المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا صلي خمسا) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٦

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الفتح على الإِمام في الصلاة)

- ‌(باب الالتفات في الصلاة)

- ‌باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(باب العمل في الصلاة)

- ‌(باب ردّ السلام في الصلاة)

- ‌(باب في تشميت العاطس في الصلاة)

- ‌(باب التأمين وراء الإِمام)

- ‌(باب التصفيق في الصلاة)

- ‌(باب الإشارة في الصلاة)

- ‌(باب في مسح الحصى في الصلاة)

- ‌(باب الرجل يصلي مختصرًا)

- ‌(باب النهى عن الكلام في الصلاة)

- ‌(باب في صلاة القاعد)

- ‌(باب من ذكر التورّك في الرابعة)

- ‌(باب التشهد)

- ‌(باب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد)

- ‌(باب ما يقول بعد التشهد)

- ‌(باب إخفاء التشهد)

- ‌(باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة)

- ‌(باب في السلام)

- ‌(باب الردّ على الإِمام)

- ‌(باب التكبير بعد الصلاة)

- ‌(باب إذا أحدث في صلاتة)

- ‌(باب إذا صلي خمسًا)

- ‌(باب إِذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ)

- ‌(باب من قال يتمّ على أكثر ظنه)

- ‌(باب من قال بعد التسليم)

- ‌(باب من قام من ثنتين ولم يتشهد)

- ‌(باب من نسي أن يتشهد وهو جالس)

- ‌(باب سَجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ)

- ‌(باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة)

- ‌(باب كيف الانصراف من الصلاة)

- ‌(باب صلاة الرجل التطوع في بيته)

- ‌(باب من صلى لغير القبلة ثم علم)

- ‌(باب تفريع أبواب الجمعة)

- ‌(باب الإجابة آية ساعة هي في يوم الجمعة)

- ‌(باب فضل الجمعة)

- ‌(باب كفارة من تركها)

- ‌(باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ)

- ‌(باب الجمعة في اليوم المطير)

- ‌(باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة)

- ‌(باب الجمعة للمملوك والمرأة)

- ‌(باب الجمعة في القري)

- ‌(باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد)

- ‌(باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة)

- ‌(باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة)

- ‌(باب اتخاذ المنبر)

- ‌(باب موضع المنبر)

- ‌(باب وقت الجمعة)

- ‌(باب النداء يوم الجمعة)

- ‌(باب الجلوس إذا صعد المنبر)

- ‌(باب الرجل يخطب على قوس)

- ‌(باب رفع اليدين على المنبر)

- ‌(باب إقصار الخطب)

- ‌(باب الدنوّ من الإِمام عند الموعظة)

- ‌(باب الإِمام يقطع الخطبة للأمر يحدث)

- ‌(باب الاحتباء والإمام يخطب)

- ‌(باب الكلام والإمام يخطب)

- ‌(باب استئذان المحدث الإِمام)

- ‌(باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب)

- ‌(باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة)

- ‌باب الرجل ينعس والإمام يخطب

- ‌(باب الإِمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر)

- ‌(باب من أدرك من الجمعة

- ‌(باب ما يقرأ في الجمعة)

- ‌(باب الرجل يأتمّ بالإمام وبينهما جدار)

- ‌(باب الصلاة بعد الجمعة)

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(باب وقت الخروج إلى العيد)

- ‌(باب خروج النساء إلى العيد)

- ‌(باب يخطب على قوس)

- ‌(باب ما يقرأ في الأضحى والفطر)

- ‌(باب الجلوس للخطبة)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه يخرج من الغد)

- ‌(باب الصلاة بعد صلاة العيد)

الفصل: ‌(باب إذا صلي خمسا)

النسخ سجد سجدتين (وهذا الحديث) صريح في أنه صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم سلم في العصر من ثلاث ركعات وما تقدم من الروايات صريح في أنه صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم سلم في الظهر أوالعصر من ركعتين ولا منافاة بينهما فإن الظاهر أن القصة متعددة لما بينهما من الاختلاف الواقع في السياقين ففي حديث أبي هريرة أن السلام وقع من اثنتين وأنه صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم قام إلي خشبة في المسجد. وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات وأنه دخل منزله بعد السلام وإلي تعدد القصة جنح ابن خزيمة ومن تبعه. وقال بعضهم إن القصة واحدة (قال في الفتح) وهو الراجح في نظري فقد حكى العلائي أن بعض شيوخه حمل حديث عمران علي أن المراد به أنه سلم في ابتداء الركعة الثالة واستبعده ولكن طريق الجمع يكتفي فيه بأدني مناسبة وليس بأبعد من دعوى تعدد القصة فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرّة استفهم من النبي صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم عن ذلك واستفهم النبي صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم من الصحابة عن صحة قوله. ولعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلي جهة الخشبة ظن أنه دخل منزله لكون الخشبة كانت في جهة منزله فإن كان كذلك وإلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة ابن عمر له علي سياقه اهـ ببعض تصرّف وما استبعده من تعدد القصة ليس ببعيد بل هو الأقرب ولا بعد في تكرار السؤال من ذي اليدين لما علمت من شدة حرصه علي العلم ومن أن أبا بكر وعمر هاباه أن يكلماه. واستفهم صلي الله تعالي عليه وعلي آله وسلم من الصحابة ثانيًا لأنه لا يلزم من أن يكون مصيبًا في المرّة الأولى أن يكون مصيبًا في الثانية

(قال) في النيل والظاهر ما قاله ابن خزيمة ومن تبعه من التعدد لأن دعوى الاتحاد تحتاج إلي تأويلات متعسفة اهـ

(والحديث) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وكذا البيهقي بالشك كما تقدم

(باب إذا صلي خمسًا)

يعني في الرباعية

(ص) حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -الْمَعْنَي- قَالَ حَفْصٌ نَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ صَلَّي رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- الظُّهْرَ خَمْسًا. فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ في الصَّلَاةِ قَالَ "وَمَا ذَاكَ". قَالَ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ.

(ش)(قوله المعنى) أي حدثنا مسلم بن إبراهيم بمعنى الحديث

(قوله قال حفص حدثنا

ص: 144

شعبة) لعله قال ذلك لأن رواية مسلم بالعنعنة وإلا فكان الظاهر أن يقول قالا حدثنا شعبة

و(الحكم) بن عتيبة. و (إبراهيم) بن يزيد النخعي

(قوله صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الظهر خمسًا) جزم الحكم في هذه الرواية بالزيادة

(قوله فقيل له أزيد في الصلاة) قيل له ذلك بعد أن تسارّ القوم فقال ما شأنكم فقالوا له أزيد في الصلاة تدلّ عليه الرواية الآتية

(قوله قال صليت خمسًا) أي قال السائل عن الزيادة صليت خمسًا. وفي نسخة قالوا صليت خمسًا

(قوله فسجد سجدتين بعد ما سلم) قد استدلّ بهذا الحديث من قال إن سجود السهو كله بعد السلام. لكن لا دلالة فيه لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يعلم بزيادة الركعة إلا بعد السلام لما سألوه. قال في الفتح قد اتفق العلماء في هذه الصورة على أن سجود السهو بعد السلام لتعذره قبله لعدم علمه بالسهو وإنما تابعه الصحابة لتجويزهم الزيادة في الصلاة لأنه كان زمان توقع النسخ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن من زاد في صلاته ركعة ناسيًا لم تبطل صلاته

(قال) النووي وإلى ذلك ذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور من السلف والخلف بل إن علم بعد السلام فقد مضت صلاته صحيحة ويسجد للسهو إذا ذكر بعد السلام بقرب وإن طال فالأصح عندنا أنه لا يسجد وإن ذكر قبل السلام عاد إلى القعود سواء أكانا في قيام أم ركوع أم سجود أم غيرها ويتشهد ويسجد للسهو ويسلم اهـ

(وقالت المالكية) إذا تذكر الزيادة بعد السلام يسجد ولو طال الفصل

(وقالت الحنفية) إن قام لخامسة وسها عن القعود الأخير عاد ما لم يسجد وسجد للسهو فإن سجد للخامسة بطل فرضه برفع رأسه من السجود وصارت صلاته نافلة فيضمّ إليها ركعة سادسة لأن التنفيل بالوتر غير مشروع. وإن قعد في الرابعة ثم قام يظنها القعدة الأولى ثم تذكر قبل أن يسجد عاد للجلوس وسلم وإن سجد للخامسة تمّ فرضه لأنه لم يترك إلا السلام وهو ليس بفرض وضمّ إليها سادسة لتصير الركعتان له نفلًا. ومحل ضمّ ركعة سادسة فيما إذا جلس في الرابعة وسجد في الخامسة إذا كان في غير العصر أما في العصر فقيل لا يضم لكراهة التنقل بعدها. وقيل يضمّ وهو الأصح لأن هذا التنفل ليس بمقصود والنهي عن التنقل بعد العصر إذا كان مقصودًا. وقالوا في الفجر إذا قام إلى ثالثة بعد ما جلس قدر التشهد وسجد للثالثة لا يضمّ إليها رابعة لكراهة التنقل بعد الفجر وكذا لا يضم إليها رابعة إذا لم يجلس لأن صلاته حينئذ تصير نافلة والتنفل قبل الفجر بأكثر من ركعتي الفجر مكروه

(قال) النووي والحديث يردّ جميع ما قالوه لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يرجع من الخامسة ولم يشفعها وإنما تذكر بعد السلام ففيه ردّ عليهم وحجة للجمهور اهـ

وهذا إذا كانت الزيادة ركعة (أما إذا كانت) أكثر من ركعة فاختلفت العلماء في ذلك فذهبت الشافعية إلى أن الزيادة مطلقًا لا تفسد الصلاة

ص: 145

إذا كانت سهوًا أقلت أو كثرت

(وقالت المالكية) إذا بلغت الزيادة في الثنائية ركعتين وفي الرباعية والثلاثية أربع ركعات بطلت الصلاة فإذا كانت أقل من ذلك سجد للسهو بعد السلام كما يسجد لزيادة ركعة وهذا هو مشهور المذهب

(وقال) القاضي عياض إن زاد دون نصف الصلاة لم تبطل ويسجد للسهو وإن زاد النصف فأكثر فقال ابن القاسم ومطرّف يعيد لزيادة النصف في الصبح وغيرها وقال عبد الملك يعيد لزيادة غير الصبح وليست الركعة بطول في الصبح وروي عن عبد الملك ومطرّف وأبي بكر الثعالبي من صلى الظهر ثماني ركعات يجزئه سجود السهو اهـ من الأبي شرح مسلم

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ صَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَلَا أَدْرِي زَادَ أَمْ نَقَصَ- فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ أَحَدَثَ في الصَّلَاةِ شَىْءٌ. قَالَ "وَمَا ذَاكَ". قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. فَثَنَى رِجْلَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمَّا انْفَتَلَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ "إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ في الصَّلَاةِ شَىْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي". وَقَالَ "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ في صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُسَلِّمْ ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ".

(ش)(جرير) بن عبد الحميد. و (منصور) بن المعتمر

(قوله قال إبراهم فلا أدري زاد أم نقص) هو على تقدير الاستفهام. وقد صرح به في بعض النسخ والمراد أن إبراهيم النخعي شك في روايته عن علقمة بن قيس في سبب سجود السهو أكان لأجل الزيادة أم النقصان لكن في رواية الحكم المتقدمة عن إبراهيم أنه صلى خمسًا بالجزم بالزيادة. ولعل إبراهم شك لما حدث منصورًا وتيقن الزيادة لما حدث الحكم (قال) في الفتح وقد تابع الحكم على ذلك حماد بن أبي سليمان وطلحة بن مصرّف وغيرهما

(قوله أحدث في الصلاة شيء) سألوا عن حدوث شيء يوجب تغير حكم الصلاة عما عهدوه لأن الزمن زمن وحي

(قوله وما ذاك) فيه دليل على أنه لم يكن عنده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شعور بما وقع منه من الزيادة

(قوله فثنى رجله الخ)

ص: 146

وفي رواية الكشميهني والأصيلي فثنى رجليه والمراد أنه حوّلها عن حالتها التي كانت عليها وجعلها على الهيئة الصالحة للسجود. وفي الكلام تقديم وتأخير والأصل فاستقبل القبلة وثنى رجله. وهو يدلّ على أنه إنما أخبر بالزيادة بعد انصرافه عن القبلة

(قوله فسجد سجدتين) وفي نسخة فسجد بهم سجدتين

(قوله لو حدث في الصلاة شيء الخ) فيه دلالة على أن البيان لا يتأخر عن وقت الحاجة

(قوله إنما أنا بشر) قصر صلى الله عليه وآله وسلم على البشرية للردّ على من أنكر أن يكون الرسول بشرًا عنادًا فهو قصر قلب وهو أيضًا قصر إضافيّ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم له أوصاف أخر غير البشرية ككونه نبيًا رسولًا بشيرًا نذيرًا

(قوله أنسي كما تنسون) زاد النسائي وأذكر كما تذكرون. وفيه دليل على جواز النسيان عليه صلى الله عليه وآله وسلم في الأفعال وتقدم بيانه

(قوله فإذا نسيت فذكروني) فيه دلالة على أن التابع يذكر المتبوع بما وقع منه ولا يمنعه من ذلك عظمه

(قوله إذا شك أحدكم) الشك في اللغة التردّد بين الشيئين سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما أما ما اشتهر من أنه التردّد بين أمرين على السواء فهو عرف طارئ

(قوله فليتحرّ الصواب الخ) أي فلينظر ما هو أقرب إلى الصواب ليخرج عن الشك فإن تبين له شيء عمل عليه وإن تردد بنى على اليقين وهو الأقل. وفي رواية مسلم من طريق مسعر عن منصور فأيكم شك في صلاته فلينظر أحري ذلك إلى الصواب. وله من طريق شعبة عن منصور فليتحرّ أقرب ذلك إلى الصواب. وله من طريق فضيل بن عياض عن منصور فليتحرّ الذي يري أنه الصواب (واختلف) في المراد بالتحرّي فقالت الشافعية هو البناء على اليقين لا على الأغلب لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط إلا بيقين (وقيل) التحرّي الأخذ بغالب الظنّ وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم (وقال) ابن حبان في صحيحه البناء غير التحرّي فالبناء أن يشك في الثلاث أو الأربع مثلًا فعليه أن يلقي الشك والتحري أن يشك في صلاته فلا يدري ما صلى فعليه أن يبني على الأغلب عنده (وقال) غيره التحرّي لمن اعتراه الشك مرّة بعد أخري فيبني على غلبة ظنه. وبه قال مالك وأحمد (وعن) أحمد في المشهور التحرّي يتعلق بالإمام فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه وأما المنفرد فيبني على اليقين دائمًا (وعن) أحمد رواية أخري كالشافعية. وأخري كالحنفية (وقال) أبو حنفية إن طرأ الشك أولًا استأنف وإن كثر بنى على غالب ظنه وإلا فعلي اليقين أفاده في الفتح. وسيأتي في الباب بعد بيان المذاهب فيما إذا تردّد بين الأقل والأكثر وغلب على ظنه الأكثر

(قوله ثم ليسجد سجدتين) ظاهره وجوب سجود السهو وبه قالت الحنابلة قالوا لأن الأصل في الأمر الوجوب فلو تركه عمدًا بطلت الصلاة إن كان قبليًا ولا تبطل إن كان بعديًا لأنه خارج عن الصلاة جابر لها وإن تركته سهوًا قبل السلام أو بعده أتي به ما لم يطل الفصل عرفًا ولو انحرف عن القبلة أو تكلم وإن طال أو خرج من المسجد أو أحدث لم

ص: 147

يسجد وصحت صلاته (وقال أبو حنيفة) وأصحابه هو واجب يأثم المصلي بتركه ولا تبطل الصلاة وعليه العادة خروجًا من الإثم. وقيل سنة والأصح عندهم الأول (وقالت) الشافعية إنه سنة وهو مشهور مذهب المالكية لا فرق عندهم بين السجود القبلي والبعدي. وقال بعضهم بوجوب القبلي

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ثَنَا أَبِي ثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بِهَذَا قَالَ "فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ". ثُمَّ تَحَوَّلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

(ش)(قوله بهذا) أي الحديث المذكور عن منصور ولفظه عند مسلم والبيهقي من طريق على بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فزاد أو نقص قال إبراهيم والوهم مني فقيل يا رسول الله أزيد في الصلاة شيء فقال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس ثم تحوّل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسجد سجدتين

(قوله قال فإذا نسي أحدكم الخ) أي قال سليمان بن مهران الأعمش في روايته عن إبراهيم النخعي بسنده قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين بدل قوله في حديث منصور إذا شك أحدكم فليتحرّ الصواب

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ حُصَيْنٌ نَحْوَ حَدِيثِ الأَعْمَشِ.

(ش) أي روى هذا الحديث حصين بن قبيصة نحو رواية الأعمش بتقديم قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما أنا بشر أنسى كما تنسون الخ على سجوده للسهو. وقد ساق. المصنف رواية حصين لتقوية رواية الأعمش الدالة على تقديم كلامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على سجود السهو. ويقوّيها أيضًا ما أخرجه مسلم من طريق أبي بكر النهشلي عن الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله قال صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلنا يا رسول الله أزيد في الصلاة قال وما ذاك قالوا صليت خمسًا قال إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون ثم سجد سجدتي السهو. ويؤيدها أيضًا ما رواه البيهقي من طريق موسى بن عبد الله عن أبي بكر النهشلي. وما أخرجه النسائي من طريق عبد الله عن أبي النهشلي فإن هاتين الروايتين وقعتا في الكتابين على ترتيب سياق مسلم. ورواية أحمد من هذا الطريق توافق رواية منصور واما روايته ففيها تأخير قوله إنما أنا بشر الخ عن سجود السهو وقد رجحها البيهقي فقال بعد تخريج حديث الأعمش وفي هذا وفي حديث الأسود عن عبد الله أن سجوده كان بعد قوله

ص: 148

إنما أنا بشر وقد مضى في رواية منصور عن إبراهيم ما دلّ على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد أولًا ثم أقبل على القوم وقال ما قال. وقد مضى في هذا الباب عن إبراهيم بن سويد عن علقمة مثل ذلك وهو أولى أن يكون صحيحًا من رواية من ترك الترتيب في حكايته اهـ

وأيضًا رجح الحافظ رواية منصور فقال "تنبيه" روي الأعمش عن إبراهيم هذا الحديث مختصرًا ولفظه أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وابن خزيمة وغيرها قال ابن خزيمة إن كان المراد به قوله وما ذاك في جواب قولهم أزيد في الصلاة فهذا نظير ما وقع في قصة ذي اليدين وإن كان المراد به قوله إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فقد اختلف الرواة في الموضع الذي قالها فيه ففي رواية منصور أن ذلك كان بعد سلامه من سجدتي السهو وفي رواية غيره أن ذلك كان قبل. ورواية منصور أرجح والله تعالى أعلم اهـ ببعض تصرّف

(ص) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَا جَرِيرٌ ح وَثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَي ثَنَا جَرِيرٌ -وَهَذَا حَدِيثُ يُوسُفَ- عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ "مَا شَأْنُكُمْ". قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ زِيدَ في الصَّلَاةِ قَالَ "لَا". قَالُوا فَإِنَّكَ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ".

(ش) ساق المصنف هذا لتقوية رواية منصور فإن الكلام فيها وقع بعد سجود السهو

(قوله فلما انفتل) أي انصرف من صلاته

(قوله توشوش القوم) التوشوش كلام مختلط خفيّ لا يكاد يفهم. وفي نسخة توسوس بالسين المهملة

(قوله فانفتل فسجد سجدتين) أي تحوّل إلى القبلة فسجد سجدتي السهو. وأخرج مسلم هذه الرواية عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم ابن سويد قال صلى بنا علقمة الظهر خمسًا فلما سلم قال القوم يا أبا شبل قد صليت خمسًا قال كلا ما فعلت قالوا بلى قال وكنت في ناحية القوم وأنا غلام فقلت بلى قد صلى قالت قال لي وأنت أيضًا يا أعور تقول ذاك قال قلت نعم قال فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم ثم قال قال عبد الله صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خمسًا "الحديث"

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا اللَّيْثُ -يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ

ص: 149