الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 351]
السنة الثانية من ولاية علىّ بن الإخشيذ على مصر، وهى سنة إحدى وخمسين وثلثمائة- فيها نقلت سنة خمسين وثلثمائة [من حيث الغلّات «1» ] إلى سنة إحدى وخمسين الخراجيّة، وكتب بذلك عن المطيع كتاب في هذا المعنى. فمنه أنّ السنة الشمسيّة خمسة وستون وثلثمائة يوم وربع بالتقريب؛ وأنّ السنة الهلاليّة أربعة وخمسون وثلثمائة وكسر؛ وما زالت الأمم السالفة تكبس زيادات «2» السنين على اختلاف مذاهبها، وفي كتاب الله تعالى شهادة «3» بذلك؛ قال الله تعالى:(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)
؛ فكانت هذه الزيادة هى المشار إليها.
وأما الفرس فإنّهم أجروا معاملاتهم على السنة المعتدلة التى شهورها اثنا عشر شهرا وأيّامها ستون وثلثمائة يوم، ولقّبوا الشهور اثنى عشر لقبا، وسمّوا الأيّام بأسامىّ، وأفردوا الأيّام الخمسة الزائدة وسمّوها المشرقة، وكبسوا الرّبع في كلّ مائة وعشرين سنة شهرا؛ فلما انقرض ملكهم بطل ذلك. وفيها دخل الدّمستق ملك الروم عين «4» زربى في مائة وستّين ألفا- وعين زربى في سفح جبل مطلّ عليها- فصعد بعض جيشه الجبل، ونزل هو على بابها وأخذوا في نقب السور «5» ؛ فطلبوا الأمان فأمّنهم وفتحوا له فدخلها، وندم حيث أمّنهم؛ ونادى بأن يخرج جميع من في البلد إلى الجامع. فلمّا
أصبح بثّ رجاله وكانوا مائة ألف «1» ، وكلّ من وجدوه في منزله قتلوه، فقتلوا عالما لا يحصى؛ ثم فعل في البلد تلك الأفاعيل القبيحة. وفيها عاد الدّمستق الى حلب؛ فخرج إليه سيف الدولة بغير استعداد وحاربه، فحاربه الدّمستق بمائتى ألف مقاتل، فانهزم سيف الدولة في نفر يسير؛ وكانت داره بظاهر حلب، فنزلها الدّمستق وأخذ منها ثلثمائة وتسعين بدرة دراهم، وأخذ منها ألفا وأربعمائة بغل؛ ومن السلاح ما لا يحصى، ثم نهبها الدّمستق وأحرقها ثم أحرق بلاد حلب. وقاتله أهل حلب من وراء السور فقتلوا جماعة من الروم، فسقطت قائمة من السور على جماعة من أهل حلب فقتلتهم؛ فأكبّ الروم على تلك الثّلمة وقاتلوا حتى ملكوا حلب، ووضعوا فيها السيف حتّى كلّوا وملّوا، وأخربوا الجامع وأحرقوا ما عجزوا عن حمله؛ ولم ينج إلا من صعد القلعة؛ فألّح ابن أخت الملك في أخذ القلعة فقتل بحجر. وكان عند الدمستق ألف ومائتا أسير من أهل حلب فضرب أعناقهم. ثم عاد الى الروم ولم يعرض لأهل القرى، وقال لهم: ازرعوا فهذا بلدنا وعن قليل نعود إليكم. وفيها كتبت الشّيعة ببغداد على أبواب المساجد لعنة معاوية رضى الله عنه، ولعنة من غصب فاطمة رضى الله عنها حقّها من فدك «2» ، ولعنة من منع الحسن أن يدفن «3» مع جدّه
صلّى الله عليه وسلم؛ ثم محى في الليل. فأراد معز الدّولة إعادته؛ فأشار عليه الوزير المهلّبىّ أن يكتب مكان ما محى: لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وصرّحوا بلعنة معاوية رضى الله عنه فقط. وفيها أسرت الروم أبا فراس بن سعيد ابن حمدان من مدينة منبج «1» ، وكان واليها. وفيها وقع بالعراق برد وزن البعض منه رطل ونصف بالعراقىّ. وفيها توفّى الوزير أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون المهلّبىّ، أصله من بنى المهلّب بن أبى صفرة، أقام [فى «2» ] وزارة معزّ الدولة ثلاث عشرة سنة.
وكان فاضلا شاعرا فصيحا نبيلا سمحا جوادا ذا مروءة وكرم، وعاش أربعا وستيّن سنة. واستوزر معزّ الدولة عوضه أبا الفضل العبّاس «3» بن الحسن الشّيرازىّ. ثم صادر معزّ الدولة أولاد المهلّبىّ من بعد موته. وفيها توفى دعلج بن أحمد بن دعلج أبو محمد السّجزىّ «4» الفقيه العدل؛ ولد سنة ستّين ومائتين أو قبلها، وسمع الكثير. قال الحاكم «5» :
أخذ عن ابن خزيمة «6» المصنّفات، وكان يفتى بمذهبه، وكان شيخ الحديث، له صدقات جارية على أهل الحديث بمكّة والعراق؛ مات في جمادى الآخرة وله نيّف وتسعون سنة.
وفيها توفّى عبد الباقى بن قانع بن مرزوق بن واثق أبو الحسين «7» الأموىّ مولاهم البغدادىّ الحافظ، سمع الكثير وروى عنه الدارقطنى وغيره، وصنّف معجم الصحابة، ومات في شوّال.