الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن حق (أربع وخمس) في هذا الحديث أن يلحق به تاء التأنيث، ومثل ذلك لا يعرف في كلام القرن الأول، بل يقع ذلك من الرواة الذين لا دربة لهم بعلوم العربية، والتفاوت الذي بين العددين يحتمل أن يكون من غلط الرواة. والطريق إلى معرفة حقيقة ذلك العدد ووجهه بالاختصاص من قبل الرأي [والاستنباط] مسدود، فإنه من علوم النبوة وقد سبق القول في هذا المعنى في كتاب الرؤيا.
ومن
باب الرفق والحياء
(من الصحاح)
[3818]
حديث عائشة- رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب الرفق ..) الحديث. ٍ
معنى ذلك أن الله يريد بعباده اليسر، ولا يريد بهم العسر، فلا يكلفهم فوق طوقهم، بل يسامحهم ويلطف بهم.
والرفق [162/ب] ضد العنف، وهو لطافة الفعل ولين الجانب.
فإن قيل: فما معنى قوله في الحديث: (أنت رفيق والله الطبيب)؟
قلنا: الطبيب الحاذق بالشيء الموصوف، ولم يرد بهذا القول نفي هذا الاسم مما يتعاطى ذلك، وإنما حول المعنى من الطبيعة إلى الشريعة، وبين لهم أن الذي يرجون من الطبيب فالله فاعله والمنان به على عباده، وهذا كقوله:(فإن الله هو الدهر) وليس الطبيب بموجود في أسماء الله سبحانه، ولا يجوز أن يقال في الدعاء: يا طبيب وكذلك لا يجوز أن يقال: يا رفيق؛ فإن أسماء الله تعالى إنما تؤخذ عن النقل والمتواتر. ولم يوجد في الطبيب ولا في الرفيق نقل متواتر يجب به العلم.
وقد ذهب بعضهم في (الرفيق الأعلى) أنه اسم من أسماء الله تعالى.
قال الأزهري: غلط قائل هذا، والرفيق- هاهنا- جماعية الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، اسم جاء على فعيل، ومعناه الجماعة، ومنه قوله سبحانه {وحسن أولئك رفيقًا} .
يقال للمرافق: الرفيق، ويطلق الرفيق على الواحد والجمع، وقوله:(إن الله رفيق).
لم يوجب إطلاق هذا الاسم عليه، كما لم يوجب (إن الله حي ستير) إطلاق ذلك عليه، وإنما أراد به إيضاح معنى لم يكن يقع في الأفهام إلا من هذا الطريق.
[3822]
ومنه حديث ابن مسعود- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى
…
) الحديث.
المعنى: إن مما بقي بين الناس فأدركوه من كلام الأنبياء أو مما أوحى إليهم في أول الخلق، وأشار بقوله:(النبوة الأولى) إلى أنه كان مندوباً إليه في الأولين، كما أنه محثوث عليه في الآخرين.
وفيه: (فاصنع ما شئت)، قيل: أمر أريد به الخبر، أي: صنعت ما شئت، وقيل: وعيد كقوله سبحانه: {اعملوا ما شئتم} .
وقيل: إن الشيء إذا كان مما لا يستحيي منه من قبل الله أو قبل الخلق فاصنع ما شئت منه، فإنه لا حرج عليك منه، بل أنت في سعة منه.
[3823]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان- رضي الله عنه: (والإثم ما حاك في صدرك). حاك: أثر، من الحيك، وهو أخذ القول في القلب. يقال: ما تحيك فيه الملامة: إذا لم تؤثر فيه، يريد أن الإثم ما كان في القلب منه شيء، فلا ينشرح له الصدر.
والأقرب أن ذلك أمر يتهيأ لمن شرح الله صدره للإسلام دون عموم المكلفين.
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد- رضي الله عنه: [163/أ] (وإن أفتاك المفتون].
(ومن الحسان)
[3829]
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عكرمة بن وهب: (لا يدخل الجنة الجواظ والجعظري).
الجواظ: قيل إنه الضخم المختال في مشيته، وقيل: هو الذي جمع ومنع، والأول أمثل؛ لأنه أشبه بالتفسير الذي أدرج في الحديث من قول بعض الرواة.
والجعظري: قيل إنه الفظ الغليظ، يقال للرجل إذا كان ضخماً قصيراً: جعظارة بكسر الجيم.
والحديث مرسل؛ لأن عكرمة بن وهب لم يذكره أحد في الصحابة.
[3834]
ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم).
الغر: الذي يغره كل أحد، ويغتر بكل شيء، أي: ليس بذي [نكر] ينخدع لانقياده ولينه وسلامة صدره وحسن ظنه بالناس.
والخب: بفتح الخاء الجربز الذي يسعى بين الناس بالفساد، وشاكلة الخب خلاف شاكلة الغر.
[3835]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يليه وهو مرسل: (المؤمن كالجمل الأنف) مقصورة. أنف البعير