الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى آله وسلم فقال من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس من غير حرج. وروي ذلك بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه مقيدًا بأهل العالية موقوفًا عليه اهـ وتقدم لفظه عن الشافعي في الأمّ
(باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة)
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ وَ (هَلْ أَتَي عَلَي الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ).
(ش)(رجال الحديث)(مخوّل) بوزن محمَّد وقيل بكسر فسكون والأول أصح (ابن راشد) النهدي مولاهم أبي راشد الكوفي الحفاظ. روي عن محمَّد بن على ومسلم البطين وأبي سعيد. وعنه الثوري وشعبة وشريك وجماعة. وثقه النسائي وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وابن سعد والدارقطني وقال الآجري عن أبي داود شيعي روي له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة الخ) فيه دلالة على مشروعية قراءة هاتين السورتين في صبح يوم الجمعة. وظاهره أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يواظب على قراءتهما في هذا اليوم كما يشعر به لفظ كان وتؤيده رواية الطبراني عن ابن مسعود أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل السجدة وهل أتي على الإنسان يديم ذلك قال في مجمع الزوائد رجاله موثقون. وظاهره أيضًا أنه كان يقرأ السورتين بتمامهما خلافًا لما يفعله بعض الناس من اقتصارهم على بعضهما. قال النووي في الروضة لو أراد أن يقرأ آية أو آيتين فيهما سجدة لغرض السجود فقط لم أر فيه كلامًا لأصحابنا وفي قراءته خلاف للسلف. وأفتي الشيخ ابن عبد السلام بالمنع من ذلك وبطلان الصلاة به وروي ابن أبي شيبة عن أبي العالية والشعبي كراهة اختصار السجود زاد الشعبي وكانوا يكرهون إذا أتوا على السجدة أن يجاوزوها حتى يسجدوا. وكره اختصار السجدة ابن سيرين. وعن إبراهيم النخعي أنهم كانوا يكرهون أن تختصر السجدة. وعن الحسن أنه كره ذلك. وروي عن سعيد بن المسيب وشهر بن حوشب أن اختصار السجرد مما أحدث الناس وهو أن يجمع الآيات التي فيها السجود فيقرأها ويسجد فيها. وقيل الاختصار أن يقرأ القرآن إلا آيات
السجود فيحذفها وكلاهما مكروه لأنه لم يرد عن السلف اهـ وممن كان يقرؤهما في صبح يوم الجمعة من الصحابة ابن عباس وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وابن الزبير. ومن التابعين إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (وبه قال) الشافعي وأحمد وقالا إن قراءتهما في فجر يوم الجمعة سنة إلا أن الحنابلة قالوا تكره المداومة عليهما (وذهبت) الحنفية إلى استحباب قراءتهما إذا قصد بذلك اتباع السنة أما إذا قرأ شيئًا من القرآن على وجه التعيين فمكروه لما فيه من هجران الباقي وإيهام التفضيل (وذهبت) المالكية إلى كراهة تعمد قراءة سورة فيها سجدة في الفريضة وهو رواية ابن القاسم عن مالك. وروي أشهب عنه جواز قراءة السورة التي فيها السجدة إذا كان وراء الإِمام عدد قليل لايخاف أن يخلط عليهم. وفصل ابن حبيب فقال يجوز قراءة السورة التي فيها السجدة في الصلاة الجهرية دون السرّية لأمن التخليط في الجهرية. وقال ابن بشير الصحيح الجواز لمداومته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الم السجدة. وعلى ذلك كان يواظب الخيار من أشياخي وأشياخهم اهـ وهذا هو ظاهر الأحاديث ولا وجه للكراهة مطلقًا أو في الصلاة السرّية وليس في الحديث أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يسجد حين يقرأ هذه السورة في صبح يوم الجمعة (قال في الفتح) لم أر في شيء من الطرق التصريح بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد لما قرأ سورة الم السجدة في هذا المحل إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق أخري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال غدوت على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر فقرأ سورة فيها سجدة فسجد "الحديث" وفي إسناده من ينظر في حاله. وللطبراني في الصغير في حديث عليّ أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة لكن في إسناده ضعف اهـ
(والحكمة) في قراءته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هاتين السورتين في هذا الوقت أنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومها فإنهما اشتملتا على خلق آدم وعلى ذكر المعاد وحشر العباد وذلك يكون يوم الجمعة فإن في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه وما يكون فتكون السجدة جاءت تبعًا وليست مقصودة (قال في الهدي) كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ يوم الجمعة بسورتي الم تنزيل السجدة وهل أتي على الإنسان ويظن كثير ممن لا علم عنده أن المراد تخصيص هذه الصلاة بسجدة زائدة ويسمونها سجدة الجمعة وإذا لم يقرأ أحدهم هذه السورة استحب قراءة سورة أخري فيها سجدة ولهذا كره من كره من الأئمة المداومة على قراءة هذه السورة في فجر الجمعة دفعا لتوهم الجاهلين اهـ
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه ابن ماجه والترمذي من حديث ابن عباس. وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة. وأخرجه البيهقي عن أبي هريرة أيضًا
عن ابن مسعود. وأخرجه ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص. ورواه الطبراني في الأوسط والصغير عن على
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُخَوَّلٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَزَادَ في صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ).
(ش)(يحيى) بن سعيد القطان
(قوله عن مخوّل يإسناده ومعناه) أي روي شعبة بن الحجاج هذا الحديث عن مخوّل بن راشد بإسناده المتقدم وبمعناه دون لفظه. وقد أخرج النسائي هذا الحديث عن طريق خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة قال أخبرني مخوّل قال سمعت مسلمًا البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ في يوم الجمعة في صلاة الصبح الم تنزيل وهل أتى على الإنسان وفي صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين.
(قوله وزاد في صلاة الجمعة الخ) أي زاد شعبة في روايته عن مخوّل أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية بسورة إذا جاءك المنافقدن. وسيأتي الكلام على ما يقرأ في صلاة الجمعة في بابه إن شاء لله تعالى. وهذه الرواية أخرجها أيضًا مسلم وأحمد والبيهقي
(باب اللبس للجمعة)
وفي نسخة باب اللبس للجمعة يوم الجمعة، أي في بيان ما ينبغي أن يتجمل به الإنسان من اللباس لصلاة الجمعة. واللبس بضم اللام مصدر لبس بكسر الموحدة من باب تعب
(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَي حُلَّةً سِيَرَاءَ -يَعْنِي تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ في الآخِرَةِ". ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ كَسَوْتَنِيهَا يَا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ قُلْتَ في حُلَّةِ عُطَارِدَ مَا قُلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِنِّي
لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا". فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ.
(ش)(القعنبي) عبد الله بن مسلمة تقدم في الجزء الأول صفحة 32
(قوله حلة سيراء) الحلة برود اليمن ولا تكون حلة إلا إذا كانت ثوبين من جنس واحد أحدهما رداء والآخر إزار أو ثوب له بطانة. وقيل الحلة برد أو غيره. والسيراء بكسر السين المهملة وفتح المثناة التحتية والمدّ صفة للحلة وهي نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور. ويحتمل أن تكون سيراء مجرورة بإضافة الحلة إليها وعليه فتكون الحلة جميعها من الحرير لأنها مخلوطة به
(قوله لو اشتريت هذه الخ) أي لكان حسنًا فجواب لو محذوف. ويحتمل أن تكون لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب وفي رواية البخاري لو ابتعتها فلبستها للوفد إذا أتوك وللجمعة. وفي رواية النسائي عن ابن إسحاق فتجمل بها لوفود العرب إذا أتوك وإذا خطبت الناس في يوم عيد أو غيره. وخص العرب لأنهم كانوا إذ ذاك الوفود في الغالب لأن مكة لما فتحت بادر العرب بإسلامهم فكانت كل قبيلة ترسل كبراءها ليسلموا ويتعلموا ويرجعوا إلى قومهم فيعلموهم
(وقوله من لا خلاق له) يعني لا نصيب له من الخير وقيل لاحظ له في الحرير في الآخرة كما تؤيده رواية البخاري عن عمر مرفوعًا لا يلبس الحرير إلا من ليس له في الآخرة منه شيء
(قوله ثم جاءت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منها حلل) أي من تلك الحلة. وفي رواية النسائي فجاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مثلها. وفي رواية البخاري عن جرير بن حازم فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحلل سيراء فبعث إلى عمر بحلة وبعث إلى أسامة بن زيد بحلة وأعطي عليًا حله
(قوله وقد قلت في حله عطارد ما قلت) يعني به قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة. وفي رواية جرير ابن حازم عن البخاري فجاء عمر بحلته يحملها فقال بعثت إليّ بهذه وقد قلت بالأمس ما قلت في حلة عطارد. وحلة عطارد هي التي جاء بها عمر إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في رواية الطبراني عن حفصة بنت عمر أن عطارد جاء بثوب من ديباج كساه إياه كسري فقال عمر ألا أشتريه لك يا رسول الله. وعطارد هو ابن حاجب بن زرارة بن عدس كان من وفد بنى تميم أصحاب الحجرات وقد أسلم وحسن إسلامه واستعمله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على صدقات قومه
(قوله إني لم أكسكها لتلبسها الخ) يعني لم أرسلها لك لتلبسها بل لتبيعها كما في رواية البخاري وفيها فقال إنما بعثت بها إليك لتبيعها وتصيب حاجتك وفي رواية له لتصيب بها مالًا وفي رواية للبخاري عن ابن عمر فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم. واسمه عثمان بن حكيم وكان أخاه لأمه كما في رواية النسائي وصحيح أبي عوانة وفيها فكساها أخًا له من أمه من أهل مكة مشركًا
وقيل كان أخاه من الرضاع وأما زيد بن الخطاب أخو عمر فإنه أسلم قبل عمر "ولا يقال" كيف أعطى عمر لأخيه الحلة ورضي له ما لا يرضاه لنفسه "لجواز" أن يكون عمر ير أن الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة أخذًا بظاهر قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما يلبس هذا من لا خلاق له. والكافر لا خلاق له. أولجواز أن يكون أرسلها له ليبيعها أو يكسيها امرأته
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز بيع الحرير لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم أن الرجل يبيع الحلة ولم ينكر عليه البيع وعلى حرمة لبس الحرير للرجال (وقد ورد) في ذلك أحاديث كثيرة (منها) ما رواه النسائي وسيأتي للمصنف في كتاب اللباس عن على رضي الله تعالى عنه قال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وذهبًا فجعله في شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي (ومنها) ما رواه أحمد ورواته ثقات عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أنه سمع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول من كان يؤمن باللهِ واليوم الآخر فلا يلبس حريرًا ولا ذهبًا (ومنها) ما رواه النسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه (ومنها) ما رواه البخاري عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال كانا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه (ومنها) ما رواه الإِمام أحمد من طريق مبارك ابن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله تعاالي عنه قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا يرجو أن يلبسه في الآخرة قال الحسن فما بال أقوام يبلغهم هذا عن نبيهم فيجعلون حريرًا في ثيابهم وبيوتهم (ومنها) ما رواه الإِمام أحمد والطبراني عن جويرية قالت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من لبس ثوب حرير في الدنيا ألبسه الله عز وجل يومًا أو ثوبًا من النار يوم القيامة وفي رواية من لبس ثوب حرير في الدنيا ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة من النار أو ثوبًا من النار (ومنها) ما رواه البزار بإسناد حسن عن أنس رضي تعالى عنه أن رسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال قال الله عز وجل من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه في حظيرة القدس ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس (ومنها) ما رواه النسائي والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يمنع أهل الحلية والحرير ويقول إن كنتم تحبون حلية الجنة فلا تلبسونها في الدنيا. وسيأتي تمام الكلام عليه في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى، ودلّ الحدث أيضًا
على جواز تمليك الإنسان ما لا يجوز له لبسه لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعطي عمر حلة وهو لا يجوز له لبسها، وعلى جواز إهداء المسلم للكافر لأن الغالب أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم بإهداء عمر الحلة لأخيه المشرك
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي من طريق جويرية ابن أسماء عن نافع أن عبد الله بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأي حله سيراء من حرير فقال يا رسول الله لو ابتعت هذه الحلة فلبستها للوفود وليوم الجمعة فقال إنما يلبس هذه من الأخلاق له في الآخرة "وبهذا الإسناد" أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعث بعد ذلك إلى عمر بحله سيراء من حريركساها إياه فقال يا رسول الله كسوتنيها وقد سمعتك تقول فيها ما قلت فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعثت بها إليك لتبيعها أولتكسوها بعض نسائك
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ بِالسُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَي بِهَا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوَفْدِ. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ وَالأَوَّلُ أَتَمُّ.
(ش)(ابن وهب) هو عبد الله تقدم في الجزء الأول صفحة 325. و (يونس) بن يزيد الأيلي في الثاني صفحة 102. و (وابن شهاب) هو محمَّد بن مسلم الزهري في الأول صفحة 48 و (سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب في الثالث صفحة 78
(قوله حلة إستبرق) هو بكسر الهمزة ما غلظ من الحرير
(قوله تباع بالسوق) الذي كان يبيعها عطارد كما في رواية جرير ابن حازم عن نافع عند مسلم رأي عمر عطارد التميمي يقيم حلة بالسوق وكان رجلًا يغشي الملوك ويصيب منهم
(قوله ابتع هذه الخ) أي اشتر هذه الحلة لتتجمل وتتزين بها في العيد ولقاء الوفود وفي نسخة تجمل بها للعيد وللوفد. والوفد قوم يجتمعون ويردون البلاد
(قوله ثم ساق الحديث الخ) أي ساق أحمد بن صالح الحديث وحديث القعنبي أتم من حديث أحمد بن صالح
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَعَمْرٌو أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه
وسلم- قَالَ "مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ". أَوْ "مَا عَلَي أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَي ثَوْبَيْ مَهْنَتِهِ".
(ش)(قوله أخبرني عمرو) بن الحارث كذا با الإفراد في بعض النسخ وفي أكثرها أخبرني يونس وعمرو وعليها فقوله أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثه بالإفراد أي حدث يحيى كل واحد منهما ولعل النسخة الأولى هي الصواب لموافقتها رواية البيهقي
(قوله ما على أحدكم إن وجد أو ما على الخ) أي ليس على أحد منكم حرج في أن يتخذ ثوبين حسنين ليوم الجمعة يلبسهما فيه زيادة على ثوبي مهنته إن وجد سعة لذلك. والغرض مه إباحة اتخاذ ثوبين لصلاة الجمعة ومثلها الأعياد لمن قدر على ذلك. هذا على أن ما نافية بمعنى ليس واسمها محذوف والجار والمجرور خبرها وقوله إن وجد معترض بين الاسم ومتعلة وهو قوله أن يتخذ. ويجوز أن يكون قوله على أحدكم متعلقًا بالاسم المحذوف وقوله أن يتخذ خبرًا وأوللشك من بعض الرواة. ويحتمل أن تكون ما استفهامية ويكون الغرض من الكلام الإغراء والترغيب في ذلك فيكون من قبيل قوله تعالى (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) أورده تعالى في صورة نفي الإثم والحرج ردّ لما اعتقدوا من الإثم فيه فكذلك ها هنا لما كان ظاهر ذلك الفعل يوهم تصنعًا ومراآة وأنه من صنيع أهل الرفاهية دفع ذلك الإيهام بقوله ما على أحدكم الخ ويكون الغرض من ذلك استحبابه لمن قدر عليه
(قوله سوى ثوبي مهنته) أي بذلته وخدمته قال في النهاية والرواية بفتح الميم وقد تكسر (قال) الزمخشري والكسر عند الأثبات خطأ وقال الأصمعي المهنة بفتح الميم هي الخدمة ولا تكسر اهـ وهذا الحديث مرسل فإن محمَّد بن يحيى بن حبان من صغار التابعين لم يدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية تحسين الهيئة والتجمل بأحسن الثياب لصلاة الجمعة (وقد ورد) في الترغيب في ذلك أحاديث أخر (منها) ما أخرجه ابن ماجه عن أبي ذر عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله وتطهر فأحسن طهوره ولبس من أحسن ثيابه ومس ما كتب الله له من طيب أهله ثم أتي الجمعة ولم يلغ ولم يفرق بين اثنين غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخري (ومنها) ما رواه أيضًا عن عائشة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خطب الناس يوم الجمعة فرأى ثياب النمار فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين للجمعة سوي ثوبي مهنته "والنمار" بكسر النون جمع نمرة كل شملة مخططة من مأزر الأعراب كأنها أخذت
من لون النمر لما فيها من السواد والبياض
(والحديث) أخرجه البيهقي
(ص) قَالَ عَمْرٌو وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُوسَي بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ ذَلِكَ عَلَي الْمِنْبَرِ.
(ش) أشار به وما بعده إلى روايتين أخريين للحديث و (ابن أبي حبيب) هو يزيد تقدم في الجزء الثالث صفحة 67. و (موسى بن سعد) بن زيد بن ثابت الأنصاري ويقال ابن سعيد. روى عن يوسف بن عبد الله بن سلام وحفص بن عبد الله وحبيب بن عبد الله بن عمر وآخرين وعنه سعيد بن أبي هلال وعطاء بن خالد. قال في التقريب مقبول من الرابعة وذكره ابن حبان في الثقات. روى له مسلم وأبو داود وابن ماجه. و (ابن حبان) هو محمَّد بن يحيى بن حبان المتقدم و (ابن سلام) هو عبد الله بن سلام كما صرح به في رواية ابن ماجه وجزم به الحافظ في تهذيب التهذيب وعليه فالحديث منقطع فإن محمَّد بن يحيى بن حبان لم يدرك عبد الله بن سلام لأن ابن يحيى ولد سنة سبع وأربعين ومات عبد الله بن سلام سنة ثلاث وأربعين ويحتمل أن يكون المراد بابن سلام يوسف بن عبد الله بن سلام كما صرح به في رواية أخرى لابن ماجه وتأتي بعد وعليها فالحديث مرسل
(قوله يقول ذلك على المنبر) يعني قوله ما على أحدكم الخ وهذه الرواية أخرجها البيهقي وابن ماجه عن موسى بن سعد عن محمَّد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول على المنبر في يوم الجمعة ما على أحدكم لو اشتري ثوبين ليوم الجمعة سوي ثوب مهنته
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُوسَي بْنِ سَعْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.
(ش)(يوسف بن عبد الله بن سلام) بن الحارث أبو يعقوب الإسراءيلي الأنصاري قال البخاري له صحبة وقال أبو حاتم ليست له صحبة بل له رؤية وقال العجلي تابعي الثقة. روى عن أبيه وعثمان وعلى وأبي الدرداء وخولة بنت ثعلبة وجماعة. وعنه ابنه محمَّد وعمر بن عبد العزيز وابن المنكدر ومعمر بن عبد الله وعوف بن عتبة وكثيرون ورواية يوسف أخرجها ابن ماجه عنه عن أبيه قال خطبنا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم