المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأولى: دعوتها للاتصاف بخلق التعقل، مع أن هذه العقلانية هي - النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ٢

[حسن الأسمري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني التأثر المنهجي في الفكر التغريبي بالانحراف المصاحب للعلم الحديث

- ‌الفصل الأول التأثر المنهجي في مصدر التلقي وطرق الاستدلال

- ‌المبحث الأول التأثر المنهجي في مصدر التلقي

- ‌مصدر العلوم الرياضية والعلوم الطبيعية:

- ‌المصدر في العلوم الاجتماعية:

- ‌أسباب الانحراف في المصدر:

- ‌1 - التبعية للفكر الغربي:

- ‌2 - ظروف الصراع وأحواله:

- ‌مكانة الوحي في التصور الإِسلامي وصور إقصائه كمصدر للعلم عند المتغربين:

- ‌1 - مذهب غلاة المتغربين ودعوتهم لإقصاء الوحي:

- ‌2 - مذهب التوفيقيين من المتغربين ودعوتهم لإقصائه كمصدر للمعرفة:

- ‌مناقشة الملفقين:

- ‌3 - القول بجعل النظريات العلمية في مقام النص الشرعي وتقديمها عليه:

- ‌المبحث الثاني التأثر المنهجي في منهج الاستدلال

- ‌مشكلة الموضوعية:

- ‌استبعاد جانب القيم بحجة الموضوعية:

- ‌الموضوعية وعلاقتها بالحقيقة:

- ‌نموذج موسع للتلاعب المنهجي:

- ‌أ- حسن حنفي:

- ‌ب - محمَّد أركون:

- ‌الفصل الثاني التأثر المنهجي في طريقة التعامل مع القضايا الغيبية الاعتقادية

- ‌المبحث الأول التأثر المنهجي في طريقة النظر للغيبيات

- ‌معنى الغيب في التصور الإِسلامي:

- ‌[مسألة] وللغيب أقسام:

- ‌ارتباط الانحراف في الغيب بالانحراف في الربوبية:

- ‌من أصول الانحراف في الغيب:

- ‌المثال الأول: لويس عوض:

- ‌المثال الثاني: هشام شرابي:

- ‌المثال الثالث: حسن حنفي:

- ‌المثال الرابع: محمَّد أركون:

- ‌المبحث الثاني أمثلة للتأثر المنهجي وبيان خطورتها الاعتقادية

- ‌القسم الأول: موضوعات عمَدية يُدّعى عدم إمكانية إثباتها علميًا:

- ‌القسم الثاني: دعوى وجود رأي علمي آخر حول بعض الغيبيات دون شرط المعارضة:

- ‌القسم الثالث: دعوى مخالفة العلم لأبواب من الغيبيات

- ‌الفصل الثالث التأثر المنهجي في طريقة التعامل مع القضايا الشرعية العملية

- ‌المبحث الأول التأثر المنهجي في طريقة النظر للشريعة

- ‌المراد بالشريعة:

- ‌الغيب مع الطبيعيات والشريعة مع الاجتماعيات:

- ‌أصول منهجية تغريبية للنطر في الشريعة تدعي العلمية:

- ‌أصل الأصول: تعميم الظواهر الاجتماعية على الدين الحق:

- ‌الأصل الثاني: التطور:

- ‌الأصل الثالث: علمية وعلمنة العلوم الاجتماعية ودعوى قدرتها أن تسدّ مسدّ الدين:

- ‌الأصل الرابع: النسبية:

- ‌المبحث الثاني أمثلة للتأثر المنهجي وبيان خطورتها

- ‌الأول: في باب الأخلاق الإِسلامية:

- ‌أولًا: تعريف الخلق:

- ‌ثانيًا: المشكلة الخلقية في العالم المعاصر ولاسيّما في الغرب:

- ‌تاريخ الفكر الأخلاقي في الغرب:

- ‌الإطار العلماني للأخلاق الجديدة:

- ‌النظريات الأخلاقية الجديدة:

- ‌ثالثًا: تحليل ونقد للنظريات الجديدة:

- ‌رابعًا: نماذج من الأخلاقيات المتغربة تحت غطاء العلمية:

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني: من علم النفس:

- ‌النموذج الثالث: الموقف الوضعي:

- ‌النموذج الرابع: أخلاقيات العلم الجديدة:

- ‌النموذج الخامس: الرؤية المادية والماركسية:

- ‌الثاني: في باب العمل بالأدوية الشرعية للأمراض الجسدية أو النفسية:

- ‌الأمر بالتداوي في الإِسلام:

- ‌الإطار العلماني وأثره في مجال التداوي الجسدي والنفسي:

- ‌أثر الأسس الفلسفية للممارسة الطبية الحديثة:

- ‌في الجانب النفسي:

- ‌بعض مشكلات الطرح التغريبي حول المجال الطبي والتداوي:

- ‌أين هي المشكلات في هذا الباب

- ‌نموذج عن الإشكال التغريبي في هذا الباب:

- ‌الثالث: في باب حكم التعامل بالربا:

- ‌القسم الأول: مدخل:

- ‌القسم الثاني: الإطار الاجتماعي العام للتحول الاقتصادي الغربي:

- ‌القسم الثالث: الأصول النظرية العلمية للاقتصاد الحديث:

- ‌الرابع: في باب حجاب المرأة المسلمة:

- ‌الباب الثالث صور لدعاوى باطلة ونظريات منحرفة ظهرت في الفكر التغريبي حول الدين والعلم وخطورتها

- ‌الفصل الأول صور لدعاوى أظهرها الاتجاه التغريبي باسم العلم الحديث

- ‌المبحث الأول دعوى أهمية علمنة العلم ورفض التأصيل الإِسلامي مظاهرها وخطرها

- ‌تعريف العلمانية:

- ‌وقفتان حول المصطلح: "تاريخية المصطلح، وعلاقته بالعلم

- ‌المبحث الثاني دعوى التعارض بين الدين والعلم الحديث

- ‌الفرق بين دعوى التعارض التراثية والدعاوى الحديثة:

- ‌صور الدعاوى التغريبية:

- ‌أصول عامة حول دعوى التعارض بين الدين والعلم:

- ‌مناقشة الدعوى:

- ‌أولًا: أهمية رفع التعميم والإجمال:

- ‌ثانيًا: ما المقدم عند التعارض

- ‌ثالثًا: "موضوعات الغيب وموضوعات الشهادة - الأكثر إشكالًا

- ‌رابعًا: ملابسات الدعوى التاريخية والأيدلوجية:

- ‌خامسًا: التفسير العلمي للنصوص الدينية:

- ‌المبحث الثالث دعوى كفاية العلم الحديث لحاجة الإنسان وشموليته بدلًا عن الدين

- ‌الشمولية في الإِسلام وحاجة الناس إليه فوق كل حاجة:

- ‌مناقشة دعوى كفاية العلم وشموليته:

- ‌نماذج من الانحراف التغريبي حول هذا الباب:

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌النموذج الثالث:

- ‌النموذج الرابع:

- ‌النموذج الخامس:

- ‌النموذج السادس:

- ‌الفصل الثاني صور من تأثر الفكر التغريبي بنظريات علمية منحرفة حول مفهوم الدين

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول التأثر بنظرية داروين التطورية من علم الأحياء حول الدين

- ‌ظهور الدارونية العربية:

- ‌من البحث في أصل الحياة إلى المادية الإلحادية:

- ‌المبحث الثاني التأثر بنظريات من علم النفس حول الدين

- ‌صراع النظريات النفسية ودلالاتها في الميدان الفكري:

- ‌دخول علم النفس للثقافة العربية والمواقف تجاهه:

- ‌نظرية فرويد النفسية ولاسيّما ما له علاقة منها بالدين:

- ‌المبحث الثالث التأثر بنظريات من علم الاجتماع حول الدين

- ‌علم الاجتماع بين العلمية والأيدلوجيا:

- ‌كيف ينظر علم الاجتماع للدين

- ‌المتغربون وعلاقتهم بالمدارس الاجتماعية العلمانية:

- ‌علم الاجتماع الديني:

- ‌الخاتمة

- ‌الفهارس

- ‌ملحق مفهرس للألفاظ الغريبة والمصطلحات والطوائف والفرق والمذاهب والتراجم مع التعريف بها

- ‌أولًا: قائمة الألفاظ الغريبة والمصطلحات الواردة في ثنايا البحث

- ‌ثانيًا: قائمة بالطوائف والفرق والمذاهب الواردة في البحث

- ‌ثالثًا: قائمة المراجع والمصادر

- ‌نبذة تعريفية الإدارة العامة للأوقاف

الفصل: الأولى: دعوتها للاتصاف بخلق التعقل، مع أن هذه العقلانية هي

الأولى: دعوتها للاتصاف بخلق التعقل، مع أن هذه العقلانية هي نفسها التي بثّت دعوى السيطرة على الكون وقهره، فكيف نعالج آفة التعقل بأداته ذاتها.

والثانية: حقيقتها التنكر لأخلاق الدين مع أنها تريد الحد من آثار دعوة السيطرة على الكون وقهره، فهذه الإرادة لا يُحَدُّ انفلاتها إلا عندما تكون بمثابة المسُود أو المقهور، ولا يكون ذلك إلا بوجود سيد قاهر فوقها، ولا يخلو هذا السيد إما أن يكون النظام العلمي التقني أو يكون غيره، ومحال أن يكون هو النظام؛ وإلا لدفع عن نفسه المخاطر والأهوال التي ترتسم في أفقه، عندها يلزم أن يكون السيد غير هذا النظام، وليس إلا من له مقاليد السماوات والأرض، ولكنهم يتنكرون له.

ولهذا يكون الحل الحقيقي هو ما يطرحه التصور الإِسلامي القائم على:

أن يكون التعقل الحقيقي بالاشتغال بطاعة أحكام سيد الكون، فتندفع عن الإنسان فكرة السلطة على الكون وقهره.

وإذا كان التنكر هو بتناسي الأصول الدينية للأخلاق؛ فلابد من مواجهته بترك الوعي المجرد المرتبط بالعلم والتقنية إلى مجال الاعتبار الذي يدرك في كل سبب مقصده ويعقل في كل حادث معناه ويرى في كل حكم حكمته، فيكون المعتبِر هو من يرى الظواهر على أنها آيات، وينسب السيادة على الكون إلى صاحب هذه الآيات (1).

‌رابعًا: نماذج من الأخلاقيات المتغربة تحت غطاء العلمية:

‌النموذج الأول:

هناك مواقف فكرية عربية تهتم بدراسة الأخلاق بعيدًا عن الدين، كما نجد في المدخل الذي قدمه عادل العوا في "موسوعة الفلسفة العربية""ولكن دراسة الأخلاق تريد الإفلات، وقد أفلتت، من ربقة الأسطورية، والغيبية، وحتى الميتافيزيقا، وهي تكتفي بالانطلاق من أن كل إنسان اجتماعي سالك بلا ريب سلوكًا يهدف إلى غاية، وأن دراسة الأخلاق من النوع "اليقيني" أو من النمط الثابت علميًا، على الأقل، إن لم نقل من النوع العقلي الفلسفي المرتكز على

(1) انظر: سؤال الأخلاق ص 131 - 133.

ص: 1066

معطيات العلم من جهة، والمشرئب إلى قيم يتوخى تحقيقها. . . ." (1)، فهذا المفكر الأخلاقي العربي البارز في هذا الميدان يعطي عبارة ملتبسة سالكًا مسلك الوضعيين، الذين يرون بمرور الإنسانية بمراحل، بدأت بالأسطورة ثم تطورت نحو الدين والغيب ثم تطورت وارتقت نحو الميتافيزيقا لتصل في مرحلتها الأخيرة عصر العلم الذي قد يُعدّ الأرقى، ولا يفرق هؤلاء بين تقدم دنيوي يسير للأمام وبين تخلف أخلاقي يهبط للحضيض، وهنا نجد هذا المفكر يرمي بالأخلاق في ساحة هؤلاء على أنهم يؤسسونها على العقل الفلسفي والعلمي دون أي ذكر للدين، وهو يقول في صفحة لاحقة في سياق كلامه عن فقرة من موضوعات الأخلاق: "وأن ذلك كله يتبع النظرة على مصدر الأخلاق، وقد كان هذا المصدر أسطوريَّ الصبغة في سالف العصور، ثم تطورت الثقافة الإنسانية وظهر الشعور الديني مصحوبًا بالاهتمام الأخلاقي"، وذكر ضمن هذا الشعور: الأخلاق في اليهودية والأخلاق في النصرانية ثم في الإِسلام، ثم خرج منها إلى الأخلاق في الفكر الغربي الحديث (2)، ويبرز -في هذا المنظور- التصور العلماني القائم على فرضيات فلسفية وعلمية مع البعد عن القول الحق الذي أتى به الدين، ورغم الجهد الكبير الذي قام به العوا في إثراء المكتبة العربية في مجال القيم إلا أنه ما زال منغمسًا في تيارات الفكر الغربية دون انفصال عنها.

وعندما يذكرون الرؤية الدينية فهم يذكرونها كحلقة قديمة في سلسلة التطور الأخلاقي، ويُخلط فيها الدين الحق بغيره، وعادة ما يعرض الموقف الإِسلامي ضمن الموقف اللاهوتي، ومن ذلك مثلا دراسة د. الصباغ عن القيمة، إذ يعرض ما يسميه النظرية اللاهوتية حول القيمة الخلقية التي تجعل الأخلاق "منضوية تحت لواء الدين، ومعيارها خارج الذات الإنسانية، فهو محدد فحسب بما يريده الله منا أن نفعله، مستحسنًا منا هذا الفعل وآمرًا لنا به"(3)، ولا شك أن هذا يعد جزءًا من التصور الديني، وهو جزء من التصور الإِسلامي حول القيم الخلقية، وإن كان ما عرضه مرتبطًا بالتيارات الغربية، وكأنه لا يعرف الموقف

(1) الموسوعة الفلسفية العربية ص 37.

(2)

انظر: الموسوعة الفلسفية العربية ص 40 - 41 وما بين القوسين ص 40، وقد عرضها في كتابه: العمدة في فلسفة القيم، تحت عنوان النهج الديني ص 533 - 537.

(3)

انظر: الأحكام التقويمية في الجمال والأخلاق، د. رمضان الصباغ ص 239.

ص: 1067

الديني إلا من خلال المنظور الغربي، ثم هو بعد ذلك لم يتحمس للموقف الديني.

قد يستسهل البعض تصور وجود قضايا مختلفة بعيدة عن الدين، ولكن يصعب تصور مباحث الأخلاق بعيدة عن الدين، والحقيقة أنه بعد تأثر طائفة من المسلمين بالغرب العلماني الذي ينزع مسائل مهمة من المجال الديني ويدرسها بعيدة عنه، ومن ذلك علم الأخلاق، وقد بدأت هذه الطائفة النظر لعلم الأخلاق من هذا المنظور الغربي في أثناء فتح أقسام للفلسفة حيث كان من مباحثها الأخلاق، وقد شارك في تدريسها بعض من طرحها في إطارها الغربي، ثم جاءت ترجمة كتاب أرسطو "علم الأخلاق إلى نيقوماخوس" لأحمد لطفي السيد بمقدمة طويلة، وكتاب إسماعيل مظهر المتأثر بالدارونية فترة من حياته "فلسفة اللذة والألم"(1)، ثم انفتح الباب للدراسات الأخلاقية، إما بالنظر إليها من منظور إسلامي، أو من منظور توفيقي، أو من منظور تغريبي.

ولكن قد لا ينتبه هؤلاء لهذا البعد التغريبي العلماني في الدراسات الأخلاقية، فهم يتصورونه علميًا وكأنه يتحدث عن أمور مادية وليس عن أمور معنوية ذات صلة أساسية بالدين، ولذا يعترِض الكاتب السابق على من لم يفرق بين الأخلاق وعلم الأخلاق، فالأخلاق كما يرى تختلف من أمة لأخرى ومن دين لدين بينما علم الأخلاق يقدم النظريات العلمية التي تفسر السلوك والمبادئ الأخلاقية بصرف النظر عن الفضائل الأخلاقية لأمة من الأمم (2)، فإن هذا المزعم هو حيلة لإقصاء الدين من مجال مهم من مجالاته، وفيه نوع من الابتعاد عن الإِسلام بحجة العلمية، وذلك تابع للمنظور الضيق الذي وُضِع للإسلام من قبل المتغربين تبعًا للفهم العلماني الغربي عن الدين الذي ملأ الكتابات الفلسفية والفكرية.

تبرز مشكلة لزحزحتها من الدينية إلى العلمية المزعومة؛ لأن العلمية في العصر الحديث متلبسة بالعلمانية، وهي ذات رؤية خطيرة تؤطر النشاط البشري، وكما يتضح في مبحث العلمانية تأتي مشكلتها من الدنيوية التي تهمل من خلالها

(1) النظرية العامة للقيمة: دراسة للقيم في الفكر المعاصر، د. أحمد عطية ص 299 - 300.

(2)

انظر: المرجع السابق ص 344.

ص: 1068