الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 275]
السنة الخامسة من ولاية خمارويه على مصر، وهى سنة خمس وسبعين ومائتين- فيها بعث الموفّق جيشا إلى نواحى سرّ من رأى مع الطائىّ، فأخذ صدّيقا الفرغانىّ اللصّ فقطعوا يديه ورجليه وأيدى أصحابه وأرجلهم، وحملوا إلى بغداد على تلك الصورة. وفيها أيضا غزا يا زمان الخادم البحر فأخذ عدّة مراكب للروم. وفيها في شوّال حبس الموفّق ابنه أبا العباس- وأبو العباس هذا هو الذي يلى الخلافة بعد ذلك ويتلقّب بالمعتضد ويتزوّج بقطر النّدى بنث خمارويه صاحب الترجمة- وقد تقدّم ذكر جهازها في أوّل هذه الترجمة- ولما أمسك الموفّق ابنه أبا العباس المذكور تشغّب أصحابه وحملوا السلاح، فركب الموفّق وصاح بأصحاب أبى العباس: ما شأنكم! أترون أنكم «1» أشفق على ولدى منّى! فوضعوا السلاح وتفرّقوا. وفيها حج بالناس هارون بن محمد الهاشمىّ أيضا. وفيها توفى أحمد بن محمد بن الحجاج الفقيه أبو بكر المرّوذىّ «2» صاحب الإمام أحمد بن حنبل، كان أبوه خوارزميّا وأمه مرّوذية، وكان مقدّما في أصحاب الإمام أحمد لورعه وفضله. وفيها توفّى أحمد بن محمد بن غالب بن خالد أبو عبد الله البصرىّ الباهلىّ ويعرف بغلام خليل، سكن بغداد وحدّث بها، وكان من الأبدال، يسرد «3» الصوم دائما. وفيها توفّى سعد الأيسر، كان أمير دمشق وكان عادلا وكان من خواصّ أحمد بن طولون، وهو الذي هزم أبا العباس أحمد بن الموفّق لما حارب خمارويه حسبما ذكرناه، وكان سعد يقول عن خمارويه: هذا الصبىّ مشغول باللهو وأنا أكابد الشدائد؛ فبلغ خمارويه
فخرج إلى الرّملة واستدعاه، فلما قدم عليه قتله بيده؛ وبلغ أهل دمشق ذلك فغضبوا ولعنوا خمارويه. وفيها توفى سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شدّاد بن عمرو ابن عمران أبو داود السّجستانى الأزدىّ الإمام الحافظ الناقد صاحب السّنن.
مولده سنة اثنتين ومائتين، كان إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، رحل إلى «1» العراق وخراسان والحجاز والشام ومصر وبغداد غير مرّة، وروى بها كتاب السنن وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل فاستحسنه، وكان عارفا بعلل الحديث ورعا، وكان له كمّ واسع وكمّ ضيّق؛ فقيل له في ذلك فقال: الواسع للكتب، والآخر لا أحتاج إليه. وقد سمعت سننه رواية اللؤلؤي عنه على المشايخ الثلاثة: زين الدين «2» عبد الرّحمن الدّمشقى، وعلاء الدين «3» علىّ بن بردس البعلبكّى، وشهاب الدين «4» أحمد [المشهور با] بن ناظر الصاحبيّة، بسماع الأوّلين لجميعه على أبى حفص «5» بن أميلة، وبإجازة الثالث من أبى العباس «6» بن الجوخى، قالا: أخبرنا أبو الحسن علىّ بن البخارىّ أخبرنا أبو «7» الحفص بن طبرزذ مما اتفق له. أخبرنا أبو البدر إبراهيم الكرخىّ وأبو الفتح الدّومى قالا أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن على أخبرنا الشريف أبو عمر الهاشمىّ اخبرنا أبو علىّ اللؤلؤي «8» أخبرنا أبو داود. وفيها توفى على بن يحيى بن أبى منصور أبو الحسن المنجّم، كان أصله من أبناء فارس، وكان أديبا شاعرا، ونادم الخلفاء