الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: أهمية الإنفاق على الأسرة من الحلال
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سَبِيلِ الله، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ على مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ على أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الذي أَنْفَقْتَهُ على أَهْلِكَ)) (1).
فهذه النفقة التي تستحق الأجر العظيم يجب أن تكون من حلال؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً (2).
فقد حرَّم الله الربا، والغش، والسرقة، والخداع والغصب، وجميع ما حرَّم الله ورسوله، فإنه لا يجوز للإنسان الذي يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقترب منه؛ لأنه مهما أخذ من هذا الحرام وتصدق به أو أنفقه على عياله، فإن الله لا يقبل منه عدلاً ولا صرفاً.
وقد جاء في ذلك الشيء الكثير من القرآن والسنة، قال الله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون} (3).
وقال تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم
(1) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة على العيال والمملوك (رقم 995).
(2)
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً
…
)) أخرجه مسلم (رقم 1015).
(3)
سورة البقرة، الآية:188.
مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم} (1).
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ما لم يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا في بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَت بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)) (2).
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة رضي الله عنه: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ من نَبَتَ لَحْمُهُ من سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ)) (3).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً حَرَاماً فَيَتصدَّق بهِ فيُقبَلَ منهُ، ولا يُنفِقَ منه فَيُبَارَكَ له فيه، وَلَا يتركه خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَاّ كان زَادَهُ إلى النَّارِ)) (4).
(1) سورة المطففين، الآيات: 1 – 5.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب إذا بيّن البيعان ولم يكتما ونصحا (رقم 2079)، ومسلم، كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان (رقم 1532).
(3)
أخرجه الحاكم (4/ 468 رقم 8302)، وابن حبان في صحيحه (5/ 9 رقم 1723)، والدارمي (رقم 2776)، وعبد الرزاق في مصنفه (11/ 345 – 346 رقم 20719)، والطبراني في الأوسط (3/ 139 – 140 رقم 2730)، وفي الصغير (رقم 430) وفي الكبير (19/ 105 رقم 212)، وأحمد (3/ 321)، وفي النسخة المحققة (22/ 332 برقم 14441)، و (23/ 425 برقم 15284)، وقال محققو مسند الإمام أحمد:((إسناده قوي على شرط مسلم، ورجاله ثقات، غير ابن خيثم، فصدوق لا بأس به)). وقال الهيثمي في المجمع (5/ 247): رواه أحمد والبزار
…
ورجالهما رجال الصحيح. وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 320 رقم 1728) صحيح لغيره.
(4)
أخرجه أحمد (1/ 387)، وقال محققو مسند أحمد 6/ 190:«قال الدارقطني في العلل، 5/ 271: الصحيح موقوف» والنسخة المحققة 6/ 189، برقم 3672، وأخرجه الحاكم في المستدرك في النسخة الهندية، 2/ 447، وصححه ووافقه الذهبي، والعدني في الإيمان (رقم 64)، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (رقم 42)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 166)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 53): رواه أحمد ورجال إسناده بعضهم مستور وأكثرهم ثقات. وقال في موضع آخر (10/ 228): رواه أحمد ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف. وقال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 427): وهذا حديث حسن الألفاظ ضعيف الإسناد، وأكثره من قول علي رضي الله عنه. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1/ 532 رقم 1076).
وثبت أن عمر رضي الله عنه أراق اللبن المغشوش بالماء تأديباً للغاش، وزجراً للناس عن غش المبيعات (1)، فعلى المسلم أن يراعي في كسبه على أسرته الكسب من الحلال الطيِّب؛ لأن التجَّار الذين يأكلون أموال الناس بالباطل هم الفجَّار؛ لحديث رفاعة رضي الله عنه: أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى فرأى الناس يتبايعون، فقال:«معشر التجار» ، فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال:«إن التُّجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله، وبرَّ، وصدق» (2).
وعن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن التجار هم الفجَّار» فقالوا: يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع؟ قال: «بلى ولكنهم يحدِّثون فيكذبون، ويحلفون
(1) ذكره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى، 28/ 115، ونسبه إلى مالك في المدونة، وذكره ابن القيم في الطرق الحكمية، ص 388، وانظر: حقوق الإنسان في الإسلام (ص 90).
(2)
الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في التجارة وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، برقم 1210، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة كتاب التجارات، باب التوقي في التجارة، برقم 2146، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/ 208، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1458، وقال في صحيح الترغيب والترهيب:«صحيح لغيره» بينما قال في ضعيف سنن الترمذي ص 117: «ضعيف» .
ويأثمون» (1).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصدِّيقين، والشهداء» (2).
(1) أحمد في المسند، 24/ 290، برقم 15530، واللفظ له، والحاكم، وقال محققو المسند:«حديث صحيح» وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 343.
(2)
الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، برقم 1209، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 342:«صحيح لغيره» بينما ضعفه في ضعيف سنن الترمذي ص 117.