الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع عشر: تأديبهم بالأدب النبوي
على الوالد أن يُؤدِّب أولاده، بالأدب النبوي، في جميع شؤون حياتهم: من عبادات، ومعاملات، وأخلاق، وآداب العبادة، وآداب كل شيء مباح: من الأعمال الدنيوية، وغيرها.
ومن ذلك تعليمهم آداب قراءة القرآن الكريم، بحيث يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند القراءة، وأن يكون على طهارة.
وتعليمهم آداب دخول المساجد، فقد ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال:((أعُوذُ بالله العَظيمِ، وبِوَجْهِهِ الكَريم، وبِسُلطانِهِ القَديم مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيم)) قال: ((فإذا قَالَ ذَلك قال الشَّيطان: حفظَ مِنِّي سائِرَ اليَومِ)) (1).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل المسجد: ((بسمِ الله، اللهمَّ صَلِّ عَلى مُحمَّدٍ))، وإذا خرج قال:((بسمِ الله، اللهمَّ صَلِّ عَلى مُحمَّدٍ)) (2).
وعن أبي حُميد أو أبي أُسيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل
(1) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيما يقول الرجل عند دخوله المسجد (رقم 466)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 136 - 137 رقم 466)، وفي صحيح الجامع (رقم 4715).
(2)
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (رقم 88) وحسنه السيوطي كما ذكر المناوي في فيض القدير (5/ 129) وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 4716). بينما حسنه في الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (2/ 604)، وفي الكلم الطيب (رقم 64).
أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلِ: اللهم افتح لنا أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وإذا خَرَجَ فَلْيَقُلِ: اللهم إني أَسْأَلُكَ من فَضْلِكَ)) (1).
ومن آداب دخول المسجد أن يدخل بالرِّجل اليمنى ويخرج باليسرى.
ويعلمه آداب دخول المنزل بأن يقول دعاء الدخول، والخروج وآداب الاستئذان وغيره من الآداب الإسلامية، فيقول عند دخوله المنزل:((اللهم إني أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ الله وَلَجْنَا، وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى الله رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ على أَهْلِهِ)) (2).
ويقول عند الخروج من المنزل: ((بسم الله، توكَّلتُ على الله، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله، اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ أن أضِلَّ أو أُضَل، أو أزِلَّ أو أُزَلّ، أو أظْلِم أو أُظْلَم، أو أَجْهَلَ أو يُجْهَل عليَّ)) (3).
ويعلمه آداب النوم والاستيقاظ من النوم كذلك، فعن
(1) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب ما يقول إذا دخل المسجد (رقم 713).
(2)
أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب ما جاء فيمن دخل بيته ما يقول (رقم 5096)، والطبراني في الكبير (3/ 296 رقم 3452) وفي مسند الشاميين (2/ 447 رقم 1674). وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (رقم 5096)، وفي الكلم الطيب (رقم 62)، بينما صححه في صحيح الجامع (رقم 839).
(3)
أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب ما جاء فيمن دخل بيته ما يقول (رقم 5094)، والطبراني في الأوسط (3/ 34 رقم 2383) وفي الكبير (23/ 320 رقم 726)، وفي الدعاء (رقم 412)، والقضاعي (2/ 333 رقم 1469)، وصححه النووي في رياض الصالحين (ص 38). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 252 رقم 5095).
حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام قال: ((باسْمِكَ اللهمَّ أمُوتُ وأحْيَا))، وإذا استيقظ من منامه قال:((الحَمدُ لله الذي أحْيَانا بَعدَما أماتَنَا وإليْهِ النُّشُور)) (1). وغير ذلك من أدعية النوم والاستيقاظ.
ويعلمه آداب سماع الأذان والقول مثل ما يقول المؤذن.
وبعد انتهاء المؤذن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل الله له الوسيلة (2).
ويعلمه كذلك دعاء الكرب والهم والحزن والالتجاء إلى الله ليغرس في قلبه الاعتماد على الله في الرخاء والشدة، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: ((لَا إِلَهَ إلا الله الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إلا الله رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إلا الله رَبُّ
(1) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا نام (رقم 6312)، ومسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (رقم 2711).
(2)
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)). أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء (رقم 614)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)).
أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان (رقم 384).
السماوات وَرَبُّ الأرضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)) (1).
ويعلمه كذلك الدعاء عند لقاء العدو، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال:((اللهمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم)) (2).
ويعلمه آداب ركوب الدابة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر:((يكبِّر ثلاثاً ثم يقول: سبحانَ الذِي سَخَّر لَنَا هَذا وما كُنَّا لهُ مُقرِنينَ، وإنَّا إلى رَبِّنَا لمنقَلِبونَ)) (3).
ويعلمه آداب القيام من المجلس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فيه لَغَطُه فقالَ قَبْلَ أنْ يَقومَ مِنْ مَجْلِسِهِ: سُبْحانَكَ اللهمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَاّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إليْكَ إلا غُفِر له ما كان في مجلسه ذلك)) (4).
(1) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الكرب (رقم 6346)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب دعاء الكرب (رقم 2730).
(2)
أخرجه أبو داود، كتاب الوتر، باب ما يقول إذا خاف قوماً (رقم 1537)، والنسائي في سننه الكبرى (6/ 154 رقم 10437)، وابن حبان (11/ 82 رقم 4765)، والحاكم (1/ 154 رقم 2629)، وصححه وكذا صححه النووي في رياض الصالحين (ص 246). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 421 رقم 1537).
(3)
أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (رقم 1342).
(4)
أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا قام من المجلس (رقم 3433) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (11/ 24 رقم 19796)، وابن أبي شيبة (6/ 41 رقم 29325)، والطبراني في الأوسط (2/ 54 رقم 1227). وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 414 رقم 3433).
وهذه الآداب النبوية الشريفة ينبغي للأب أن لا يسردها دفعة واحدة على الولد فيمل، ولكن يطبق أمامه، ويعلمه شيئاً فشيئاً، ومع طول الزمن وتتابع الليالي والأيام يصبح هذا العمل الطيب والآداب الحميدة - آداب الرسول صلى الله عليه وسلم خلقاً لهذا الولد وجِبلَّة له، فيكون من الذاكرين الله كثيراً؛ لأنه مربوط بآداب الرسول صلى الله عليه وسلم، فعندما يدخل المسجد أو يخرج منه، وعند الدخول في المنزل والخروج منه، وعند النوم والاستيقاظ، وركوب الدابة، ودخول الخلاء والخروج منه، يفعل مثل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، ومن فعل هذه السنن والآداب فإنه يكون من الأولى أن يحافظ على الفرائض والواجبات، فيكون موفقاً في دنياه وأخراه، ويصبح من الرجال الصالحين الذين يفيدون والديهم ومجتمعهم المسلم إن شاءالله تعالى.
*
…
*
…
*