الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرتبة الثانية: الموعظة الحسنة
، وتكون للقابل للحق المعترف به، ولكن عنده غفلة وتأخر، وشهوات تصدّه عن الحق، فهذا يُدعى بالموعظة الحسنة، المشتملة على الترغيب في الحق، والترهيب من الباطل.
المرتبة الثالثة: الجدال بالتي هي أحسن
، وتكون للمعاند الجاحد، يجادل بالتي هي أحسن.
المرتبة الرابعة: استخدام القوة
، وتكون لمن ظلم، وعاند، ولم يرجع إلى الحق؛ فإنه ينتقل معه إلى استخدام القوة إن أمكن (1).
فكذلك تستخدم مع من يحتاجها من المسلمين الذين لم ينتفعوا بالمواعظ من الترغيب والترهيب، ولم يستفيدوا من حكمة القول التصويرية: من ضرب الأمثال، ولفت الأنظار إلى الصور المعنوية: كصفات المؤمنين وآثارها ، ولفت الأنظار والقلوب إلى الآثار المحسوسة: كالأمر بالسير في الأرض، والنظر فيما حل بالمكذبين من الدمار والهلاك.
فإذا لم يؤثر ما تقدم في عصاة المؤمنين فإن استخدام القوة حينئذٍ من الحكمة؛ لأن القوة كالعملية الجراحية للمريض إذا لم ينفع في علاج مرضه غيرها، فتستخدم عند الحاجة إليها بشرط الالتزام بالشروط والضوابط الشرعية.
واستخدام القوة في هذه المرحلة يتنوع ويختلف باختلاف
(1) انظر: الحكمة في الدعوة إلى الله (ص 808) للمؤلف.
الداعية المربِّي والمدعو، والأحوال والأزمان والأماكن، وإمكانية استخدام القوة مع أمن الوقوع في المفاسد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته الدعوة إلى الله - تعالى - وإيجاب إنكار المنكر؛ ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله ، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا: كالإنكار على الملوك، والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، وقد «استأذن الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: ((لا ما أقاموا الصلاة)) (1)، وقال: «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر [ولا ينزعن يداً من طاعة]» (2).
ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر؛ فطلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر منه وأنكر؛ ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك بعض الأمور المختارة، ويصبر على بعض المفاسد خوفاً من أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم؛ ولهذا لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام
(1) مسلم، كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم (3/ 1482)، برقم 1855، وأحمد بلفظه (3/ 28 – 29).
(2)
مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن برقم 1849، (3/ 1477)، وباب خيار الأئمة وشرارهم (3/ 1482)، واللفظ من الموضعين.