الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلولي وغيرهم. شهد بيعة الرضوان وكان متعبدا متوحدًا لا يخالط الناس سكن دمشق وكانت داره بها. مات في أول خلافة معاوية. روى له أبو داود والنسائي
(معنى الحديث)
(قوله ثوّب بالصلاة) أي أقيم لها
(قوله وهو يلتفت إلى الشعب) بكسر الشين المعجمة وسكون العين المهملة هو الطريق في الجبل وجمعه شعاب (وفيه دليل) على أن الالتفات في الصلاة إذا كان لحاجة لا كراهة فيه كما تقدم بيانه
(قوله قال أبو داود وكان أرسل فارسًا الخ) بيان لسبب التفاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى الشعب. والفارس الذي أرسله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو أنس بن أبي مرثد الغنوي كما أخرجه الحاكم من طريق معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول حدثني أبو كبشة السلولي أنه حدثه عن سهل بن الحنظلية قال لما سار رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى حنين قال ألا رجل يكلؤنا الليلة فقال أنس بن أبي مرثد الغنوي أنا يا رسول الله قال انطلق فلما كان الغد خرج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي فقال هل حسستم فارسكم قالوا لا فجعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي ويلتفت إلى الشعب فلما سلم قال إن فارسكم قد أقبل فلما جاء قال لعلك نزلت قال لا إلا مصليا أو قاضيًا حاجة ثم قال إني اطلعت الشعبين فإذا هوازن بظعنهم وشائهم ونعمهم متوجهون إلى حنين فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غنيمة للمسلمين غدا إن شاء الله تعالى. وسيأتي للمصنف بأطول من هذا في "باب فضل الحارس في سبيل الله تعالى" من كتاب الجهاد
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز الالتفات في الصلاة لعذر فلا منافاة يينه وبين الأحاديث المتقدمة الدالة على كراهية الالتفات
(باب العمل في الصلاة)
أي في بيان حكم العمل الذي ليس من جنس أعمال الصلاة في الصلاة
(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ نَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا.
(ش)(القعنبي) عبد الله بن مسلمة. و (أبو قتادة) الحارث بن ربعي الأنصاري
تقدم في الجزء الأول صفحة 120
(قوله وهو حامل أمامة بنت زينب) بإضافة حامل إلى أمامة ويجوز تنوينه ونصب أمامة حيث أريد به حكايته الحال الماضية كقوله تعالى "إن الله بالغ أمره" قال الحافظ والتنوين هو المشهور في الروايات اهـ
وكانت زينب أكبر بنات رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وفاطمة أصغرهنّ وأحبهنّ إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. توفيت زينب سنة ثمان من الهجرة. وأمامة تزوّجها علي بن أبي طالب بعد وفاة خالتها فاطمة بوصية منها ولم تعقب. ونسبت إلى أمها ولم تنسب إلى أبيها لأنه إذ ذاك كان مشركا والولد ينسب إلى أشرف أبويه دينًا ونسبا ونسبت في الحديث الآتي إلى أبيها بيانًا لحقيقة نسبها
(قوله فإذا سجد وضعها الخ) أي إذا أراد أن يسجد وإذا أراد أن يقوم كما تدلّ عليه الرواية الآتية
(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ -يَعْنِى ابْنَ سَعِيدٍ- نَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِىَ صَبِيَّةٌ يَحْمِلُهَا عَلَى عَاتِقِهِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِىَ عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا.
(ش)(قوله نحن في المسجد جلوس إذ خرج) وفي نسخة جلوسًا خرج بالنصب على الحال وفي المسجد خبر
(قوله يحمل أمامة بنت أبى العاص بن الربيع) وقيل ابن رييعة بن عبد العزّى بن عبد شمس وأبو العاص أسمه لقيط وقيل مقسم وقيل القاسم وقيل غيرذلك وكان من رجال مكة المعدودين مالًا وأمانة وتجارة وتزوج بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل البعثة وكانت خديجة رضي الله تعالى عنها هي التي سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يزوجه زينب لأنه ابن أختها هالة ولما بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وجاءه الوحي بعدم موالاة المشركين قال أبو لهب اشغلوا محمَّدًا بنفسه وكان ابنه عتبة متزوجا برقية بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأمره فطلقها وتزوجها عثمان رضي الله تعالى عنه وذهبوا إلى أبى العاص وقالوا له فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأى امرأة من قريش شئتها قال لا والله لا أفارق صاحبتي
وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش وكان أبو العاص في غزوة بدر مع المشركين ووقع في الأسرى وكان الذي أسره خراش بن الصمة أحد بني حرام ولما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في فداء أبى العاص بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبى العاص حين بني بها فلما رآها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رقّ لها رقة شديدة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها الذي لها فافعلوا قالوا نعم يا رسول الله فأطلقوه وردّوا عليها الذي لها وقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب "يعني أن تهاجر إلى المدينة" فوفى أبو العاص بذلك ولما رجع أبو العاص إلى مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت ولحقت بأبيها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأقام أبو العاص بمكة على كفره واستمرّت زينب عند أبيها بالمدينة حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص في تجارة لقريش فلما قفل من الشام لقيته سرية فأخذوا ما معه وأعجزهم هربًا وجاء تحت الليل إلى زوجته زينب فاستجار بها فأجارته فلما خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لصلاة الصبح وكبر وكبر الناس خرجت من صفة النساء فقالت أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أقبل على الناس فقال أيها الناس هل سمعتم الذي سمعت قالوا نعم قال أما والذي نفس محمَّد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم وإنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فدخل على ابنته زينب فقال أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له قالت إنه جاء في طلب ماله فجمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تلك السرية وقال إن هذا الرجل منا كما علمتم وقد أصبتم منه مالًا وهو مما أفاء الله عليكم وأنا أحب أن تحسنوا وتردّوا إليه الذي له فإن أبيتم فأنتم أحق به فقالوا بل نردّه عليه فردّوا عليه ماله أجمع فأخذه أبو العاص ورجع به إلى مكة فأعطى كل إنسان ماله ثم قال يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرًا فقد وجدناك وفيًا كريمًا قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله والله ما منعني عن الإِسلام عنده إلا تخوّف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فلما أدّى الله إليكم وفرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وردّ عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بنته زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئًا
(قوله وهي صبية) أي صغيرة قيل إنها كانت لم تفطم من الرضاع
(قوله يحملها على عاتقه) أي بين منكبه وعنقه والعاتق يذكر ويؤنث وجمعه عواتق
(قوله يضعها إذا ركع الخ) وكذلك إذا سجد ويعيدها على عاتقه إذا رفع من السجود كما صرّح به في الرواية
الآتية
(قوله حتى قضى صلاته الخ) أي ما زال يفعل ذلك بها حتى فرغ من صلاته
(قال الخطابي) يشبه أن تكون الصبية قد ألفته فإذا سجد تعلقت بأطرافه والتزمته فينهض في سجوده فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع فيرسلها اهـ
وفعل ذلك صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إما لعدم وجود من يحفظها أولبيان الشرع بالفعل وأن ذلك غير مفسد للصلاة
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ نَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِىَّ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لِلنَّاسِ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عُنُقِهِ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يَسْمَعْ مَخْرَمَةُ مِنْ أَبِيهِ إِلَاّ حَدِيثًا وَاحِدًا.
(ش)(رجال الحديث)(مخرمة) بن بكير بن عبد الله بن الأشج القرشي مولى بني مخزوم المدني أبى مسور المخزومي. روى عن أبيه وعامر بن عبد الله بن الزبير. وعنه مالك والواقدى وابن المبارك والقعنبي وغيرها. وثقه أحمد وأبو حاتم وقال النسائي ليس به بأس وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وضعفه ابن معين وقال الساجي صدوق وكان يدلس. مات سنة ثمان وخمسين
(معنى الحديث)
(قوله يصلي للناس) أي بهم
(قوله قال أبو داود لم يسمع مخرمة الخ) لعله يشير به إلى أن مخرمة لم يسمع هذا الحديث من أبيه وقال أحمد أيضًا مخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا إنما يروي من كتاب أبيه وقال ابن خيثمة وابن معين وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمع منه وقال سعيد بن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة أتيت مخرمة فقلت حدّثك أبوك فقال لم أدرك أبي وهذه كتبه وقال في تهذيب التهذيب قال أبو داود لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا وهو حديث الوتر
(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ نَا عَبْدُ الأَعْلَى نَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِى ابْنَ إِسْحَاقَ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَاةِ فِى الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَقَدْ دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا وَأُمَامَةُ
بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بِنْتُ ابْنَتِهِ عَلَى عُنُقِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى مُصَلَاّهُ وَقُمْنَا خَلْفَهُ وَهِىَ فِى مَكَانِهَا الَّذِى هِىَ فِيهِ قَالَ فَكَبَّرَ فَكَبَّرْنَا قَالَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ ثُمَّ قَامَ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِى مَكَانِهَا فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.
(ش)(رجال الحديث)(يحيى بن خلف) الباهلي البصري أبو سلمة. روى عن المعتمر بن سلمان وعبد الأعلي بن عبد الأعلى وعبد الوهاب الثقفي وبشر بن المفضل وآخرين. وعنه أبو داود ومسلم والترمذي وابن ماجه وأبو بكر البزار وكثيرون. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب صدوق من العاشرة. مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين
(معنى الحديث)
(قوله في الظهر أو العصر) أي في وقت الظهر أو في وقت العصر بالشك من الراوي
(قوله فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في مصلاه) أي مكانه الذي يصلي فيه
(قوله وهي في مكانها الذي هي فيه) أي وأمامة في مكانها الذي هي فيه وهو عاتقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله قال فكبر وكبرنا) وفي بعض النسخ فكبر فكبرنا أي قال أبوقتادة فكبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للإحرام فكبرنا خلفه
(قوله حق إذا أراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يركع أخذها الخ) في هذا الحديث وما قبله دلالة على أن مثل هذا الفعل معفوّ عنه في الصلاة لا فرق بين أن يكون فرضا أو نفلًا وبين أن يكون المصلى إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا لأنه إذا جاز ذلك في الفريضة للإمام فبالأولى جوازه في النافلة وللمأموم والمنفرد
(وإلى ذلك) ذهبت الشافعية قالوا ويجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر كالطير والشاة لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفوّ عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها. والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو كثرت وتفرّقت. ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك
(وأما العمل) الكثير المتوالي فهو مبطل لها وضابط الكثرة العرف وضبط بثلاثة أفعال فأكثر
(واختلفت المالكية) في تأو يل هذه الأحاديث لأنهم رأوا ما وقع من النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عملًا
كثيرًا فروى ابن القاسم عن مالك أن ذلك كان في النافلة
(واستبعده) المازري وعياض والقرطبي لحديث الباب. ولما في رواية مسلم عن أبي قتادة قال رأيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤمّ الناس وأمامة على عاتقه. وقال المازري إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة اهـ
وروى أشهب وعبد الله بن نافع عن مالك أن ذلك كان لضرورة لأنه لم يجد من يكفيه أمرها. ولا فرق بين الفرض والنفل لأن الضرورة تبيح للرجل الاشتغال في فرضه بكثير مما ليس له فعله في غيره
(ومما يدل) على أن ذلك كان للضرورة أن فيه التغرير والتعرّض في الصلاة لما لا يمكن الاحتراز منه من بول الصبي الذي لا يفهم الزجر
(وقال) بعضهم إنه لو تركها لبكت وشغلته في صلاته أكثر من شغله بحملها
(وقال الباجي) ما ملخصه إنه إن وجد من يكفيه أمر الصبي جاز في النافلة دون الفريضة وإن لم يجد جاز فيهما اهـ
(وقال) القرطبي وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ
(قال) الحافظ وروى ذلك عنه الإسماعيلي لكنه غير صريح
(وقال) ابن عبد البر لعلّ الحديث منسوخ بتحريم العمل في الصلاة. وذكر عياض عن بعضهم أنه من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لعصمته من أن تبول وهو حاملها (وردّ) بأن الأصل عدم الاختصاص. وبأنه لا يلزم من ثبوته في غيره بلا دليل. ولا دخل للقياس في مثله
(قال النووي) ادعى بعض المالكية أن الحديث منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفوّ عنه وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة. والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرّقت ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك وإنما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك لبيان الجواز اهـ
(وقال) الفاكهاني وكان السرّ في حمله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمامة في الصلاة دفعًا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم. والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول اهـ قالوا والعمل الكثير في الصلاة مبطل لها. وضابطه عندهم أنه يخيل للناظر أن ذلك الشخص ليس في صلاة
(وذهبت الحنفية) إلى أن العمل الكثير مفسد للصلاة والقليل غير مفسد. واختلفوا في ضبطهما فقال صاحب البدائع العمل الكثير ما يحتاج فيه إلى استعمال اليدين والقليل ما لا يحتاج فيه إلى ذلك حتى قالوا إذا زرّ قميصه في الصلاة فسدت صلاته وإذا حلّ أزراره لا تفسد. وقال بعضهم كل عمل لو نظر إليه الناظر من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة فهو كثير وكل عمل لو نظر إليه الناظر ربما يشتبه عليه أنه في الصلاة فهو قليل. قالوا وهذا الضابط أصح مما قبله. وعلى ذلك لو حملت
المرأة ولدها ولم ترضعه لم تبطل صلاتها. وقالوا إذا كان العمل القليل لغير حاجة كره وإلا فلا كذا في العيني
(وقالت) الحنابلة إذا كثر العمل وتوالى بطلت الصلاة وإلا بأن كان قليلًا أو كثيرًا وتفرّق فإن كان لحاجة جاز وإلا كره. ومرجع الكثرة والقلة عندهم إلى العرف
(فقه الحديث) دلّ الحديث عل مزيد تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وشفقته ورحمته بـ"الضعفاء" وعلى صحة صلاة من حمل صبيا، وعلى أن ثياب الصبيان وأجسادهم محمولة على الطهارة، وعلى أن العمل إذا تفرق ولم يتوال غير مبطل للصلاة
(والحديث) أخرجه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وإبن حبان وعبد الرزاق في المصنف
(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "اقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ في الصَّلَاةِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ".
(ش)(رجال الحديث)(ضمضم) كزمزم (ابن جوس) بفتح الجيم وسكون الواو آخره سين مهملة وقيل جوش بالشين المعجمة ويقال ضمضم بن الحارث بن جوس اليمامى. روى عن أبي هريرة وعبد الله بن حنظلة. وعنه عكرمة بن عمار ويحيى بن أبي كثير. وثقه ابن معين والعجلي وقال أحمد لا بأس به وقال في التقريب ثقة من الثالثة. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي
(معنى الحديث)
(قوله اقتلوا الأسودين الخ) تسمية الحية والعقرب بالأسودين من باب التغليب لأن المسمى بالأسود في الأصل الحية والمراد الحية والعقرب مطلقًا ولو غير أسودين
(وفيه دلالة) علي جواز قتل الحية والعقرب في الصلاة من غير كراهة سواء أحصل القتل بضربة أم أكثر (وإلى) ذلك ذهبت المالكية إلا أنهم قالوا محل قتلها إذا قصدت أذاه والإكره قتلها فيها وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة
(وذهبت) الحنفية إلى جواز قتلهما في الصلاة من غيركراهة لا فرق بين قتلهما بعمل كثير أو قليل كما استظهره في المبسوط "قالوا" لأنه رخصة ولأن في قتلهما دفع الشغل وإزالة الأذى فأشبه درء المارّ وتسوية الحصى ومسح العرق "ولا ينافي" الإطلاق في العمل مارواه البيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كفاك للحية ضربة أصبتها أم أخطأتها "لأنه" كما قال البيهقي إن صح فإنما أراد والله أعلم وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور به فقد أمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقتلها وأراد والله أعلم إذا امتنعت بنفسها عند الخطأ ولم يرد به المنع من الزيادة على ضربة
واحدة (وقال في البدائع) هذا إذا أمكنه قتل الحية بضربة واحدة كما فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في العقرب وأما إذا احتاج إلى معالجة وضربات فسدت صلاته كما إذا قاتل في صلاته لأنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة
(وذهبت الشافعية) إلى أنه إن احتاج قتلهما إلى عمل كثير أبطل وإلا فلا (وظاهر) كلام الحنابلة أنه لا فرق في جواز قتلهما بين العمل القليل والكثير
(وحكى) الترمذي عن جماعة كراهة قتلهما في الصلاة إن كان بعمل كثير منهم النخعي. ويدل لهم ما رواه ابن أبي شيبة عن قتادة قال إذا لم تتعرّض لك فلا تقتلها
(وما سيأتي) للمصنف من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن في الصلاة لشغلا. وقوله اسكنوا في الصلاة. رواه المصنف في باب في السلام. لكن هذان الحديثان الأخيران عامان فيخصان بحديث الباب وأشباهه مما ورد فيه الإذن بعمله في الصلاة. ويلحق بالحية والعقرب ما ماثلهما من كل ضرّار مباح قتله
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز قتل الحية والعقرب في الصلاة، وعلى جوازه في غيرها بالطريق الأولى، وعلى جواز العمل الكثير في الصلاة إذا دعت إليه الضرورة، وعلى طلب دفع الضرر عن النفس ولو حال الصلاة
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن حبان
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ -وَهَذَا لَفْظُهُ- قَالَ نَا بِشْرٌ -يَعْنِى ابْنَ الْمُفَضَّلِ- ثَنَا بُرْدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-قَالَ أَحْمَدُ- يُصَلِّي وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ -قَالَ أَحْمَدُ- فَمَشَى فَفَتَحَ لِى ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُصَلَاّهُ. وَذَكَرَ أَنَّ الْبَابَ كَانَ فِى الْقِبْلَةِ.
(ش)(قوله وهذا لفظه) أي ما سيذكره المصنف لفظ حديث مسدد. و (برد) بضم فسكون هو ابن سنان تقدم في الجزء الثاني صفحة 293
(قوله قال نا بشر) هكذا بصيغة الإفراد في جميع النسخ التي بأيدينا أي قال كل من أحمد ومسدد
(قوله يصلي والباب عليه مغلق) وفي رواية النسائي يصلي تطوعًا. وبوّب عليه الترمذي فقال باب ما يجوز من المشي والعمل في صلاة التطوع
(قوله فاستفتحت) أي طلبت فتح الباب. والظاهر أنها ظنت أنه ليس في صلاة وإلا لم تطلب منه الفتح كما هو اللائق بأدبها وعليها
(قوله فمشى ففتح لي) دليل على إباحة المشي في صلاة التطوع لحاجة قلّ أو كثر
(قال ابن الملك) مشيه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وفتحه الباب ثم رجوعه إلى