الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب الجلوس والنوم والمشي
(من الصحاح)
[3526]
[148/ب] حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى).
قلت: قد خالف حديثه هذا حديث جابر الذي يتلوه، ولا سبيل إلى القول بالنسخ، لأن الأعلام من الصحابة قد فعلوا ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليهم أحد منهم. ووجه التوفيق بين الحديثين أن يقال: إن النهى يختص بلابسي الأزر دون السراويلات، فإنهم إذا فعلو ذلك بدت سوءاتهم، وأما أصحاب السراويلات فإنهم في فسحة من ذلك.
[3529]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة (فهو يتجلجل فيها) أي: يسوخ في الأرض من حين خف به إلى يوم القيامة. والأصل في الجلجلة: الحركة مع صوت.
(من الحسان)
[3532]
حديث قيلة بنت مخرمة الغنوية (أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وهو قاعد القرفصاء
…
الحديث) القرفصاء بضم الفاء: ضرب القعود يمد ويقصر، أخذ من القرفصة وهو: أن يجمع الأنسان ويشد يديه ورجليه، وقعد فلان القرفصاء: كأنك قلت: قعد قعودا مخصوصا، وهو: أن يجلس على أليتيه، ويلصق ببطنه فخذيه، ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه. وقيل: هو أن يجلس على ركبتيه متكئا، ويلصق بطنه بفخذيه، ويتأبط كفيه.
وفيه: (فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع) يجوز أن يكون التخشع نعتا له، ويجوز إن يكون مفعولا ثانيا، ويكون التقدير: الرجل المتخشع. وفيه تنبيه على أنها فزعت منه، حيث رأته خاشعا. والأول اتم معنى، فإنه يفيد أنه مع تخشعه كان قد ألقيت عليه المهابة، والمتخشع بمعنى الخاشع، ويحتمل أنها أرادت بذلك الزيادة علي الخشوع، حتى كانه بلغ من ذلك مبلغا لا يتهيأ لغيره إلا على وجه التكلف.
[3533]
ومنه قول جابر بن سمرة في حديثه (حتى تطلع الشمس حسنا) قلت: قد وجدنا كثيرا من الناس يروونه: حسنا على الصفة، وهو خطأ وإنما الصواب حسنا على المصدر أى: طلوعاً حسناً.
[3538]
ومنه حديث علي بن شيبان الدئلي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات على ظهر بيت ليس عليه حجاء) يروى بفتح الحاء وكسرها، فمن كسره ذهب فيه إلى معنى الستر المانع عن الوقوع، تشبيها بالحجى الذي هو العقل؛ لأنه المانع عن الوقوع في الهلكات، ومن فتحه أراد به أيضا الستر، فإن الحجا هو الطرف والناحية والستر. وفي غير هذة الرواية:(من بات على ظهر إجار) والإجار بالكسر: هو السطح بلغة أهل الحجاز والشام.
وفيه (برئت منه الذمة) يريد بذلك [149/أ] أن لكل أحد من الله عز وجل عهدا وذمه بالكلاءة، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة، خذلته ذمة الله.
[3541]
ومنه حديث حذيفة (ملعون على لسان محمد من قعد وسط الحلقة) المراد منه الماجن الذي يقيم نفسه مقام السخرية ليكون ضحكة بين الناس وما يجرى مجراه من المتأكلين [بالمسمعة] والشعوذة.
[3544]
ومنه حديث أبي هريرة إذا كان أحدكم في الفئ فقلص عنه
…
الحديث) قلص أي: ارتفع وقلص الظل أي: أرتفع. وقلص الماء في البئر أي: ارتفع.
وفيه (فإنه مجلس الشيطان) هذا الحديث روى موقوفا على أبي هريرة وروى مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأصل فيه الرفع، وإن لم يرو مرفوعا؛ لأن الصحابي لا يقدم على التحدث عن بالأمور الغيبية إلا من قبل الرسول، لا سيما وقد وردت به الروايات من غير هذا الوجه عن نبي الله، ولعله نهى عن ذلك؛ لأن الإنسان إذا قعد ذلك المقعد فسد مزاجه؛ لاختلاف حال البدن لما يحل به من المؤثرين المتضادين، وأضاف المجلس إلى الشيطان؛ لأنه الباعث على الجلوس فيه، أو كره ذلك المجلس لوقوعه بين النقيضين، واحتوائه علي اللونين، وذلك يشبه من حيث الصورة [مراصيد] الشيطان بين الكفر والإيمان، والطاعة والعصيان، والذكر والنسيان من حيث المعنى. ومبني القولين علي الاحتمال، والحق الأبلج فيه وفيه أمثاله التسليم لنبي الله صلى الله عليه وسلم في مقاله، فإنه يعلم ما لا يعلم غيره، ويرى ما لا يرى غيره.
[3545]
ومنه قول على في حديثه: (إذا مشى تكفأ تكفيا) تكفأت المرأة في مشيتها: ترهيات ومادت كما تتحرك النخلة العيدانة على هذا فسره أبو عبيد وغيره. قالوا: والأصل فيه الهمزة ثم تركت وألحقت بالمعتل وقد رواه بعضهم على الأصل تكفأ تكفئا.
قلت: والأشبه في تفسير هذا اللفظ أن يحمل على صب المشي دفعة واحدة كالإناء الذي يفرغ، ويدل عليه ما بعده (كأنما ينحط [149/ب] من صبب) وفي معناه (إذا مشي تقلع) أي: دفع رجله دفعا ثابتا متداركا إحداهما بالأخرى مشية أهل الجلادة.
[3546]
ومنه قول أبي هريرة في حديثه (لنجهد أنفسنا) يجوز فيه فتح النون وضمه، يقال: جهد دابته وأجهدها: إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها.