المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب يخطب على قوس) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٦

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الفتح على الإِمام في الصلاة)

- ‌(باب الالتفات في الصلاة)

- ‌باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(باب العمل في الصلاة)

- ‌(باب ردّ السلام في الصلاة)

- ‌(باب في تشميت العاطس في الصلاة)

- ‌(باب التأمين وراء الإِمام)

- ‌(باب التصفيق في الصلاة)

- ‌(باب الإشارة في الصلاة)

- ‌(باب في مسح الحصى في الصلاة)

- ‌(باب الرجل يصلي مختصرًا)

- ‌(باب النهى عن الكلام في الصلاة)

- ‌(باب في صلاة القاعد)

- ‌(باب من ذكر التورّك في الرابعة)

- ‌(باب التشهد)

- ‌(باب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد)

- ‌(باب ما يقول بعد التشهد)

- ‌(باب إخفاء التشهد)

- ‌(باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة)

- ‌(باب في السلام)

- ‌(باب الردّ على الإِمام)

- ‌(باب التكبير بعد الصلاة)

- ‌(باب إذا أحدث في صلاتة)

- ‌(باب إذا صلي خمسًا)

- ‌(باب إِذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ)

- ‌(باب من قال يتمّ على أكثر ظنه)

- ‌(باب من قال بعد التسليم)

- ‌(باب من قام من ثنتين ولم يتشهد)

- ‌(باب من نسي أن يتشهد وهو جالس)

- ‌(باب سَجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ)

- ‌(باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة)

- ‌(باب كيف الانصراف من الصلاة)

- ‌(باب صلاة الرجل التطوع في بيته)

- ‌(باب من صلى لغير القبلة ثم علم)

- ‌(باب تفريع أبواب الجمعة)

- ‌(باب الإجابة آية ساعة هي في يوم الجمعة)

- ‌(باب فضل الجمعة)

- ‌(باب كفارة من تركها)

- ‌(باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ)

- ‌(باب الجمعة في اليوم المطير)

- ‌(باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة)

- ‌(باب الجمعة للمملوك والمرأة)

- ‌(باب الجمعة في القري)

- ‌(باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد)

- ‌(باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة)

- ‌(باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة)

- ‌(باب اتخاذ المنبر)

- ‌(باب موضع المنبر)

- ‌(باب وقت الجمعة)

- ‌(باب النداء يوم الجمعة)

- ‌(باب الجلوس إذا صعد المنبر)

- ‌(باب الرجل يخطب على قوس)

- ‌(باب رفع اليدين على المنبر)

- ‌(باب إقصار الخطب)

- ‌(باب الدنوّ من الإِمام عند الموعظة)

- ‌(باب الإِمام يقطع الخطبة للأمر يحدث)

- ‌(باب الاحتباء والإمام يخطب)

- ‌(باب الكلام والإمام يخطب)

- ‌(باب استئذان المحدث الإِمام)

- ‌(باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب)

- ‌(باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة)

- ‌باب الرجل ينعس والإمام يخطب

- ‌(باب الإِمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر)

- ‌(باب من أدرك من الجمعة

- ‌(باب ما يقرأ في الجمعة)

- ‌(باب الرجل يأتمّ بالإمام وبينهما جدار)

- ‌(باب الصلاة بعد الجمعة)

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(باب وقت الخروج إلى العيد)

- ‌(باب خروج النساء إلى العيد)

- ‌(باب يخطب على قوس)

- ‌(باب ما يقرأ في الأضحى والفطر)

- ‌(باب الجلوس للخطبة)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه يخرج من الغد)

- ‌(باب الصلاة بعد صلاة العيد)

الفصل: ‌(باب يخطب على قوس)

(باب يخطب على قوس)

وفي بعض النسخ إسقاط هذه الترجمة والصواب إثباتها

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- نُوِّلَ يَوْمَ الْعِيدِ قَوْسًا فَخَطَبَ عَلَيْهِ.

(ش)(رجال الحديث)(أبو جناب) بفتح الجيم وتخفيف النون هو يحيى بن حيّ تقدم في الجزء الرابع صفحة 239. و (يزيد بن البراء) بن عازب الأنصاري الحارثي الكوفي روى عن أبيه. وعنه عدي بن ثابت وأبو جناب وأبو عائذ. قال العجلي تابعي ثقة وقال في التقريب صدوق من الثالثة وذكره ابن حبان في الثقات. روى له أبو داود والنسائي

(معنى الحديث)

(قوله نوّل يوم العيد قوسًا فخطب عليه) أي أعطي يوم العيد قوسًا فخطب وهو متكئ عليه. ونوّل بواو واحدة مشددة هكذا في أكثر النسخ من التنويل وهو الإعطاء وفي بعضها بواوين من المناولة. وهذا الحديث أخرجه أحمد من طريق أبي جناب مختصرًا كرواية المصنف وأخرجه مطوّلًا عنه أيضًا قال حدثني يزيد ابن البراء بن عازب عن البراء بن عازب قال كنا جلوسًا في المصلى يوم أضحى فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسلم على الناس ثم قال إن أول نسك يومكم هذا الصلاة قال فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم ثم استقبل الناس بوجهة وأعطي قوسًا أو عصا فاتكأ عليه فحمد الله وأثنى عليه وأمرهم ونهاهم وقال من كان منكم عجل ذبحًا فإنما هي جزرة أطعمه أهله إنما الذبح بعد الصلاة فقام إليه خالي أبو بردة بن نيار فقال أنا عجلت ذبح شاتي يا رسول الله ليصنع لنا طعام نجتمع عليه إذا رجعنا وعندي جذعة من معز أوفى من الذي ذبحت أفتغنى عني يا رسول الله قال نعم ولن تغنى عن أحد بعدك قال ثم قال يا بلال قال فمشى واتبعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى أتى النساء فقال يا معشر النسوان تصدقن الصدقة خير لكنّ قال فما رأيت قط أكثر خدمة مقطوعة وقلادة وقرطًا من ذلك اليوم "والخدمة بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة الخلخال"

(باب ترك الأذان في العيد)

وفي نسخة باب الأذان في العيد

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ

ص: 322

ابْنَ عَبَّاسٍ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ نَعَمْ وَلَوْلَا مَنْزِلَتِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ -قَالَ- فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ قَالَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَتَاهُنَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

(ش)(سفيان)(الثوري)

(قوله سأل رجل) لم يعرف اسمه

(قوله ولولا منزلتي منه

ما شهدته من الصغر) وفي رواية البخاري ولولا مكاني من الصغر ما شهدته يعني لولا منزلتي من النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما شهدت العيد لأجل صغرى. ومنزلته قرابته من النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العلم الخ) أي جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى العلامة التي عند دار كثير بن الصلت فالمراد بالعلم العلامة لا الجبل وظاهره أن دار كثير كانت موجودة في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم وليس كذلك فإن كثيرًا بناها بعده صلى الله عليه وآله وسلم بزمن فصارت شهيرة في تلك البقعة ووصف المصلى بمجاورتها وكثير بن الصلت هو ابن معاوية الكندي تابعي كبير ولد في عهده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقدم المدينة هو وإخوته فسكنها قال نافع كان اسمه قليلًا فسماه عمر كثيرًا

(قوله فصلى ثم خطب) أي صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم العيد ثم خطب بعد الصلاة

(قوله ولم يذكر أذانًا ولا إقامة) أي قال ابن عابس لم يذكر ابن عباس أذانًا ولا إقامة وهذه الجملة معترضة بين المتناسبين. وفي رواية البخاري فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهنّ وذكرهنّ وأمرهنّ بالصدقة فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه في ثوب بلال ثم انطلق هو وبلال إلى بيته

(قوله قال فجعل النساء يشرن إلى آذانهنّ وحلوقهنّ) وفي أكثر النسخ فجعلن النساء. والنساء بدل من ضمير النسوة. والنسخة الأولى هي الأولى. والمعنى أسرع النساء يشرن إلى ما في آذانهنّ وحلوقهنّ من الأقراط والقلائد يقصدن بذلك أنها صدقة

(قوله فأمر بلالًا فأتاهنّ الخ) أي أمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلالًا بإتيانه النساء ليأخذ ما يتصدقن به. وظاهر هذه الرواية أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم ينتقل من المكان الذي خطب فيه وأنه أرسل بلالًا ليأخذ من النساء ما تصدقن به بخلاف الروايات السابقة فإنها صريحة في أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذهب إلى النساء ومعه بلال

ص: 323

لوعظهن وحضهن على الصّدقة (ويمكن الجمع) بأن بلالًا مشى مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأتيا إليهن فوعظهن وأمرهن بالتصدق فتصدق بعض منهن وأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلالًا أن يأتي البعض الآخر ليأخذ منهن الصدقة فأخذها منهن ثم رجع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (وبأن) في رواية الباب اختصارًا لما عند البخاري من طريق عبد الرحمن في عابس قال سمعت ابن عباس قيل له أشهدت العيد مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال نعم ولولا مكاني من الصغر ما شهدته "خرج" حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن "الحديث"

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ شَكَّ يَحْيَى.

(ش)(يحيى) في سعيد القطان. و (طاوس) بن كيسان اليمامي

(قوله صلى العيد الخ) صرّح ابن عباس في هذه الرواية بأنه ليس في صلاة العيد أذان ولا إقامة وأن أبا بكر الصديق وعمر رضي الله تعالى عنهما صلى كل منهما العيد بغير أذان ولا إقامة وشك يحيى القطان في ذكر عمر في الرواية أوعثمان (والحديث) أخرجه ابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ -وَهَذَا لَفْظُهُ- قَالَا نَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ -يَعْنِي ابْنَ حَرْبٍ- عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ الْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ.

(ش)(أبو الأحوص) سلام بن سليم

(قوله صليت مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غير مرّة ولا مرّتين الخ) مراده أنه صلى العيدين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرًا بغير أذان ولا إقامة

(وأحاديث الباب) كلها تدل على عدم مشروعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين قال العراقي وعلى هذا عمل العلماء كافة اهـ

وقال ابن قدامة لا نعلم في هذا خلافًا ممن يعتد بخلافه اهـ

(وقال مالك) في الموطأ سمعت غير واحد من علمائنا يقول لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى اليوم

ص: 324

وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا اهـ

واختلف في أول من أحدث الأذان والإقامة في العيدين من الأمراء. فقيل معاوية كما أخرجه الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري أنه قال لم يؤذن للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا لأبي بكر ولا لعمر ولا لعثمان في العيدين حتى أحدث ذلك معاوية بالشام فأحدثه الحجاج بالمدينة حين أمر عليها اهـ

وقيل أول من أحدثهما ابن الزبير وقيل مروان وقيل الحجاج (ولاوجه لهم) فيما أحدثوه لمخالفته الثابت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وخلفائه الراشدين "وما روي" من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يأمر المؤذن أن يقول الصلاة جامعة "فهو مرسل" عن الزهري ضعيف كما ذ كره النووي فلا تقوم به حجة "وما قيل" من أنه يقال فيها ذلك قياسًا على الكسوف "لا يعوّل عليه" لأن محلّ القياس مسألة لم يعلم فيها نص وصلاة العيد تكرّرت منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في مجمع من الصحابة. ومثل هذا تتوفر الدواعي على نقله تواترًا فلا محلّ للقياس فيه. وروى مسلم عن عطاء قال أخبرني جابر أن لا أذان لصلاة يوم الفطر حين يخرج الإِمام ولا ما بعد ما يخرج ولا إقامة ولا شيء (وهو بعمومه) يشمل نفي قولهم الصلاة جامعة ونحوها (قال في الهدى) كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول الصلاة جامعة والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك اهـ

(والحديث) أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والبيهقي

(باب التكبير في العيدين)

أي في بيان صفة التكبير في صلاة العيدين وعدده

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ نَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى فِي الأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَفِى الثَّانِيَةِ خَمْسًا.

(ش)(ابن لهيعة) هو عبد الله. و (عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد الأيلي

(قوله كان يكبر في الفطر والأضحى الخ) فيه دليل على سنية التكبير في صلاة العيدين وأنه في الركعة الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات لا فرق في هذا بين عيد الأضحى والفطر وهو مروى عن عمر وعلى وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وجابر وابن عمر وابن عباس وعائشة وهو قول الفقهاء السبعة من أهل المدينة وقول عمر بن عبد العزيز والزهري ومكحول ومالك

ص: 325

والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق إلا أن مالكًا وأحمد والمزني قالوا سبعًا في الأولى بتكبيرة الإحرام وخمسًا في الثانية سوى تكبيرة القيام

(وقال الشافعي) والأوزاعي وإسحاق السبع في الأولى غير تكبيرة الإحرام والخمس في الثانية غير تكبيرة القيام وهو الأقرب لما رواه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر في العيدين الأضحى والفطر ثنتي عشرة تكبيرة في الأولى سبعًا وفي الآخرة خمسًا سوى تكبيرة الإحرام

(والحديث) أخرجه البيهقي

(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ سِوَى تَكْبِيرَتَيِ الرُّكُوعِ.

(ش)(ابن السرح) هو أحمد بن عمرو

(قوله بإسناده) أي بإسناد حديث قتيبة وهو عن عروة عن عائشة

(قوله قال سوى تكبيرتي الركوع) أي قال عبد الله بن وهب في روايته عن ابن لهيعة بسنده كان يكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة عيد الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات والثانية (ورواية) ابن وهب أخرجها ابن ماجة والدارقطني والبيهقي بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر في الفطر والأضحى سبعًا وخمسًا سوى تكبيرتي الركوع (وفيها دلالة) لقول من قال إن تكبيرة الإحرام معدودة من السبع حيث لم يستثنها مع تكبيرتي الركوع "ولا يشكل" عليه عدم استثناء تكبيرة القيام للركعة الثانية "لأنها في نفس القيام" ولا يعدّ من تكبيرات العيد إلا ما كان بعد القيام

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "التَّكْبِيرُ في الْفِطْرِ سَبْعٌ في الأُولَى وَخَمْسٌ في الآخِرَةِ وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا".

(ش)(رجال الحديث)(المعتمر) بن سليمان. و (عبد الله بن عبد الرحمن) بن يعلي بن كعب (الطائفي) أبو يعلى الثقفي. روى عن عمرو بن شعيب وعطاء بن أبي رباح والمطلب بن عبد الله وآخرين. وعنه الثوري ومروان بن معاوية والمعتمر بن سليمان وجماعة. ضعفه ابن معين

ص: 326

وقال الدارقطني يعتبر به ووثقه العجلي وقال أبو حاتم ليس بالقوي لين الحديث وقال النسائي ليس بالقوي يكتب حديثه وقال في التقريب صدوق يخطئُ ويهم من السابعة. روى له مسلم والنسائي وابن ماجه وأبو داود والبخاري في الأدب

(معنى الحديث)

(قوله والقراءة بعدهما) يعني القراءة في الركعتين تكون بعد التكبير فيهما (وفيه دلالة) على أن القراءة في صلاة العيد تكون بعد التكبير في الركعتين (وبهذا) قال مالك والشافعي وأحمد قال العراقي وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين

(واستدلوا) أيضًا بما رواه الترمذي من طريق عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة قال الترمذي حديث حسن

(وبما رواه) البيهقي من طريق عبد الله بن محمَّد بن عمار ابن سعد وعمر بن حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعًا وفي الآخرة خمسًا وكان يكبر قبل القراءة

(وبما رواه) من طريق شعيب بن أبي حمزة ومالك عن نافع مولى ابن عمر قال شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات في القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات في القراءة ثم قال هي السنة

(وما رواه) أيضًا عن سعد بن قرظ قال إن السنة في صلاة الأضحى والفطر أن يكبر الإِمام في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات قبل القراءة

(وقالت) الحنفية يوالي بين القراءتين فيكبر في الأولى ثم يقرأ ويقرأ في الثانية ثم يكبر لما أخرجه عبد الرزاق عن علقمة والأسود قالا كان ابن مسعود جالسًا وعنده حذيفة وأبو موسى الأشعري فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في الفطر والأضحى فقال حذيفة سل الأشعري فقال أبو موسى سل عبد الله فإنه أقدمنا وأعلمنا فسأله فقال ابن مسعود يكبر أربعًا ثم يقرأ فيركع تم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعًا بعد القراءة

(ولما رواه) البيهقي عن معبد بن خالد عن كردوس قال قدم سعيد بن العاص قبل الأضحى فأرسل إلى عبد الله ابن مسعود وإلى أبي موسى وإلى أبي مسعود الأنصاري فسألهم عن التكبير فقذفوا بالمقاليد إلى عبد الله "أي أشاروا إليه" فقال عبد الله تقوم فتكبر أربع تكبيرات ثم تقرأ ثم تركع في الخامسة ثم تقوم فتقرأ ثم تكبر أربع تكبيرات فتركع بالرابعة

(قالوا) ولأن التكبير من الثناء والثناء حيث شرع في الركعة الأولى شرع مقدمًا على القراءة كالاستفتاح في الركعة الثانية شرع مؤخرًا كالقنوت

(والراجح) ما قاله الأولون لأنه مرفوع إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قولًا وفعلًا من طرق كثيرة جيدة. وما ذكروه من القياس على دعاء الافتتاح والقنوت لا يعوّل عليه لأنه في مقابلة النصّ

ص: 327

(والحديث) أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي صحيح

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ نَا سُلَيْمَانُ -يَعْنِي ابْنَ حَيَّانَ- عَنْ أَبِي يَعْلَى الطَّائِفِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ فِي الأُولَى سَبْعًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ.

(ش)(أبو يعلى) هو عبد الله بن عبد الرحمن المتقدم

(قوله كان يكبر في الفطر في الأولى سبعًا الخ) فيه دلالة أيضًا على أن التكبير يكون قبل القراءة

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا سَبْعًا وَخَمْسًا.

(ش) أي روى هذا الحديث وكيع بن الجرّاح وعبد الله بن المبارك وقالا في روايتهما عن أبي يعلى يكبر في الثانية خمسًا. وغرض المصنف بهذا الإشارة إلى ضعف رواية سليمان بن حيان عن أبي يعلى التي فيها أن التكبير في الثانية أربع. وقد روى الدارقطني هذا الحديث من عدة طرق عن أبي يعلى بذكر الخمس تكبيرات في الركعة الثانية وقال البيهقي بعد أن أخرج رواية المعتمر بن سليمان عن الطائفي وكذلك رواه ابن المبارك ووكيع وأبو عاصم وعثمان بن عمر وأبو نعيم عن عبد الله "وفي كل ذلك" دلالة على خطأ رواية سليمان بن حيان عن عبد الله الطائفي في هذا الحديث سبعًا في الأولى وأربعًا في الثانية. ورواية عبد الله بن المبارك أخرجها ابن ماجه بلفظ إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر في العيد سبعًا وخمسًا

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَابْنُ أَبِي زِيَادٍ -الْمَعْنَى قَرِيبٌ- قَالَا نَا زَيْدٌ -يَعْنِي ابْنَ حُبَابٍ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَائِشَةَ جَلِيسٌ لأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ سَأَلَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُكَبِّرُ فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَكْبِيرَهُ عَلَى الْجَنَائِزِ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ صَدَقَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَذَلِكَ كُنْتُ

ص: 328

أُكَبِّرُ فِي الْبَصْرَةِ حَيْثُ كُنْتُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ أَبُو عَائِشَةَ وَأَنَا حَاضِرٌ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ.

(ش)(رجال الحديث)(ابن أبي زياد) هو عبد الله بن الحكم بن أبي زياد أبو عبد الرحمن القطواني. روى عن ابن عيينة ومعاذ بن هشام وزيد بن الحباب وغيرهم. وعنه الترمذي وابن ماجه وأبو حاتم وكثيرون. وثقه ابن أبي حاتم وابن حبان وقال في التقريب صدوق من العاشرة. مات سنة خمس وخمسين ومائتين. روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي

و(عبد الرحمن بن ثوبان) هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فهو منسوب إلى جده

(قوله عن أبيه) هو ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي. روى عن سعيد بن المسيب ومكحول والزهري وابن سيرين وعبد الله بن الديلمى. وعنه ابنه عبد الرحمن والأوزاعي ويحيى بن حمزة وآخرون وثقة أبو حاتم وابن معين وقال العجلي لا بأس به وقال في التقريب ثقة من السادسة. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب. و (أبو عائشة) الأموي مولاهم روى عن أبي هريرة وحذيفة. وعنه مكحول وخالد بن معدان. قال الذهبي لا يعرف وقال ابن حزم وابن القطان مجهول.

و(سعيد بن العاص) وفي نسخة سعيد بن العاص بإثبات الياء ابن سعيد بن العاص بن أمية الأموي أبا عثمان كان من فصحاء قريش ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن وكانت عربية القرآن قائمة على لسان سعيد بن العاص لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولي الكوفة وغزا طبرستان ففتحها وغزا جرجان وكان في عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة وكان مشهورًا بالكرم. روى عن ابن عمر أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ببردة فقالت إني نذرت هذه البردة لأكرم العرب فقال أعطيها لهذا الغلام يعني سعيدًا. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرسلًا وعن عثمان وعمرو وعائشة. وعنه ابناه عمر ويحيى ومولاه كعب وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير توفي سنة سبع أو ثمان وخمسين

(معنى الحديث)

(قوله تكبيره على الجنائز) أي كتكبيره على صلاة الجنازة والتشبيه في عدد التكبيرات

(قوله حيث كنت عليهم) أي كنت واليًا عليهم

(قوله قال أبو عائشة الخ) غرضه بهذا وما قبله تأكيد ما رواه لأنه عن عيان فلا شك فيه

(وبهذا الحديث) استدلت الحنفية على أن عدد التكبير في الركعة الأولى من صلاة العيد ثلاث وكذا في الثانية وإنما قال أربعًا لأن تكبيرة الافتتاح تضمّ إلى الثلاث في الأولى والثانية يضمّ إليها تكبيرة الركوع فيكون في كلّ ركعة أربع تكبيرات

(وهو مذهب) ابن مسعود وأبي موسى وأبي مسعود الأنصاري والثوري

(لكن الحديث) لا يصلح للاحتجاج به لأن فيه عبد الرحمن بن ثوبان ضعفه ابن معين

ص: 329

وقال أحمد لم يكن بالقوي وأحاديثه مناكير. وفيه أبو عائشة وهو مجهول لا يعرف اسمه ولا حاله.

ورواه البيهقي من رواية مكحول عن رسول أبي موسى وحذيفة. قال البيهقي هذا الرسول مجهول وقد خولف راوى هذا الحديث في موضعين "أحدهما" في رفعه "والآخر" في جواب أبي موسى.

والمشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فأفتاه ابن مسعود بذلك ولم يسنده إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي عن عبد الله ابن موسى أو ابن أبي موسى أن سعيد بن العاص أرسل إلى مسعود وحذيفة وأبي موسى فسألهم عن التكبير في العيد فأسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فقال تكبر أربعًا قبل القراءة ثم تقرأ فإذا فرغت كبرت فركعت ثم تقوم في الثانية فتقرأ فإذا فرغت كبرت أربعًا وعبد الرحمن هو ابن ثابت بن ثوبان ضعفه يحيى بن معين قال وكان رجلًا صالحًا ورواه النعمان بن المنذر عن مكحول عن رسول أبي موسى وحذيفة عنهما عن الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يسمّ الرسول اهـ

(وعلى) تقدير صحة الحديث فليس فيه أن التكبير ست في كلتا الركعتين سوى تكبيرتي الإحرام والركوع كما يقولون بل ظاهره أن التكبير فيهما أربع ولا قائل به

(وهناك) آثار أخر تدل على أن التكبير ثلاث في الأولى والثانية

(منها) ما رواه عبد الرزاق في مصنفه قال أخبرنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعًا تسعًا أربع قبل القراءة ثم يكبر فيركع وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعًا ثم ركع

(ومنها) ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم أنا مجالد عن الشعبي عن مسروق قال كان عبد الله بن مسعود يعلمنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات خمس في الأولى وأربع في الأخرى ويوالي بين القراءتين

(ومنها) ما رواه عبد الرزاق أيضًا في مصنفه أخبرنا إسماعيل بن أبي الوليد نا خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث قال شهدت ابن عباس كبر في صلاة العيد بالبصرة تسع تكبيرات ووالى بين القراءتين قال وشهدت المغيرة بن شعبة فعل ذلك أيضًا

(لكن هذه آثار) لا تقوى على معارضة المرفوع من الأحاديث (وأخذ من أحاديث الباب) أن التكبير في العيد له طريقتان "إحدهما" أن يكبر في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا "وثانيتهما" يكبر أربعًا في الأولى بتكبيرة الإحرام وأربعًا في الثانية بتكبيرة الركوع

(وهناك) طرق أخرى. منها التفرقة بين عيد الفطر والأضحى فيكبر في الفطر إحدى عشرة ستًا في الأولى وخمسًا في الثانية وفي الأضحى ثلاثًا في الأولى وثنتين في الثانية يبدأ بالقراءة في الركعتين فيهما رواه ابن أبي شيبة موقوفًا على عليّ لكنه من رواية الحارث الأعور وفيه مقال

(ومنها) أن التكبير سبع في الأولى وسبع في الثانية وهي مروية عن أنس والمغيرة بن شعبة وسعيد بن المسيب والنخعي

(ومنها) أنه يكبر في الأولى سبعًا قبل القراءة وفي الثانية خمسًا بعد القراءة حكى هذا في البحر عن القاسم والناصر

(ومنها) أن

ص: 330

التكبير سبع في الأولى وخمس في الثانية إلا أنه فيهما بعد القراءة

(وإليه) ذهب الهادي والمؤيد بالله أبو طالب (وأقوى) الطرق ما فيها أن التكبير سبع في الأولى وخمس في الثانية قبل القراءة فيهما لكثرة أدلتها ولما تقدم من أنها قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة هي المروية عن عائشة وعمرو بن العاصي ومروية أيضًا عن عمرو بن عوف عند الترمذي بلفظ إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة وخمسًا في الثانية قبل القراءة قال الترمذي وهو أحسن شيء في هذا الباب

(قال) الشوكاني بعد سرد الأقوال في عدد التكبير احتج أهل القول الأول بما في الباب من الأحاديث المصرّحة بعدد التكبير وكونه قبل القراءة

(قال) ابن عبد البر وروى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من طرق حسان أنه كبر في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية من حديث عبد الله بن عمر وابن عمرو وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف المزني ولم يرد عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا وهو أولى ما عمل به اهـ (ثم قال) وأرجح هذه الأقوال أولها في عدد التكبير وفي محل القراءة اهـ وأولها التكبير سبعًا في الأولى قبل القراءة وخمسًا في الثانية قبلها

(قال الزرقاني) قال بعض العلماء حكمة هذا العدد أنه لما كان للوترية أثر عظيم في التذكير بالوتر الصمد الواحد الأحد وكان للسبعة منها مدخل عظيم في الشرع جعل تكبير صلاة العيد وترًا وجعل سبعًا في الأولى لذلك وتذكيرًا بأعمال الحج السبعة من الطواف والسعي والجمار تشويقًا إليها لأن النظر إلى العيد الأكبر أكثر تذكيرًا بخالق هذا الوجود بالتفكر في أفعاله المعروفة من خلق السموات السبع والأرضين السبع وما فيها من الأيام السبع لأنه خلقهما في ستة أيام وخلق آدم في السابع يوم الجمعة. ولما جرت عادة الشارع بالرفق بهذه الأمة ومنه تخفيف الثانية عن الأولى وكانت الخمسة أقرب وترًا إلى السبعة من دونها جعل تكبير الثانية خمسًا لذلك اهـ

وقوله وخلق آدم في السابع يوم الجمعة مبني على القول بأن مبدأ الخلق كان يوم السبت والصحيح أنه كان يوم الأحد لما في مسلم والحاكم عن ابن عباس إن الله خلق الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال وما فيهن من المنافع يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الصخر والماء والطين والعمران والخراب وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه فخلق الله في أول ساعة من هذه الساعات ساعات الآجال وفي الثانية ألقى الله الألفة على كل شيء مما ينتفع به الناس وخلق في الثالثة آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة اهـ

(واختلف) في الموالاة بين تكبيرات صلاة العيد فقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي يوالى بينها ولا يفصلها بذكر ولا دعاء ويسكت الإِمام هنيهة قدر ما يكبر المأموم

(وقال الشافعي) يفصل بين كل تكبيرتين قدر آية لا طويلة ولا قصيرة (واختلف)

ص: 331

أصحابه فيما يقوله في هذه السكتة فقال الأكثرون يقول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وقال بعضهم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (وبالفصل) بين كل تكبيرتين قالت الحنابلة وقالوا يقول الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا وصلى الله على محمَّد النبي وآله وسلم تسليمًا كثيرًا

(ولا حجة لهم) على ذلك كله ولو كان لنقل إلينا كما نقل التكبير "وما رواه" البيهقي أن الوليد بن عقبة خرج على عبد الله وحذيفة والأشعرى وقال إن هذا العيد غدا فكيف التكبير فقال عبد الله بن مسعود تكبر وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وتدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك "فليس صريحًا" في تكبير الصلاة بل يحتمله وغيره من التكبير

(واختلف) أيضًا هل يرفع يديه مع كل تكبيرة فقال أبو حنيفة ومحمد والشافعية والحنابلة وعطاء والأوزاعي وابن المنذر وداود يرفع يديه مع كل تكبيرة كما رواه البيهقي عن عمر أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة ولحديث وائل بن حجر عند المصنف وغيره أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه مع كل تكبير

(قال) أحمد فأرى أن يدخل فيه هذا كله اهـ

(وقال) أبو يوسف وابن أبي ليلى والثوري لا يرفع يديه إلا في الإحرام وهي رواية عن مالك. وروي عنه مطرّف وابن كنانة استحباب الرفع في كل تكبيرة. وروى عنه التخيير في ذلك

(قال في الهدى) كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ولكن ذكر عن ابن مسعود أنه كان يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان ابن عمر مع تحرّيه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة اهـ

(واختلف) في حكم التكبير في صلاة العيد فذهب الناصر والهادوية إلى أنه فرض. واستدلوا على ذلك في عيد الفطر بقوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) وعلى وجوبه في الأضحى بقوله تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)

(وذهب) الجمهور إلى أنه سنة (وأجابوا) عن الآيتين بأنهما ليستا نصًا في تكبيرات صلاة العيد فلا يصح الاستدلال بهما على الوجوب

(وقالت الحنفية) واجب يأثم المصلي بتركه عمدًا

(قال في النيل) والظاهر عدم وجوب التكبير كما ذهب إليه الجهمور لعدم ما يدل على الوجوب وقال ابن قدامة لا أعلم في سنية التكبير في صلاة العيد خلافًا اهـ

(واختلف) أيضًا فما إذا ترك التكبير أو بعضه نسيانًا

(فقالت الحنفية) لو تركه حتى فرغ من القراءة فإن تذكره في الركوع أتى به فيه وإلا بأن تذكره بعد الرفع من الركوع سجد للسهو لتركه الواجب

(وقالت الشافعية) والحنابلة إذا تركه حتى فرغ من القراءة لا يعود إليه ولاسجود عليه

(وقالت المالكية) إن نسيه حتى فرغ من القراءة عاد إليه واستأنف القراءة وسجد بعد السلام هذا ما لم يركع فإن تذكره بعد الركوع تمادى في الصلاة وسجد الإِمام والفذ قبل السلام

(فائدة) ذهب جماهير

ص: 332

العلماء من السلف والخلف إلى مشروعية التكبير في العيدين في غير الصلاة واختلفوا في ابتداء وقته وانتهائه أما في الأضحى

(فذهبت) الحنفية إلى أن أول وقت التكبير فيه فجر يوم عرفة واختلفوا في آخره فقال أبو حنيفة آخره صلاة العصر من يوم النحر وقال أبو يوسف ومحمد آخره صلاة العصر من آخر أيام التشريق

(وقالت الشافعية) والحنابلة يكبر عقب الصلاة من صبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق

(وهذا) في حق المحلّ عندهم أما المحرم فيكبر من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق

(وذهبت المالكية) إلى أنه يكبر عقب خمس عشرة فريضة من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق لما رواه الدارقطني عن ابن عمر قال التكبير أيام التشريق بعد الظهر من يوم النحر وآخره في الصبح من آخر أيام التشريق وما رواه عنه أيضًا أنهم كانوا يكبرون في صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق يكبرون في الصبح ولا يكبرون في الظهر

(قال في الفتح) وفي التكبير اختلاف بين العلماء في مواضع فمنهم من قصر التكبير على أعقاب الصلوات. ومنهم من خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل ومنهم من خصه بالرجال دون النساء وبالجماعة دون المنفرد وبالمؤدّاة دون المقضية وبالمقيم دون المسافر وبساكن العصر دون القرية

(وظاهر) اختيار البخاري شمول ذلك للجميع والآثار التي ذكرها تساعده

(وللعلماء اختلاف) في ابتدائه وانتهائه فقيل من صبح يوم عرفة وقيل من ظهره وقيل من عصره وقيل من صبح يوم النحر وقيل من ظهره وقيل في الانتهاء إلى ظهر يوم النحر وقيل إلى عصره وقيل إلى ظهر ثانيه وقيل إلى صبح آخر أيام التشريق وقيل إلى ظهره وقيل إلى عصره (حكى) هذه الأقوال كلها النووي إلا الثاني من الانتهاء. وقد رواه البيهقي عن أصحاب ابن مسعود ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حديث

(وأصح) ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى أخرجه ابن المنذر وغيره اهـ

(والآثار) التي أشار إليها عند البخاري ما رواها عن عمر أنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتجّ مني تكبيرًا وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام "يعني أيام منى" وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعًا (وكانت) ميمونة تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد

(وقال) في الروضة الندية أما تكبير أيام التشريق فلا شك في مشروعية مطلق التكبير في هذه الأيام المذكورة ولم يثبت تعيين لفظ مخصوص ولا وقت مخصوص ولا عدد مخصوص بل المشروع الاستكثار منه دبر الصلوات وسائر الأوقات فما جرت عليه عادة الناس اليوم استنادًا إلى بعض الكتب الفقهية من جعله عقب كل صلاة فريضة ثلاث مرّات وعقب كل صلاة نافلة مرّة واحدة وقصر

ص: 333

المشروعية على ذلك فحسب ليس على أثارة من علم فيما أعلم

(وأصح) ما ورد فيه عن الصحابة من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى اهـ

(أما وقت) تكبير عيد الفطر فقال الجمهور يكبر عند الغدوّ إلى صلاة العيد وبه قال علي وابن عمر وأبو أمامة وابن أبي ليلى وسعيد بن جبير وعمر ابن عبد العزيز والحكم وحماد ومالك وإسحاق وأبو ثور وهو ظاهر كلام الحنفية. ويدل لهم ما رواه الدارقطني عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلي

(وقالت الشافعية) أول وقته إذا غربت الشمس ليلة العيد. وهو مذهب سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعروة وزيد بن أسلم

(وبه قالت الحنابلة) وقالوا يتأكد عند الخروج إلى المصلى (ومنشأ) الخلاف في ذلك اختلاف في تفسير قوله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) فقال أكثر المفسرين المراد التكبير عند الخروج إلى الصلاة

(وقال) جماعة المراد التكبير ليلة العيد عند رؤية هلال شوّال كما رواه ابن جرير عن ابن عباس قال حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوّال أن يكبروا الله تعالى حتى يفرغوا من عيدهم لأن الله يقول (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ)

(واختلف) في انتهائه فقالت المالكية ينتهي بخروج الإِمام إلى الصلاة (وهو) قول الشافعية (وللحنفية) في انتهائه قولان "أحدهما" ينتهى بالوصول إلى المصلى "ثانيهما" بشروع الإِمام في الصلاة وهو أصح الأقوال عند الشافعية (وقالت الحنابلة) ينتهي بالفراغ من الخطبة

(واختلفوا) أيضًا في حكم هذا التكبير فذهب الأكثرون إلى استحبابه

(قال النووي) وحكى العبدري وغيره عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وداود أنهم قالوا التكبير في عيد الفطر واجب وفي الأضحى مستحب اهـ

وفي صفة التكبير روايات (منها) ما أخرجه الدارقطني عن جابر قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول على مكانكم ويقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

(ومنها) ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال كبروا الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا (قال) في سبل السلام وهذه أصح الروايات

(ومنها) ما أخرجه الدارقطني عن سعيد بن أبي هند أنه سمع جابر بن عبد الله يكبر في الصلوات الله أكبر الله أكبر الله أكبر. وحكى ابن المنذر عن عمر وابن مسعود أن التكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد (وبه الثوري) وأبو حنيفة ومحمد وأحمد وإسحاق (وقال) الحكم وحماد وليس في التكبير شيء مؤقت (وقال) في سبل السلام وللأئمة فيه استحسانات كثيرة وهو يدل على التوسعة في الأمر وإطلاق الآية يعني قوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ) يقتضي ذلك. ولا فرق بين تكبير عيد الإفطار وتكبير عيد النحر في مشروعية التكبير لاستواء الأدلة في ذلك وإن كان المعروف عند الناس إنما هو تكبير

ص: 334