الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقتدر لمناظرة ابن الفرات، ثم قلّده خراج مصر، ثم سخط عليه وأحضره الى بغداد وأخذ خطّه بثلاثة آلاف ألف دينار وستمائة ألف دينار؛ ثم أخرج الى مصر مع مؤنس الخادم فمات بدمشق؛ كان فاضلا كاتبا، حدّث عن أبى حفص العطّار وغيره وحدّث عنه الدارقطنىّ. وفيها توفّى نصر بن القاسم [بن نصر «1» ] بن زيد الشيخ الإمام أبو الليث الحنفىّ، كان عالما فقيها دينّا إماما في الفرائض جليلا نبيلا ثقة ثبتا، حدّث عن القواريرىّ وغيره، وروى عنه ابن شاهين وجماعة؛ وله مصنّفات كثيرة.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو بكر أحمد بن محمد «2» بن عمر القرشىّ المنكدرىّ، ومحمد بن محمد بن [عبد الله] النفّاح «3» الباهلىّ، ومحمد ابن يحيى [بن «4» عمر] بن لبابة القرطبىّ، وأبو الليث نصر بن القاسم الفرائضىّ.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وإصبع واحدة.
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وخمس أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 315]
السنة الرابعة من ولاية تكين الرابعة على مصر، وهى سنة خمس عشرة وثلثمائة- فيها ظهرت الدّيلم على الرىّ والجبال؛ وأوّل من غلب منهم لنكى «5» بن النعمان، فقتل من أهل الجبال مقتلة عظيمة وذبح الأطفال في المهد؛ ثم غلب على قزوين أسفار بن
شيرويه وألزم أهلها مالا؛ وكان له قائد يسمى مرداويج، فوثب على أسفار المذكور وقتله وملك البلاد مكانه، وأساء السيرة بأصبهان، وجلس على سرير من ذهب وقال:
أنا سليمان بن داود وهؤلاء الشياطين أعوانى. وكان مع هذا سيّئ السيرة في أصحابه؛ فدخل الحمّام يوما فدخل عليه أصحابه الأتراك فقتلوه ونهبوا خزائنه، ومشى الدّيلم بأجمعهم حفاة تحت تابوته أربعة فراسخ. وفيها جاء أبو طاهر القرمطىّ في ألف فارس وخمسة آلاف راجل؛ فجهّز المقتدر لحربه يوسف بن أبى الساج في عشرين ألف فارس وراجل. فلما رآه يوسف احتقره، ثم تقاتلا فكان بينهم مقتلة عظيمة لم يقع في هذه السنين مثلها، أسر فيها يوسف بن أبى الساج جريحا وقتل فيها جماعة كثيرة من أصحابه. وبلغ المقتدر فانزعج وعزم على النّقلة الى شرقىّ بغداد.
وخرج مؤنس بالعساكر الى الأنبار في أربعين ألفا، وانضم إليه أبو الهيجاء عبد الله ابن حمدان وإخوته: أبو الوليد وأبو العلاء وأبو السّرايا في أصحابهم وأعوانهم «1» .
وتقدّم نصر الحاجب، فأشار أبو الهيجاء على مؤنس بقطع القنطرة، فتثاقل مؤنس عن قطعها؛ فقال له أبو الهيجاء: أيها الأستاذ، اقطعها واقطع لحيتى معها فقطعها.
ثم صبّحهم القرمطىّ في ثانى عشر ذى القعدة فأقام بإزائهم يومين. ثم سار القرمطىّ نحو الأنبار، فلم يتجاسر أحد أن يتبعه. ولولا قطع القنطرة لكان القرمطىّ عبر عليها وهزم عسكر الخليفة وملك «2» بغداد. فانظر الى هذا الخذلان؛ فإن القرمطىّ كان فى دون «3» الألف ومؤنس الخادم وحده في أربعين ألفا سوى من انضم إليه من بنى حمدان وغيرهم من الملوك مع شدّة بأس مؤنس في الحروب. فما شاء الله كان. ووقع في هذه السنة من القرمطىّ بالأقاليم من البلاء والقتل والسبى والنهب ما لا مزيد عليه.
قلت: وكيف لا وهو الذي انزعج منه الخليفة بنفسه وانكسرت عساكره منه، وذهب من بغداد ولم يتبعه أحد؛ فحينئذ خلاله الجوّ وأخذ كلّ ما أراد ممّا لم يدفع كلّ واحد عن نفسه. وفيها تشغّبت الجند على الخليفة المقتدر ووقع أمور. وفيها فى صفر قدم علىّ بن عيسى الوزير على المقتدر، فزاد المقتدر في إكرامه وبعث إليه بالخلع وبعشرين ألف دينار. وركب من الغد في الدّست «1» ، ثم أنشد:
ما النّاس إلّا مع الدنيا وصاحبها
…
فكيفما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظّمون أخا الدنيا فإن وثبت
…
يوما عليه بما لا يشتهى وثبوا
وفيها توفّى الحسين بن عبد الله أبو عبد الله الجوهرىّ، ويعرف بابن الجصّاص، التاجر الجوهرىّ صاحب الأموال والجوهر، كان تاجرا يبيع الجوهر؛ وقد تقدّم أنّ المقتدر صادره وأخذ منه ستة آلاف ألف دينار غير المتاع والدوابّ والغلمان؛ ومع هذا المال كان فيه سلامة باطن، يحكى عنه منها أمور، من ذلك: أنه دخل يوما على الوزير ابن الفرات فقال: أيها الوزير عندنا كلاب ما تدعنا ننام؛ قال:
لعلهم جربى «2» ؛ قال: لا والله إلّا كلب كلب مثلى ومثلك. ونزل مرّة مع «3» الوزير الخاقانىّ فى المركب وبيده بطّيخة كافور، [فأراد أن يبصق في دجلة ويعطى الوزير البطّيخة]، فبصق في وجه الوزير وألقى البطّيخة في دجلة؛ [فارتاع «4» الوزير وقال له: ويحك! ما هذا؟] ؛ ثم أخذ يعتذر للوزير فيقول: أردت أن أبصق في وجهك وألقى البطّيخة في الماء فغلطت؛ فقال: كذا فعلت يا جاهل!. [فغلط «5» فى الفعل وأخطأ فى الاعتذار!] . ومع هذه البليّة كان متجوّلا «6» محظوظا عند الخلفاء والملوك. وفيها
توفّى عبد الله بن محمد بن جعفر أبو القاسم القزوينىّ الشافعىّ، ولى قضاء دمشق نيابة عن محمد بن العبّاس الجمحىّ وكان محمود السيرة فقيها، واختلط قبل موته. وفيها توفّى علىّ بن سليمان بن الفضل أبو الحسن البغدادىّ النحوىّ، ويعرف بالأخفش الصغير، كان متفنّنا يضاهى الأخفش الكبير في فضله وسعة علمه؛ ومات ببغداد. وفيها توفّى محمد بن إسماعيل بن ابراهيم طباطبا الحسنىّ العلوىّ. وإنما سمّى جدّه" طباطبا" لأن أمّه كانت ترقّصه وتقول: طباطبا (يعنى نم نم «1» ) . كان سيّدا فاضلا جوادا، يسكن مصر، وكان له بها جاه ومنزلة، وبها مات، وقبره يزار بالقرافة. وفيها توفّى محمد بن المسيّب بن إسحاق بن عبد الله النيسابورىّ ثم الأرغيانىّ «2» ، ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين وطاف البلاد في طلب العلم، وكان زاهدا عابدا، بكى حتى ذهب بصره؛ وكان يقول: ما بقى من منابر الإسلام منبر إلا دخلته لسماع الحديث؛ وكان يعرف بالكوسج «3» .
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو بكر أحمد بن [على بن «4» ] الحسين الرازىّ الحافظ بنيسابور، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزوينىّ القاضى، وعلىّ بن سليمان النحوىّ الأخفش الصغير، وأبو حفص محمد ابن الحسين «5» الخثعمىّ الأشنانىّ، وأبو الحسن محمد بن الفيض الغسّانىّ، ومحمد بن المسيّب الأرغيانىّ.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع واثنتان وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة أربع عشرة ذراعا وسبع عشرة إصبعا.