الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَارًا} أدبوهم وعلموهم (1). وفي هذا المعنى أيضاً يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه قائلاً: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (2).
ويوصي الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأولادهم كما في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (3).
كما يذكر الله سبحانه وتعالى في سورة لقمان أنموذجاً من نماذج تأديب الآباء للأبناء، ويتمثل ذلك في وصايا لقمان عليه السلام لابنه (4).
سابعاً: وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للشباب في الآداب
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بوصايا كثيرة، منها الوصايا الآتية:
1 - لا تصاحب إلا مؤمناً
.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تُصاحِب إلا مُؤْمناً، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقِيٌّ)) (5).
الشباب في هذه المرحلة وخاصة في بدايتها أحوج ما يكونون
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (4/ 392).
(2)
سورة طه، الآية:132.
(3)
سورة النساء، الآية:11.
(4)
انظر الآيات: 13، 16، 17، 18، 19 من سورة لقمان.
(5)
أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (رقم 4832)، والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في صحبة المؤمن (رقم 2395)، وقال: هذا حديث حسن. وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 563 - 564 رقم 2395).
إلى النصيحة والإرشاد في اختيار الأصحاب والجلساء.
ويضرب الرسول عليه الصلاة والسلام للشباب مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحامِلِ الْمِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فحامِل المِسْكِ إمَّا أنْ يُحذيكَ وإمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبةً، ونافِخِ الكِيرِ إمَّا أنْ يُحْرِقُ ثِيابَكَ وإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً خَبيثةً)) (1).
ولعظم تأثير الجليس على جليسه يقول سبحانه وتعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرءُ عَلى دِينِ خَلِيْلِهِ، فَلْيَنظُر أحَدَكُمْ مَنْ يُخَالل)) (3).
والشاب خاصة أشد تأثراً بقرينه، ومن هنا تأتي أهمية اختيار
(1) أخرجه البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الذبائح والصيد، باب المسك (3/ 463) رقم (5534). ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء (4/ 2026)، واللفظ للبخاري.
(2)
سورة الفرقان، الآيات: 27 – 29.
(3)
أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (رقم 4833)، والترمذي، كتاب الزهد (رقم 2378)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 554 رقم 2378).
الصاحب، وإذا كان الفتى في هذه المرحلة لا يتمكن من المعرفة التامة بالصاحب المناسب الذي يسلم من شره، وينتفع بخيره. وهنا يأتي دور الداعية ببيان ذلك للشباب وإعانتهم عليه.
ذكر الغزالي شروط الصاحب فقال: ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال: أن يكون عاقلاً، حسن الخُلق، غير فاسق، ولا مبتدع ولا حريص على الدنيا.
أما العقل فهو رأس المال وهو الأصل، فلا خير في صحبة الأحمق، فإلى الوحشة والقطيعة ترجع عاقبتها وإن طالت. قال علي رضي الله عنه:
فلا تصحب أخا الجهل
…
وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى
…
حليماً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء
…
إذا ما المرء ما شاه
وللشيء من الشيء
…
مقاييس وأشباه (1)
وأما حسن الخلق فلا بد منه، إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه، ولكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بخل أو جبن أطاع هواه، وخالف ما هو معلوم عنده، لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه، فلا خير في صحبته.
وأما الفاسق المصر على الفسق فلا فائدة في صحبته؛ لأن من
(1) هذه الأبيات من بحر الهزج، وذكرها أبو حيان التوحيدي في الصداقة والصديق (ص259).