الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ولاية أنوجور بن الإخشيذ على مصر
هو أنوجور «1» بن الإخشيذ محمد بن جفّ الأمير أبو القاسم الفرغانىّ التركىّ.
وأنوجور اسم أعجمىّ غير كنية، معناه باللغة العربية محمود «2» . ولى مصر بعد وفاة أبيه الإخشيذ في يوم الجمعة لثمان بقين من ذى الحجّة سنة أربع وثلاثين وثلثمائة؛ ولّاه الخليفة المطيع لله على مصر والشام وعلى كلّ ما كان لأبيه من الولاية؛ فإنّه كان أبوه استخلفه وجعله ولىّ عهده؛ فأقرّه الخليفة على ما عهده له أبوه. ولما ثبت أمر أنوجور المذكور صار الخادم كافور الإخشيذىّ مدبّر مملكته، فكان كافور يطلق في كلّ سنة لابن أستاذه أنوجور هذا أربعمائة ألف دينار، ويتصرّف كافور فيما يبقى. ثم قبض كافور على أبى بكر محمد بن علىّ بن مقاتل صاحب خراج مصر فى يوم ثالث المحرّم سنة خمس وثلاثين وثلثمائة، وولّى مكانه على الخراج محمد بن علىّ الماذرائىّ «3» . ولما تمّ أمر أنوجور بدمشق خرج منها وصحبته الأستاذ كافور الإخشيذى الى مصر؛ فدخلها بعساكره في أوّل صفر؛ فأقام بها مدّة، ثم خرج منها بعساكره الى الشام أيضا لقتال سيف الدولة علىّ بن عبد الله بن حمدان؛ فإنّ سيف الدولة كان بعد خروج أنوجور من دمشق ملكها. ولما خرج أنوجور من مصر الى الشام في هذه المرّة خرج معه عمّه الحسن بن طغج أخو الإخشيذ، ومدبّر دولته الخادم كافور الإخشيذىّ؛ فخرج سيف الدولة من دمشق وتوجّه نحو الديار المصريّة حتّى وصل الى الرّملة؛ فالتقى مع المصرييّن؛ فكان بينهم وقعة هائلة انكسر
فيها سيف الدولة وانهزم الى السام، فسار المصريّون وراءه فانهزم الى حلب، فساروا خلفه فانهزم الى الرّقّة. وقال المسبّحىّ: كان بين سيف الدولة وبين أبى المظفّر الحسن بن طغج وهو أخو الإخشيذ- قلت: ذكر المسعودىّ الحسن هذا لصغر سنّ أنوجور- وقعة باللّجّون «1» ؛ فانكسر سيف الدولة ووصل الى دمشق بعد شدّة وتشتّت؛ وكانت أمّه بدمشق فنزل بالمرج «2» خائفا، وأخرج حواصله، وسار نحو حمص على طريق قارة «3» . وسار أخو الإخشيذ وكافور الإخشيذىّ الى دمشق.
واستقر أمرهم على الصلح، على أن يعود سيف الدولة الى ما كان بيده من حلب وغيرها. وأقرّ أنوجور يأنس المؤنسىّ على عادته في إمرة دمشق؛ فإنّه كان أولا انهزم من سيف الدولة وسلّمه دمشق بالأمان. وعاد أنوجور وعمّه الحسن بن طغج وكافور الإخشيذىّ الى الديار المصرية سالمين. ولما كان أنوجور بالشام خرج بمصر غلبون متولّى الريف في جموع ونهب مصر وتغلّب عليها؛ فقدم أنوجور فهرب غلبون من مصر، فتبعه أبو المظفر الحسن بن طغج أخو الإخشيذ حتى ظفر به وقتله.
ثم استوزر أنوجور أبا القاسم جعفر بن الفضل بن الفرات. ودام أنوجور على إمرة مصر سنين الى أن وقع بينه وبين كافور وحشة في سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة.
وسببها أنّ قوما كلّموا أنوجور وقالوا له: قد احتوى كافور على الأموال وانفرد بتدبير الجيوش، وأخذ أملاك أبيك وأنت معه مقهور، وحملوه على التنكّر؛ فلزم