المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب التأمين وراء الإمام) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٦

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الفتح على الإِمام في الصلاة)

- ‌(باب الالتفات في الصلاة)

- ‌باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(باب العمل في الصلاة)

- ‌(باب ردّ السلام في الصلاة)

- ‌(باب في تشميت العاطس في الصلاة)

- ‌(باب التأمين وراء الإِمام)

- ‌(باب التصفيق في الصلاة)

- ‌(باب الإشارة في الصلاة)

- ‌(باب في مسح الحصى في الصلاة)

- ‌(باب الرجل يصلي مختصرًا)

- ‌(باب النهى عن الكلام في الصلاة)

- ‌(باب في صلاة القاعد)

- ‌(باب من ذكر التورّك في الرابعة)

- ‌(باب التشهد)

- ‌(باب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد)

- ‌(باب ما يقول بعد التشهد)

- ‌(باب إخفاء التشهد)

- ‌(باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة)

- ‌(باب في السلام)

- ‌(باب الردّ على الإِمام)

- ‌(باب التكبير بعد الصلاة)

- ‌(باب إذا أحدث في صلاتة)

- ‌(باب إذا صلي خمسًا)

- ‌(باب إِذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ)

- ‌(باب من قال يتمّ على أكثر ظنه)

- ‌(باب من قال بعد التسليم)

- ‌(باب من قام من ثنتين ولم يتشهد)

- ‌(باب من نسي أن يتشهد وهو جالس)

- ‌(باب سَجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ)

- ‌(باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة)

- ‌(باب كيف الانصراف من الصلاة)

- ‌(باب صلاة الرجل التطوع في بيته)

- ‌(باب من صلى لغير القبلة ثم علم)

- ‌(باب تفريع أبواب الجمعة)

- ‌(باب الإجابة آية ساعة هي في يوم الجمعة)

- ‌(باب فضل الجمعة)

- ‌(باب كفارة من تركها)

- ‌(باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ)

- ‌(باب الجمعة في اليوم المطير)

- ‌(باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة)

- ‌(باب الجمعة للمملوك والمرأة)

- ‌(باب الجمعة في القري)

- ‌(باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد)

- ‌(باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة)

- ‌(باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة)

- ‌(باب اتخاذ المنبر)

- ‌(باب موضع المنبر)

- ‌(باب وقت الجمعة)

- ‌(باب النداء يوم الجمعة)

- ‌(باب الجلوس إذا صعد المنبر)

- ‌(باب الرجل يخطب على قوس)

- ‌(باب رفع اليدين على المنبر)

- ‌(باب إقصار الخطب)

- ‌(باب الدنوّ من الإِمام عند الموعظة)

- ‌(باب الإِمام يقطع الخطبة للأمر يحدث)

- ‌(باب الاحتباء والإمام يخطب)

- ‌(باب الكلام والإمام يخطب)

- ‌(باب استئذان المحدث الإِمام)

- ‌(باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب)

- ‌(باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة)

- ‌باب الرجل ينعس والإمام يخطب

- ‌(باب الإِمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر)

- ‌(باب من أدرك من الجمعة

- ‌(باب ما يقرأ في الجمعة)

- ‌(باب الرجل يأتمّ بالإمام وبينهما جدار)

- ‌(باب الصلاة بعد الجمعة)

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(باب وقت الخروج إلى العيد)

- ‌(باب خروج النساء إلى العيد)

- ‌(باب يخطب على قوس)

- ‌(باب ما يقرأ في الأضحى والفطر)

- ‌(باب الجلوس للخطبة)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه يخرج من الغد)

- ‌(باب الصلاة بعد صلاة العيد)

الفصل: ‌(باب التأمين وراء الإمام)

(باب التأمين وراء الإِمام)

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَرَأَ (وَلَا الضَّالِّينَ) قَالَ "آمِينَ". وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ.

(ش)(رجال الحديث)(سفيان) الثوري

(قوله عن حجر أبى العنبس) وفي نسخة حجر ابن العنبس وهو الذي ذكره المصنف في الرواية الآتية: صوّبه الترمذي. الحضرمي الكوفي روى عن وائل بن حجر. وعنه سلمة بن كهيل وعلقمة بن مرثد وموسى بن قيس والمغيرة بن الحرّ. قال ابن معين ثقة مشهور ووثقه الخطيب وصحح الدارقطني حديثه وقال في التقريب صدوق من الثانية. روى له أبو داود والترمذي والبخاري في جزء القراءة خلف الإِمام

(معنى الحديث)

(قوله إذا قرأ ولا الضالين قال آمين الخ) فيه دلالة على مشروعية تأمين الإِمام وجهره به

(قال الترمذي) وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون الرجل يرفع صوته بالتأمين ولا يخفيها اهـ (وبذلك) قالت الشافعية وأحمد وإسحاق

(واختلفت) الروايات عن مالك في الصلاة الجهرية. فروى المصريون عنه عدم التأمين فيها قالوا لأن الإِمام داع ومن سنة المؤمن أن يكون غير الداعي. وروى عنه مطرّف وابن الماجشون التأمين للإمام في الجهرية لكنه يؤمن سرّ. وإذا أسرّ الإِمام القراءة فلم يختلف عندهم في أنه يؤمن فيها

(وقالت الحنفية) يؤمن الإِمام سرًّا قالوا لأن التأمين ليس فيه إلا زيادة الدعاء والداعى أولى به

(وآمين) ليست من الفاتحة بل ولا من القرآن. ولذا قال المفسرون يسنّ الإتيان بها مفصولة عن الفاتحة بسكتة ليتميز القرآن عن غيره وكذا يسنّ الإتيان بها لكل داع لما روى عن عليّ آمين خاتم رب العالمين ختم بها دعاء عبادة. وفيها لغات "أشهرها" مدّ الهمزة وتخفيف الميم "ثانيتها" قصر الهمزة وتخفيف الميم حكاها ثعلب وجماعة وأنكرها عليهم آخرون. وحكى الواحدى عن حمزة والكسائي مدّ الهمزة مع إمالتها وتخفيف الميم. وحكي عن الحسن البصري والحسين بن الفضل مدّ الهمزة وتشديد الميم

(قال) النووي في شرح المهذب ويؤيده أنه جاء عن جعفر الصادق أن تأويله قاصدين إليك وأنت الكريم من أن تخيب واحدًا. وحكى القاضي عياض هذا الأخير وقال إنها لغة شاذة مردودة. وحكى ابن السكيت وسائر أهل اللغة أنها من لحن العوام اهـ

ص: 36

وآمين اسم فعل أمر بمعنى استجيب مبنى على الفتح. وقيل معناه لا تخيب رجاءنا إذ لا يقدر على هذا غيرك. وقيل هو كنز من كنوز العرش.

وحكى صاحب القاموس عن الواحدي أنها اسم من أسماء الله والتقدير يا آمين (لكن) قيل عليه إنه لو كان اسمًا لبُنِي على الضمّ لأنه منادى مفرد وأيضًا أسماء الله تعالى توقيفية ولم يثبت أن آمين منها

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والترمذي والدارقطني وابن حبان

(ص) حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ نَا ابْنُ نُمَيْرٍ نَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَهَرَ بِآمِينَ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ خَدِّهِ.

(ش)(ورجال الحديث)(الشعيرى) نسبة إلى الشعير إقليم من نواحي حمص بالأندلس. و (علي بن صالح) بن صالح بن حيّ الهمداني أبو محمَّد الكوفي. روى عن أبيه والأعمش وأبي إسحاق السبيعي وسلمة بن كهيل وجماعة. وعنه ابن عيينة وعبد الله بن نمير ومعاوية بن هشام ووكيع وأبو نعيم. وثقه النسائي وابن معين والعجلي وقال ابن سعد كان صاحب قرآن ثقة قليل الحديث. مات سنة إحدى وخمسين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي

(معنى الحديث)

(قوله فجهر بآمين) حجة أيضًا لمن قال إن الإِمام يجهر بالتأمين

(قوله وسلم عن يمينه وعن شماله) فيه مشروعية تسليم الإِمام على اليمين واليسار ويأتي الكلام عليه في باب في السلام

(ص) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ نَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَلَا (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) قَالَ "آمِينَ". حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الأَوَّلِ.

(ش)(رجال الحديث)(بشر بن رافع) الحارثي أبى الأسباط النجراني. روى عن أبى عبد الله الدوسي وعبد الله بن سيمان ويحيى بن أبي كثير وابن عجلان. وعنه عبد الرزاق بن همام

ص: 37

وحاتم بن إسماعيل وصفوان بن عيسى. ضعفه أحمد والترمذي والنسائي وقال البخاري لا يتابع في حديثه وقال أبو حاتم منكر الحديث لا نرى له حديثًا قائمًا وقال ابن عبد البرّ اتفقوا على إنكار حديثه وطرح ما رواه وترك الاحتجاج به لا يختلف علماء الحديث في ذلك وقال ابن حبان يأتي بطامات عن يحيى بن أبي كثير. موضوعة يعرفها من لم يكن الحديث صناعته كأنه المتعمد لها وقال في التقريب فقيه ضعيف الحديث. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب

(قوله عن أبي عبد الله ابن عمّ أبى هريرة) هو عبد الرحمن بن هضاض ويقال. ابن هضهاض ويقال ابن الصامت الدوسي. روى عن أبي هريرة ووهب بن منبه. وعنه أبو الزبير وبشر بن رافع. قال في التقريب مقبول من الثالثة وقال ابن القطان لا يعرف وقال في الميزان أبو عبد الله الدوسي عن أبي هريرة لا يعرف ماحدث عنه سوى بشر بن رافع. روى له أبو داود وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله حتى يسمع من يليه من الصف الأول) بفتح الياء من الثلاثي أو بضمها من أسمع الرباعى. وفي رواية ابن ماجه حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتجّ لها المسجد وهو غاية لجهره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالتأمين

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي وكذا ابن ماجه عن أبي هريرة قال ترك الناس التأمين وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين

(ص) نَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "إِذَا قَالَ الإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا "آمِينَ". فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

(ش) استدل به من قال إن الإِمام لا يؤمن لكن لا يدل له لأن غاية ما يفيده أن تأمين الإِمام مسكوت عنه وتقدم في حديث وائل وأبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم كأن يؤمن ويجهر حتى يسمع من يليه من الصف وهو كان يصلي إمامًا. وقوله فقولوا آمين أي مع تأمين الإِمام ليوافق تأمينكم تأمين الملائكة فإنهم يؤمنون حال تأمين الإِمام

(قيل) في الحديث دلالة على أن المأموم يجهر بالتأمين (وقد ترجم) البخاري لهذا الحديث فقال "باب جهر المأموم بالتأمين" قال الزين بن المنير مناسبة الحديث للترجمة أن في الحديث الأمر بقوله آمين والقول إذا وقع به الخطاب مطلقًا حمل على الجهر ومتى أريد به الإسرار أو حديث النفس قيد بذلك اهـ

وروى البيهقي عن عطاء قال أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

ص: 38

في هذا المسجد إذا قال الإِمام ولا الضالين سمعت لهم رجة آمين. وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال قلت له أكان ابن الزبير يؤمن على إثر أم القرآن قال نعم ويؤمن من وراه حتى أن للمسجد للجة (وإلى أن) المأموم يجهر بالتأمين ذهبت الشافعية والحنابلة إذا كان في صلاة جهرية فإن كان في سرّية أسرّ به

(وذهبت) المالكية إلى أنه يسرّ بالتأمين مطلقًا في جهرية وسرية. والفذ كالمأموم عندهم

(وقالت الحنفية) يؤمن المأموم والفذ والإِمام سرًا. وقد علمت بسط الكلام على الإِمام في الحديث الأول من هذا الباب. وقوله فإنه من وافق قوله قول الملائكة تعليل لمحذوف أي فقولوا آمين توافقوا قول الملائكة وتأمينهم فتصيبوا خيرًا لأن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه فالمراد بالموافقة الموافقة في الزمن لما في الصحيحين عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء ووافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه

(وقال ابن حبان) في صحيحه فإن الملائكة تقول آمين ثم قال يريد أنه إذا أمن كتأمين الملائكة من غير إعجاب ولا سمعة ولا رياء خالصًا لله تعالى فإنه حينئذ يغفر له والمراد بالملائكة الحفظة وقيل غير ذلك وتقدم بسط الكلام على ذلك في باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

(والحديث) أخرجه البخاري ومالك في الموطأ والنسائي وابن حبان وعبد الرزاق وأحمد

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "آمِينَ".

(ش)(قوله إذا أمن الإِمام فأمنوا) دليل على مشروعية تأمين الإِمام كالمأموم "ولا يقال" إن القضية شرطية لا تقتضى الوقوع "لأن" إذ التحقق الوقوع "وتؤيده" الروايات السابقة الصريحة في تأمينه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(وما رواه) النسائي عن أبي هريرة مرفوعًا إذا قال الإِمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين وإن الإِمام

ص: 39

يقول آمين (وظاهر) حديث الباب أن تأمين المأموم متأخر عن تأمين الإِمام فإنه رتبه عليه بالفاء التي للتعقيب فيكون منافيًا لما تفيده الرواية السابقة وغيرها مما فيه أن تأمين المأموم يكون مع تأمين الإِمام

(وأجيب) بأن المراد بقوله إذا أمن الإِمام أي أراد أن يؤمن جمعًا بين الروايات

(قال الجويني) لا تستحب مقارنة الإِمام في شيء من الصلاة غير التأمين اهـ وقيل يؤخذ من الخبرين تخيير المأموم في التأمين مع الإِمام أو بعده

(والأمر) بتأمين المأموم في الحديث للندب عند الجهور. وحكي ابن بزيزة عن بعض أهل العلم وجوب التأمين على المأموم عملًا بظاهر الأمر في الحديث (وبه قالت) الظاهرية على كل مصلّ. أما الإِمام والمنفرد فالتأمين مندوب لهما عند الجهور أيضًا. وحكى المهدي في البحر عن العترة أن التأمين بدعة، واستدل صاحب البحر بحديث معاوية بن الحكم المتقدم وفيه إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس قالوا والتأمين من كلام الناس لأنه ليس بقراءة ولا ذكر و"يردّ" ما قالوه أحاديث الباب وأشباهها. وأما حديث معاوية المذكور فهو عام مخصوص بأحاديث التأمين. وعلى تقدير أن أحاديث التأمين لا تخصصه فالتأمين داخل في العمومات الدالة على مشروعية الدعاء في الصلاة على أن المراد بكلام الناس في هو تكليمهم والتأمين ليس بتكليم

(قوله قال ابن شهاب وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول آمين) أتى به ردّا على من يقول إن الإِمام لا يؤمن وأوّل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أمن الإِمام أي أراد للتأمين ولا يلزم من الإرادة التأمين بالفعل. وهو وإن كان مرسلًا لكن يعضده ما تقدم للمصنف من تأمينه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وما تقدم في رواية النسائي عن أبي هريرة

(والحديث) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك في الموطأ

(ص) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَسْبِقْنِي "بِآمِينَ".

(ش)(رجال الحديث)(إسحاق بن إبراهيم بن راهويه) بن مخلد بن إبراهم الحنظلي المروزي أحد الأئمة. روى عن بشر بن المفضل ووكيع بن الجرّاح وابن عيينة وابن علية وحفص بن غياث وطوائف. وعنه البخاري ومسلم النسائي والترمذي وكثيرون. قال أحمد لا أعرف له نظيرًا بالعراق إمام من أئمة المسلمين وقال النسائي أحد الأئمة ثقة مأمون وقال أبو حاتم العجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ وقال ابن حبان كان من سادات أهل زمانه فقها وعلما وحفظا وصنف الكتب وفرّع على السنن وذبّ عنها وقمع من خالفها اهـ وأثنى عليه

ص: 40

كثير من الحفاظ. ولد سنة إحدى أوست وستين ومائة. ومات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين. و (عاصم) بن سليمان الأحول تقدم في الجزء الأول صفحة 274. و (أبو عثمان) عبد الرحمن بن ملّ النهدي في الرابع صفحة 249

(معنى الحديث)

(قوله لا تسبقني بآمين) أراد بلال بذلك أن يدرك التأمين مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ولعله كان يقيم الصلاة في مؤخر المسجد قريبًا من محلّ الأذان وكان بعد فراغه من الإقامة يمشي حتى يصل إلى الصف وربما اشتغل بتعديل الصفوف فخشى أن يفوته التأمين معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال له ذلك

(قال) العيني هذا الحديث مرسل وقال الحاكم في الأحكام قيل إن أبا عثمان لم يدرك بلالًا وقال أبو حاتم الرازي رفعه خطأ ورواه الثقات عن عاصم عن أبي عمان مرسلًا وقال البيهقي وقيل عن أبي عثمان عن سليمان قال قال بلال وهو ضعيف ليس بشئ اهـ وروى البيهقي هذا الحديث موقوفًا على أبى هريرة من طريق حماد عن ثابت عن أبي رافع قال كان أبوهريرة يؤذن لمروان فاشترط أن لا يسبقه بالضالين حتى يعلم أنه دخل في الصف

(قال) في الفتح وكأنه كان يشتغل بالإقامة وتعديل الصفوف وكان مروان يبادر إلى الدخول في الصلاة قبل فراغ أبي هريرة وكان أبوهريرة ينهاه عن ذلك اهـ وقد وقع ذلك لأبي هريرة أيضًا مع العلاء بن الحضرمي كما رواه عبد الرزاق من طريق سعيد بن منصور عن محمَّد بن سيرين أن أبا هريرة كان مؤذنا بالبحرين وأنه اشترط علي الإِمام أن لا يسبقه بآمين وكان الإِمام بالبحرين العلاء بن الحضرمي

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي وعبد الرزاق. عن أبي هريرة موقوفًا عليه كما تقدم وأخرجه البخاري تعليقا عن أبي هريرة بلفظ كان أبوهريرة ينادى الإِمام لا تفتني بآمين

(ص) حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَا نَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ صُبَيْحِ بْنِ مُحْرِزٍ الْحِمْصِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو مُصْبِحٍ الْمَقْرَائِيُّ قَالَ كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ -وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ- فَيَتَحَدَّثُ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ فَإِذَا دَعَا الرَّجُلُ مِنَّا بِدُعَاءٍ قَالَ اخْتِمْهُ بِآمِينَ فَإِنَّ آمِينَ مِثْلُ الطَّابَعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ. قَالَ أَبُو زُهَيْرٍ أُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَلَحَّ في الْمَسْأَلَةِ فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله تعالى عليه

ص: 41

وعلى آله وسلم "أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ بِأَيِّ شَيءٍ يَخْتِمُ قَالَ "بِآمِينَ فَإِنَّهُ إِنْ خَتَمَ بِآمِينَ فَقَدْ أَوْجَبَ". فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى الرَّجُلَ فَقَالَ اخْتِمْ يَا فُلَانُ بِآمِينَ وَأَبْشِرْ. وَهَذَا لَفْظُ مَحْمُودٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ الْمَقْرَاءُ قَبِيلٌ مِنْ حِمْيَرَ.

(ش)(رجال الحديث)(الوليد بن عتبة الدمشقي) الأشجعي أبو العباس. روى عن أبى ضرة وحمزة بن ربيعة ومروان بن محمَّد وأبى مسهر. وعنه أبو داود وأبو زرعة وسلمة بن شبيب وجعفر الفريابي. قال البخاري معروف الحديث وأثنى عليه محمَّد بن عون خيرًا وقال في التقريب ثقة من العاشرة. مات سنة أربعين ومائتين. و (الفريابي) هو محمَّد بن يوسف بن واقد منسوب إلى فرياب مدينة ببلاد الترك.

و(صبيح) ضبطه بعضهم بضم الصاد وبعضهم بفتحها (ابن محرز) بضم فسكون فكسر. روى عن عمرو بن قيس وأبي مصبح المقرائى. وعنه محمَّد بن يوسف الفريابي. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب مقبول من السابعة. و (أبو مصبح) الروياني الأوزاعي الحمصي روى عن ثوبان وأبي زهير وشداد بن أوس وشرحبيل بن السمط وغيرها. وعنه الأوزاعي وحريز بن عثمان وعبد الرحمن بن يزيد. قال أبو زرعة ثقة لا أعرف اسمه وذكره ابن حبان في الثقات وقال في القريب ثقة من الثالثة. روى له أبو داود

(قوله كنا نجلس إلى أبي زهير النميري) ويقال أبو الأزهر ولم يعرف اسمه وقيل اسمه يحيى بن نفير. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه خالد بن سعد وكثير بن مرّة وشريح بن عبيد

(معنى الحديث)

(قوله فتحدث أحسن الحديث) لعله كان يعلمهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة) تعليل لأمره بختم الدعاء بالتأمين. والطابع بفتح الباء الموحدة وكسرها ما يطبع به كالختم والصحيفة قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه

(قوله قال أبو زهير أخبركم الخ) أتى به دليلًا على ما قاله. وقوله ألحّ في المسألة يعني أقبل عل الدعاء وبالغ فيه

(قوله أوجب إن ختم) يعني أجيب دعاؤه إن ختمه بآمين

(قوله فأتى الرجل الخ) أي أتى الذي سأل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الرجل الذي ألحّ) في المسألة فقال اختم يا فلان بآمين وأبشر بإجابة دعائك

(وفي هذا) دلالة على الترغيب في التأمين بعد الدعاء (وقد) جاء في فضله أحاديث أخر (منها)

ص: 42