المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الصلاة بعد الجمعة) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٦

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الفتح على الإِمام في الصلاة)

- ‌(باب الالتفات في الصلاة)

- ‌باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(باب العمل في الصلاة)

- ‌(باب ردّ السلام في الصلاة)

- ‌(باب في تشميت العاطس في الصلاة)

- ‌(باب التأمين وراء الإِمام)

- ‌(باب التصفيق في الصلاة)

- ‌(باب الإشارة في الصلاة)

- ‌(باب في مسح الحصى في الصلاة)

- ‌(باب الرجل يصلي مختصرًا)

- ‌(باب النهى عن الكلام في الصلاة)

- ‌(باب في صلاة القاعد)

- ‌(باب من ذكر التورّك في الرابعة)

- ‌(باب التشهد)

- ‌(باب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد)

- ‌(باب ما يقول بعد التشهد)

- ‌(باب إخفاء التشهد)

- ‌(باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة)

- ‌(باب في السلام)

- ‌(باب الردّ على الإِمام)

- ‌(باب التكبير بعد الصلاة)

- ‌(باب إذا أحدث في صلاتة)

- ‌(باب إذا صلي خمسًا)

- ‌(باب إِذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ)

- ‌(باب من قال يتمّ على أكثر ظنه)

- ‌(باب من قال بعد التسليم)

- ‌(باب من قام من ثنتين ولم يتشهد)

- ‌(باب من نسي أن يتشهد وهو جالس)

- ‌(باب سَجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ)

- ‌(باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة)

- ‌(باب كيف الانصراف من الصلاة)

- ‌(باب صلاة الرجل التطوع في بيته)

- ‌(باب من صلى لغير القبلة ثم علم)

- ‌(باب تفريع أبواب الجمعة)

- ‌(باب الإجابة آية ساعة هي في يوم الجمعة)

- ‌(باب فضل الجمعة)

- ‌(باب كفارة من تركها)

- ‌(باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ)

- ‌(باب الجمعة في اليوم المطير)

- ‌(باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة)

- ‌(باب الجمعة للمملوك والمرأة)

- ‌(باب الجمعة في القري)

- ‌(باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد)

- ‌(باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة)

- ‌(باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة)

- ‌(باب اتخاذ المنبر)

- ‌(باب موضع المنبر)

- ‌(باب وقت الجمعة)

- ‌(باب النداء يوم الجمعة)

- ‌(باب الجلوس إذا صعد المنبر)

- ‌(باب الرجل يخطب على قوس)

- ‌(باب رفع اليدين على المنبر)

- ‌(باب إقصار الخطب)

- ‌(باب الدنوّ من الإِمام عند الموعظة)

- ‌(باب الإِمام يقطع الخطبة للأمر يحدث)

- ‌(باب الاحتباء والإمام يخطب)

- ‌(باب الكلام والإمام يخطب)

- ‌(باب استئذان المحدث الإِمام)

- ‌(باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب)

- ‌(باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة)

- ‌باب الرجل ينعس والإمام يخطب

- ‌(باب الإِمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر)

- ‌(باب من أدرك من الجمعة

- ‌(باب ما يقرأ في الجمعة)

- ‌(باب الرجل يأتمّ بالإمام وبينهما جدار)

- ‌(باب الصلاة بعد الجمعة)

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(باب وقت الخروج إلى العيد)

- ‌(باب خروج النساء إلى العيد)

- ‌(باب يخطب على قوس)

- ‌(باب ما يقرأ في الأضحى والفطر)

- ‌(باب الجلوس للخطبة)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه يخرج من الغد)

- ‌(باب الصلاة بعد صلاة العيد)

الفصل: ‌(باب الصلاة بعد الجمعة)

الإِمام (ولا دليل) على ما ذكروه من اعتبار تلك الأذرع أو نحوها

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي وكذا البخاري بنحوه

(باب الصلاة بعد الجمعة)

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -الْمَعْنَى- قَالَا نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ نَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِى مَقَامِهِ فَدَفَعَهُ وَقَالَ أَتُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ وَيَقُولُ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

(ش)(أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني تقدم في الجزء الأول صفحة 257 وكذا (نافع) مولى ابن عمر صفحة 66

(قوله رأى رجلًا يصلي ركعتين الخ) أي يصلي ركعتين بعد صلاة الجمعة في مكانه الذي صلى فيه الجمعة فمنعه وأنكر عليه صلاته النافله بمكان الجمعة موصولة بها لما تقدم من كراهة النافلة من المكتوبة. ولما في الحديث بعده أن نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر أن لا توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم أو يخرج

(قوله وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة الخ) أي قال نافع كان عبد الله بن عمر يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته مستندًا في ذلك لفعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا إِسْمَاعِيلُ أَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

(ش)(إسماعيل) بن إبراهيم المعروف بابن علية

(قوله كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة الخ) استدل به الشافعية على أن الجمعة لها سنة قبلية واستدلوا أيضًا بما رواه الشيخان عن عبد الله بن مغفل مرفوعًا بين كل أذانين صلاة. وبما رواه ابن ماجه عن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي قبل الجمعة أربعًا لا يفصل في شيء منهن. وبما رواه الترمذي أن عبد الله بن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربعًا. واستدلوا أيضًا بقياس

ص: 295

الجمعة على الظهر. لكن لا دلالة لهم في هذا كله (أما حديث) الباب فقول ابن عمر فيه إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعل ذلك أي يطيل الصلاة قبل الجمعة ويركع ركعتين بعدها في بيته.

والمراد بقوله كان يطيل الصلاة قبل الجمعة قبل الزوال لا بعده وذلك أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا زالت الشمس خرج من حجرته ودخل المسجد وصعد المنبر وأخذ المؤذن في الأذان فإذا انتهى شرع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الخطبة بدون فصل "فقد روى" النسائي بسنده إلى السائب بن يزيد قال كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر يوم الجمعة فإذا نزل أقام ثم كان كذلك في زمن أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما "وروى الشافعي" في الأم قال أخبرني الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإِمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر فلما كانت خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان فأذن به "وتقدم" نحوه للمصنف في باب النداء يوم الجمعة "وقال الشافعي" في الأم وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإِمام المسجد يجلس على موضعه الذي يخطب عليه خشب أو جريد أو منبر أو شيء مرفوع له أو الأرض فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه اهـ

ويحتمل أن اسم الإشارة فيه عائد على صلاة الركعتين بعد الجمعة في بيته فقط كما تدلّ عليه الرواية السابقة ورواية مسلم من طريق الليث عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصنع ذلك

(وقد ورد) أن ابن عمر كان يصلي قبل الجمعة ثنتى عشرة ركعة كما ذكره أبو شمامة عن ابن المنذر "وأما قوله" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بين كل أذانين صلاة فهو عام مخصوص بغير الجمعة لفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المذكور

"وأما" ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي قبل الجمعة أربعًا لا يفصل في شيء منهنّ "فإسناده مسلسل" بالضعفاء ففيه بقية بن الوليد مدلس ومبشر بن عبيد كذاب منكر الحديث وحجاج بن أرطأة مدلس وعطية متفق على ضعفه فلا يصح الاحتجاج به. وعلى فرض صحته فيحمل على ما قبل الزوال

"وأما أثر" ابن مسعود عند الترمذي "فالأربعة" قبلها فيه محمولة على النفل المطلق قبل دخول الوقت كما ذكر في حديث ابن عمر "وأما قياسهم" الجمعة على الظهر "فهو قياس" في مقابلة النص فلا يعوّل عليه (وبهذا) تعلم سقوط قول من قال إن الجمعة مقصورة من الظهر فيطلب لها سنة قبلها كالظهر إذ لوكان كما ذكر لفعلها صلى الله عليه وآله وسلم

"فإن قيل" لعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى سنة الجمعة في بيته بعد زوال الشمس ثم خرج "قيل" لو فعل ذلك لنقله أزواجه كما نقلن سائر صلواته في بيته ليلًا ونهارًا. وحيث لم ينقل

ص: 296

شيء من ذلك دل على أنه غير مشروع (قال الإِمام) أبو شامة الشافعي شيخ النووي في كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث جرت عادة الناس أنهم يصلون بين الأذانين يوم الجمعة متنفلين بركعتين أو أربع ونحو ذلك إلى خروج الإِمام وذلك جائز ومباح وليس بمنكر من جهة كونه صلاة وإنما المنكر اعتقاد العامة منهم ومعظم المتفقهة منهم أن ذلك سنة للجمعة قبلها كما يصلون السنة قبل الظهر ويصرّحون في نيتهم بأنها سنة الجمعة وكل ذلك بمعزل عن التحقيق والجمعة لا سنة لها قبلها وهي صلاة مستقلة بنفسها حتى قال بعض الناس هي الصلاة الوسطى وهو الذي يترجح في ظني لما خصها الله تعالى به من الشرائط والشعائر

(والدليل) على أنه لا سنة لها قبلها أن المراد من قولنا الصلاة المسنونة إنها منقولة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قولًا وفعلًا والصلاة قبل الجمعة لم يأت منها شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدل على أنه سنة ولا يجوز القياس في شرعية الصلوات اهـ ملخصًا وقد أطال الكلام رحمه الله في ذلك فراجعه إن شئت

(وقال في الهدى) النبوى كان إذا فرغ بلال من الأذان أخذ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الخطبة ولم يقم أحد يركع ركعتين ألبتة ولم يكن الأذان إلا واحدًا وهذا يدل على أن الجمعة كالعيد لا سنة لها قبلها وهذا أصح قولي العلماء وعليه تدل السنة فإن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يخرج من بيته فإذا رقي المنبر أخذ بلال في أذان الجمعة فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الخطبة من غير فصل وهذا كان رأى عين فمتى كانوا يصلون السنة. ومن ظن أنهم كانوا إذا فرغ بلال من الأذان قاموا كلهم فركعوا ركعتين فهو أجهل الناس بالسنة. وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنة قبلها هو مذهب مالك رحمه الله وأحمد رحمه الله تعالى في المشهور عنه واحد الوجهين لأصحاب الشافعي. والذين قالوا إن لها سنة منهم من احتج أنها ظهر مقصورة فيثبت لها أحكام الظهر وهذه حجة ضعيفة جدًا فإن الجمعة صلاة مستقلة بنفسها تخالف الظهر في الجهر والعدد والخطبة والشروط المعتبرة لها وتوافقها في الوقت. وليس إلحاق مسألة النزاع بمورد الاتفاق أولى من إلحاقها بموارد الافتراق بل إلحاقها بموارد الافتراق أولى لأنها أكثرها مما اتفقا فيه

(ومنهم) من أثبت السنة لها هنا بالقياس على الظهر وهو أيضًا قياس فاسد فإن السنة ما كانت ثابتة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من قول أو فعل أوسنة خلفائه الراشدين وليس في مسألتنا شيء من ذلك ولا يجوز إثبات السنن في مثل هذا بالقياس لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإذا لم يفعله ولم يشرعه كان تركه هو السنة

(ومنهم) من احتج بما ذكره البخاري في صحيحه فقال "باب الصلاة قبل الجمعة وبعدها" حدثنا عبد الله بن يوسف أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها

ص: 297

ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وقبل العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين "وهذا لا حجة فيه" ولم يرد به البخاري إثبات السنة قبل الجمعة وإنما مراده أنه هل ورد في الصلاة قبلها أو بعدها شيء ثم ذكر هذا الحديث أي أنه لم يرو عنه فعل السنة إلا بعدها ولم يرد قبلها شيء

(وقد ظن) بعضهم أن الجمعة لما كانت بدلًا عن الظهر وقد ذكر في الحديث السنة قبل الظهر وبعدها دل على أن الجمعة كذلك وإنما قال وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف بيانًا لموضع صلاة السنة بعد الجمعة فإنه بعد الانصراف وهذا الظن غلط منه لأن البخاري قد ذكر في باب التطوع بعد المكتوبة حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعد الظهر وسجدتين بعد المغرب وسجدتين بعد العشاء وسجدتين بعد الجمعة فهذا صريح في أن الجمعة عند الصحابة صلاة مستقلة بنفسها غير الظهر وإلا لم يحتج إلى ذكرها لدخولها تحت اسم الظهر فلما لم يذكر لها سنة إلا بعدها علم أنها لا سنة لها قبلها

(ومنهم) من احتج بما رواه ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة وجابر قال جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب فقال له أصليت ركعتين قبل أن تجئ قال لا قال فصلّ ركعتين وتجوّز فيهما وإسناده ثقات

(قال) أبو البركات تقي الدين وقوله قبل أن تجيء يدلّ على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة وليست تحية المسجد

(قال) شيخنا حفيده أبو العباس وهذا غلط والحديث المعروف في الصحيحين عن جابر قال دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب فقال أصليت قال لا قال فصلّ ركعتين وقال إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث. وأفراد ابن ماجه في الغالب غير صحيحة هذا معنى كلامه

(وقال) شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزّي هذا تصحيف من الرواة وإنما هو أصليت قبل أن تجلس فغلط فيه الناسخ "يعني فقال قبل أن تجيء بدل قبل أن تجلس" قال وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخاري ومسلم فإن الحفاظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما قال ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف "قلت" ويدلّ على صحة هذا أن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد والإمام على المنبر واحتجوا به على منع من فعلها في هذه الحال فلو كانت هي سنة لكان ذكرها هناك والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد ويدل عليه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد ولو كانت سنة الجمعة لأمر القاعدين أيضًا ولم يخص بها الداخل وحده

(ومنهم) من احتج بما رواه أبو داود

ص: 298

في سننه قال حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن نافع قال كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعل ذلك (وهذا) لا حجة فيه على أن للجمعة سنة قبلها وإنما أراد بقوله إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعل ذلك أنه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته لا يصليهما في المسجد وهذا هو الأفضل فيهما كما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. وفي السنن عن ابن عمر أنه إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعًا وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصلّ بالمسجد فقيل له فقال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك

(وأما إطالة) ابن عمر الصلاة قبل الجمعة فإنه تطوع مطلق وهذا هو الأولى لمن جاء إلى الجمعة أن يشتغل بالصلاة حتى يخرج الإِمام كما تقدم من حديث أبي هريرة ونبيشة الهذلي عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أبوهريرة من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد. فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإِمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام هكذا كان هدى الصحابة رضي الله تعالى عنهم

(قال ابن المنذر) روينا عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة ثنتى عشر ركعة (وعن) ابن عباس أنه كان يصلي ثمان ركعات (وهذا دليل) على أن ذلك كان منهم من باب التطوع المطلق ولذلك اختلف في العدد المروى عنهم في ذلك

(وقال الترمذي) في الجامع وروي عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا وإليه ذهب ابن المبارك والثوري

(ومنهم) من احتج على ثبوت السنة قبلها بما رواه ابن ماجه في سننه حدثنا محمَّد بن يحيى حدثنا يزيد ابن عبد ربه حدثنا بقية عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطأة عن عطية العوفي عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يركع قبل الجمعة أربعًا "الحديث" قال ابن ماجه باب الصلاة قبل الجمعة فذكره

(وهذا الحديث) فيه عدة بلايا "إحداها" بقية بن الوليد إمام المدلسين وقد عنعنه ولم يصرّح بالسماع "الثانية" مبشر بن عبيد المنكر الحديث "الثالثة" الحجاج بن أرطأة الضعيف المدلس "الرابعة" عطية العوفي قال البخاري كان هشيم يتكلم فيه وضعفه أحمد وغيره وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول شيخ كان يقال له مبشر بن عبيد كان بحمص أظنه كوفيًا وروى عنه بقية وأبو المغيرة أحاديثه أحاديث موضوعة كذب وقال الدارقطني مبشر بن عبيد متروك الحديث أحاديثه لا يتابع عليها وقال البيهقي عطية العوفي لا يحتج به ومبشر بن عبيد الحمصي منسوب إلى وضع الحديث والحجاج بن أرطأة لا يحتج به

(قال بعضهم) ولعلّ الحديث انقلب

على بعض هؤلاء الثلاثة الضعفاء لعدم ضبطهم وإتقانهم فقال قبل الجمعة أربعًا وإنما هو بعد

ص: 299

ْالجمعة فيكون موافقًا لما ثبت في الصحيح ونظير هذا حديث عائشة إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وهو في الصحيحين فانقلب على بعض الرواة فقال إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال اهـ باختصار

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي وكذا النسائي بدون ذكر قوله يطيل الصلاة قبل الجمعة وأخرج مسلم والترمذي وابن ماجه نحوه من وجه آخر

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَأَى مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِى الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِى الْمَقْصُورَةِ فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُمْتُ فِى مَقَامِي فَصَلَّيْتُ فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَىَّ فَقَالَ لَا تَعُدْ لِمَا صَنَعْتَ إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِذَلِكَ أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ.

(ش)(رجال الحديث)(عبد الرزاق) بن همام تقدم في الجزء الأول صفحة 106

و(عمر بن عطاء بن أبي الخوار) بضم الخاء المعجمة وتخفيف الواو المكي مولى بني عامر. روى عن ابن عباس والسائب بن يزيد وعبيد الله بن عياض ونافع بن جبير ويحيى بن يعمر. وعنه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وإسماعيل بن أمية. وثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي ويعقوب ابن سفيان وقال في التقريب ثقة من الرابعة. روى له مسلم وأبو داود

(معنى الحديث)

(قوله أرسله إلى السائب بن يزيد الخ) أي أرسل نافع عمر بن عطاء إلى السائب بن يزيد. وقوله ابن أخت نمر صفة ليزيد لأن نمر بن جبل كان خال يزيد لا خال السائب. والسائب تقدمت ترجمته في هذا الجزء صفحة 244

(قوله يسأله عن شيء رأى منه معاوية في الصلاة) وفي رواية مسلم والبيهقي يسأله عن شيء رآه منه معاوية أي يسأل عمر السائب عن شيء رآه منه معاوية بن أبي سفيان في الصلاة فأنكره معاوية عليه

(قوله فقال صليت معه الجمعة في المقصورة) أي قال السائب صليت الجمعة مع معاوية في المقصورة وهي الحجرة التي تكون في المسجد للإمام وأول من أحدثها من الخلفاء معاوية حين طعنه الخارجي ثم استمرّ العمل عليها تحصينًا للأمراء

(قال) القاضي عياض وأجاز بعض المتأخرين اتخاذها وهو وخطأ لتفريقها الصفوف وسترها الإِمام

ص: 300

عمن خلفه وإنما عملت لعلة تحصين الأمراء وأبا لغير ذلك لا تفعل

(واختلف) في الصلاة فيها فأجازها الحسن والقاسم وسالم وغيرهم وصلوا فيها (وكرهها) ابن عمر والشعبي والشافعي وأحمد وإسحاق إلا أن إسحاق قال من صلى فيها أجزأه (وكان) ابن عمر إذا أقيمت الصلاة وهو فيها خرج إلى المسجد (وقيل) هذا إن كانت مباحة وأما المحجورة عن آحاد الناس فلا تجزئُ الجمعة فيها لأنهما خرجت بالحجر عن حكم الجامع المشترط اهـ

(قوله فلما سلمت قمت في مقامي فصليت) وفي رواية مسلم فما سلم الإِمام قمت في مقامي فصليت أي قمت في مكاني الذي صليت فيه الجمعة فصليت النافلة من غير فاصل بينها وبين الفرض

(قوله فلما دخل أرسل إليّ الخ) أي لما دخل معاوية ييته أرسل إلي فقال لا تعد لصلاة النافلة متصلة بالفريضة بل افصل يينهما بكلام أو خروج من المسجد

(قوله حتى تكلم) بحذف إحدى التاءين وقد صرّح بها في بعض النسخ

(قوله فإن نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) وفي رواية مسلم فإن نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرنا بذلك. وأتى به معاوية دليلًا على ما قاله. وقوله أن لا توصل صلاة بصلاة بيان لاسم الإشارة

(وفيه دليل) على استحباب فصل النافلة عن الفريضة إما بالكلام أو التحول إلى مكان آخر. والأفضل خروجه إلى بيته لما تقدم من الترغيب في إيقاع النافلة في البيوت

(والحديث) أخرجه مسلم والبيهقي

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ الْمَرْوَزِيُّ أَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ فِى الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ ذَلِكَ.

(ش)(محمَّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة) بكسر الراء وسكون الزاي تقدم في هذا الجزء صفحة 153. و (عطاء) هو وابن أبي رباح في الجزء الأول صفحة 288

(قوله تقدم فصلى ركعتين) يعني في المسجد

(قوله كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك) أي يصل بعد الجمعة ستًا بمكة في المسجد وركعتين في بيته بالمدينة. وكانت صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجمعة بمكة عام الفتح إذ لم يصل الجمعة فيها قبله. ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى

ص: 301

النافلة وبمكة في المسجد لأنه لم يكن له فيها بيت للإقامة وقتئذ وللإشارة إلى جواز صلاتها في المسجد

(والحديث) أخرجه البيهقي

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ نَا زُهَيْرٌ ح وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ- "مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا". وَتَمَّ حَدِيثُهُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ "إِذَا صَلَّيْتُمُ الْجُمُعَةَ فَصَلُّوا بَعْدَهَا أَرْبَعًا". قَالَ فَقَالَ لِي أَبِي يَا بُنَيَّ فَإِنْ صَلَّيْتَ في الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَيْتَ الْمَنْزِلَ أَوِ الْبَيْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ".

(ش)(سهيل) بن أبي صالح ذكران السمان تقدم في الجزء الثاني صفحة 180

(قوله من كان مصليًا الخ) وفي رواية من كان منكم مصليًا بعد الجمعة فليصل أربعًا "وفيه إشارة" إلى أن الصلاة بعد الجمعة ليست واجبة

(قوله إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعًا) هذا الأمر محمول على الندب عند العلماء (وفيه دلالة) على استحباب صلاة أربع ركعات بعد الجمعة مطلقًا سواء أصليت في المسجد أم في البيت أم بعضها في المسجد والآخر في البيت

(قوله قال فقال لي أبي يا بني فإن صليت الخ) أي قال سهيل بن أبي صالح قال لي أبي فإن صليت النافلة في المسجد فصل فإن صليت الخ) أي قال سهيل بن أبي صالح قال لي أبي فإن صليت النافلة في المسجد فصل ركعتين فإذا أتيت المنزل فصل ركعتين. وفي نسخة فإذا صليت الخ وفي رواية مسلم والبيهقي عن عبد الله بن إدريس قال سهيل فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت فكأن أبا صالح يقول لابنه سهيل صل أربعًا إن لم تتعجل فإن تعجلت لضرورة فصل ركعتين في المسجد وركعتين في البيت

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم باللفظين المذكورين ورواه ابن ماجه والنسائي والبيهقي بلفظ ابن يونس ورواه الترمذي بلفظ ابن الصباح وقال حسن صحيح

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ.

ص: 302

(ش)(عبد الرزاق) بن همام. و (معمر) بن راشد. و (الزهري) تقدم في الجزء الأول صفحة 48. و (سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب في الجزء الثالث صفحة 78

(قوله كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته) دليل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقتصر على ركعتين بعد الجمعة في بيته (قال النووي) وصلاها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعتين في بعض الأوقات لبيان أن أقلها ركعتان. ومعلوم أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي في أكثر الأوقات أربعًا لأنه أمرنا بهنّ وحثنا عليهن وهو أرغب في الخير وأحرص عليه وأولى به اهـ ببعض تصرّف

(قال العراقي) وما ادعى من أنه معلوم فيه نظر بل ليس ذلك بمعلوم ولا مظنون لأن الذي صح عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة ركعتين في بيته ولا يلزم من كونه أمر به أن يفعله "وكون ابن عمر بن الخطاب" كان يصلي بمكة بعد الجمعة ركعتين ثم أربعًا وإذا كان بالمدينة صلى بعدها ركعتين فقيل له فقال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك "فليس في ذلك علم" ولا ظن أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعل بمكة ذلك وإنما أراد رفع فعله بالمدينة فحسب لأنه لم يصح أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى الجمعة بمكة. وعلى تقدير وقوعه بمكة فليس ذلك في أكثر الأوقات بل نادرًا وربما كانت الخصائص في حقه بالتخفيف في بعض الأوقات فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش "الحديث" فربما لحقه تعب من ذلك فاقتصر على الركعتين في بيته وكان يطيلهما كما ثبت في رواية النسائي "وأفضل الصلاة طول القنوت" أي القيام فلعلهما كانتا أطول من أربع ركعات خفاف أو متوسطات اهـ

(والحاصل) أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر الأمة أمرًا مختصًا بهم بصلاة أربع ركعات بعد الجمعة وأطلق ذلك ولم يقيده بكونها في البيت واقتصاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ركعتين كما في حديث ابن عمر لا ينافي مشروعية الأربع لما تقرّر في الأصول من عدم المعارضة بين قوله الخاص بالأمة وفعله الذي لم يقترن بدليل خاص يدلّ على التأسي به فيه وذلك لأن تخصيصه للأمة بالأمر يكون مخصصًا لأدلة التأسى اهـ من نيل الأوطار

(قال الزرقاني) قال ابن بطال والحكمة في صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الركعتين بعد الجمعة في بيته أن الجمعة لما كانت بدل الظهر واقتصر فيها على الركعتين ترك التنفل في المسجد خشية أن يظن أنهما "أي النافلة بعدها" التي حذفت اهـ

وعلى هذا فلا يتنفل قبلها ركعتين متصلتين بها في المسجد لهذا المعنى اهـ

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه النسائي وأخرجه مسلم والبيهقي وابن ماجه والترمذي

ص: 303

من طريق عمرو بن دينار عن الزهري بدون زيادة في بيته

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

(ش) أي كما روى هذا الحديث سالم بن عبد الله عن أبيه رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ولم نقف على من أخرج هذه الرواية

(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ نَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَنْمَازُ عَنْ مُصَلَاّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ قَلِيلًا غَيْرَ كَثِيرٍ قَالَ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَالَ ثُمَّ يَمْشِي أَنْفَسَ مِنْ ذَلِكَ فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَمْ رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يَصْنَعُ ذَلِكَ قَالَ مِرَارًا

(ش)(قوله فينماز عن مكانه الخ) أي ينفصل ويتنحى عن المكان الذي صلى فيه الجمعة قليلًا ثم يمشي أبعد من الانتقال الأول ويصلى أربعًا

(قوله قال مرارًا) أي قال عطاء رأيت ابن عمر يصنع ذلك مرارًا

(والحديث) أخرجه البيهقي عن جعفر بن عون عن ابن جريج

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَلَمْ يُتِمَّهُ.

(ش) أي روى هذا الأثر عبد الملك ابن أبي سليمان العزرمي عن ابن عمر لكن رواه مختصرًا. ورواية عبد الملك بن أبي سليمان لم نقف على من أخرجها ولكن أخرج الطحاوي هذا الحديث بسنده عن أبي إسحاق عن عطاء قال أبو إسحاق حدثني غير مرّة قال صليت مع ابن عمر رضي الله عنهما يوم الجمعة فلما سلم قام فصلى ركعتين ثم قام فصلى أربع ركعات ثم انصرف (وأحاديث) الباب تدل على مشروعية سنة الجمعة البعدية وأنها ركعتان أو أربع أوست (وبهذا) أخذت الحنابلة وقالوا أقلها ركعتان وأكثرها ست (وقالت) الشافعية أقلها ركعتان وأكثرها أربع ونقل عن ابن مسعود والنخعي أنها أربع (وبه قالت) الحنفية وقالوا إن الأربع تكون بتسليمة واحدة (وقالت) المالكية لا سنة للجمعة بعدها (والأحاديث) حجة عليهم (وأحاديث الباب) تدل أيضًا على جواز صلاة سنة الجمعة البعدية في المسجد وفي البيت. وأكثر الروايات على صلاتها في البيت وهو الأفضل لأحاديث الترغيب في النافلة في البيوت

ص: 304