الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللسان؛ لأن الكلام ترجمان، يعبر عن مستودعات الضمائر، ويخبر بمكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر على رد شوارده، فحق على العاقل أن يحذر من زلَلِهِ، بالإمساك عنه، أو بالإقلال منه، فرحم الله امرءاً قال فَغَنِمَ، أو سكت فسَلِمَ.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((اللسان معيار أطاشه الجهل، وأرجحه العقل)).
وقال بعض الحكماء: ((الزم الصمت تعد حكيماً، جاهلاً كنت أو عالماً)).
وقال بعض الأدباء: سعد من لسانه صموت، وكلامه قوت (1).
وليعلم الشاب أنه إذا أراد أن يتكلم. فإن للكلام شروطاً هي:
1 -
أن يكون للكلام داع يدعو إليه: إما في اجتلاب نفع، أو دفع ضرر.
2 -
أن يأتي به في موضعه، ويتوخى به إصابة فرصته.
3 -
أن يقتصر منه على قدر الحاجة.
4 -
أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به.
4 - لا تتبع النظرة النظرة
عن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا عليّ لا تُتْبعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإنَّ لكَ الأولى ولَيْسَت لكَ الآخِرَةُ)) (2).
(1) انظر: الماوردي، أدب الدنيا والدين، تحقيق وتعليق مصطفى السقا، دار الكتب العلمية، بيروت، (ص 265)، وفيض القدير (4/ 24).
(2)
أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الأدب، باب ما جاء في نظر الفجأة (رقم 2777) وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك. وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 108 رقم 2777).
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري (1).
ما أحوج الشباب إلى مثل هذه النصيحة، والتأكيد عليها لاجتماع شهواتهم وكثرة الفتن في هذا الزمان، وإذا كان الشاب غير متزوج، كانت الحاجة أشد، لما في النظر عليه من الخطر.
قال ابن القيم رحمه الله: والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان. فإن النظرة تولد الخطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد، ما لم يمنع منه مانع. وفي هذا قيل:((الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده)) ولهذا قال الشاعر:
كل الحوادث مبدؤها من النظر
…
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها
…
كمبلغ السهم بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها
…
في أعين الغير موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته
…
لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضرر (2)
(1) أخرجه مسلم، كتاب الآداب، باب نظر الفجاءة (رقم 2159).
(2)
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، الرياض، نشر مكتبة الرياض الحديثة 1392هـ، (ص 134). وذكر الأبيات الذهبي في الكبائر (ص 59).