المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب قسمة الغنائم - الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي - جـ ٣

[التوربشتي]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب النكاح:

- ‌ باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ باب الولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌ باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ باب المحرمات

- ‌ باب المباشرة

- ‌ باب الصداق [

- ‌ باب الوليمة

- ‌ باب القسم

- ‌ باب عشرة النساء

- ‌ باب الخلع والطلاق

- ‌ باب المطلقة ثلاثا

- ‌ باب اللعان

- ‌ باب العدة

- ‌ باب الاستبراء

- ‌ باب النفقات وحق المملوك

- ‌ باب بلوغ الصبي وحضانته

- ‌ كتاب العتق

- ‌ باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض [

- ‌[باب الأيمان والنذور]

- ‌ الفصل الذي في النذر

- ‌ كتاب القصاص

- ‌ باب الديات

- ‌ باب القسامة

- ‌ باب قتل أهل الردة والسعادة بالفساد

- ‌ كتاب الحدود

- ‌ باب قطع السرقة

- ‌ باب الشفاعة في الحدود

- ‌ باب حد الخمر

- ‌ باب ما لا يدعى على المحدود

- ‌ باب التعزير

- ‌ كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ باب ما على الولاة من التيسير

- ‌ باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌ باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌ كتاب الأقضية والشهادات

- ‌ كتاب الجهاد

- ‌ باب إعداد آلة الجهاد

- ‌ باب آداب السفر

- ‌ باب الكتاب إلى الكفار

- ‌ باب القتال في الجهاد

- ‌ باب حكم الأسارى

- ‌ باب الأمان

- ‌ كتاب قسمة الغنائم

- ‌ باب الجزية

- ‌ باب الصلح

- ‌ باب الفيء

- ‌ كتاب الصيد

- ‌ باب ما يحل أكله أو يحرم

- ‌ باب العقيقة

- ‌ كتاب الأطعمة

- ‌ باب الضيافة

- ‌ باب الأشربة

- ‌ باب النقيع والأنبذة

- ‌ باب تغطية الأواني

- ‌ كتاب اللباس

- ‌ باب الخاتم

- ‌ باب النعل

- ‌ باب الترجل

- ‌ باب التصاوير

- ‌ الطب والرقى

- ‌ باب الفال والطيرة

- ‌ باب الكهانة

- ‌ كتاب الرؤيا

- ‌ كتاب الآداب

- ‌ باب الاستئذان

- ‌ باب المعانقة والمصافحة

- ‌ باب القيام

- ‌ باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ باب العطاس والتثاؤب

- ‌ باب الضحك

- ‌ باب الأسامي

- ‌ باب البيان والشعر

- ‌ باب حفظ اللسان والغيبة

- ‌ باب الوعد

- ‌ باب المزاح

- ‌ المفاخرة والعصبية

- ‌ باب البر

- ‌ باب الشفقة والرحمة

- ‌ باب الحب في الله

- ‌ باب ما ينهى من التهاجر

- ‌ باب الحذر والتأني

- ‌ باب الرفق والحياء

- ‌ باب الغضب والكبر

- ‌ باب الظلم

- ‌ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ كتاب الرقاق

- ‌ باب فضل الفقراء

- ‌ باب الأمل والحرص

- ‌ باب التوكل والصبر

- ‌ باب الرياء

- ‌ باب البكاء والخوف

- ‌ باب التغير

الفصل: ‌ كتاب قسمة الغنائم

قلت: إنما قال لهما قوله؛ لأنهما قالا بحضرته: نشهد أن مسيلمة رسول الله، وأحد الرجلين عبد الله بن النواحه والآخر [114/ب] رجل يقال له: ابن أثال حجر، وابن النواحه دخل في عمار المسلمين بعد مقتل مسيلمة، وأرسل زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة في أمداد اليمن، وكان إمام قومه من بني حنيفة، فشهد عليه حارث بن مضرب وعلى أصحابه أنهم كانوا يتدارسون بعد صلاه الصبح في مسجدهم الفرية التي اختلقها الملعون، وزعم أ، ها مما أوحى إليه، وروى حارثة أتى بن مسعود فقال: ما بيني وبين أحد من العرب أحنة، وما مررت بمسجد بني حنيفة فإذا هم يؤذنون بمسيلمة، واتاه أبضا عبد الله بن معيز السعدي فقال: خرجت أسفد فرسا لي في السحر فمررت على مسجد بني حنيفة فسمعتهم يشدون أن مسيلمة رسول الله وكان على الكوفه عبد الله بن مسعود معلما ووزيرا وأبو موسى الأشعري رضي الله عنه أميرا فأحضرت الفئة الطاغية واستبان غيتهم فاستتيبوا فتابوا فقبلت عنهم التوبة إلا ابن النواحه، فأن ابن مسعود: أن كانت سرائرهم على ما كانت عليه فسيفينهم طاعون الشام، وإلا فلا سبيل لنا عليهم، وإما ابن النواحه فأبي مسعود إلا قتله؛ لأنه كان من الزنادقة الدعاة، ثم أنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لولا أنك رسول لقتلتك) ولست اليوم برسول، فأمر قرظه بن كعب فضرب عنقه في السوق.

ومن‌

‌ كتاب قسمة الغنائم

(من الصحاح)

[2930]

حديث أبي قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة

الحديث) جال في الحرب جولة: أي: جار وقد فسرت [في] هذا الحديث بالهزيمة، وأرى الصحابي كره لهم لفظ الهزيمة، فكنى عنها بالجولة. ولما كانت الجولة مما لا استقرار عليه استعملها في الهزيمة، تنبيها على أنهم لم يكونوا ليستقروا عليها، وفي مغناه الحديث (للباطل جولة ثم يضمحل) أراد: أن أهله لا يستقرون على أمر يعرفونه ويطمئنون إليه.

وفيه (علسي بن عاتقه) حبل العاتق: عصب، وحبل الوريد: حب في العنق، وحبل الذارع: في اليد، والعاتق: موضع الرداء من المنكب، يذكر ويؤنث

ص: 914

وفيه (فله سلبه) للسلب - بالتحريك المسلوب، وكذلك السليب وقد فسره أصحاب الغريب بما مع المقتول من آلات الحرب، وقيل: هو السلاح والمنطقة [115/أ] والثياب والدابة، وللعلماء في بابه اختلاف كثير، أضربنا على الأتيان عليها، حيث لم نر في بيان هذا الحديث ضرورة بنا إلى إيرادها.

وفيه (قال أبو بكر: لاها الله أذا) الألف قبل الذل زيادة من بعض الرواة، والصواب (لاها الله ذا) أي: لا والله، لا يكون ذا، وها بدل عن واو القسم، وهم يجرون بحرف التنبيه في هذه الصيغة، ويفرقون بين حرف التنبيه وبين ذا، ويقدمونها كما قدم في قولك ها هوا ذا، وها أنا ذا، قال زهير:

يعملن ها لعمر الله ذا قسما

ولذلك أن تحذف الألف من ها، قال سيبويه: الأصل فيه: والله لا الأمر هذا، فحذفت واو القسم وقدمت ها فصارت عوضا من الواو، وذا خبر المبتدأ المقدم، والجملة جواب للقسم، وقد نقل بعض الحفاظ عن الأخفش أنه قال: ذا خبر نعت للفظة الله وجواب القسم لا يعمد، والأول أبلع وأشهر.

وفيه (لا يعمد) يعمد فيعطيك- بالياء فيها- يريد به النبي صلى الله عليه وسلم

وفيه (فابتعت به مخرفا في بني سلمه) المخرف -بفتح الميم-هو: الحائط يخرف منه الثمرة، ويكسر الميم: الوعاء الذي يخرف فيه ولا معنى له ههنا، والراء منها مفتوحة، وبني سلمه بكسر اللام.

وفيه (وإنه لأول مال تأثلته في الإسلام) أي: اقتنيته وجمعته، وكل شيء له أصل قديم أو جمع حتى يصير له أصل فهو مؤثل، وأثله الشيء: أصله

[2913]

ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنه (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم

الحديث)

قلت: هذا الحديث على شرط أصحاب الحديث لا صحيح لا يرون خلافه، وقد وجدت شرذمة منهم ذكروا في كتبهم أن أبا حنيفة قال: لا أفضل بهيمة على مسلم، معرضين بهذا القول أنه ترك العمل بهذا الحديث مع صحته بما اقتضاه رأيه، وكان غير هذا القول أولى بهم عفا الله عنهم، ومتى ترك أبو حنيفة السنة الثابتة عنده بالقياس وهو الذي أخذ بحديث القهقهة مع ضعفه عندهم والقياس يقتضي خلافه، وذهب إلى حديث الصائم إذا أكل ماسيا، والقياس يقتضي خلافه، وإنما ترك العمل بهذا الحديث لما يعارضه من

ص: 915

حديث عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، فيما رواه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للفارس سهمان وللراجل سهم) والحديث الذي قدماه يرويه عبيد الله بن عمر بن حفص عن نافع. وأصحاب الحديث يرون أن عبيد الله أحفظ وأثبت من عبد الله، بل لا يرون (115/ب) الاحتجاج بحديثه، وأبو حنيفة يسلك في هذا الباب سبيل حسن الظن بالرجل المسلم فلم بر الطعن فيمن لم يثبت عنده جرحه، ورأى الأخذ به أحوط لحديث مجمع بن جاريه، والحديث مذكور في الحسان من هذا الباب، وسنذكر بيان ذلك إذا انتهينا إليه، إن شاء الله.

[2933]

ومنه حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه في حديثة: (أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم

) أراد به السرح يقال: عند فلان ظهر، أي: إبل جياد الظهور. ومنه قولهم: بعير ظهير، أي: بين الظهارة، إذا كان قويا، وناقة ظهيرة، والبعير الظهرى، بالكسر: المعد للحاجة أن احتج له.

وفيه (فناديت ثلاثا يا صباحاه) يا صباحاه: كلمة استغاثة عند الغارة، كأنه يدعو من يغيثه ويوم الصباح يوم الغارة.

قال الأعشى:

غداة الصباح إذا النقع ثارا

وفيه: (واليوم يوم الرضع) أي: هذا اليوم يوم قتل اللئام، ومن قولهم: لئن راضع، وأصله على ما زعموا: رجل كان يرضع إبله وغنمه فلا يحلبها؛ خشية أن يسمع صوت حلبه فيطالب منه، ثم قالوا رضع الرجل بالضم كأنه كالشيء طبع عليه، وفي حديث ثقيف (أسلموا الرضاع واتركوا المضاع)

وفيه (إلا جعلت عليه آرما) الأرم: حجارة تنصب علماً في المفازة، والجمع آرام، وأروم مثل: ضلع وأضلاع وضلوع. أراد: أنه نصب على ما استقبله منهم علما يعرف به الراءون أن ذلك من جمله ما أحرزه من متاع القوم فلا يستبد غيره. والأشبه بنسق الكلام أن يكون لفظ الحديث (إلا جعلت

ص: 916

عليه أرماً) ولكن الرواية وجدناها على الجمع، وتسمى هذه الغزوة غزوة ذي قرد، وكانت في السنة السادسة، وذو قرد: اسم ماء في شعب.

[2934]

ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنه (نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى نصيبنا من الخمس فأصابني شارف) نفلنا: أي أعطانا من الخمس زيادة على سهامنا من المغنم، والشارف: المسنة من النوق

[2937]

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه (إنما بنو المطلب، وبنو هشام شيء واحد) رواه يحيى بن معين بالسين المهملة أي: كل واحد منهما مقرن بالآخر ملاصق به، لا يقال لهما: سيان، بل سي واحد، والسي: المثل

ص: 917

[2941]

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (على رقبته نفس لها صياح) يريد بالنفس المملوك الذي يكون قد غله السبي.

وفيه (رقاع تخفق) أراد بها: الثياب يغلها من الغنيمة، ونخفق أي: تضرب اضطراب الراية، يقال: خفقت الراية تخفق وتخفق خفقاً، وخفقانا

[2942]

ومنه قول أبي هريرة رضي الله عنه في حديثة (سهم عائر) قيل: أنه السهم الذي لا يدرى رامية. ولعله أخذ من التمره العائرة وهي الساقطة [116/أ] لا يعرف لها مالك

ومنه الحديث (كان يمر بالتمرة العائرة فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون من الصدقة) والكلب العائر: الذي يجيء ويذهب، ولا يقتنيه أحد. ومنه حديث بن عمر رضي الله عنه (إنما هو عائر) أي: الكلب.

[2943]

ومنه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه (كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة) الثقل - بالتحريك - متاع المسافر، والكركرة، بكسر الكافين، والأصل فيه الجماعة من الناس ورحى زور البعير

ص: 918

(ومن الحسان)

[2947]

حديث خالد بن الوليد، وعوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب.

قلت: وجه هذا الحديث عند من لا يرى لا يستحق السلف إلا أن يجعل له الإمام ذلك تحريضا على القتال أن نقول: إخبار الراوي أنه لم يخمسه لا يكون حجه على أن السلب لا يخمس، لأن ذلك كان إليه، كان له أن يخمس وكان له أ، يترك التخميس سماحة بجميع السلب على أهل النجدة والبلاء، فالراوي حدث بنا علمه من ظاهر الأمر، ويكون قد قضى له عند منازعة بعض من أدعى المشاركة إياه في ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل السلب في تلك الغزوة للقاتل، وأرى هذا الحديث مما يعجب منه، فإن عوف بن مالك شهد مؤتة وروى عنه أن مدديا [قتل في تلك الغزوة] رجلا من الروم، وأٌقبل بفرسه بسرجه ولجامه، وسيفه، ومنطقته، وسلاحه إلى خال بن الوليد فاستكثره خالد فأخذ منه طائفة ونفله بقيته، فأنكر عليه عوف وقال: أما والله لأعرفنكها عند رسول الله، فلما تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره خبر خالد، فأمره أن يدفع المددي بقيه السلب، فولى خالد ليفعل ذلك فقال: كيف ترى يا خالد، ألم أوف لك ما وعدتك؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خالد، لا تعطه) وأٌقبل على عوف وقال:(هل انتم تاركو أمرائي لكم صفوه أمرهم، وعليهم كدرة) فلو كان قضاؤه في السلب على وجه الإيجاب له جعل لع ذلك، أو لم يجعل لم يكون ليقول: يا خالد لا تعطه) في حديثه الآخر.

فإن قيل: يحتمل أن يكون حديثهما هذا متأخر عم الحديث الذي ذكرته في غزوة مؤته. قلما: نعم وهو الأظهر [و] الأصح؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال: [116/ب](من قتل قتيلا فله سلبه) يوم حنين، وغزوة

ص: 919

مؤتة كانت في جمادى الأولى سنه ثمان، وغزوة حنين في ذي القعدة منها، وإنما بأول هذا الحديث على ما أولناه لقضاء عمر رضي الله عنه على البراء بن مالك أخي أنس في سلب مرزبان زارة بخلاف ما يذهبون إليه هو، أن البراء بارز مرزبان الزارة فقتله وأخذ سلبه، فبلغ عمر أن سلبه بلغ ثلاثين ألفا فاستكثره فأتى أبا طلحه وكانت أم البراء وأنس تحته، وقال: إ، اكنا لا نخمس الأسلاب، وإن سلب البراء قد بلغ مالا، ولا أرانا إلا خامسيه. قال أنس: فقومناه ثلاثين ألفاً ودفعنا إلى عمر ستة آلاف.

قلت وأنس هو الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يومئذ - يعني يوم حنين - (من قتل كافرا فله سلبه) فقتل أبو طلحه يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم. وقد ذكر هذا الحديث في كتاب المصابيح قبل حديث خال وعوف، فلو لم يكن الأمر فيه موكلا إلى رأي الإمام، أن شاء الله نفل وإن شاء خمس، لم يكن عمر- رضي الله عنه ليخالف السنة.

فإن قيل: يحتمل أنه نسى أو لم يبلغه الأمر فيه: فالجواب: أن عمر حضر الوقعة، وفي الحديث أنه رد على الرجل الذي أخذ سلب القتيل الذي قتله أبو قتادة بمثل ما رد عليه أبو بكر رضي الله عنه ثم إن تسلم أبي طلحة وأنس لقضائه في سلب مرزبان زارة، دفعتهما ستة آلاف من قبل البراء يدل على أنه لم يكن هناك نسيان، بل كانا يعلمان أن الحق ما توخياه، ولو علما خلاف ذلك لأخبراه، ولم يجوزا كتمان الشاهدة في موضع الحاجة.

[2949]

ومنه قول عمير مولى آبي اللحم (من خرثي المتاع) الخرثي: أُثاث البيت وأسقاطه.

[2950]

ومنه حديث مجمع بن جارية: (قسمت خيبر على أهل الحديبية، قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً

الحديث) قد بين الراوي عدد الجيش وعدد فرسانها، وثمانية عشر سهماً إذا قسمت على كلتا العددين كان للراجل سهم وللفارس سهمان، على ما رواه عبد الله بن عمر بم حفص عن نافع، وقول المؤلف (وهذا وهم إنما كانوا مائتي فارس) ليس [117/أ] من كيسه، وإنما هو شيء وجده في كتاب المعالم، والخطابي أنما نقله عن أبي داود. وهذا النقل على الوجه ليس بمستقيم، لأن سهمان مائتي فارس على ما يذهب إليه هذا الناقل ستمائة فبقى اثنا عشر سمهما لبقية الجيش، وهم ألف وثلاثمائة، فعاد الوهم إليه، فإن قيل: إنما قال قوله على هذا أن الجيش كان ألفا وأربعمائة، إذ ثبت ذلك عنده من غير هذا الحديث

ص: 920

قلنا: فلم يأت إذا بالحديث على وجهه؛ إذ كان من حقه أن يبين الوهم في كلا العددين أعني: عدد الجيش وعدد الخيالة منها، وأما الجواب عن قول من يأخذ بحديث من روى أن الجيش كانت ألفا وأربعمائة، فهو أن تقول: قد اختلف في ذلك عن جمع من الصحابة: فروى عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية في بضع عشرة مائة، وروى عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال: كنا يومئذ ألفا وثلاثمائة، ولا متمسك لإحدى الفئتين في هذين الحديثين، وروى عن البراء أنه قال في حديثه:(ونحن أربع عشرة مائة) وروى عن سلمة بن الأكوع مثله، وروى ذلك عن جابر. وقد اختلف عليه في الجامعتين، فروي عنه أنه قال: كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة، وروي عنه أنه قال: كنا خمس عشرة مائة، ثم إن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان قال: خمس عشرة مائة قال: فقلت: إن جابر بن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة فقال: يرحمه الله وهم، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.

قلت: وإنما ذهب سعيد إلى صحة ما حدثه به دون ما حدث به قتادة، لأن سعيدا سمعه عنه قبل أن سمعه قتادة بزمان، وسمعه قتادة وقد كبر سنه وذهب بصره، وكان يومئذ حريا بأن يهم ويغلط، وحديث مجمع يؤيده ما رواه سعيد بن المسيب.

قلت: وأرى الوجه الجامع بين تلك الروايات أن نقول: كل ما ذكرناه من اختلاف الروايات، فإنه في حديث الحديبية، وحديث بيعة الرضوان، والذي يذهب إلى أن خيبر قسمت على أربعمائة، فإنما يذهب إلى ذلك لما في الحديث أن خيبر قسمت على أهل الحديبية) [117/ب] ومن الجلي الواضح أن قد شاركهم فيها غيرهم؛ لما في حديث أبي موسى الأشعري في ذكر قدومه مع من هاجر إلى الحبشة جعفر وأصحابه:(وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر إلا لأصحاب سفينتنا) ومن المعلوم أنهم لم يدخلوا في غمار أهل الحديبية فيأول قول من روى أن خيبر قسمت على أهل الحديبية، على أن الغلبة كانت لهم، وإنما انضوى إليهم العدد القليل، ثم إن أحدا ممن شهد الحديبية لم يغب عن فتح خيبر، وإذ قد تبين لنا من حديث أبي موسى الزيادة على أربعمائة، حملنا الأمر في خمس عشرة مائة على أنه قد انضم إليهم من أعراب المسلمين وغيرهم من أصحاب السفينة من قد تم بهم ذلك العدد، وكان عددهم في بيعة الرضوان بالحديبية على ما ذكر في حديث من قال: إنهم كانوا أربعمائة، وعددهم عند القسمة على ما في حديث مجمع بن جارية؛ لاسيما وفي حديثه أنه شهد فتح خيبر، فالذي يذهب إلى حديث مجمع إنما يذهب إليه لخلوه عن الاختلاف، ثم لما يؤيده حديث ابن المسيب عن جابر، ثم لما يعضده النظر ويقويه. والذي ذكرناه من وجه الجمع بين الروايتين كالسناد لصحة ما ذهب إليه، ومجمع بن جارية من قراء الأنصار وفضلائهم، وأما أبوه جارية فأبعده الله؛ فإنه كان من أهل مسجد الضرار، وهو جارية بالجيم والياء.

ص: 921

[2952]

ومنه حديث حبيب بن مسلمة القرشي الفهري رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس

الحديث) المراد منه: أنه كان يبعث السرية فيجعل لهم ربع ما يغنمونه بعد التخميس، زيادة على نصيبهم من المغنم، ترغيبا لهم في البدار إلى دار الحرب قبل سائر الجيش، وإذا قفل الجيش يجعل لهم الثلث بعد أن يخمس ما غنموه، وإنما زادهم في الرجعة لما تورثهم الرجعة من الملال والكلال والضعف في البدن، والرقة في الظهر، ثم لما فيها من الخطر؛ لأن في البدأة يتفق الوجهتان وجهة السرية ووجه الجيش، فيكون الجيش ردءا لهم في مسراهم، وفي الرجعة يختلفان؛ لأن السرية راجعة إلى دار الحرب والجيش مولية عنها، ووجه الحديث عند من لا يرى التنفيل [118/أ] بعد إحراز الغنيمة هو أن يقال: معنى قوله: (لا نفل) أي: لا يعطى الغازي ما جعل له الإمام قبل أن يحرز الغنيمة إلا بعد التخميس.

[2953]

ومنه حديث معن بن يزيد رضي الله عنه (لولا أني سمعت رسول [الله صلى الله عليه وسلم: لا] نفل إلا بعد الخمس لأعطيتك).

هذا كلام مبهم، والحديث لم نصادفه بطرق مستوعبة فيطلع منها على المراد منه، والذي نهتدي إليه أحد الشيئين: إما الحمل على أن الرواي كان يرى النفل بعد التخميس، ويراه من الخمس ويرى ذلك موكولا إلى رأي الإمام، ولما كان هو أميرا على الجيش لم ير لنفسه أن يتصرف في الخمس دون الإمام. وإما الذهاب إلى أن الحديث لم يرو على وجهه، ووقع فيه السهو من جهة الاستثناء، وإنما الصواب فيه (لا نفل

ص: 922

بعد الخمس) أي: لا نفل بعد إحراز الغنيمة، ووجوب الخمس فيه، وهو الأشبه والأمثل، ومعن بن يزيد بن الأخنس السلمي رضي الله عنه هو القائل (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي).

[2962]

ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار) أي: أخذه زيادة لنفسه، والمراد منه أنه اصطفاه لنفسه، ومنه الصفي، وهو العلق الذي يتخيره من المغنم. ولم أجد تنفل مستعملا في المعنى الذي ذكرناه، والرواية وجدناها كذلك، (وذا الفقار) سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كانت فيه حفر صغار حسان. والمفقر من السيوف: الذي فيه حزوز مطمئنة. وقول ابن عباس: وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد) معناه: أنه رأى في منامه أنه هز ذا الفقار فانقطع من وسطه، ثم هزه هزة أخرى فعاد أحسن ما كان.

[2963]

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث رويفع بن ثابت رضي الله عنه (حتى إذا أعجفها) أعجفها أي: هزلها.

ص: 923

[2966]

ومنه حديث القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (وأخرجتنا مملوءة منه) قلت: الأخرجة جمع الخراج، وهو الإتاوة جمع على أخراج وأخاريج وأخرجة. وأريد بها هاهنا: جمع الخرج الذي [118/أ] هو من الأوعية، والصواب فيه الخرجة - بكسر الخاء وتحريك الراء - على مثال جحرة وأراد بالمملأة: المبالغة من ملأته.

ص: 924