الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
الفصل الذي في النذر
(من الصحاح)
[2474]
حديث: ابن عباس رضي الله عنه: "بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب: إذ هو برجلٍ قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد
…
الحديث) الظاهر أن قول الراوي: فسأل عنه، أي: فسأل عن علّة انتصابه قائما، ولم يُرد به السؤال عن اسمه حتى يعلم مَن الرجلُ، فإن أبا إسرائيل هذا رجلٌ من قريش من بني عامر بن لؤيّ، فاشتبه على السامعين، فلم يدروا عن أيّ الأمرين يسأل؟ فأخبروه بهما جميعا.
والنذر: أن توجب على نفسك ما ليس بواجب، وحكمه حكم اليمين عند كثير من العلماء، فإن استطاع الناذر أن يفي به، ولم يكن مما نُهي عنه، فعليه الوفاء به، وإن كان غير ذلك، فالكفّارة كما في اليمين، وحجّتهم فيما ذهبوا إليه، حديث عقبة بن عامر عن النبي عليه السلام:(كفّارة النذر كفّارة اليمين) وحديث عائشة الذي في أول الحسان من هذا الباب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا نذر في معصيةٍ، وكفارته كفارة اليمين) وحديث ابن عباس الذي يتلوه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من نذر نذرا لم يسمّه - الحديث) فإن قيل: فإن أبا إسرائيل نذر أن لا يقعد ولا يستظلّ، وذلك مما لا يستطاع، وأن لا يتكلّم، وذلك مّما نهى عنه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن يترك ذلك، ولم يأمره بالكفارة، قيل: يحتمل أنّه لم يأمره بها؛ لأنّه أسمعهم ذلك غير مرَّة، على ما ذكر في الأحاديث التي ذكرناها. ويحتمل أنّه أمره بها ولم ينقل إلينا، هذا وجه هذا الحديث، لم يقع التضادّ بينه وبين الأحاديث التي وردت في وجوب الكفارة.
[2475]
ومنه: قول أنس رضي الله عنه في حديثه: "يُهادي بين ابنيه" قال: جاء فلان يُهادى بين اثنين: إذا كان يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعف به، وقد ذكرناه.
[2477]
ومنه: قول كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه: (يا رسول الله، إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي) أي: من تمام توبتي أن أصير منخلِعًا من مالي فأخرجه صدقة في سبيل الله.
وقد وجد المتخبِّطين في كتاب المصابيح، بل في الجامع الصحيح للبخاري يروونه (أتخلّع) من التخلع، وإنّما [80/أ] الصواب فيه روايةً ولغةً (أنخلع) من الانخلاع.
(ومن الحسان)
[2480]
حديث ثابت بن الضّحاك الأنصايّ رضي الله عنه "أتى رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنّي نذرت أن أنحر إبلا ببُوانة) بُوانة - بالضم - اسم موضع، قال وصَّاح اليمن:
أيا نخلَتَي وادِي بُوانَةَ حبَّذا .... إذا نام [أحرسُ] النخيل جَناكُما
وقد جاء في الشعر محذوفة الهاء، قال الشاعر:
ماذا تذكرت من الأظعانِ .... طوالعا من نحو ذى بُوانِ
[2481]
ومنه: حديث عبد الله بن عَمرو رضي الله عنه: "آن امرأة قالت: يا رسول الله، إني نذرت
أن أضرب على رأسك بالدّفّ
…
الحديث) إنما قال لها: (أوفى بنذرِك)؛ لأن ذاك لم يكن من قبيل اللهو واللعب المنهى عنه، بل صار ذلك نوعا من أنواع البرّ بالقصد الصحيح، وهو: إظهار السرور، بمرجع النبي صلى الله عليه وسلم مصحوبَ السلامة والظفر على أعداء الدين. وإذا أبيح ذلك لإعلان السكاح؛ ي يخالف صيغته صيغة السفاح الذي لم يزل الناس يغشونه في السرّ والخفاء، فلأن يباح في إعلاء كلمة الله العليا، وإعزاز الداعي إليها أحقّ وأولى.
[2486]
ومنه ما رواه سعيد بن المسيب رضي الله عنه: (فكل مالي في رتاج الكعبة): الرتاجد والرتجُ - بالتحريك - الباب العظيم، ويقال: الرتاج الباب المغلق وعليه باب صغير. والمراد من قوله (في رتاج الكعبة) أي: مالي لها ويحتمل أنهم استعملوا فيه الرتاج؛ لأن أحدهم كان إذا جعل ماله للكعبة فسلّمه لها، وضعه في جوف الكعبة حيث كان كنزلها ثم أغلق.