الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب النفقات وحق المملوك
(من الصحاح)
[2410]
حديث أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه، ثم جاءه وقد ولى حره ودخانه
…
الحديث) (ولى) يجوز أن يكون من الولاية، أي: تولى ذلك، ويجوز أن يكون من (الولي) وهو القرب والدنو، وعلى التقديرين كناية عن مقاساته الحر والدخان في اتخاذ ذلك الطعام.
وفيه: (فإن كان الطعام كشفوها قليلا)، فسر المشفوه بالقليل من قولهم: رجل مشفوه: إذا كثر السؤال الناس إياه حتى نفذ ما عنده، وماء مشفوه: إذا كثرت الواردة عليه. وعلى قول من يفسره بالقليل، (فقليلا) بدل منه. ويحتمل أن يكون تفسيرا له، وأرى أن المراد من المشفوه- ها هنا- ما كثرت أكلته، وهو من الشفه، وأصلها شفهة. ويتضمن الحديث حينئذ أمرين، أحدهما: كثرة الأكلة. والثاني: قلة المأكول. وفيه (فليضع في يده أكلة) الهمزة منها مضمومة، وهي: اللقمة.
(ومن الحسان)
[2416]
حديث عبد الله عمر- رضي الله عنه: (أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير وليس لي يتيم .. الحديث) أضاف اليتيم إلى نفسه لمكان ولايته عليه بالقرابة القريبة. ولهذا رخص له أن يتناول من مال يتيمه، وذلك بأنه يأكل منه قوتا مقدرا محتاطا في تقديره على وجه الحرة، أو استقراضا، على ما في ذلك من الاختلاف. وعن بعض علماء التفسير في:{ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} أنه ينزل نفسه منزلة الأجير فيما لابد منه.
وكان عمر- رضي الله عنه يقول: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة ولى اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، وإذا أيسرت قضيت. و (المبادر) هل: الذي يبادر إلى أخذ مال اليتيم مخافة أن يبلغ فينتزع ماله من يده. (ولا متأثلا) أي: غير جامع مالا من مال اليتيم، فيتخذه أصل ماله. وقد فسر التأثل فيما قبل.
[2417]
ومنه: حديث أم سلمة- رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يقول في مرضه: الصلاة، وما ملكت أيمانكم) المعنى: أحفظوا الصلاة [75/ب] أو أحذركم الصلاة وما ملكت أيمانكم أن تضيعوها.
وقد ذهب بعض الناس في تأويل قوله: (وما ملكت أيمانكم) إلى أنه الزكاة. والأكثر والظهر أنه أراد به المماليك. وإنما قرنه بالصلاة ليعلم أن القيام بمقدار حاجتهم من الكسوة والطعام واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا سعة في تركها، وقد ضم بعض العلماء البهائم المستملكة في هذا الحكم إلى المماليك، وإضافة الملك إلى اليمين كإضافته إلى اليد. والاكتساب والأملاك تضاف إلى الأيدي لتصرف المالك فيها وتمكنه من تحصيها باليد، وإضافتها إلى اليمين أبلغ من إضافتها إلى اليد؛ لكون اليمين أبلغ في القوة والتصرف، وأولى بتناول ما كرم وطاب.
وأرى فيه وجها آخر، وهو: أن المماليك خصوا بالإضافة إلى الإيمان تنبيها على شرف الإنسان وكرامته، وتبيينا لفضله على سائر أنواع ما يقع عليه اسم الملك، وتمييزا له بلفظ اليمين عن جميع ما احتوته الأيدي، واشتملت عليه الأملاك.
[2418]
ومنه: حديث رافع بن مكيث- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حسن الملكة يمن
الحديث) يقال ما في ملكه شيء، ومت في ملكه شيء، أي: لا يملك شيئا. وكذلك: ما في ملكته شيء- بالتحريك، إلا أن الملكة في الغالب تختص باستعماله في المماليك. يقال: فلان حسن الملكة: إذا كان حسن الصنع إلى مماليكه.
و (اليمن): البركة. ومعنى ذلك: أن المحسن في ملكته يبارك له فيما ملك لإحسانه؛ لأن المماليك يرغبون فيه لذلك، ويحسنون خدمته، ويأثرون طاعته، وبضد منه أمر سييء الملكة.
وفيه: (ويدفع عنه ميتة السوء) الميتة- بكسر الميم-: الحالة التي يكون عليها الإنسان من موته، كالجلسة، والركبة. يقال: مات فلان ميتة حسنة، أو ميتة سيئة.
وفيه: (والبر زيادة للعمر) يحتمل أنه أراد بالزيادة البركة فيه، فإن الذي بورك له في عمره يتدارك في اليوم الواحد من فضل الله ورحمته ما لا يتداركه غيره [76/أ] في السنة من سني عمره. أو أراد: أن الله جعل ما علم منه من البر سببا للزيادة في العمر، وسماه زيادة باعتبار طوله، وذلك كما جعل التداوى سببا للسلامة، والطاعة سببا لنيل الدرجات، وكل ذلك كان مقدرا كالعمر. وقد تقدم القول في هذا المعنى.
[2425]
ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبى ذر- رضي الله عنه: (من لاءمكم من مملوكيكم) أي: وافقكم وصلح لكم. ولاءمت بين القوم ملاءمة: إذا أصلحت وجمعت. وإذا اتفق الشيئان فقد التأما. ومنه قولهم: هذا طعام لا يلائمنى، ولا يقل: لا يلاومنى، فإنما هو من اللوم. ولليم: الصلح والاتفاق بين الناس. وفي الحديث: (ليتزوج الرجل لمته) أي: مثله وشكله، والهاء عرض من الهمزة الذاهبة في وسطه.