الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكتشرون: أي يضحكون، والمشهور في اللغة الكسر، يقال: كشر الرجل إذا افتر فكشف عن أسنانه، وكشر البعير عن نابه، أي كشف عنها.
[2999]
ومنه حديث أبي جحيفة السوائي- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (شيبتني هود وأخواتها) يريد أن اهتمامي بما فيها من أهوال يوم القيامة والمثلات النوازل بالأمم الماضية أخذ مني مأخذه حتى شبت قبل أوان الشيب خوفا على أمتي.
ومن
باب التغير
(من الصحاح)
[4000]
حديث ابن عمر- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الناس كالإبل المائة
…
) الحديث.
الرواية فيه على الثبت (كإبل مائة) بغير ألف ولام فيهما. والمعنى: أنك لا تكاد تجد في مائة إبل راحلة تصلح للركوب، فإنما يصلح للركوب ما كان وطئا سهل القياد، وكذلك لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة فيعاون صاحبه، ويدمث له جانبه.
(ومن الحسان)
[4003]
حديثه الآخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مشت أمتي المطيطياء
…
) الحديث.
المطيطياء: مشية فيها تبختر ومد يدين.
ومنه حديث أبي بكر- رضي الله عنه (أنه مر على بلال وقد مطى في الشمس) أي: مد: ومنهم من يرويه المطيطاء من غير ياء بعد الطاء الأخيرة، وكذلك وجدناه في [كتب] أهل اللغة.
[4005]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة رضي الله عنه: (لكع ابن لكع).
قال أبو عبيد: اللكع: العبد، وقد يكنى به عن الحمق، ويوصف به اللئيم.
قلت: ويقولون للعبد: لكع لما فيه من الذلة، وللجحش: لكع لما فيه من الخفة، وللصبي لما فيه من الضعف، ويقال أيضا [170/ب] للذليل الذي تكون نفسه نفس العبيد، وأريد به هاهنا الذي لا يعرف له أصل ولا يحمد له خلق.
[4009]
ومنه حديث ثوبان- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم
…
) الحديث.
يريد أن فرق الكفر وأمم الضلالة يوشك أن تتداعى عليكم بعضهم بعضا ليقاتلوكم ويكسروا شوكتكم، ويغلبوا على ما ملكتموه من الديار والأموال، كما أن الفئة الآكلة يتداعى بعضهم بعضا إلى قصعتهم التي يتناولونها من غير ما بأس ولا مانع، فيأكلونها عفوا صفوا فيتفرغوا ما في صحفتكم من غير تعب ينالهم، أو ضرر يلحقهم، أو بأس يمعنهم، والرواية في الأكلة بالمد على نعت الفئة أو الجماعة أو نحو ذلك. كذا روي لنا عن كتاب أبي داود، وهذا الحديث من أفرده.
وفيه: (ولكنكم غثاء كغثاء السيل) الغثاء- بالضم والمد وبالتشديد أيضا: ما يحتمله السيل من القماش، شبههم بذلك لقلة غنائهم ودناءة قدرهم وخفة أحلامهم.
وقول القائل: (وما الوهن؟) سؤال عن نوع الوهن، أو كأنه أراد من أي وجه يكون ذلك الوهن، فقال:(حب الدنيا) يريد أن حب البقاء في الدنيا وكراهية الموت يدعوهم إلى إعطاء الدنية في الدين، واحتمال الذل عن العدو.
نسأل الله العافية فقد ابتلينا به، وكنا نحن المعنيين بذلك.
ومن باب آخر
(من الصحاح)
[4010]
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عياض بن حمار المجاشعي- رضي الله عنه فيما يرويه عن الله سبحانه (كل مال نحلته عبدا حلال) يعني أن كل ما أعطيت عبدا من مال وملكته إياه فهو حلال، لا يستطيع أحد أن يحرمه من تلقاء نفسه.
وفيه: (وإني خلقت عبادي حنفاء) أي مستعدين لقبول الحق والميل عن الضلال إلى الاستقامة.
وهو في معنى قوله: (كل مولود يولد على الفطرة) وقد بينا اختلاف أهل العلم فيه، ونصرنا الوجه الأسد من ذلك في موضعه.
وفيه: (وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم) أي: ساقتهم عنه وصرفتهم. يقال: اجتال الرجل الشيء: أي ساقه وذهب به.
وقيل: [استخفهم] فجالوا معه.
وفيه: (وأمرتهم أن يشركوا بي [171/أ] ما لم أنزل به سلطانا) السلطان: الحجة، سميت به لتسلطه على القلوب عند الهجوم عليها بالقهر والغلبة.
أي: أمرتهم بالشرك الذي لم يجعل الله له سلطانا على قلوب عباده، ولم يقيض له موقعا منها، ولما لم تكن الحجج الباهرة والبراهين القاطعة متلقاة إلا من قبل الله رد عليهم بقوله:(ما [لم أنزل به] سلطانا) أن يكون لأحد منهم في الإشراك بالله تعلة.
وقد قيل: إن في سياق هذا القول- أعني (ما لم أنزل به سلطانا) تهكم إذ لا يجوز على الله أن ينزل برهانا بأن يشرك به غيره.
وفيه: (إلا بقايا من أهل الكتاب) المراد بهم: من بقى على الملة القويمة من الفرقة الناجية من النصارى.
وفيه: (وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الما) فيه أربعة أوجه:
أحدها: أنا لم نكتف بإيداعه الكتب فيغسله الماء، بل جعلناه قرآنا محفوظا في صدور المؤمنين. قال الله تعالى:{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} .
وثانيها: أن المراد من الغسل النسخ، والماء مثل: أي: أنزلت عليك كتابا لا ينزل بعده مني كتاب ينسخه كالكتب التي قبله وقد ضرب الله مثل القرآن بالماء، فقال:{أنزل من السماء ماء} .
وثالثها: أنه ضرب المثل في الإبطال والإفناء بالماء؛ لأنه من أقوى الأسباب في هذا الباب، أي: لا تبطله حجة تبطل بمثلها الأشياء.
وقد يستعمل الغسل في معنى الإبطال والإدحاض. قال الشاعر:
سأغسل عني العار بالسيف جالبا
…
على قضاء الله ما كان جالبا
ورابعها: أنه لا يبطله غسل، ولا يفنيه، وإن غسل بالماؤ.
وكل هذه الوجوه مذكور في كتب أهل العلم، وأسدها وأشبهها بنسق القول الوجه الأول.
قلت: ويحتمل وجها آخر وهو أن يقال: أراد به غزارته وكثرة فوائده، فإن الواصف إذا وصف مال الرجل بالوفور والدثور قال: عنده مال لا يفنيه الماء والنار.
وفيه: (يقرؤه نائما [ويقظان]) قيل: تجمعه حفظا وأنت نائم، كما تجمعه حفظا وأنت يقظان. وقيل: أراد يقرؤه في يسر وسهولة ظاهرا، يقال للرجل إذا كان قادرا على الشيء ماهرا به: هو يفعله نائما. وهذا أولى الوجهين بالتقديم.
ويجوز أن يحمل على ظاهره، فإن الرجل إذا [171/ب] كان شديد العناية تقول: غلب ذلك على مصورات خياله، ويسبق ذهنه إليه في نومه، كما يسبق إليه في يقظته، فيتلفظ بذلك وهو نائم لشدة عنايته بتحفظه ودراسته.
وفيه: (وإن الله أمرني أن أحرق قريشا) يريد: أمرني أن أهلكهم، والإحراق يرد بمعنى الإهلاك.
ومنه الحديث: (أحرقتنا نبال ثقيف).
وفي حديث المظاهر: (احترقت) وفي رواية (هلكت).
وفيه: (فقلت رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة).
يثغلوا: أي يشدخوا. وقيل: الثلغ فضخك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ.
قلت: ومعنى قوله: (فيدعوه خبزة) أي: يتركوه بالشدخ بعد الشكل الكروي مصفحا مثل خبزة.
وقد وجدت بعض أهل العلم من رواة كتاب مسلم قيده في نسخته المسموعة عليه بكسر الخاء والراء المهملة، وفسره بخطه أو بخط غيره على حاشية الكتاب، أي: تجعلوا شدخ رأسي اختبارا وامتحانا لهم. وما أراه إلا مصحفا اخترع المعنى من عنده فأحال فيه. وقد غلط أيضا في قوله: (واغزهم نغزك) فرواه: نعزك بالعين المهملة وتشديد الزاي. وإنما هو بالغين المنقوطة من الإغراء، تقول: أغزيت فلانا، أي: جهزته للغزو، والمغزية: المرأة التي غزا زوجها.
ومنه حديث عمر- رضي الله عنه (لا يزال أحدهم كاسرا وساده عنده مغزية).
قلت: وحديث عياض هذا حديث طويل أورد المؤلف نصفه في هذا الباب، والنصف الآخر وهو آخر الحديث في باب الشفقة والرحمة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان
…
) الحديث.
[4011]
ومنه قول أبي لهب في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما (تبا لك سائر اليوم). التباب: الخسران والهلاك، يقال: تبا له، ينصب على المصدر بإضمار فعل، أي: ألزمه الله هلاكا وخسرانا.
(وسائر اليوم): أجمعه، منصوب بالظرفية.
وفي أمثالهم في اليأس من الحاجة: (أسائر اليوم وقد زال الظهر).
ومن ذهب في (السائر) إلى البقية، فإنه غير مصيب؛ لأن الحرف من السير لا من السؤر.
وفيه: (فانطلق يربأ أهله)، أي: يرقب ويعتان لهم، يقال: ربأت القوم ربئا، وارتبأتهم إذا رقبتهم. وكذلك [172/أ] إذا كنت لهم طليعة فوق شرف.
وفيه: (غير أن لهم رحما سأبلها ببلالها) وقد فسرناه في باب البر والصلة.
وفيه: (سليني ما شئت من مالي).
قلت: أرى أنه ليس من المال المعروف في شيء، وإنما عبر به عما يملكه من الأمر وينفذ تصرفه فيه، ولم يثبت عندنا أنه كان ذا مال، لاسيما بمكة.
ويحتمل أن الكلمتين، أعني (من) و (ما) وقع الفصل فيهما من بعض من لم يحققه من الرواة، فكتبهما منفصلتين.
(ومن الحسان)
[4015]
حديث عائشة- رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول ما يكفأ
…
) الحديث.
يكفأ: أي يمال فيفرغ، من قولك: كفأت القدر: إذا كببته لتفرغ ما فيها، وأريد به هاهنا الشرب؛ لأن من شأن الشارب إذا أراد أن يستفرغ ما في الكأس أن يميلها إلى فيه كل الميل.
وقول الراوي: يعني الإسلام سقط منه (في) وصوابه (في الإسلام من الأشربة المحرمة شرب الماء الخمر).
وقوله: (يسمونها بغير اسمها) يقول: إنهم يتسترون بما أبيح لهم من الأنبذة فيتوصلون بذلك إلى استحلال ما حرم عليهم منها.
=====