الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُعْطِي العَبْدَ مِنَ الدُّنْيا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فإنَّما هَوَ اسْتِدْراجٌ))، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُون} (1). وغير ذلك من النصوص التي وردت في الشرع تدل على ذم الأخلاق السيئة، والأبناء الذين لم يُعلَّموا الأخلاق الحميدة: أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف يعرفون أخلاقه وهم لم يعلَّموا ولم يوجَّهوا التوجيه السليم؟
فهم عند آباءٍ فاسقين، وأمهات لا يخفن الله ولا يراقبنه، فمن هذه الغباوة ظهر أولاد فاسدون واستحبوا الأخلاق الرذيلة على الأخلاق الحميدة، واستحبوا: الكذب على الصدق، والأمانة، والنفاق على الإخلاص، واستحبوا: الإسراف، والبخل على الكرم، والاقتصاد، واستحبوا: التكبر، والإعجاب على التواضع، ولين الجانب، وغير ذلك من الأخلاق الرذيلة الناتجة عن سوء التربية.
رابعاً: أسرةٌ منحلَّة غير ملتزمة بشرع الله:
من نتائج التربية السيئة تفكك الأسرة وانحلالها وفساد أخلاقها، وذلك؛ لأن التربية الإسلامية هي أساس الأخلاق، والفضائل، فعند المراهقة للأولاد والبنات تنتشر الأخلاق الرذيلة
(1) أخرجه أحمد (4/ 145)، وفي الزهد (ص 12)، والبيهقي في الشعب (4/ 128 رقم 4540)، وابن المبارك في الزهد (رقم 321)، وابن أبي الدنيا في الشكر (رقم 32)، والطبراني في الأوسط (9/ 110 رقم 9272)، وفي الكبير (17/ 330 رقم 913)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 561). وفي السلسلة الصحيحة (1/ 773 رقم 413).
وتتفرق الأسرة ولم يعد يضم البيت العائلي عدداً من الأسرة بحيث يجمع بين الجد وأولاده، وحفدته وزوجاتهم، فالزوج يعيش مستقلاً عن زوجته في معاشه ومهنته، والمرأة تنطلق في العمل، ولم يعد لديها الفراغ الكافي لتربية أطفالها، وقامت مقامها مدارس رياض الأطفال، وأخذت تزاحم الرجال جنباً إلى جنب (1)، والبنت ذهبت مع صديقها للنزهة، والولد يذهب مع أقرانه الخبثاء، هذا بالنسبة للأسرة المنحلة انحلالاً كاملاً، أما ما دون ذلك فإنه يظهر في بعض الأسر التي لم تحض على التربية الإسلامية ولا على تعاليم الدين الصحيح، فنجد مثلاً عدداً من البنات يقبعن في بيوت آبائهن عوانس، بدون زواج، فالفتيان يقفون اليوم من الفتيات موقفاً لا يدل على إقبالهم عليهن، ورغبتهم فيهن؛ لأن مشكلة الجنس قد حلتها الأوضاع المتفككة المنحلة للأسرة، والمجتمع، وذلك لرغبة آباء البنات في المال الكثير، فكأن الفتاة سلعة، والزواج تجارة، فما على صاحب السلعة إلا أن يحتال ويساوم الشاري، ويشغل رغبته، وحاجته ليقبض أكبر ثمن ممكن لهذه السلعة، ولا يسأل والد الفتاة عن دين الرجل ولا أمانته، وإنما الذي يسأل عنه كم مع هذا من المال، وما له من حوانيت وأملاك!! إلخ (2).
فيسبب هذا ضياع الأسرة، وقد تحدث أمور لا يرضاها
(1) الأسرة بين الجاهلية والإسلام (باختصار وتصرف)(ص 154).
(2)
الأسرة بين الجاهلية والإسلام (بتصرف)(ص 155).
المسلم، وما ذلك إلا لعدم التمسك بالشريعة الإسلامية وعدم التربية الإسلامية الصحيحة، التي على أساس من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَاب} (1).
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عنها بَعْدِي إلا هَالِكٌ)) (2). أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وينتج من تفكك الأسرة والانحلال أمور كثيرة، ومن هذه الأخلاق الرذيلة التكبر على المسلمين، فعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((
…
وإنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلي أَنْ تَوَاضَعُوا حتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ على أَحَدٍ، ولا يَفْخَرَ أَحَدٌ على أَحَدٍ)) (3).
والبغي هو التعدي والاستطالة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذَا قالَ الرجل:
(1) سورة الحشر، الآية:7.
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 175 رقم 331)، وأحمد (4/ 126)، وابن ماجه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (رقم 43)، والطبراني في الكبير (18/ 247 رقم 619)، وفي مسند الشاميين (3/ 172 – 173 رقم 2017)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 4369). وفي السلسلة الصحيحة (2/ 610 رقم 937).
(3)
أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (رقم 2865).