الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الملك بن عبد العزيز صفحة 74
(قوله فليأخذ بأنفه) أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأخذ أنفه ليعتقد من رآه أن به رعافُ الا أنه محدث أو قادح في الإِمام ولا يعدّ هذا من الكذب بل من باب الحياء وستر ما لا يحسن إظهاره والتورية بما هو أحسن
(قوله ثم لينصرف) يعني من غير أن يتوقف على إذن الإِمام فيناسب الحديث الترجمة (وعلى أن) المحدث لا يستأذن الإِمام جرى أكثر الفقهاء (قال مالك) في الموطأ ليس على من رعف أو أصابه أمر لا بدّ له من الخروج أن يستأذن الإِمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخرج اهـ
قيل لأن الإذن يشق على الناس ولا سيما مع كثرتهم وكبر المسجد وما في دين الله من حرج (وقال جماعة) من التابعين لا يخرج المحدث في الجمعة حتى يستأذن الإِمام وإذنه أن يشير بيده قال مجاهد (وعن) عطاء قال رأيتهم يستأذنون الإِمام وهو يخطب يشير الرجل بيده ويشير الإِمام ولا يتكلم ذكره البيهقي (واستدلوا) بعموم قوله تعالى (وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) ووضع المحدث يده على أنفه حال خروجه منزّل منزلة استئذانه (لكن) لا دلالة في الآية على ذلك لأنها محمولة على استئذان الجماعة الإِمام في الحرب
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الدارقطني متصلًا من عدّة طرق وأخرجه البيهقي وأخرجه ابن ماجه من طريق عمر بن على وعمر بن قيس عن هشام موصولًا
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِذَا دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ". لَمْ يَذْكُرَا عَائِشَةَ.
(ش) هكذا في نسخة العيني وفي أكثر النسخ عن هشام عن أبيه عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا دخل والإمام يخطب لم يذكرا عائشة. والصواب النسخة الأولى فإنه لا معنى لذكر دخول الرجل والإمام يخطب في هذا الباب. ولعلّ ذكر الدخول سهو من النساخ والصواب إذا أحدث الرجل والإمام يخطب. وغرض المصنف من ذكر هذه العبارة بيان أن حماد بن سلمة وأبا أسامة حماد بن أسامة رويا الحديث مرسلًا عن هشام بدون ذكر عائشة بخلاف رواية ابن جريج السابقة. ولم نقف على من أخرج رواية حماد بن سلمة وأبي أسامة
(باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب)
أيصلى تحية المسجد أم لا
(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ نَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو -وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ- عَنْ جَابِرٍ أَنَّ
رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ". قَالَ لَا. قَالَ "قُمْ فَارْكَعْ".
(ش)(حماد) بن زيد. و (جابر) بن عبد الله
(قوله أن رجلًا) هو سليك الغطفانى كما صرّح به في الروايات الآتية
(قوله يا فلان الخ) كناية عن اسم الرجل. وقوله فاركع أي صل ركعتين كما هو مصرّح به في الروايات الآتية ففيه إطلاق اسم الجزء على الكل
(من أخرج الحديث) أخرجه الشيخان وإبن ماجه والترمذي والدارقطني والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -الْمَعْنَى- قَالَا نَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ "أَصَلَّيْتَ شَيْئًا". قَالَ لَا. قَالَ "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزْ فِيهِمَا".
(ش)(رجال الحديث)(إسماعيل بن إبراهيم) بن معمر بن الحسن الهذلي أبو معمر القطيعى بفتح القاف الهروي نزيل بغداد. روى عن إبراهيم بن سعد وابن عيينة وشريك وابن المبارك وغيرهم. وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو حاتم وأبو يعلى وجماعة. قال ابن سعد ثقة ثبت صاحب سنة وفضل وخير وقال ابن قانع ثقة ثبت وقال في التقريب ثقة مأمون من العاشرة توفي سنة ست وثلاثين ومائتين. و (الأعمش) سليمان بن مهران
(قوله عن أبي سفيان) طلحة ابن نافع الواسطي
(قوله وعن أبي صالح) ذكون الزيات وهو معطوف على قوله عن أبي سفيان فالأعمش روى الحديث عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ورواه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. و (سليك) بالتصغير ابن هدبة وقيل ابن عمرو. و (الغطفاني) بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة بعدها فاء نسبة إلى غطفان بن سعيد بن قيس (وقد صرّح) في هذه الرواية ورواية البخاري ومسلم وغيرهم أن الداخل هو سليك "وما رواه" الطبراني بسنده عن أبي ذرّ أنه أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يخطب فقال لأبي ذرّ صليت ركعتين فقال لا "فليس بصحيح" لأنه من طريق ابن لهيعة وهو ضعيف. على أن ابن حبان روى هذا الحديث عن أبي ذرّ أنه جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو جالس في المسجد "أما ما رواه" الدارقطني عن أنس قال
دخل رجل من قيس المسجد فذكر نحو هذه القصة "فلا ينافي" كونه سليكًا فإن غطفانًا من قيس
(قوله تجوّز فيهما) يعني خففهما وأمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالتخفيف ليسمع الخطبة
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه ابن ماجه وأخرج مسلم والدارقطني والبيهقي حديث أبي سفيان عن جابر
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ أَنَّ سُلَيْكًا جَاءَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ زَادَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ قَالَ "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا".
(ش)(طلحة) بن نافع أبي سفيان المتقدم
(قوله فذكر نحوه الخ) أي ذكر الوليد بن مسلم نحو حديث الأعمش وزاد قوله ثم أقبل على الناس فقال إذا جاء أحدكم الخ. ورواية الوليد أخرجها الدارقطني عن طلحة أنه سمع جابر بن عبد الله يقول جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب فجلس قبل أن يصلي فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي ركعتين ثم أقبل على الناس بوجهه فقال إذا جاء أحدكم إلى الجمعة والإمام يخطب فليصلّ ركعتين يتجوّز فيهما (وفي هذه) الزيادة دلالة على أن مشروعية تحية المسجد حال الخطبة عامة لكل داخل وليست خاصة بسليك "فما قاله" بعضهم من أنها واقعة عين لا عموم لها "لا وجه له" لأن الأصل عدم الخصوصية "وما قالوه" من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمره بالصلاة ليراه القوم وهو قائم فيتصدقون عليه مستدلين بما رواه أحمد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن هذا الرجل دخل المسجد في هيئة بذّة فأمرته أن يصلي ركعتين وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه "لا ينافي" جواز التحية حال الخطبة (على أن) من قال بعدم جواز تحية المسجد وقت الخطبة لا يقولون. بجواز التطوع للتصدق (وقال النووي) تأويل أحاديث سليك بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمره ليراه الناس ويتصدّقوا عليه يردّه صريح قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه اهـ
(فإن قيل) يشكل على قصة سليك قوله تعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) والمراد بالقرآن الخطبة. وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت لأنه إذا امتنع الأمر بالمعروف مع قصر زمنه فمنع التشغال بالتحية أولى. وما سيأتي من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للذى يتخطى الرقاب "اجلس" ولم يأمره بالتحية