الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب آداب السفر
(من الصحاح)
[2843]
قول كعب بن مالك - رضى الله عنه - (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى سفر خرج الخميس وكان يحب ان يخرج يوم الخميس). قلت: اختياره يوم الخميس للخروج محتمل لوجوه: أحدها: أنه يوم مبارك، ترفع فيه أعمال العباد إلى الله، وقد كانت سفراته لله، وفى الله، وإلى الله، فأحب أن يرفع فيه عمل صالح، فأنشأ سفرته فى الخميس. والثانى: أنه أتم أيام الأسبوع عدداً. والثالث: أنه كان يتفاءل بالخميس فى خروجه، وكان من سنته أن يتفاءل بالاسم الحسن. والخميس: الجيش؛ لأنهم خمس فرق: المقدمة، والقلب، والميمنة، والميسرة، والساقة، فيرى فى ذلك من الفأل الحسن، حفظ الله له؛ وإحاطة جنوده به حفظاً وحماية.
[2845]
ومنه حديث أبى بشير الأنصارى - رضى الله عنه - (أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا: لا يبقين فى رقية بعير قلادة. .الحديث) قد سبق القول فى نظائره وقد قيل: إنه أمر بقطع ذلك؛ لأنهم كانوا يعلقون بها الأجراس من رقبة البعير، وهى مزامير الشيطان، ثم إنها تحول بين الرفقة وبين الملائكة الذين يصاحبونهم للتأييد والدعاء لهم، والتبرك بهم، والتبريك عليهم.
[2846]
ومنه حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سافرتم فى الخصب فأعطوا الإبل حقها من الارض
…
الحديث) أى: حظها من نبات الأرض، وفى رواية أخرى:(فأعطوا السن حظها) أى: ذوات السن. وحظها الرعى، وسن الرجل إبله: إذا أحسن رعيتها والقيام عليها، كأنه صقلها،
وفي رواية: (إذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها) وفي رواية أخرى: (فانجوا عليها بنقيها). ومن الناس من يصحف فيه فيقول: (بنقبها) بالباء المنقوطة بواحدة ويرى أن الضمير الراجع إلى الأرض، ويفسر النقب بالطريق أي: بادروا بها في نقب الأرض، وليس ذلك بشيء، وهو من التصحيفات التي ربما زل فيها العالم، فضلاً عن الجاهل، وإنما هو التقى [107/ب] بالياء، وهو المخ ثم، يقال للشحم أيضاً النقي. أي: أسرعوا عليها السير ما دامت قوية، قبل الهزال والضعف.
[2848]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه: (فإذا فقضى أحدكم تهمته) أي: حاجته التي توجه لها إلى سفره، والنهمة: بلوغ الهمة في الشيء، وقد نهم بكذا فهو منهوم أي: مولع به.
[2853]
ومنه حديث جابر- رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت ليلاً فلا تدخل حتى تستحد الغيبة) الاستحداد: حلق شعر العانة، وأغابت المرأة: إذا غاب عنها زوجها، فهي مغيبة- بالهاء ومشهد، بلا هاء. وأراد بالاستحداد: أن تعالج شعر عانتها بما هو معتاد من أمر النساء، ولم يرد به استعمال الحديد، فإن ذلك غير مستحسن في أمرهن.
(ومن الحسان)
[2858]
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس-رضي الله عنه: (عليكم بالدلجة) أي: سيروا أول الليل، من الإدلاج بالتخفيف، والاسم منه الدلجة بالضم، وقد ذكرناه فيما تقدم. ومنهم من جعل الإدلاج بالتخفيف لليل كله، وكأنه المعنى به في الأحاديث؛ لأنه عقبه بقوله:(فإن الأرض تطوي بالليل ما لا تطوي بالنهار) ولم يفرق بين أوله وآخره.
[2859]
ومنه حديث عبد الله بن عمرو- رضى الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب) سمي الواحد شيطاناً، والاثنين شيطانين، لأن كل واحد من القبيلتين يسلك سبيل الشيطان في اختيار الوحدة، والرغبة عن صلاة الجماعة، والتعرض للفتن التي قلما يتخلص عنها، أو يعذر دونها، والتأهب بالاحتياط لما عسى أن يحدث به من حادث فيفارق الدنيا من غير وصية ولا يحضره من يوصي إليه، ويشهد عليه، ويقوم بتجهيزه والصلاة عليه، والدفن، وما يضاهيه.
[2868]
ومنه حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: (تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين) أما إبل الشياطين فقد فسرها الصحابي. وقوله: (لا يعلو بعيراً منها) أي: لا يركبه؛ لاستغنائه عنه بكثرة ما أوتى، وبيوت الشياطين قد فسرها التابعي. وأراد بالأقفاص التي [تستر] بالديباج: المحامل التي كان المترفون يتخذونها في سبيل مكة.