الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب صلاة العيدين)
تثنية عيد مأخوذ من العود فقلبت الواو ياء وكان القياس جمعه على أعواد لكن جمع على أعياد للفرق بينه وبين أعواد الخشب. وقيل للزوم الياء في مفرده. وسمى عيدًا لعوده في كل سنة أولعود الله فيه على عبادة بالخير والسرور. ولا سيما العود بغفران الذنوب. وفي بعض النسخ أبواب العيدين باب صلاة العيدين
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ "مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ". قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ".
(ش)(حماد) بن سلمة تقدم في الجزء الأول صفحة 26. و (حميد) الطويل
(قوله قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المدينة الخ) يعني قدم أول الهجرة ولهم يومان يلعبون فيهما هما يوم النيروز والمهرجان. والنيروز هو أول يوم تتحول فيه الشمس إلى برج الحمل وهو أول السنة الشمسية كما أن غرّة المحرم أول السنة القمرية. والمهرجان أول يوم الميزان كما يظهرمن مقابلته بالنيروز. وهما يومان معتدلان في الهواء والحرارة والبرودة يستوى فيهما الليل والنهار. قيل اختارهما الحكماء المتعلقون بالهيئة للعيد في أيامهم واتبعهم أهل زمانهم فجاء الأنبياء وأبطلوا ذلك
(قوله إن الله قد أبدلكم بهما الخ) يريد أن الله أبطل ما كانوا يعملونه في هذين اليومين من أعمال الجاهلية وشرع في مقابلتهما يومي العيدين. وخيرًا أفعل تفضيل ليس على بابه إذ لا خيرية في يوميهما
(قوله يوم الأضحى) بفتح الهمزة سمي بذلك لأنه يتقرب فيه إلى الله تعال بالأضحية كما أن عيد الفطر سمي بذلك لأن فيه الفطر من الصوم. وقدم الأضحى على الفطر لكونه العيد الأكبر
(والحديث) متضمن للنهى عن اللعب والفرح في يومي النيروز والمهرجان فلا ينبغي للمؤمن أن يوافق الكفار في تعظيم هذين اليومين وأشباههما من أعياد الكفار ولذا قال أبو حفص الكبير الحنفي من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيمًا لليوم فقد كفر بالله تعالى وأحبط عمله (وقال) الحسن بن منصور الحنفي من اشترى شيئًا لم يكن يشتريه في غير النيروز أو أهدى فيه هدية إلى غيره فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة فقد كفر وإن أراد
بالشراء التنعم والتنزه وبالإهداء التحابب جريًا على العادة لم يكن كفرًا لكنه مكروهًا للتشبه بالكفرة حينئذ فينبغي التحرّز عنه اهـ من المرقاة
(وقال في المدخل) بعد أن ذكر المواسم الشرعية وغيرها مما أحدثه المسلمون بقي الكلام على المواسم التي اعتادها أكثرهم وهم يعلمون أنها مواسم مختصة بأهل الكتاب. فتشبه بهم بعض أهل الوقت فيها وشاركوهم في تعظيمها يا ليت ذلك لو كان في العامة خصوصًا ولكنك ترى بعض من ينتسب إلى العلم يفعل ذلك في بيته ويعينهم عليه ويعجبه منهم ويدخل السرور على من عنده في البيت من كبير وصغير بتوسعة النفقة والكسوة على زعمه بل زاد بعضهم أنهم يهادون بعض أهل الكتاب في مواسمهم ويرسلون إليهم ما يحتاجونه. لمواسمهم فيستعينون بذلك على زيادة كفرهم ويرسل بعضهم الخرفان وبعضهم الفواكه وغير ذلك مما يكون في وقتهم وقد يجمع ذلك أكثرهم وهذا كله مخالف للشرع الشريف
(قال أشهب) قيل لمالك أترى بأسًا أن يهدى الرجل لجاره النصراني مكافأة له على هدية أهداها إليه قال ما يعجبنى ذلك قال الله عز وجل (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
…
الآية)
(قال ابن رشد) رحمه الله تعالى قوله مكافأة له على هدية أهداها إليه إذ لا ينبغي له أن يقبل منه هدية لأن المقصود من الهدايا التودّد لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. فإن أخطأ وقبل منه هديته فالأحسن أن يكافئه عليها حتى لا يكون له عليه فضل في معروف صنعه معه
(وسئل) ابن القاسم عن الركوب في السفن التي يركب فيها النصارى لأعيادهم فكره ذلك مخافه نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له (قال) وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدى إلى النصراني في عيده مكافأة له ورآه من تعظيم عيده وعونًا له على مصلحة كفره ألا ترى أنه لا يحل للمسلين أن يبيعوا للنصارى شيئًا من مصلحة عيدهم لا لحمًا ولا إدامًا ولا ثوبًا ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من دينهم لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم عل كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم أحدًا اختلف في ذلك اهـ
(ويمنع) التشبه بهم لما ورد في الحديث من تشبه بقوم فهو منهم. ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود إن محمدًا يريد أن لا يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيه (وقد جمع) هؤلاء بين التشبه بهم فيما ذكر والإعانة لهم على كفرهم فيزدادون به طغيانا إذ أنهم إذا رأوا المسلمين يوافقونهم أو يساعدونهم أو هما معا كان ذلك سببًا لغبطتهم بدينهم ويظنون أنهم على حق (وكثرت المهاداة) بينهم حتى أن بعض أهل الكتاب ليهادون ببعض ما يفعلونه في مواسمهم لبعض من له رياسة من المسلمين فيقبلون ذلك منهم ويشكرونهم ويكافئونهم وأكثر أهل الكتاب يغتبطون بدينهم ويسرّون عند قبول المسلم ذلك