الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 331]
السنة التاسعة من ولاية الإخشيذ على مصر، وهى سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة- فيها تزوّج أبو منصور إسحاق ابن الخليفة المتّقى بالله ببنت ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التّغلبىّ؛ والصداق مائتا ألف دينار، وقيل: مائة ألف دينار وخمسمائة ألف درهم. وفيها في صفر وصلت الروم أرزن «1» وميّافارقين ونصيبين فقتلوا وسبوا؛ ثم طلبوا منديلا من كنيسة الرّها يزعمون أن المسيح مسح به وجهه فارتسمت صورته فيه، على أنهم يطلقون جميع من سبوا من المسلمين.
فاستفتى الخليفة الفقهاء فأفتوا بأنّ إرساله مصلحة للمسلمين؛ فأرسل الخليفة اليهم المنديل وأطلق الأسارى. وفيها ضيّق الأمير ناصر الدولة حسن بن عبد الله بن حمدان على الخليفة المتّقى في نفقاته، وأخذ ضياعه وصادر الدواوين وأخذ الأموال، فكرهه الناس. وفيها وافى الأمير أحمد بن بويه يقصد قتال البريدى، فاستأمن إليه جماعة من الديلم. وفيها هاج الأمراء على سيف الدولة علىّ بن عبد الله بن حمدان بواسط، فهرب منهم في البرّيّة «2» يريد بغداد؛ ثم سار ناصر الدولة الى الموصل خائفا لهروب أخيه سيف الدولة، ونهبت داره؛ واستوزر المتقى أبا الحسين «3» على بن أبى علىّ محمد بن مقلة. وفيها سار توزون من واسط وقصد بغداد في شهر رمضان؛ فانهزم سيف الدولة الى الموصل أيضا؛ فخلع الخليفة المتقى على توزون ولقّبه أمير الأمراء. ثم وقعت الوحشة بين المتقى وتوزون، فعاد توزون الى واسط. وفيها نزح خلق كثير من بغداد مع الحجّاج الى الشام ومصر خوفا من الفتنة. وفيها ولد لأبى
طاهر القرمطىّ ولد، فأهدى إليه أبو عبد الله البريدىّ هدايا عظيمة، فيها مهد ذهب مجوهر. وفيها استوزر المتّقى الخليفة غير وزير من هؤلاء الحاملين ويعزله «1» ، فاستوزر أبا العباس «2» الكاتب الأصبهانىّ. وكان أبو العباس المذكور ساقط الهمّة بحيث إنه كان يركب أيام وزارته وبين يديه اثنان، وما ذلك إلا لضعف دست الخلافة ووهن دولة بنى العباس. وفيها حجّ بالناس القرمطىّ على مال أخذه منهم. وفيها توفّى بدر الخرشنىّ، وكان قد جرت له أمور ببغداد، وكان من أكابر القوّاد؛ ثم سار الى الإخشيذ محمد بن طغج أمير مصر- أعنى صاحب الترجمة- فولّاه الإخشيذ إمرة دمشق، فوليها شهرين، ومات في ذى القعدة. وقد تقدّم ذكر بدر هذا في عدّة أماكن في الحوادث وغيرها. وفيها توفّى أبو سعيد سنان «3» بن ثابت المتطبّب، والد ثابت مصنّف التاريخ. وقد أسلم سنان على يد الخليفة القاهر بالله؛ وطبّب سنان المذكور جماعة من الخلفاء، وكان مفتنّا في علم الطبّ وغيره. وفيها توفّى محمد بن عبدوس مصنف" كتاب الوزراء" ببغداد، كان فاضلا رئيسا، وله مشاركة في فنون.
وفيها توفّى محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغانىّ الصوفىّ أستاذ أبى بكر الدقّاق، كان من المجتهدين في العبادة. قال الرّقّىّ: ما رأيت أحسن منه ممن يظهر الغنى في الفقر، كان يلبس قميصين ورداء وسراويل ونعلا نظيفا وعمامة، وفي يده مفتاح وليس له بيت، ينطرح في المساجد، ويطوى الخمس والستّ. وقال عبد الواحد بن بكر:
سمعت الرقىّ يقول سمعت الفرغانىّ محمد بن إسماعيل يقول:" دخلت الدّير الذي بطور سيناء، فأتانى مطرانهم بأقوام كأنهم نشروا من القبور، فقال: هؤلاء يأكل