الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السّرىّ بن الحسين الكاتب وأبى العباس أحمد بن يوسف كاتب ابن الجصّاص- وكان على نفقات محمد الخلنجىّ- وجماعة أخر يطول الشرح في ذكرهم. وأما محمد بن لمجور وكيغلغ وبدر الكريمىّ وجماعة أخر من أصحاب محمد الخلنجىّ فإنهم تشتّتوا في البلاد. ثم دخل محمد بن لمجور مصر متنكّرا، فقبض عليه وطيف به ومعه غلام آخر لمحمد الخلنجىّ، ثم عوقب محمد بن لمجور حتى استخلص منه الأموال؛ ثم جهّز الأمير عيسى النوشرىّ محمدا الخلنجىّ في البحر إلى أنطاكية، فخرجوا منها ودخلوا العراق الى عند الخليفة، ثم بعد ذلك ورد كتاب الخليفة على عيسى النوشرىّ فى شهر رمضان باستقراره في أعمال مصر جميعا قبليّها وبحريّها حتى الإسكندريّة والى النّوبة والحجاز.
ذكر ولاية محمد بن علىّ الخلنجىّ على مصر
هو محمد بن علىّ الخلنجىّ الأمير أبو عبد الله المصرىّ الطّولونىّ، ملك الديار المصريّة بالسيف واستولى عليها عنوة من الأمير عيسى بن محمد النّوشرىّ. وقد مرّ من ذكره فى ترجمة عيسى النوشرىّ ما فيه كفاية عن ذكره هنا ثانيا، غير أنّنا نذكره على حدته لكونه ملك مصر؛ وذكره بعض أهل التاريخ في أمراء مصر، فلهذا جعلنا له ترجمة مستقلّة خوفا من الاعتراض والاستدراك علينا بعدم ذكره.
ولما ملك محمد بن علىّ الخلنجىّ الديار المصريّة، مهّد البلاد ووطّن الناس ووضع العطاء وفرض الفروض؛ فجهّز الخليفة المكتفى بالله جيشا لقتاله وعليهم أبو الأغرّ، وفي الجيش الأمير أحمد بن كيغلغ وغيره؛ فخرج اليهم محمد بن على الخلنجىّ هذا وقاتلهم في ثالث المحرّم من سنة ثلاث وتسعين ومائتين فهزمهم أقبح هزيمة وأسر من جماعة أبى الأغرّ خلقا كثيرا؛ وعاد أبو الأغرّ لثمان بقين من المحرّم حتى وصل
الى العراق؛ فعظم ذلك على الخليفة المكتفى وجهّز إليه العساكر ثانيا صحبة فاتك المعتضدىّ في البرّ وجهّز دميانة في البحر؛ فقدم فاتك بجيوشه حتى نزل بالنّويرة «1» .
وقد عظم أمر الخلنجىّ هذا، وأخرج عيسى النّوشرىّ عن مصر وأعمالها بأمور وقعت له معه ذكرناها في ترجمة عيسى النوشرىّ، ليس لذكرها هنا ثانيا محلّ. ولما بلغ الخلنجىّ مجىء عسكر العراق ثانى مرّة صحبة فاتك، جمع عسكره وخرج إلى باب المدينة وعسكر به، وقام بالليل بأربعة آلاف من أصحابه ليبيّت «2» فاتكا وأصحابه، فضلّوا عن الطريق وأصبحوا قبل أن يصلوا الى النويرة؛ فعلم بهم فاتك فهضّ «3» أصحابه والتقى مع الخلنجىّ قبل أن يصلوا الى النويرة، فتقاتلا قتالا شديدا انهزم فيه الخلنجىّ بعد أن ثبت ساعة بعد فرار أصحابه عنه، ودخل إلى مصر واستتر بها لثلاث خلون من شهر رجب، ثم قبض عليه وحبس، حسبما ذكرناه في ترجمة النوشرىّ؛ ثم دخل دميانة بالمراكب إلى مصر وأقبل عيسى النوشرىّ من الصعيد ومعه الحسين الماذرائىّ ومن كان معهما من أصحابهما لخمس خلون من رجب المذكور؛ وعاد النوشرىّ إلى ما كان عليه من ولاية مصر، والحسين الماذرائىّ على الخراج؛ وزالت دولة محمد بن علىّ الخلنجىّ عن مصر بعد أن حكمها سبعة أشهر واثنين وعشرين يوما، كلّ ذلك ذكرناه في ترجمة النوشرىّ ولم نذكره هنا إلا لزيادة الفائدة؛ وأيضا لما قدّمناه في أوّل ترجمته. ثم إنّ عيسى النوشرىّ قيّد محمد بن علىّ الخلنجىّ هذا وجماعة من أصحابه، وحملهم في البحر إلى أنطاكية ثم منها في البرّ إلى العراق إلى حضرة الخليفة، فأوقف بين يديه فوبّخه ثم نكّل به، وطيف به وبأصحابه على الجمال، ثم قتل شرّ قتلة، وزالت دولته وروحه بعد أن أفسد أحوال الديار المصريّة