الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله عز وجل (والظاهر) أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما كان يلتزم في الخطبة قراءة سورة بعينها ولا آية كذلك. وقوله ويذكر الناس من التذكار أي يعظهم ويأمرهم وينهاهم ويعدهم بالجنة على الطاعة ويحذرهم من المخالفات
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والبيهقي وأخرجه ابن ماجه عن شعبة وسفيان عن سماك وأخرجه النسائي عن سفيان عن سماك
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ نَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ قَعْدَةً لَا يَتَكَلَّمُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
(ش)(أبو كامل) فضيل بن حسين الجحدري. و (أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله
(قوله ثم يقعد قعدة) أراد بها الجلسة التي بين الخطبتين
(قوله وساق الحديث) أي ذكر أبو عوانة حديث جابر المتقدم
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الإِمام أحمد من طريق عفان قال ثنا أبو عوانة ثنا سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب قائمًا ثم يقعد قعدة لايتكلم ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى على منبره فمن حدثك أنه يراه يخطب قاعدًا فلا تصدقه
(باب الرجل يخطب على قوس)
أي يخطب متكئًا على قوس
(ص) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ نَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِيُّ فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا قَالَ وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ زُرْنَاكَ فَادْعُ اللهَ لَنَا بِخَيْرٍ فَأَمَرَ بِنَا أَوْ أَمَرَ لَنَا بِشَىْءٍ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّأْنُ إِذْ ذَاكَ دُونٌ فَأَقَمْنَا بِهَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ
فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ ثُمَّ قَالَ "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَنْ تُطِيقُوا أَوْ لَنْ تَفْعَلُوا كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا". قَالَ أَبُو عَلِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ قَالَ ثَبَّتَنِي في شَيءٍ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِي
(ش)(رجال الحديث)(شهاب بن خراش) بن حوشب بن يزيد بن الحارث الشيباني الواسطي. روى عن أبيه والقاسم بن غزوان وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وجماعة. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وأسد بن موسى وقتيبة وهشام بن عمار وآخرون. وثقه ابن المبارك وابن عمار والعجلي وأبو زرعة وقال أحمد وأبو حاتم ويحيى بن معين لا بأس به زاد أبو حاتم صدوق وقال ابن عدي له أحاديث ليست بالكثيرة وفي بعض رواياته ما ينكر عليه ولا أعرف للمتقدمين فيه كلامًا وقال ابن حبان كان رجلًا صالحًا وكان ممن يخطئُ كثيرًا حتى خرج عن الاعتداد به لكن قال الحافظ الأكثر على توثيقه. و (شعيب بن رزيق) بتقديم الراء على الزاي (الطائفي) الثقفي. روى عن الحكم بن حزن. وعنه شهاب بن خراش. قال ابن معين ليس به بأس صالح وقال في التقريب لا بأس به من الخامسة
(قوله فقال له الحكم بن حزن) بفتح فسكون (الكلفي) بضم الكاف وفتح اللام نسبة إلى بنى كلفة بن حنظلة بن مالك كما قاله البخاري أو إلى بنى كلفة ابن عون بن نصر كما قاله خليفة قال مسلم لم يروعنه إلا شعيب بن رزيق
(معنى الحديث)
(قوله فأنشأ يحدثنا) أي شرع مع يحدثنا
(قوله سابع سبعة أو تاسع تسعة) شك من شعيب وهو حال من فاعل وقد يعني أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حال كوني واحدًا من سبعة أو واحدًا من تسعة
(قوله زرناك) أي أتيناك زائرين وللزائر حق
(قوله فأمر بنا أو أمر لنا الخ) بالشك عطف على محذوف أي فدعا الله لنا وأمر لنا بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دون يعني وقت ضيق من العيش. وأتى به الحكم بن حزن اعتذارًا عن اقتصاره صلى الله عليه وآله وسلم على التمر المقدم لهم منه
(قوله فأقمنا فيها أيامًا شهدنا فيها الجمعة الخ) يعني أقمنا بالمدينة أياما حضرنا معه صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الجمعة. وفي رواية أحمد فلبثنا عنده أياما شهدنا فيها الجمعة
(قوله فقام متوكئًا على عصا أو قوس) وفي رواية أحمد فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوكئًا على قوس أو قال عصا (وفي هذا دلالة) على مشروعية اعتماد الخطيب حال الخطبة على عصا أو نحوها. وحكمة ذلك أن فيه بعد يده عن العبث (واختلف الفقهاء) بأي اليدين يتكئُ الخطيب على ما يعتمد عليه (فقالت المالكية) يأخذ الخطيب استحبابًا بيده اليمنى عصا أو قوسا أوسيفُ ايتكئُ عليه حال خطبته ولا يعتمد على عود المنبر (وقالت الشافعية) يأخذ ما ذكر بيده
اليسري ويشغل اليمنى بحرف المنبر لاتباع السلف والخلف فإن لم يجد شيئًا من ذلك جعل اليمنى على اليسري أو أرسلهما. ولو أمكنه شغل اليمنى بحرف المنبر وإرسال اليسري فلا بأس
(وقالت الحنفية) يكون السيف بيساره في كل بلدة فتحت عنوة ويخطب بقوس أو عصا في كل بلدة فتحت صلحًا
(وقالت الحنابلة) ويسنّ أن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا بإحدي يديه ويتوجه باليسري ويعتمد بالأخري على حرف المنبر أو يرسلها
(وهذه التفاصيل) كلها لم نقف عل دليل يدل عليها وليس في حديث الباب ما يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يأخذ ما يتكئُ عليه باليمني أو اليسري
(والظاهر) ما ذهب إليه المالكية من استحباب أخذ الخطيب ما يعتمد عليه بيده اليمنى (لما روى) الشيخان عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعجبه التيمن في ترجله وتنعله وطهوره وفي شأنه كله. وسيأتي للمصنف في كتاب اللباس (وروى) النسائي عنها قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يحب التيامن يأخذ بيمينه ويعطي بيمينه ويحب التيمن في جميع أموره
(قال في الهدى) كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف "وما يظنه بعض الجهال" أنه كان يعتمد على السيف دائمًا وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف "فمن فرماجةله" القبيح من وجهين "أحدهما" أن المحفوظ أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توكأ على العصا وعلى القوس "الثاني" أن الدين إنما قام بالوحي وأما السيف فلمحق أهل الضلال والشرك ومدينة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم التي كان يخطب فيها افتتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف ولا يحفظ عنه أنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا ألبتة وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس اهـ
(ويؤيد) ما قاله من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعتمد في الحرب على قوس وفي الجمعة على عصا ما رواه ابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد قال حدثني أبي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا
(قوله كلمات خفيفات الخ) نحو الكلمات الآتية في الحديث بعد وكلمات منصوبة بنزع الخافض أي أثنى عليه بكلمات كما في رواية البيهقي
(قوله لن تطيقوا أولن تفعلوا الخ) بالشك وفي رواية أحمد إنكم لن تفعلوا ولن تطيقوا أي إنكم لن تستطيعوا فعل كل ما أمرتم به ولكن توسطوا في العمل فلا تفرطوا حتى تملوا ولا تفرّطوا حتى تعاقبوا فالسداد التوسط في العمل (وقال) الحافظ سدّدوا أي الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط وأبشروا بالثواب على العمل الدائم وإن قلّ. والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا
لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره. وأبهم المبشر به تعظيمًا وتفخيمًا له
(قوله قال أبو على الخ) أي قال أبو على محمَّد اللؤلؤي أحد تلاميذ المصنف قال أبو داود وذكرني بشيء من الحديث بعض أصحابي بعد أن شككت فيه لذهابه من القرطاس. وفيه إشارة إلى زيادة تحرّي المصنف
(فقه الحديث) يدل الحديث على مشروعية زيارة أهل الفضل والأرتحال إليهم، وعلى استحباب إكرام الضيف بما تيسر من غير تكلف، وعلى استحباب طلب الدعاء من أهل الخير وعلى طلب المكث عند العالم للاستفادة منه، وعلى استحباب اعتماد الخطيب حال خطبته على عصا أو قوس. وقد علمت ما فيه، وعلى مشروعية افتتاح الخطبة بالحمد والثناء على الله تعالى وعلى أنه ينبغي للخطيب أن يرشد الناس إلى ما فيه صلاحهم وتبشيرهم بالثواب على الأعمال الخيرية لينشطوا لها، وعلى استحباب التوسط في العمل من غير تفريط ولا إفراط
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد وأبو يعلي والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نَا أَبُو عَاصِمٍ نَا عِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ "الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَاّ نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللهَ شَيْئًا".
(ش)(رجال الحديث)(أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل. و (عمران القطان) تقدم في الجزء الرابع صفحة 10. و (قتادة) بن دعامة. و (عبد ربه) بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري النجاري. روى عن جده وأبي أمامة وثابت البناني وسعيد المقبري وآخرين. وعنه عطاء وعمرو بن الحارث ومالك وشعبة والسفيانان وكثيرون. وثقه النسائي وابن سعد والعجلي وأبو حاتم وقال حسن الحديث. مات سنة تسع وثلاثين ومائة. روى له الجماعة. و (أبو عياض) المدني قيل اسمه قيس بن ثعلبة وقيل عمرو بن الأسود. روى عن ابن مسعود. وعنه عبد ربه ابن سعيد بن قيس. قال في التقريب مجهول من السادسة. روى له أبو داود والنسائي
(معنى الحديث)
(قوله كان إذا تشهد) يعني خطب وأطلق عليها التشهد لاشتمالها عليه
(قوله
(ص) نستعينه ونستغفره الخ) أي نطلب منه عز وجل المعونة على الطاعة والمغفرة للذنوب فإنه أهل لذلك ونعوذ به من شرور أنفسنا. واستعاذ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من شر النفس لأنها أمارة بالسوء ميالة إلى الأهواء والأغراض الفاسدة وهذا تعليم منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للأمة لأنه معصوم من الذنوب وقد ملك نفسه
(قوله من يهد الله الخ) وفي نسخة من يهده الله أي من يخلق الله فيه الهداية والتوفيق إلى طاعته فلا يقدر أحد على إضلالة ومن يخلق فيه الضلالة فلا يقدر أحد على هدايته
(قوله أرسله بالحق الخ) أي أرسله الله تعالى بالدين الحق مبشرًا من أطاع بالجنة في الآخرة وبالنصر في الدنيا. ومخوّفُ امن عصي بالنك الذي الدنيا وبالنار والعذاب في الآخرة. وقوله بين يدي الساعة يعني قريبًا من قيامها فظهوره في الدنيا من أشراط الساعة كما يشير إليه قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسطي رواه مسلم
(قوله فقد رشد) أي أصاب الصواب واهتدى إليه ورشد من باب تعب وقتل
(وقوله ومن يعصهما الخ) فيه دلالة على جواز الجمع بين الله ورسوله في ضمير واحد. ويؤيده ما في رواية البخاري من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
(قوله ولا يضرّ الله شيئًا) من ذكر الخاص بعد العام وفائدته دفع ما عساه أن يتوهم أن الله تعالى يلحقه ضرر مخالفة من خالف (وقد جاء) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ألفاظ أخر (فقد روى) الشافعي في مسنده من طريق كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خطب يومًا فقال إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله (وروى) أيضًا عن إبراهيم بن محمَّد قال حدثني عمرو أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خطب يومًا فقال في خطبته ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ألا وإن الشر بحذافيره في النار ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره (ورواه) أيضًا البيهقي من طريق زبيد بن الحارث عن شداد بن أوس
(فقه الحديث) دلّ على مشروعية الحمد في ابتداء الخطبة (واختلف في حكمه) فقالت الشافعية والحنابلة إنه من واجبًات الخطبة لا تصح إلا به واستدلوا بفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما في الحديث وبما سيأتي للمصنف عن أبي هريرة عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله
وسلم قال كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم (وقالت) المالكية والحنفية إن الحمد في الخطبة سنة وهو الظاهر وفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يدل على الوجوب تقدم غير مرّة. وأما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كل أمر ذي بال الخ فقد اختلف في وصله وإرساله ورجح النسائي والدارقطني إرساله لا يقوي على الاستدلال به وعلى تسليم وصله فلا يدل على الوجوب لأنه لو دل على الوجوب هنا لدل على وجوبه في كل أمر ذي بال ولا قائل به (وفيه دلالة) أيضًا على مشروعية الإتيان بالشهادتين في الخطبة. وعلى الإتيان فيها بالوعظ والإرشاد وهو المقصود منها (واختلف) العلماء في حكمه فذهبت المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوبه فيها (وذهبت) الحنفية إلى سنيته (وذكر الفقهاء) لها شروطًا وأركانًا على اختلاف في بعضها (فقالت الحنفية) أركانها "المقدار" الذي تصح به وأقله تسبيحة أو تهليلة أو تحميدة "ونية الخطبة"(وشروطها) أن تكون في الوقت وقبل الصلاة. وبحضور جماعة تنعقد بهم الجمعة وهم ثلاثة سوي الإِمام وتقدم الكلام على ذلك في باب الجمعة للمملوك والمرأة. وأن لا يفصل بينها وبين الصلاة بقاطع لها (وقالت المالكية) أركانها ثمانية اشتمالها على تحذير وتبشير. وكونها باللفظ العربي. وكونها جهرًا. وكونها قبل الصلاة بعد الزوال وكون أجزائها متصلة بعضها ببعض. وكونها متصلة بالصلاة. وحضور الجماعة الذين تجب عليهم الجمعة وتنعقد بهم "وتقدم في الباب المذكور" أنهم اثنا عشر رجلًا غير الإِمام. وكونها في المسجد هذا وبعض المالكية يعبر عما ذكر بالشروط (وقالت الشافعية) أركان الخطبة خمسة حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلفظهما لا بمعناهما. والوصية بالتقوي قالوا وهذه الثلاثة لابدّ منها في كل من الخطبتين. وقراءة في إحداهما. والدعاء للمؤمنين في الأخيرة وشروطهما عندهم كونهما بالعربية. وفي الوقت. والموالاة بين أركانهما وبينهما. وبينهما وبين الصلاة والطهارة من الحدث والخبث. وستر العورة. وقيام قادر. وجلوس بينهما بالطمأنينة. وإسماع الأربعين الذين تنعقد بهم الجمعة (وقالت الحنابلة) مما قالت به الشافعية إلا أنهم عبروا عن جميعه بالشروط وزادوا عليهم أن وقتها يدخل من وقت صلاة العيد. وصلاحية الخطيب لأن يكون إمام في الجمعة (وهذه التفاصيل) وتلك الشروط التي ذكروها لم يقم على وجوبها دليل صريح من كتاب ولا سنة وغاية ما فيها مواظبة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليها في خطبه وقد علمت غير مرّة أن فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمجرّده لا يفيد الوجوب (قال) في الروضة الندية الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ترغيب الناس وترهيبهم فهذا في الحقيقة روح الخطبة الذي لأجله شرعت وأما اشتراط الحمد لله أو الصلاة على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو قراءة شيء من القرآن فجميعه خارج عن معظم المقصود من شرعية الخطبة. واتفاق مثل ذلك في خطبته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
لا يدل على أنه مقصود متحتم وشرط لازم. ولا شك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقد كان عرف العرب المستمر أن أحدهم إذا أراد أن يقوم مقامًا أو يقول مقالًا شرع بالثناء على الله وعلى رسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وما أحسن هذا وأولاه ولكن ليس هو المقصود بل المقصود ما بعده ولو قال قائل إن من قام في محفل من المحافل خطيبًا ليس له باعث على ذلك إلا أن يصدر منه الحمد والصلاة لما كان هذا مقبولًا بل كل طبع سليم يمجه ويرده (إذا تقرّر) هذا عرفت أن الوعظ في خطبة الجمعة هو الذي يساق إليه الحديث فإذا فعله الخطيب فقد فعل الأمر المشروع إلا أنه إذا قدّم الثناء على الله وعلى رسوله أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان أتمّ وأحسن اهـ
(وقال ابن حزم) ليست الخطبة فرضًا فلو صلاها إمام دون خطبة صلاها ركعتين جهرًا ولا بدّ. ونستحب له أن يخطب على أعلي المنبر مقبلًا على الناس بوجهه يحمد الله تعالى ويصلي على رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ويذكر الناس بالآخرة ويأمرهم بما يلزمهم في دينهم. وما خطب به مما يقع عليه اسم خطبة أجزأه ولو خطب بسورة يقرؤها فحسن فإن كان لم يسلم على الناس إذ دخل فليسلم عليهم إذا قام على المنبر فقد روينا من طريق مسلم بن الحجاج بسنده إلى نافع عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا ثم يجلس ثم يقوم كما يفعلون اليوم وقد روينا عن عثمان ومعاوية أنهما كانا يخطبات جالسين وقد قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) فإنما لنا الائتساء بفعله وليس فعله فرضًا "ثم قال" من احتج في إيجاب الخطبة بأنها جعلت بدلًا عن الركعتين لزمه أن يقول بقول هؤلاء وإلا فقد تناقض
"واحتج بعضهم" في إيجاب الخطبة بقول الله تعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْ وَا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) قال وهذا الاحتجاج لا منفعة لهم فيه في تصويب قولهم وإنما فيه أنهم تركوه قائمًا وهكذا نقول وإنما هو ردّ على من قال إنهم تركوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قاعدًا وهذا لا يقوله أحد وليس في إنكار الله تعالى لتركهم نبيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قائمًا إيجاب لفرض القيام في الخطبة ولا لفرض الخطبة فإن كان ذلك عندهم كما يقولون فيلزمهم أن من خطب قاعدًا فلا جمعة له ولا لهم وهذا لا يقوله أحد منهم فظهر أن احتجاجهم بالآية عليهم وأنها مبطلة لأقوالهم في ذلك لو كانت على إيجاب القيام وليس فيها أثر بوجه من الوجوه على إيجاب الخطبة إنما فيها أن الخطبة تكون قيامًا فقط. فإن ادعوا إجماعًا ردّ إجماعةم ما رويناه عن سيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن البصري من لم يخطب يوم الجمعة صلى ركعتين على كل حال. وقد قاله أيضًا ابن سيرين (وقد أقدم) بعضهم فقال إن قول الله تعالى (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) إنما مراده إلى الخطبة وجعل هذا حجة في إيجاب
فرضها (قال ابن حزم) ومن لهذا المقدم أن الله تعالى أراد بالذكر المذكور فيها الخطبة بل أول الآية وآخرها يردّان ما قال لأن الله تعالى إنما قال (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللهِ) وقال الله عز وجل (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا في الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ) فصح أن الله إنما افترض السعي إلى الصلاة إذا نودي لها وأمر إذا قضيت بالانتشار وذكره كثيرًا فصح يقينا أن الذكر المأمور بالسعي إليه هو الصلاة وذكر الله تعالى فيها بالتكبير والتسبيح والتمجيد والقراءة والتشهد لا غير ذلك. ولو كان ما قاله هذا القائل لكان من لم يدرك الخطبة ولا شيئًا منها وأدرك الصلاة غير مؤدّ ما افترض الله تعالى عليه من السعي وهم لا يقولون هذا
"فإن قالوا" لم يصلها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قط إلا بخطبة "قلنا" ولا صلاها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا بخطبتين قائمًا يجلس بينهما فاجعلوا كل ذلك فرضًا لا تصح الجمعة إلا به. ولا صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا رفع يديه في التكبيرة الأولى فأبطلوا الصلاة بترك ذلك. وأما قولنا ما وقع عليه اسم خطبة فاقتداء بظاهر فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ ببعض تصرّف
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي (وهذا الحديث) وما بعده إلى آخر الباب غير مطابق للترجمة إلا أن يقال إنه ترجم لشيء وزاد عليه وهو غير معيب وقد ترجم البيهقي لهذا الحديث وغيره مما فيه ذكرلخطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال "باب كيف يستحب أن تكودت الخطبة"
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ تَشَهُّدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ "وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى". وَنَسْأَلُ اللهَ رَبَّنَا أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يُطِيعُهُ وَيُطِيعُ رَسُولَهُ وَيَتَّبِعُ رِضْوَانَهُ وَيَجْتَنِبُ سَخَطَهُ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَلَهُ.
(ش)(ابن وهب) عبد الله تقدم في الجزء الأول صفحة 325. و (يونس) بن يزيد
(قوله سأل ابن شهاب عن تشهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) يعني عن خطبته يوم الجمعة فذكر ابن شهاب محمَّد بن مسلم نحو حديث أبي عياض المتقدم في روايته وقال ومن يعصهما ضد غوى أي ضلّ
(قوله ويتبع رضوانه الخ) أي يتبع ما به رضوانه من امتثال الأوامر واجتناب النواهي ويجتنب ما به سخطه وعذابه من فعل المعاصي
(قوله فإنما نحن
به وله) يعني مستعينون به ومطيعون له (وهذه الرواية) أخرجها البيهقي من طريق محمَّد بن يعقوب
قال حدثا بحر بن نصر ثنا ابن وهب أخبرني يونس أنه سأل ابن شهاب عن تشهد رسول الله
صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوم الجمعة فقال ابن شهاب إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ به من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى نسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسوله ويتبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنما نحن به وله
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمٍ الطَّائِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَالَ "قُمْ -أَوِ اذْهَبْ- بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ".
(ش)(رجال الحديث)(مسدد) بن مسرهد تقدم في الجزء الأول صفحة 24. وكذا (يحيى) القطان صفحة 248. وكذا (سفيان بن سعيد) الثوري صفحة 65. و (عدي ابن حاتم) بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي الطائي أبي طريف أسلم سنة تسع وشهد فتح العراق وشهد صفين مع على. روى الشيخان عن عدي بن حاتم قال أتيت عمر بن الخطاب في نفرٍ من قومي فجعل يفرض لرجل من طيء ويعرض عني فاستقبلته فأعرض عني ثم أتيته من حيال وجهه فأعرض عني فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني فضحك وقال نعم والله إني لأعرفك آمنت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ جئت بها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم أخذ يعتذر ثم قال إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق قلت فلا إليّ إذًا اهـ أي فلا تدفع إليّ شيئًا من الصدقة إذًا
(معنى الحديث)
(قوله أن خطيبًا خطب) لعله كان يخطب بين يدي قوم لا خطبة جمعة
(قوله من يطع الله ورسوله الخ) جوابه محذوف أي من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى
(قوله بئس الخطيب أنت) ذمه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لجمعه بين ضمير الله ورسوله لما في مسلم والبيهقي بعد قوله بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى. ولعلّ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فهم منه
اعتقاد التسوية بين الله وبين رسوله فيكون إنكاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خاصًا بذلك الخطيب. أو كان هناك من يعتقد التسوية بينهما فذمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تنبيها عل فساد اعتقاد ذلك "ولا ينافيه" ما تقدم من جمعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بينه وبين ربه في ضمير واحد "لعلمه" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن مجلسه كات خاليًا ممن يعتقد المساواة المذكورة (وقال) الشيخ عزّ الدين من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه كان يجوز له الجمع في الضمير بينه وبين ربه تعالى وذلك ممتنع على غيره وإنما يمتنع من غيره دونه لأن غيره إذا جمع أو هم إطلاقه التسوية بخلافه هو فإن منصبه لا يتطرّق عليه إيهام ذلك ذكره السيوطي (ولكن) الخصوصية لا تثبت إلا بدليل ولا دليل هنا (وقال النووي) الصواب أن سبب النهي أن الخطب شأنها البسط والإيضاح وأجتناب الإشارات والرموز اهـ
ولكن ينافيه ما تقدم من جمعه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينه وبين ربه في خطبه في ضمير واحد
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي والحاكم والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ نَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ عَنْ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ مَا حَفِظْتُ ق إِلَاّ مِنْ في رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ قَالَتْ وَكَانَ تَنُّورُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَتَنُّورُنَا وَاحِدًا
(ش)(رجال الحديث)(شعبة) بن الحجاج تقدم في الجزء الأول صفحة 32. و (خبيب) بضم المعجمة مصغرًا ابن عبد الرحمن في الجزء الرابع صفحة 200. و (عبد الله بن محمَّد بن معن) الغفاري المدني. روى عن أم هشام بنت الحارث. وعنه خبيب بن عبد الرحمن. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب مقبول من الثالثة. روى له مسلم وأبو داود. و (بنت الحارث بن النعمان) هي أم هشام صحابية وهي مشهورة وهي أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها. روت عنها أختها عمرة وبايعت بيعة الرضوان. روى لها كل مسلم وأبو داود
(معنى الحديث)
(قوله ما حفظت ق إلا من في رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) وفي رواية مسلم ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤها كل جمعة عل المنبر إذا خطب الناس. والمراد أنه كان يكثر من قراءتها في الخطبة كما في رواية الشافعي في مسنده عن أم هشام بنت حارثة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ "ق" وهو
يخطب على المنبر يوم الجمعة وأنها لم تحفظها إلا منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوم الجمعة على المنبر لكثرة ما كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ بها على المنبر يوم الجمعة (واختار) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذه السورة لاشتمالها على أحوال البعث والموت والمواعظ والزواجر البليغة
(قوله قالت وكان تنور رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وتنورنا واحدًا) أشارت به إلى قوة حفظها ومعرفتها بأحواله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لقربها من منزله. والتنور هو الذي يخبز فيه
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الحاكم والبيهقي وكذا النسائي من طريق محمَّد بن عبد الرحمن عن ابنة حارثة بن النعمان ولم يذكر فيه قصة التنور
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ.
(ش) الغرض منه بيان الاختلاف في أبي أم هشام فروى محمَّد بن جعفر عن شعبة أنه ابن ت الحارث بن النعمان وروى روح بن عبادة عن شعبة أيضًا أنه ابن ت حارثة بن النعمان بزيادة التاء في حارثة وكذا قال محمَّد بن إسحاق في روايته وزاد فيها أن كنيتها أم هشام فهو يشير بهذا إلى أرجحية ثبوت التاء في حارثة ويقويه ما رواه أحمد ومسلم من طريق محمَّد بن جعفر عن شعبة وفيه عن ابنة لحارثة بن النعمان (ورواية) محمَّد بن إسحاق أخرجها البيهقي قال حدثنا عبد الأعلي عن محمَّد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت لقد كان معنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بيوتنا وإن تنورنا وتنوره واحد سنتين أوسنة وبعض أخري وما أخذت ق والقرآن المجيد إلى عن لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ بها كل يوم جمعة على الناس إذا خطبهم رواه مسلم في الصحيح عن عمرو بن محمَّد الناقد عن يعقوب بن إبراهيم وأم هشام بنت حارثة بن النعمان هي أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها اهـ
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي سِمَاكٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا يَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ.
(ش)(يحيى) القطان. و (سفيان) الثوري. و (سماك) بن حرب
(قوله كانت صلاة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطبته قصدًا). يعني متوسطتين ليستا طويلتين طولًا يملّ ولا قصيرتين قصرًا يخلّ والتوسط في كل منهما بحسبه. ففي الخطبة بالنسبة لغيرها من الخطب وفي الصلاة بالنسبة لغيرها من الصلوات (فلا منافاة) بين هذا الحديث وبين ما رواه مسلم عن عمار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان لسحرًا. ومئنة بفتح الميم وكسر الهمزة وتشديد النون معناها العلامة "فإن الأمر" بإطالة الصلاة في هذه الرواية بالنسبة للخطبة فلا يخرجها عن كونها متوسطة بالنسبة للصلوات (قال النووي) وعلى عدم الجمع بين الحديثين يكون العمل بالقول في حق الأمة لأن فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم آله وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة لاحتمال أن يكون الفعل خاصا به اهـ
(ولا يخفى) ما فيه فإن الخصوصية لا تثبت بالاحتمال (سيما) وأنه قال صلوا كما رأيتموني أصلي رواه أحمد والبخاري
(قوله يقرأ آيات من القرآن الخ) نحو قوله تعالى (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) كما أخرجه الشيخان عن أبي يعلي وكما أخرجه النسائي. وقوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) وقوله ويذكر الناس أي يعظهم
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي والترمذي والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ نَا مَرْوَانُ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ أُخْتِهَا قَالَتْ مَا أَخَذْتُ ق إِلَاّ مِنْ في رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَؤُهَا في كُلِّ جُمُعَةٍ.
(ش)(مروان) بن معاوية. و (يحيى بن سعيد) الأنصاري تقدم في الجزء الأول صفحة 55 و (عمرة) بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة. و (أختها) هي أم هشام بنت حارثة ابن النعمان أختهالأمها
(والحديث) أخرجه البيهقي
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ.
(ش) أي روى هذا الحديث يحيى بن أيوب وابن أبي الرجال عن يحيى مثل رواية سليمان ابن بلال عنه. و (ابن أبي الرجال) هو عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الرحمن الأنصاري. روى عن أبيه والأوزاعي ويحيى بن سعيد وابن أبي ذئب وآخرين. وعنه أبو نعيم وعبد الله بن يوسف