله لا تفسد صلاته لأنه دعاء لنفسه
(وقال) النووي إذا قال يرحمه أو رحمه الله لم تفسد صلاته باتفاق الأصحاب لأنه ليس بخطاب اهـ
(وعن أبي يوسف) لا تبطل الصلاة بالتشميت لأنه دعاء بالمغفرة والرحمة وبه قالت المالكية إلا أنهم قالوا يكره. والحديث حجة عليهم
(قوله إنما هو التسبيح الخ) أي ما يحل في الصلاة إنما هو التسبيح والتهليل وقراءة القرآن وأشباهها من الأذكار والدعاء
(قوله أو كما قال) من كلام معاوية بن الحكم ويؤتى بها تحرّيًا للصدق لاحتمال أن يكون الراوي أو بعض مشايخه قد التبس عليه بعض الألفاظ
(قوله إنا قوم حديثو عهد بجاهلية) وفي رواية مسلم إني حديث عهد بجاهلية أي قريب عهد بالجاهلية والمراد أنه أسلم جديدًا ولم يعرف أحكام الدين. وهو اعتذار منه على ما وقع له من الخطأ. والجاهلية ما قبل ورود الشرع سموا بذلك لكثرة جهالاتهم وفحشهم
(قوله ومنا رجال يأتون الكهان). جمع كاهن وهو من يدّعي معرفة الأخبار عن الأشياء في المستقبل ويدّعى معرفة السرائر بخلاف العرّاف فإنه يدّعي معرفة المسروق ومكان الضالة ونحوهما
(قوله فلا تأتهم) نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن إتيان الكهنة لأنهم يلبسون على الناس كثيرًا من الشرع ولأنهم قد يتكلمون بمغيبات قد يصادف بعضها الصواب فيخاف الفتنة على من رأى ذلك
(قال النووي) قد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهى عن إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون وتحريم ما يعطون من الحلوان وهو حرام بإجماع المسلمين وقد نقل الإجماع في تحريمه جماعة منهم أبو محمد البغوي وقال اتفق أهل العلم على تحريم حلوان الكاهن وهو ما أخذه المتكهن على كهانته لأن فعل الكهانة باطل لا يجوز أخد الأجرة عليه اهـ
(وقال). الخطابي حلوان الكاهن ما يأخذه المتكهن على كهانته وهو محرّم وفعله باطل وقال في حديث من أتى عرّافا أو كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رواه الإِمام أحمد بسند صحيح. وكان في العرب كهنة يدّعون أنهم يعرفون كثيرًا من الأمور فمنهم من يزعم أن له رئيا من الجن يلقى إليه إلأخبار ومنهم من يدّعى استدراك ذلك بفهم أعطيه ومنهم يسمى عرّافًا وهو الذي يزعم معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدلّ بها كمعرفة من سرق الشيء الفلاني ومعرفة من تتهم به المرأة ونحو ذلك
(والحديث) يشتمل على النهى عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم فيما يدّعونه اهـ
(قوله ومنا رجال يتطيرون) أي يتشاءمون (قال) في النهاية الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن التشاؤم بالشئ وأصل التطير التفاؤل بالطير واستعمل لكل ما يتفاءل به ويتشاءم وكانت العرب تتطير بالطيور والظباء فيستبشرون بالسوانح وهي أن يمرّ الطير والصيد من اليسار إلى اليمين ويتشاءمون بالبوارح وهي مرور الطير والصيد من اليمين إلى اليسار وكان ذلك يصدّهم
عن مقاصدهم ويمنعهم من السير إلى مطالبهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضرر اهـ بتصرّف
(قوله ذاك شيء يجدونه الخ) وفي نسخة ذلك شيء يعني وهم يقع في نفوسهم فلا يمنعهم من أعمالهم لأنه ليس له تأثير إنما هو شيء يسوّله الشيطان ويزينه لهم فيعملون عليه في ليوقعهم في اعتقاد أن هناك موثرا غير الله تعالى وهو كفر صريح بإجماع الأئمة فلذا نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن العمل على مقتضاه
(وقال) النووي معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة ولا عتب عليكم في ذلك فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به ولكن لا تمتنعوا بسببه التصرّف في أموركم فهذا هو الذي تقدرون عليه وهو مكتسب لكم فيقع به التكليف فنهاهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن العمل بالطيرة والامتناع من تصرّفاتهم بسببها
(وقد تظاهرت) الأدلة الصحيحة على النهى عن التطير والطيرة وهي محموله على العمل بها لا على ما يوجد في النفس من غير عمل على مقتضاه عندهم اهـ
(قوله ومنا رجال يخطون) يعني في الرمل (قال) ابن عباس الخط هو الذي يخطه الحازى وهو علم قد تركه الناس يأتي صاحب الحاجة إلى الحازى فيعطيه حلوانًا فيقول له اقعد حتى أخط لك وبين يدي الحازى غلام له معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط فيها خطوطًا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين وغلامه يقول للتفاؤل ابنى عيان أسرعا البيان فإن بقي خطان فهو علامة النجاح وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة اهـ
(وقال) الحربي الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهنّ بشعير أو نوى ويقول كذا وكذا وهو ضرب من الكهانة
(وقال) صاحب النهاية الخط المشار إليه علم معروف وللناس فيه تصانيف كثيرة وهو معمول به إلى الآن ولهم فيه أوصاف واصطلاح وأسام وعمل كثير يستخرجون به الضمير وغيره وكثيرا ما يصيبون فيه اهـ
(قوله كان نبىّ من الأنبياء يخط الخ) قيل المراد به إدريس وقيل دانيال. وقوله فمن وافق خطه أي من وافق من الناس خطه خط ذلك النبىّ فخط بالرفع فاعل والمفعول محذوف (ويحتمل) أن يكون خط بالنصب على المفعولية ويكون فاعل وافق ضميرا عائدا على من
(قوله فذاك) أي فهو مصيب وعالم بمثل ذلك النبي ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقينى بالموافقة
(وامتنعت) الموافقة لأن خطه كان معجزة ولأنه كان يعرف بالفراسة بواسطة تك الخطوط فلا يلحق به أحد من غير الأنبياء في صفة ذلك الخط لقوة فراسته وكمال علمه وورعه
(وقال) النووي المقصود أنه حرام لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة وليس لنا يقين بها وإنما قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فمن وافق خطه فذاك ولم لقل هو حرام من غير تعليق على الموافقة لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهى يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط فحافظ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
على حرمة ذلك النبي مع بيان الحكم في حقنا فالمعنى أن ذلك النبي لا مانع في حقه وكذا لوعلمت موافقته ولكن لا علم لكم بها اهـ وما ذكره من التوهم غير مسلم إذ لو صرّح بالحرمة من غير تعليق ما جاء هذا التوهم لأن كثيرًا من الأمور كانت مباحة في شريعة من قبلنا وهي حرام في شرعنا وغايته أن يكون منسوخًا في شرعنا
(وقال) الخطابي قوله فمن وافق خطه فذاك يشبه أن يكون أراد به الزجر وترك التعاطى له إذ كانوا لا يصادفون معنى خط ذلك النبي لأن خطه كان علمًا لنبوّته وقد انقطعت نبوّته فذهبت معالمها اهـ
ولذا قال المحرّمون لعلم الرمل وهم أكثر العلماء لا يستدلّ بهذا الحديث على إباحته لأنه علق الإذن فيه على موافقة خط ذلك النبي وموافقته غير معلومة إذ لا تعلم إلا من تواتر أو نصّ منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو من أصحابه أن الأشكال التي لأهل علم الرمل كانت لذلك النبي ولم يوجد ذلك فاتضح تحريمه
(قوله قلت جارية الخ) وفي نسخة قلت إن جارية لي كانت ترعى. وفي رواية مسلم كانت ترعى غنمًا والمراد بالجارية الخادمة. وأحد جبل معروف قرب المدينة سمى بذلك لانقطاعه عن جبال أخر والجوّانية بفتح أوله وتشديد ثانيه وكسر النون وتشديد المثناة التحتية المفتوحة موضع قرب أحد
(قال) النووي فيه دليل على جواز استخدام السيد جاريته في الرعي وإن كانت تنفرد في المرعى وإنما حرّم الشرع سفر المرأة وحدها لأن السفر مظنة الطمع فيها وانقطاع ناصرها والذبّ عنها بخلاف الراعية ومع هذا فإن خيف مفسدة من رعيها لريبة فيها أولفساد ممن يكون في الناحية التي ترعى فيها أو نحو ذلك لم يسترعها وحينئذ لا تمكن الحرّة ولا الأمة من الرعي لأن الرعي في تلك الحالة يصير في معنى السفر فإن كان معها زوج أو محرم ممن تأمن معه على نفسها فلا منع من الرعى حينئذ كما أنه لا منع من السفر في تلك الحالة اهـ ببعض تصرّف
(قوله إذ اطلعت عليها إطلاعة الخ) أي نظرت إليها مرّة لأعلم خبرها وإذا بالذئب قد أخذ منها شاة وأنا من بني آدم أحزن لما يقع لي كما يحزنون لما يقع لهم لكني صككتها صكة وهو استدراك على محذوف أي فلم أصبر على ذلك وما اكتفيت بسبها لكني ضربتها بيدى مبسوطة ضربة فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صكى لها أمرًا عظيمًا عليّ لشفقته صلى الله عليه وآله وسلم عليها. ولعل معاوية ضرب الجارية على وجهها حتى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عظم عليه ذلك
(قوله أفلا اعتقها) طلب إعتاقها جبرًا لما وقع منه ولما رأى منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الغضب لأجلها
(قوله فقال أين الله الخ) أي قال صلى الله عليه وآله وسلم للجارية أين الله
(قال) النووي هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان
(أحدهما) الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات
(والثاني) تأويله بما يليق به سبحانه وتعالى فمن قال بهذا قال كأن المراد امتحانها هل هي موحدة تقرّ
بأن الخالق المدبر الفعال لما يريد هو الله عز وجل وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما أنه إذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرًا في جهة الكعبة بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين.
أو هي من عبدة الأوثان التي بين أيديهم فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان اهـ ملخصًا
(وقال) المازري أراد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معرفة ما يدلّ على إيمانها لأن معبودات الكفار من صنم ونار بالأرض وكل منهم يسأل حاجته من معبوده والسماء قبلة دعاء الموحدين فأراد كشف معتقدها وخاطبها بما تفهم فأشارت إلى الجهة التي يقصدها الموحدون ولا يدلّ ذلك على جهته ولا انحصاره في السماء كما لا يدلّ التوجه إلى القبلة على انحصاره في الكعبة اهـ
(وقيل) إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى. وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله جلّ وعزّ في نفسها وأنه في المنزلة العليا من التنزّه عن الحوادث وصفاتها وليست هي كأهل الشرك في عبادتهم لما لا عظمة له وإنما هو جماد يصنع باليد لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى شيئًا
(وفي هذا) كله صرف للفظ أين عما هي له فإنها موضوعة للاستفهام عن المكان وهي مصروفة عن ظاهرها باتفاق السلف والخلف لقوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) إلا أن السلف قالوا نؤمن به وبمثله من المتشابه من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله ليس كمثله شيء وهو أسلم وهو مذهبنا (وأما) الخلف فأوّلوه بما تقدم
(قوله أعتقها فإنها مؤمنة) أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعتقها بعد تبين إيمانها دليل على أن عتق المؤمن أفضل من عتق الكافر تطوعًا لا لأن عتق الكافر لا يصح تطوعًا فإنهم قد اتفقوا على صحته واتفقوا على أنه لا يصح عتق الكافر في كفارة القتل
(واختلفوا) في عتقه في كفارة الظهار والأيمان وتعمد الفطر في رمضان فمنعه مالك والشافعي وأجازه الكوفيون وسيأتي تمام الكلام عليه في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن تشميت العاطس من الكلام الذي لا يجوز في الصلاة وعلى أن العمل القليل فيها لا يبطلها، وعلى ما كان عليه الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من عظيم الخلق ورفقه بالجاهل وشفقته على الأمة، وعلى تحريم الكلام في الصلاة. وتقدّم تمام الكلام عليه في باب العمل في الصلاة، وعلى تحريم إتيان الكهان، وعلى منع التطير والتشاؤم بالأشياء، وعلى منع التخطيط المسمى بضرب الرمل، وعلى جواز استخدام السيد جاريته في الرعى، وعلى الترغيب في الرأفة بالخدم والتنفير من إهانتهم، وعلى طلب تعظيم المؤمن وإكرامه والإحسان إليه
(والحديث) أخرجه مسلم والنسائي والبيهقي والطبراني وابن أبي شيبة وأحمد
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو نَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ
عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُلِّمْتُ أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الإِسْلَامِ فَكَانَ فِيمَا عُلِّمْتُ أَنْ قَالَ لِي "إِذَا عَطَسْتَ فَاحْمَدِ اللهَ وَإِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ فَحَمِدَ اللهَ فَقُلْ يَرْحَمُكَ الله". قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الصَّلَاةِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ فَحَمِدَ اللهَ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ الله رَافِعًا بِهَا صَوْتِى فَرَمَانِي النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ شُزْرٍ قَالَ فَسَبَّحُوا فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ "مَنِ الْمُتَكَلِّمُ". قِيلَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي "إِنَّمَا الصَّلَاةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ فَإِذَا كُنْتَ فِيهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكَ". فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(ش)(رجال الحديث)(محمَّد بن يونس) روى عن زيد بن الحباب وروح بن عبادة ووهب بن جرير وأبى عامر عبد الملك بن عمرو العقدى. وعنه فليح بن سليمان وأبو داود وقال كان ثقة وقال في التقريب ثقة من الحادية عشرة وقال الذّهبى لا يكاد يعرف. و (النسائي) نسبة إلى نساء مدينة بخراسان
(معنى الحديث)
(قوله حتى احتملني ذلك الخ) يعني أغضبنى فعلهم هذا فقلت ما لكم تنظرون
إلى بأعين شزر بضم الشين المعجمة وسكون الزاي في آخره راء مهملة جمع شزراء والشزر النظر عن
اليمين والشمال من غير استقامة فيه
(وقيل) هو النظر بمؤخر العين وأكثر مايكون النظر الشزر في حال
الغضب وإلى الأعداء
(قوله فسبحوا) لا منافاة بين هذه الرواية وما تقدّم من ضربهم على أفخاذهم لاحتمال أنهم سبحوا له ثم ضربوا على أفخاذهم. أو أن بعضهم سبح وبعضهم ضرب على فخذه
(قوله إنما الصلاة لقراءة القرآن الخ) الحصر إضافيّ بالنسبة إلى كلام الناس
(قوله فليكن ذلك شأنك) أي فليكن ما ذكر من القراءة والذكر قولك في الصلاة ولا تتجاوزه إلى كلام الناس