المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب النداء يوم الجمعة) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٦

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الفتح على الإِمام في الصلاة)

- ‌(باب الالتفات في الصلاة)

- ‌باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(باب العمل في الصلاة)

- ‌(باب ردّ السلام في الصلاة)

- ‌(باب في تشميت العاطس في الصلاة)

- ‌(باب التأمين وراء الإِمام)

- ‌(باب التصفيق في الصلاة)

- ‌(باب الإشارة في الصلاة)

- ‌(باب في مسح الحصى في الصلاة)

- ‌(باب الرجل يصلي مختصرًا)

- ‌(باب النهى عن الكلام في الصلاة)

- ‌(باب في صلاة القاعد)

- ‌(باب من ذكر التورّك في الرابعة)

- ‌(باب التشهد)

- ‌(باب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد)

- ‌(باب ما يقول بعد التشهد)

- ‌(باب إخفاء التشهد)

- ‌(باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة)

- ‌(باب في السلام)

- ‌(باب الردّ على الإِمام)

- ‌(باب التكبير بعد الصلاة)

- ‌(باب إذا أحدث في صلاتة)

- ‌(باب إذا صلي خمسًا)

- ‌(باب إِذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ)

- ‌(باب من قال يتمّ على أكثر ظنه)

- ‌(باب من قال بعد التسليم)

- ‌(باب من قام من ثنتين ولم يتشهد)

- ‌(باب من نسي أن يتشهد وهو جالس)

- ‌(باب سَجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ)

- ‌(باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة)

- ‌(باب كيف الانصراف من الصلاة)

- ‌(باب صلاة الرجل التطوع في بيته)

- ‌(باب من صلى لغير القبلة ثم علم)

- ‌(باب تفريع أبواب الجمعة)

- ‌(باب الإجابة آية ساعة هي في يوم الجمعة)

- ‌(باب فضل الجمعة)

- ‌(باب كفارة من تركها)

- ‌(باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ)

- ‌(باب الجمعة في اليوم المطير)

- ‌(باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة)

- ‌(باب الجمعة للمملوك والمرأة)

- ‌(باب الجمعة في القري)

- ‌(باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد)

- ‌(باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة)

- ‌(باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة)

- ‌(باب اتخاذ المنبر)

- ‌(باب موضع المنبر)

- ‌(باب وقت الجمعة)

- ‌(باب النداء يوم الجمعة)

- ‌(باب الجلوس إذا صعد المنبر)

- ‌(باب الرجل يخطب على قوس)

- ‌(باب رفع اليدين على المنبر)

- ‌(باب إقصار الخطب)

- ‌(باب الدنوّ من الإِمام عند الموعظة)

- ‌(باب الإِمام يقطع الخطبة للأمر يحدث)

- ‌(باب الاحتباء والإمام يخطب)

- ‌(باب الكلام والإمام يخطب)

- ‌(باب استئذان المحدث الإِمام)

- ‌(باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب)

- ‌(باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة)

- ‌باب الرجل ينعس والإمام يخطب

- ‌(باب الإِمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر)

- ‌(باب من أدرك من الجمعة

- ‌(باب ما يقرأ في الجمعة)

- ‌(باب الرجل يأتمّ بالإمام وبينهما جدار)

- ‌(باب الصلاة بعد الجمعة)

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(باب وقت الخروج إلى العيد)

- ‌(باب خروج النساء إلى العيد)

- ‌(باب يخطب على قوس)

- ‌(باب ما يقرأ في الأضحى والفطر)

- ‌(باب الجلوس للخطبة)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه يخرج من الغد)

- ‌(باب الصلاة بعد صلاة العيد)

الفصل: ‌(باب النداء يوم الجمعة)

الصحيحة الثابتة عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الدالة على أنه كان يصليها بعد الزوال

(قال) في سبل السلام ليس فيه "يعني حديث الباب" دليل على الصلاة قبل الزوال لأنهم في المدينة ومكة لا يقيلون ولا يتغدّون إلا بعد صلاة الظهر كما قال تعالى (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) نعم كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسارع بصلاة الجمعة في أول وقت الزوال بخلاف الظهر فقد كان يؤخره بعده حتى يجتمع الناس اهـ

(والحديث) أخرجه أحمد والشيخان والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي

(باب النداء يوم الجمعة)

وفي نسخة باب في النداء يوم الجمعة

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ نَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ الأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الثَّالِثِ فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ فَثَبَتَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ.

(ش)(رجال الحديث)(وابن وهب) هو عبد الله. و (يونس) بن يزيد. و (السائب ابن يزيد) بن سعيد بن ثمامة الكندي. روى البخاري من طريق محمَّد بن يوسف عن السائب أن خالته ذهبت به وهو وجع فمسح النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأسه ودعا له وتوضأ فشرب من وضوئه ونظر إلى خاتم النبوة. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن أبيه وعمر وعثمان وعبد الله بن السعدي وطلحة وآخرين. وعنه الزهري ويحيي بن سعيد وإبراهيم بن قارظ. مات سنة إحدي أو اثنتين وثمانين

(معنى الحديث)

(قوله أن الأذان كان أوله الخ) وفي رواية ابن خزيمة كان ابتداء النداء الذي ذكره الله في القرآن إذا خرج الإِمام يعني وجلس. وقوله فلما كان خلافة عثمان يعني ومضى مدة منها كما في رواية أبي نعيم. وقوله وكثر الناس يعني في المسجد كما جاء في رواية للبخاري

(وقوله أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث) وفي رواية وكيع عن ابن أبي ذئب عند ابن خزيمة فأمر عثمان بالأذان الأول ونحوه للشافعي ولا تنافي بينهما لأنه باعتبار كونه مزيدًا على الأذان والإقامة في المشروعية ثالثًا وباعتبار كونه مقدمًا عليهما في الفعل جعل أولًا فهو أول في الفعل ثالث في المشروعية. ووصف بالثاني في رواية

ص: 244

للبخاري عن عقيل بالنظر إلى الأذان دون الإقامة. وهذه الرواية صريحة في أن عثمان هوالذي زاد هذا النداء "وما جاء في بعض الروايات" عن برد بن سنان عن مكحول عن معاذ أن عمر هو الذي زاده "فغير ثابت" لأن معاذًا كان خرج من المدينة إلى الشام في أول غزو الشام واستمرّ إلى أن مات بها في طاعون عمواس في خلافة عمر

(قوله فأذن به على الزوراء) بالمد موضع بالسوق بالمدينة كما قاله البخاري. وما قاله ابن بطال من أنه حجر كبير على باب المسجد مردود بما في رواية الطبراني فأمر بالنداء الأول على دار يقال لها الزوراء. ومافي رواية ابن ماجه وابن خزيمة من قوله زاد النداء الثالث على دار في السوق يقال لها الزوراء. وأمر به في ذاك المكان ليعلم الناس به أن الجمعة قد حضرت. وكان يفعل عند دخول الوقت لا قبله (فما يفعله) الناس قبل دخول الوقت مما يسمونه بالأولي والثانية (لا أصل له) لأنه لم يفعله النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا أمر به ولا فعله أحد من أصحابه ولا من السلف بل هو محدث أحدثه بعض الأمراء كما ذكره ابن الحاج العبدري فيتعين تركه لأن تركه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إياه مع وجود المقتضي وهو تشريع الأحكام في حياته واستمراره على ذلك حتى فارق الدنيا يدل على عدم مشروعيته. وكذلك إجماع الأمة من الصحابة والسلف الصالح على هذا الترك دليل على أن تركه هو السنة وفعله بدعة مذمومة. ولا يقال إنها داخلة تحت الأوامر العامة كقوله تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لأن تركه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إياه وكذا الصحابة دليل على عدم دخوله في تلك الأوامر. على أن هذا ليس من الخير بل هو ضلال كما نصّ عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة رواه المصنف في باب في لزوم السنة من حديث العرباض بن سارية (قال في المدخل) يطلب من إمام المسجد أن ينهى المؤذنين عما أحدثوه من التذكار يوم الجمعة لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يفعله ولا أمر به ولا فعله أحد بعده من السلف بل هو قريب العهد بالحدوث أحدثه بعض الأمراء وهو الذي أحدث التغني بالأذان في المدرسة التي بناها وبدعة هذا أصلها يتعين تركها "فإن قيل" الناس مضطرون للتذكار لكي يقوموا من أسواقهم وأشغالهم ويخرجوا من بيوتهم فيأتوا إلى المسجد "فالجواب" أنه لا يخلو سأل من يأتي إلى الجمعة إما أن يكون بعيدًا أو قريبًا من المسجد وفإن كان قريبًا فالأذان الأول الذي فعله سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه يكفيه سماعه وإن كات بعيدًا فهو لا يسمع الأذان الأول الذي للتذكار فيأخذ لنفسه بالاحتياط ألا تري أن السعي إلى الجمعة يجب على الناس بحسب قرب مواضعهم وبعدها وقد يتعين على بعضهم الإتيان إلى الجمعة من طلوع الشمس وعلى بعضهم من الزوال بحسب ما ذكر من القرب

ص: 245

والبعد وإذا كان كذلك فلا ضرورة تدعو إلى ما أحدثوه. ثم مع ذلك ترتب عليه المفاسد أعني التشويش على من في المسجد ينتظر الجمعة وهم على ما يعلم من حالهم منهم المصلي والذاكر والتالي والمتفكر إلى غير ذلك (وهذه البدعة) قد عمت البلوى في الأقاليم لكن كل أهل إقليم قد اختصوا بعوائد ألا تري أن التذكار في الديار المصرية على ما هو مشاهد وفي المغرب يجتمع جماعة من المؤذنين فيرفعون أصواتهم على المنار بقولهم الوضوء للصلاة ويدورون عليه مرارًا وذلك مكروه لوجوه (الأول) أنه لم يكن من فعل من مضى (الثاني) أن العامة تسمعهم فيظنون أن الغسل للجمعة غير مشروع لها والغالب أنهم لا يسألون العلماء فتندرس هذه السنة بينهم ولو قدّرنا أنهم ينادون الغسل للجمعة وهو الغالب فقد يكون ذلك سببًا لترك الجمعة لجهله وهو لا يسأل ويسمع الغسل للجمعة ولا يقدر عليه فيترك الصلاة لأجل ذلك (الثالث) ما ترتب على ذلك من التشويش على من في المسجد كما تقدم بيانه اهـ كلام صاحب المدخل (وما ذكره) توسيع في الدائرة وإلا فيكفي في منع ذلك أنه بدعة لم يستحسنها أحد من السلف وأن فيها تشويشًا وهو حرام بالإجماع وأنه وسيله إلى اعتقاد العوام أنه من الدين ومن الأمور الشرعية التي لابدّ منها والآيات والأحاديث والآثار ناطقة بمنع ذلك كله

(قوله فثبت الأمر على ذلك) أي على زيادة أذان ثان على الزوراء كما كان في عهد سيدنا عثمان. وهذا كان بالنسبة لزمن أبي داود (أما ما يفعل) الآن من وقوع الأذانين في مكان واحد أو أحدهما فوق المسجد والآخر داخل المسجد فليس موافقًا لما كان عليه سيدنا عثمان ولا ما كان عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر وعمر فإن الغرض الذي زاد سيدنا عثمان الأذان لأجله وهو أنه لما كثر الناس وانتشرت المنازل كان من عند الزوراء لا يسمع الأذان الذي عند المسجد زاد أذانًا على الزوراء لإسماعهم فإذا اجتمع الناس في المسجد وجلس الخطيب على المنبر أذن المؤذن ثانيًا خارج المسجد على الباب أو علي السطح كما كان في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر وهذا الغرض الذي أحدث الأذان الثاني من أجله في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه ليس موجودًا في زماننا فإننا لم نر أذانا يفعل بعيدًا عن المسجد فإذًا يطلب الاقتصار على أذان واحد في الجمعة في زماننا كماكان في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر لعدم الغرض الذي أحدث الأذان الثاني من أجله ومن لم يقتصر على أذان واحد فقد خالف سيدنا عثمان فضلا عن غيره وهذا معلوم لمن اطلع على ما هو مقرّر في كتب السنة، وعلى فرض أنه وجد الغرض الذي أحدث الأذان الثاني من أجله زمن سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه يطلب أن يقتصر على أذان واحد أيضًا كما صرّح بذلك الشافعي في الأم قال وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإِمام المسجد ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه

ص: 246

خشب أو جريد أو منبر أو شيء مرفوع له أو الأرض فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة مؤذنين "قال الشافعي" وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول أحدثه معاوية والله تعالى أعلم "قال الشافعي" وأيهما كان فالأمر الذي على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحب إليّ اهـ باختصار

(والحديث) أخرجه البخاري والنسائي ورواه الترمذي والبخاري والبيهقي من طريق ابن أبي ذئب عن ابن شهاب

(ص) حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ.

(ش)(النفيلي) عبد الله بن محمَّد تقدم في الجزء الأول صفحة 43. وكذا (الزهري) محمَّد ابن مسلم صفحة 48

(قوله كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) المراد أنه كان لا يؤذن للجمعة إلا أذان واحد خارج المسجد حين يجلس صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر وكذلك كان يفعل بين يدي أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما (وبه يردّ) ما ذكره صاحب الهداية وشرحه "إذا صعد الإِمام المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يدي المنبر" بذلك جري التوارث ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا هذا الأذان فإن ظاهره أن الأذان يوم الجمعة المتوارث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم يكون داخل المسجد أمام المنبر وليس كذلك (وقد اتفقت) المذاهب على أن الأذان يوم الجمعة يكون خارج المسجد (قال) في الفتاوي الهندية والسنة أن يؤذن المؤذن على المأذنة أو خارج المسجد ولا يؤذن في المسجد اهـ (وقال) في البحر والسنة أن يؤذن في موضع عال يكون أسمع لجيرانه اهـ

(وقال الإِمام العيني) الحنفي في شرحه على البخاري روى الزهري عن السائب بن يزيد كان إذا جلس رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر أذن المؤذن على المسجد ثم كانت الصحابة على ذلك (قال) وفي رواية أبي داود كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على باب المسجد وكذا في رواية الطبراني وفي رواية عبد بن حميد اهـ إلى غير ذلك مما في كتب السادة الحنفية

ص: 247

(وقال) في نهاية المحتاج للرملي الشافعي ويستحب أن يؤذن على عال كمنارة وسطح للاتباع ولزيادة الإعلام

(وفي البحر) لو لم يكن للمسجد منارة سنّ أن يؤذن على الباب وينبغي تقييده بما إذا تعذر في سطحه وإلا فهو أولى اهـ وغير ذلك مما في كتب السادة الشافعية

(وقال الإِمام) أبو داود في سننه عن السائب بن يزيد قال كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبي بكر وعمر زاد في رواية فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك اهـ وكذا في غيره من كتب الحديث

(وقال في الكشاف) عند الكلام على قوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا) الآية والنداء الأذان وقالوا المراد له الأذان عند قعود الإِمام على المنبر فكان إذا جلس النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر أذن المؤذن على باب المسجد فإذا نزل أقام الصلاة ثم كان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما على ذلك حتى إذا كان عثمان الخ ما تقدم (ومثله) في روح المعاني وروح البيان وحاشيتي الجمل والصاوي على الجلالين وفي البحر المحيط لأبي حيان وكتاب الدر اللقيط لتاج الدين أحمد بن عبد القادر الحنفي وحاشية الشهاب على البيضاوي وغير ذلك من التفاسير المشهورة

(وقال) في المدخل السنة في أذان الجمعة إذا صعد الإِمام على المنبر أن يكون المؤذن على المنار "أي أو السطح" أو الباب كذلك كان على عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر وصدرًا من خلافة عثمان رضي الله تعالى عنهم ثم زاد عثمان رضي الله تعالى عنه أذانًا آخر بالزوراء وهو موضوع بالسوق لما كثر الناس وأبقى الأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنار والخطيب على المنبر إذ ذاك ثم إنه لما تولى هشام بن عبد الملك جعل الأذان الذي فعله عثمان بالزوراء على المنار ثم نقل الذي كان على المنار حين صعود الإِمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر وصدرًا من خلافة عثمان بين يديه قال علماؤنا رحمة الله تعالى عليهم وسنة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هي التي تتبع

(فقد بان) أن فعل الأذان في المسجد بين يدي الخطيب بدعة تمسك بعض الناس بها ثم تطاول الأمر على ذلك حتى صار بين الناس كأنه سنة معمول بها وهذا وما شاكله ليس له أصل في الشرع. هذا ما هو من طريق النقل

(وأما) ما هو من طريق المعني فلأن الأذان إنما هو نداء إلى الصلاة ومن هو في المسجد لا معنى لندائه إذ هو حاضر ومن هو خارج المسجد لا يسمع النداء الذي هو داخل المسجد وإنما هي عوائد وقع الاستئناس بها فصار المنكر لها كأنه يأتي ببدعة على زعمهم فإنا لله وإنا إليه راجعون على قلب الحقائق لأنهم يعتقدون أن ما هم عليه هو الصواب والأفضل ولو فعلوا ذلك مع اعتقادهم أنه بدعة

ص: 248

لكان أخف أن يرجى لأحدهم أن يتوب اهـ ببعض تصرّف (وبهذا تعلم) أنه لا وجه لما يفعله كثير من أهل زماننا من إقامتهم مؤذنًا يؤذن داخل المسجد أمام المنبر زاعمين أن المراد بقوله بين يدي الخطيب ما يصنعونه فابتدعوا بدعة ضلالة وزادوا في الابتداع باقامتهم آخر على مكان مرتفع داخل المسجد أيضًا يرفع صوته بالأذان عقب المؤذن الذي أمام المنبر كلمة بعد كلمة

(وقوله ثم ساق نحو حديث يونس) أي ذكر محمَّد بن إسحاق عن الزهري نحو حديث يونس عنه

(ص) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ نَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ- عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِلَاّ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ بِلَالٌ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ.

(ش)(عبدة) بن سليمان تقدم في الجزء الثالث صفحة 102

(قوله لم يكن لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مؤذن واحد بلال) يعني في الجمعة فلا يقال كان له جماعة من المؤذنين سوي بلال ابن أم مكتوم وأبو محذورة وسعد القرظ وزياد بن الحارث الصدائي فهؤلاء ما كانوا له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في يوم الجمعة فإن ابن أم مكتوم كان يؤذن في الصبح فقط إذا ظهر الفجر ففي رواية البخاري فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم وأبو محذورة كان مؤذنًا بمكة وسعد القرظ جعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مؤذنًا لقباء وزياد بن الحارث الصدائي تعلم الأذان ليؤذن لقومه أفاده العيني (وبهذه الرواية) يردّ على ابن حبيب المالكي من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا رقي المنبر وجلس أذن المؤذنون وكانوا ثلاثة واحدًا بعد واحد فإذا فرغ الثالث قام فخطب لأنه لم يرد من طريق صحيح (قال الحافظ) بعد نقل عبارة ابن حبيب لم يرد ذلك صريحًا من طريق متصلة يثبت مثلها ثم وجدته في مختصر البويطي عن الشافعي اهـ

(قوله ثم ذكر معناه) أي ذكر محمَّد ابن إسحاق معنى حديث يونس. وأخرجه ابن ماجه بلفظ ما كان لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مؤذن واحد إذا خرج أذن وإذا نزل أقام وأبو بكر وعمركذلك فلا كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على دار في السوق يقال لها الزوراء فإذا خرج أذن وإذا نزل أقام (والحديث) في سنده محمَّد بن إسحاق وقد عنعن عن الزهري وهو مدلس إذا عنعن لكن رواه أحمد وصرّح بالتحديث عن الزهري قال حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني محمَّد بن مسلم بن عبيد الله الزهري عن السائب بن يزيد بن أخت نمر قال لم يكن لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مؤذن واحد في الصلوات كلها في الجمعة وغيرها يؤذن

ص: 249

ويقيم قال كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر يوم الجمعة ويقيم إذا نزل ولأبي بكر وعمر حتى كان عثمان (وقال) الحافظ ابن عبد البر في التمهيد شرح الموطأ بعد سرد الروايات وقال ابن إسحاق في هذا الحديث عن الزهري عن السائب بن يزيد قال كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبي بكر وعمر ذكره أبو داود حدثنا النفيلي عن محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق ثم ساق حديث يونس الذي تقدم وقال في حديث ابن إسحاق هذا مع حديث مالك ويونس مما يدل على أن الأذان كان بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا أن الأذان الثاني عند باب المسجد والثالث أحدثه عثمان على الزوراء اهـ

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ نَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ نَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أُخْتِ نَمِرٍ أَخْبَرَهُ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ. وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ.

(ش)(قوله وساق الحديث الخ) أي ساق صالح بن كيسان الحديث مثل حديث يونس وليس بتمامه والمراد أنه رواه مختصرًا. وأخرجه النسائي من طريق صالح عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد أخبره قال إنما أمر بالتأذين الثالث عثمان حين كثر أهل المدينة ولم يكن لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غير مؤذن واحد وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإِمام

(باب الإِمام يكلم الرجل في خطبته)

أيجوز ذلك أم لا

(ص) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأَنْطَاكِيُّ نَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ نَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا اسْتَوَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ "اجْلِسُوا". فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَجَلَسَ عَلَي بَابِ الْمَسْجِدِ فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ "تَعَالَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا

ص: 250

يُعْرَفُ مُرْسَلاً إِنَّمَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَمَخْلَدٌ هُوَ شَيْخٌ.

(ش)(رجال الحديث)(مخلد بن يزيد) في القرشي الحراني أبو يحيى. روى عن الأوزاعي وحريز بن عثمان ويحيى بن سعيد وإسراءيل بن يونس وجماعة. وعنه أحمد وإسحاق ابن راهويه وعلى بن ميمون ويعقوب بن سفيان ويعقوب بن كعب وكثيرون. وثقه ابن معين وأبو داود ويعقوب بن سفيان وقال أبو حاتم صدوق وقال أحمد لا بأس به وكان يهم. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة. روى له الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه. و (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز تقدم في الجزء الأول صفحة 74

(في معني الحديث)

(قوله لما استوى الخ) يعني لما جلس صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر أمر الناس بالجلوس. ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى من كان جالسًا قام ليصلي وقت جلوسه على المنبر فأمرهم بالجلوس فيكون دليلًا بعدم جواز صلاة من كان جاء وقتئذ (قال ابن حجر) الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى أحدًا من الحاضرين قام ليصلي فأمر بالجلوس لحرمة الصلاة على الجالس بجلوس الإِمام على المنبر إجماعًا اهـ (ويحتمل) أن يكون الأمر عاما فيشمل الداخل والجالس فيكون حجة لمن منع الصلاة مطلقًا وقت جلوس الخطيب على المنبر. وسيأتي تمام الكلام عليه

(قوله فجلس على باب المسجد) مبادرة لامتثال الأمر ولعله كان قادمًا حين سمع الأمر فجلس على باب المسجد

(قوله فقال تعال يا عبد الله بن مسعود) لعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمره بالدخول لأن المسجد كان فيه سعة ولأن ابن مسعود كان من فقهاء الصحابة وقد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى رواه المصنف في باب ما يستحب أن يلي الإِمام في الصف. فلا يلزم منه تخطي الرقاب. وبين به أن الأمر بالجلوس لمن كان داخل المسجد لا لمن كان خارجًا عنه. وفيه وفي قوله اجلسوا دليل على جواز كلام الخطيب قبل الشروع في الخطبة وسيأتي بيانه

(قوله هذا يعرف مرسلًا الخ) أتي به المصنف لبيان أن رواية الحديث متصلة ليس متفقًا عليها. والمعروف روايته مرسلًا لأن أكثر الرواة رووه عن عطاء عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بإسقاط الصحابي ولم يروه متصلًا إلا مخلد بن يزيد

(قوله ومخلد هو شيخ) أشار به إلى أنه عدل لأن التعديل على مراتب (الأولى) قال ابن أبي حاتم إذا قيل للواحد ثقة أو متقن فيحتج بحديثه (الثانية) إذا قيل صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فيكتب حديثه وينظر فيه (الثالثة) إذا

ص: 251