الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن أبى «1» الفوارس شجاع بن جعفر الورّاق الواعظ في عشر والمائة، وعبد الله بن الحسن بن بندار الأصبهانىّ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن العبّاس الفاكهىّ، وأبو القاسم علىّ بن يعقوب الهمذانىّ بن أبى العقب «2» فى ذى الحجّة عن اثنتين وتسعين سنة، وأبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خروف بمصر، وأبو علىّ محمد بن هارون ابن شعيب الأنصارىّ.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وخمس عشرة إصبعا.
مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعا وأربع أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 354]
السنة الخامسة من ولاية علىّ بن الإخشيذ على مصر، وهى سنة أربع وخمسين وثلثمائة- فيها عمل في يوم عاشوراء المأتم ببغداد كالسنة الماضية، ولم يتحرّك لهم السّنيّة خوفا من معزّ الدولة بن بويه. وفيها وثب غلمان سيف الدولة بن حمدان على غلامه نجا الكبير وضربوه بالسيوف، وكان أكبر غلمانه [و] مقدّم جيشه وغلمانه (أعنى مماليكه) . وفيها توفّيت أخت معزّ الدولة بن بويه ببغداد، فنزل الخليفة المطيع في طيّارة الى دار معزّ الدولة يعزّيه؛ فخرج إليه معزّ الدولة ولم يكلّفه الصعود من الطيّارة وقبّل الأرض مرّات، ورجع الخليفة الى داره. وفيها حجّ الركب من بغداد. وفيها بنى تقفور ملك الروم قيساريّة قريبا من بلاد المسلمين وسكنها. وكان الناس في هذه السنة الماضية «3» فى شغل بالغلاء والقحط بسائر بلاد حلب وديار بكر.
وفيها توفّى أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد أبو الطيب المتنبىّ الجعفىّ الكوفىّ الشاعر المشهور حامل لواء الشعر في عصره، ولد سنة ثلاث وثلثمائة وأكثر المقام بالبادية لاقتباس اللغة، ونظر في فنون الأدب، وتعاطى قول الشعر من صغره حتّى بلغ فيه الغاية، وفاق أهل زمانه؛ ومدح الملوك وسار شعره في الدنيا، ومدح سيف الدولة بن حمدان وكافورا الإخشيدىّ وغيرهما. وقال أبو القاسم التنوخىّ:
وقد كان خرج المتنبىّ الى كلب «1» وأقام فيهم وادّعى أنه علوىّ، ثم ادّعى بعد ذلك النبوّة، الى أن شهد عليه بالكذب في الدعويين وحبس دهرا وأشرف على القتل، ثم استتابوه وأطلقوه. وقال: وحدّثنى أبى الى أن قال: وكان المتنبّى قرأ على البوادى «2» كلاما ذكر أنّه قرآن أنزل عليه، نسخت منه سورة فصاحته، وبقى أوّلها فى حفظى، وهو:" والنجم السيّار، والفلك الدوّار، والليل والنهار، [إنّ «3» ] الكافر لفى أخطار؛ امض على سننك واقف أثر من كان قبلك من المسلمين، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في الدين، وضلّ عن السبيل". قال: وكان المتنبىّ ينكر ذلك ويجحده.
وقال له ابن خالويه «4» النحوىّ يوما في مجلس سيف الدولة: لولا أن الآخر جاهل لما رضى أن يدعى المتنبّى، لأن المتنبّى معناه كاذب؛ [ومن رضى أن يدعى «5» بالكاذب فهو جاهل] . فقال: إنى لم أرض أن أدعى به. انتهى. ومن شعر المتنبىّ- وهو أشهر من أن يذكر- قوله:
وما أنا بالباغى على الحبّ رشوة
…
قبيح «1» هوى يرجى عليه ثواب
إذا نلت منك الودّ فالمال هيّن
…
وكلّ الذي فوق التراب تراب
ومن [شعره «2» ]- وهو البيت الذي ذكروا أنه ادّعى النبوّة فيه-:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى
…
عدوّا له ما من صداقته بدّ
ومن [شعره «3» ] قصيدته التى أوّلها:
لك يا منازل في القلوب منازل
ومنها:
جمح الزمان فلا لذيذ خالص
…
مما يشوب ولا سرور كامل
فإذا أتتك مذمّتى من ناقص
…
فهى الشهادة لى بأنّى فاضل
وهذا البيت الأخير الذي وقع لأبى العلاء المعرىّ مع الشريف المرتضى «4» الموسوىّ ما وقع بسببه.
ومن شعر المتنبىّ قصيدته التى أولها:
أجاب دمعى وما الداعى سوى طلل
…
[دعا فلبّاه قبل الركب «1» والإبل]
فمنها قوله:
والهجر أقتل لى ممّا «2» أراقبه
…
أنا الغريق فما خوفى من البلل
ومنها:
لعلّ عتبك محمود عواقبه
…
فربّما صحّت الأجسام بالعلل
ويعجبنى قوله «3» من شعره:
خير أعضائنا الرءوس ولكن
…
فضلتها بقصدك الأقدام
وما أحسن مطلع قصيدته:
إذا غامرت في شرف مروم
…
فلا تقنع بما دون النجوم
ومنها:
فطعم الموت في أمر حقير
…
كطعم الموت في أمر عظيم
ومنها:
وكلّ شجاعة في المرء تغنى
…
ولا مثل الشجاعة في الحكيم
وكم من عائب قولا صحيحا
…
وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الأذهان منه
…
على قدر القرائح والعلوم
مات المتنبىّ قتيلا بالنّعمانيّة «4» . وفيها توفّى محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان الحافظ العلامة أبو حاتم التّميمى البستىّ صاحب التصانيف المشهورة، كان عالما بالفقه
والحديث والطبّ والنجوم وفنون من العلوم، وألّف «المسند الصحيح» و «التاريخ» و «الضعفاء» . قال الحاكم: كان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ. وفيها توفّى محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه «1» أبو بكر البزّاز «2» الشافعىّ المحدّث، ولد سنة ستين ومائتين وسكن بغداد، وسمع الكثير وحدّث، روى عنه الدارقطنىّ وجماعة.
الذين ذكر الذهبى وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفىّ المتنبّى وله إحدى وخمسون سنة، وأبو حاتم محمد بن حبّان ابن أحمد التّميمىّ البستىّ في شوّال، وأبو بكر محمد بن الحسن «3» بن يعقوب بن مقسّم العطّار المقرئ، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعىّ البزّاز في ذى الحجّة وله خمس وتسعون سنة.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وخمس أصابع. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وخمس عشرة إصبعا.
انتهى الجزء الثالث من النجوم الزاهرة ويليه الجزء الرابع وأوّله ذكر ولاية كافور الإخشيذى على مصر