الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعفر الصادق
أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد بن علي زين العابدين (ولد عام 80/ 699 أأو 83/ 703 وتوفي عام 148/ 765)، الإمام السادس عند الشيعة، ورد اسمه مؤلفا في عدة كتب وصلت إلينا، وكثيرا ما ذكره جابر بن حيّان وفي مناسبات عديدة أستاذا من أهم أساتذته في الصنعة. لقد درس روسكا هذه الرواية (1) التي تصور جعفرا معلما في الكيمياء، وكان على صواب إذ رأى أن إيضاح هذا الموضوع يتصل اتصالا وثيقا بمسألة الاقتناع بعمل خالد في الصنعة أو بالحري بعلوم العرب في الصنعة إبان العهد الأموي من جهة، ومن جهة أخرى يتصل بصحة «نسبة» كتب جابر التي يذكر فيها جعفرا أستاذا له. إلا أن روسكا قابل ما ذكر من معلومات حول اشتغال جعفر بالصنعة بتشكك أكبر مما قابل به تلك المعلومات حول اشتغال خالد بها. فلقد كتب يقول:«إذا كان من الممكن أن نتخيل أن خالد بن يزيد قد اتصل بالعلماء اليونانيين في الاسكندرية أو حتى في دمشق الذين كانوا على معرفة ما بالمصادر الصنعوية بل ربما أجروا في السّر تجارب كيميائية، فإن كل (الشروط الأساسية) كانت غير متوافرة في المدينة وفي الوسط الذي عاش فيه جعفر. ولم يكن ممكنا أن يصل إلى هؤلاء الناس الأتقياء أي علم بالكيمياء العملية أو النظرية، لا عن طريق طبيعي بالاتصال الشخصي ولا عن طريق ما فوق الطبيعة بالوحي الخفي. فمن المستحيل على المرء أن يتصور إنسانا كجعفر عمل يوما ما وبشكل ما بالفرن الكيميائي والبوتقة والقرعة والأنبيق والآثال والكبريت والزئبق، أو أن يتصور أنه علّم تحويل المعادن لتلميذ من التلاميذ كجابر. وبهذا القرار المبدئي تتهاوى كل مساعي كتابة تاريخ الكيمياء السابقة في تأكيد الصلة بين جابر بن حيان وجعفر الصادق. وهكذا ينبغي أن ننظر إلى كل كتب جابر التي تتخذ من جعفر الصادق معلما وأستاذا، أن ننظر إليها زيوفا من زيوف زمن متأخر (2)» .
(1)(صنعويون عرب ج 2، جعفر الصادق، الإمام السادس) تأليف:
j. ruska: arabischealchemi stenii. gafaralsadiq. derseehsteimam
مع صورة لمخطوطة غوته. أ 1922 (حلب 338) في طباعة بطريقة منول manul هايدل برغ 1924.
(2)
روسكا فى مصدره الآنف الذكر ص 40 - 41.
إنها لنظرة غير موضوعية البتة أن يسلم هكذا ودون إمعان: بأن كل الأسباب الأولية المتعلقة بمعرفة الكيمياء كانت مفقودة في المدينة وحول جعفر، وروسكا نفسه اقتبس عن الشهرستاني خبرا يفيد أن جعفرا عاش «في بادئ الأمر في المدينة» ثم ما لبث أن يمم وجهه شطر العراق ولبث فيه أمدا طويلا (1). وبهذه المناسبة فلقد نبّه ستابلتون stapleton إلى حقيقة ذات أهمية بالغة هي أن جعفرا كان ابن خالة خالد ومن المرجّح جدّا أنه عرف كتبه (2). أما ما يتعلق باستنتاج روسكا الموسع، من أنه ينبغي اعتبار كل كتب جابر التي تتخذ من جعفر الصادق معلما وأستاذا، كتبا مزيفة، فإن روسكا لم يستطع تقديم قرينة واحدة في ذلك. وجاء كراوس فيما بعد وناقش علاقة جابر ب جعفر (3). وغني عن البيان أن موقفه كان موقف الرفض، فهو ينطلق أصلا من منطلق أن مجموع جابر هو من إنتاج القرن الثالث أو الرابع الهجري.
ونحن لا نرى ما يمنع تاريخيّا من أن جعفرا نال في زمانه وفي محيطه معارف في الصنعة. وتصوّرنا هذا تعززه، أصالة كتب جابر، الأمر الذي بيّناه في موضع آخر من هذا الكتاب (انظر بعده ص 297). وتغدو فكرة اشتغال واهتمام إمام الشيعة السادس بالصنعة أكثر قبولا، إذا ما أخذ بعين الاعتبار حقيقة أخرى من حقائق العلوم العربية وهي أن نظرية الميزان كانت في العهد الأموي منتشرة بين الغنوصيين الشيعة، وما المغيرةبن سعيد الغنوصي (ت: 119/ 737) المعاصر لحدث لخالد بن يزيد (انظر بعده ص 274) إلا الممثل المشهور لتلك النظرية.
(1) روسكا في مصدره الآنف الذكر ص 20.
(2)
«
…
thattheimamjafar as- sadiq (throughhisbeinga cousinbymarriage، ofkhalid) wasalmost certainlyacquain tedwithkhalid'sa lchemicalwriting s، andifso، propablyutilised this knowledgeasanadd itional'backgrou nd'tohisimamate» ، isis 26/ 1936/ 130.
انظر فيما يتعلق بقرابة جعفر بالنسبة لخالد، ابن قتيبة: معارف 87، 113. أما رملة زوجة خالد فكانت إحدى عمات القاسم بن محمد بن أبي بكر وكانت ابنة القاسم هذا أم جعفر.
(3)
كراوس، i مقدمة. lv -lvii
ونحن نتفق (1) وستابلتون stapleton في أنه ليس هناك شك في معارف جعفر الصادق بالصنعة، بيد أنه لم يتضح بعد فيما إذا ألّف جعفر رسائل في ذلك أم لا. ومما يلفت النظر أن جابرا، الذي ما فتئ يثني على مستوى أستاذه جعفر الرفيع في علم الصنعة، والذي نسب إليه آراء كثيرة، إن جابرا هذا لم يذكر لجعفر رسالة واحدة قط، ولطالما ذكر جابر الفقرات التي انتقدها أستاذه جعفر في كتبه، والرسائل التي أقرّها والرسائل الغامضة التي لم يقرها. الأمر الذي يقتضي أن جابرا صنف جزءا من مؤلفاته في حياة الأستاذ. فإذا سلمنا بأصالة كتب جابر وبصحة بياناته بالنسبة لجعفر، فهل لنا أن نتصور أن جعفرا لم يصنف أي كتاب؟ فمن أين جاءت إذن تلك الكتب المتداولة باسمه؟ أهي زيوف؟ ولعل الموضوع ينجلي إذا ما درست الرسائل المعنية والآداب العربية الصنعوية دون سابق رأي في ذلك. ونحن نرى مؤقتا أن تلك الرسائل جمعت أو حررت بصورة رئيسية من قبل تلاميذ جعفر. ففي مجال الفقه، صنف، كما خبرنا، تلاميذ الباقر وتلاميذ جعفر 400 رسالة (انظر gas م 1 ص 525). وبهذه المناسبة، فإن ما ذكر عن تأليف رسالة «الجعفر» هو أمر له دلالات كبيرة. فلقد سبق للمعتزلي بشر بن المعتمر (ت: 210/ 825، انظر gas م 1 ص 615) أن ذكر (2) أن هذا الكتاب هو الكتاب الذي ضلل الشيعة ولم يتأكد بشر فيما إذا جمع هارون بن سعد العجلي (ت نحو 150/ 768، انظر gas م 1 ص 560)، تلميذ جعفر، فيما إذا جمع الكتاب باسم الأستاذ أم أنه رواه باسمه فقط (3).
هذا ولم يذكر لنا ابن النديم شيئا عن عمل جعفر الصادق في الصنعة، ولكنه أعاد إلى الأذهان، بمناسبة ذكر كتاب مجهول «الهليلجة» (كتاب في ال (myrobalanum نفي الرواية التي ذكرت أن جعفرا ألّفه (4). ولا يقدم ابن النديم وللأسف أي تعليل
84/ 1949 /3 ambix (1) ن.
(2)
الجاحظ: الحيوان م 6 ص 289.
(3)
ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، القاهرة 1328 ص 84 - 85؛ ابن خلدون: مقدمة (ترجمة (rosenthal م 2 ص 209؛ ت. فهد ii ،ei: ص 377.
(4)
الفهرست ص 317.