الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو حنيفة الدينوري
أحمد بن داود بن ونند الدينوري (توفي نحو عام 282 هـ/ 895 م، انظر gas م 2) البغدادي الأديب اللغوي الموسوعي، صنفه أبو حيان التوحيدي المتأخر مع الجاحظ وأبي زيد البلخي (المجلد الخامس من. (gas لتعدد جوانب المعرفة عنده (انظر إرشاد الأريب ل ياقوت م 1 ص 123). كذلك أثنى ماير في كتابه «تاريخ النبات) «gesch.d.bot. م 3 عام 1856 ص 163) على اهتمام أبي حنيفة ومعرفته في النبات. وقد عرف ماير ذلك لدىرجوعه إلى شواهد مأخوذة عن كتاب النبات لأبي حنيفة، ورغم هذا الثناء لم تكن هذه الشواهد لتكفي، على ما يظهر، عند ماير أن يضع أبا حنيفة فى المنزلة المرموقة التي يستحقها في تاريخ النبات العربي. أما لكلير (1) فقد رأى عند أبي حنيفة ومن خلال هذه الشواهد، آثارا لعلم نبات متطور عربي مستقل عن كتب اليونان. غير أن الفضل الأعظم في عرض أعمال أبي حنيفة الدينوري المتعلقة بالنبات، عرضها عرضا ممتازا، يرجع بلا ريب إلى زلبربرغ silberberg في دراسته عام 1908 (2) التى توجت بجائزة. ومع أن زلبربرغ لم يعرف وللأسف مجلدات كتاب النبات التي صارت بين أيدينا اليوم، الأمر الذي أدى به إلى أن يتصور خطأ أن ترتيب الكتاب كان على حسب الأشياء فيه وليس على حسب حروف الهجاء (3)، فقد احتفظت دراسته بقيمتها العالية حتى اليوم، لا لأنها تمثل وجهة نظر هذا العالم في النبات فقط، وإنما لأهميتها بالنسبة لتاريخ النبات العربي.
لقد تساءل زلبربرغ مدهوشا «من وصف الدينوري للنبات، وصف ينطق بالحياة، قوي بطبيعته واضح المعالم» (4): إلى أي مدى، أو هل هناك تأثير ما لمؤلفات
medecinearabei ،299. (1)
(2)
daspflanzenbuchd esabuhanifaahmed ibndaudad- dinawari. einbeitragzurges chichte derbotanikbeiden arabern، diss. breslau، s. t. erschienenin: za 24/ 1910/ 225 - 265، 25/ 1911/ 39 - 88.
(3)
المصدر السابق.252/ 1910 /24 za
(4)
المصدر السابق.43/ 1911 /25 za
اليونان ذات الموضوع نفسه في الكتاب؟ . كذلك فقد وجد زلبربرغ لدى مقارنة (1) أجراها بين كتاب» theophrast تاريخ طبيعة النبات» وبين كتاب الدينوري «كتاب النبات» ، أن فرقا عظيما جدّا يتبين لأول وهلة بين وصف كتاب theophrast وكتاب أبي حنيفة. فلم تكن غاية كتاب theophrast رسم صور النبات وإنما تقصي الطبيعة النباتية، أي أن وصف theophrast كان وسيلة لا غاية. فبينما نراه يركز على وصف النباتات المهمة نباتيّا ويقف أمام خواصها طويلا، نراه يهمل النباتات الأقل لفتا للنظر.
وربما رسم صورا ممتازة مفصلة من جميع الجوانب لنباتات غريبة ممثلة عالم النبات، صورا تفوق أفضل صور الدينوري إلى حدّ بعيد. ومع هذا فإن صور الدينوري تفوق صور، theophrast إذا أمعن النظر في الكتابين، سواء من حيث العدد ككل أو من حيث التفاصيل الجزئية. فضلا عن ذلك، فإنه لمن العجب ألا يوجد في الآداب اليونانية والرومانية سوى كتاب آخر، كتاب «materiamedica» ل dioskurides ، يمكن وضع وصفه للنبات إلى جانب وصف أبي حنيفة. ومع هذا فإن دوافع الوصف هنا ليست نفسها التي في «كتاب النبات» لأبي حنيفة، إذ أن هدف هذه الدوافع في كتاب dioskurides يتمثل في التيسير على القاريء العثور على الحشائش الطبية، أي يمثل ناحية عملية خالصة، أما الدوافع في كتاب أبي حنيفة فتنبثق، كما يظهر، عن غبطة وسرور بالصور العديدة لتكون النبات. ومع هذا فمن الممكن وضع وصف أبي حنيفة على سوية تلك أيضا. وفي كل الأحوال إنه لمن المدهش ألا تقدم لنا آداب العصور الغابرة برمتها سوى كتابين فقط في النبات نظيرين لكتابنا هذا. وقد اختتم زلبربرغ ملاحظاته هذه بالتساؤل التالي:«ترى كيف تأتّى لأمة الإسلام أن تبلغ في حقبة وجيزة من آدابها أمة الإغريق العبقرية، تبلغها في هذا المجال بل تتفوق عليها؟ (2)» ثم أجاب على ذلك مشيرا، وهو جواب مقنع كما يبدو لنا. وكما ذكر من قبل (ص 457) إلى أننا «إزاء مصطلحات علمية في النبات» سواء بالنسبة لكتاب أبي حنيفة أو بالنسبة لعلم النبات العربي على إطلاقه، فقد عرف أبو حنيفة «وفرة من
(1) المصدر السابق ص 43 - 44.
(2)
المصدر السابق ص 44.
المصطلحات تتناسب مع مختلف صور أجزاء النبات، تعطى المنصف الانطباع وكأنها تمثل لغة اختصاص خلاقة غاية في الإحكام (1)». وهو يرى في أبي حنيفة عالما تجريبيّا خالصا بكل معنى الكلمة، خاليا ضمن وصفه للنبات من تلك التأملات النظرية، كما يذهب زلبربرغ إلى القول بأن وصف أبي حنيفة للنبات ينبع من «أبناء البادية البسطاء من الناحية العلمية» . وربما لا يعثر رأسا على عالم تجريبي بهذا الصفاء في مصادر الشعوب الأخرى، لم يتفق أن وجدت عندها ظروف غريبة كهذه (2).
وبمناسبة العناصر التي تميز وصف أبي حنيفة أشار زلبربرغ إلى «الحاجة اللغوية إلى تحديد محكم لأسماء النبات الموجودة في القصائد العربية» . ولما كان الأمر يتعلق بمملكة نبات أجنبية، فإن الحاجة اللغوية هذه اقتضت أن تقوم على الوصف، ولم يقدر لها أن تقوم على مجرد ترجمة كلمات. ثم يشدد زلبربرغ على التميز و «أن أثر علم اللغة وعلم النبات واضح بصورة عجيبة في «كتاب النبات» للدينوري وأن هذا التلاحم بينهما جعل منه كتابا لا تفهم طبيعته المتميزة إلا بإمعان دقيق لظروف الزراعة العربية» (3).
ويذهب زلبربرغ (4)، فيما يتعلق بالمصادر التي يدين أبو حنيفة إليها بمعرفته للنبات إلى القول بأنها ثلاثة أصناف:«كتب مصنفة من قبل السابقين رجع إليها، واستفسارات لدى أهل البلاد، ثم ملاحظاته الخاصة» . من الكتب التي كانت بين
(1) المصدر السابق ص 45 - 47.
(2)
المصدر السابق ص 50 لقد ذكر زلبربرغ في حاشية تتعلق بهذا الشأن مايلي: «ومن الجدير بالذكر حقيقة أن للدينوري وصفا للحيوان أيضا، له طبيعة مشابهة تماما لوصفه للنبات. كل هذا في كتاب النبات.
كثيرا ما وصف حيوانات لها صلة واضحة بعالم النبات، كالحشرات التي تعيش على الأشجار والحشائش. أما في الحالات الأخرى فلا تبدو هذه العلاقة واضحة جلية. إلا أن في المخصص (م 11 ص 205، النباتات ذات الروائح العطرية) شاهد يرجع إلى كتاب النبات لأبي حنيفة، حيث أشير في جزء منه إلى استعمال الشحم في الشواهد الشعرية. وربما يوجد الكثير من وصف الحيوان الذي لم أره بعد. وسأعقبه بهذه المناسبة بنص عربي مصحح، مع ترجمة ألمانية لفقرة منه.
(3)
المصدر السابق ص 53.
(4)
المصدر السابق ص 53.
يديه وتتعلق بموضوعات نباتية، كتب لكل من أبي عبيدة وأبي عمرو الشيباني والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وأبي عبيد بن سلام وابن السكيت وغيرهم (1).
ولقد عول زلبربرغ في دراسته للمنهج النباتي عند أبي حنيفة على مقتطف طويل كان قد حفظ لنا. «ينقسم النبات في مجموعه إلى ثلاثة أجناس، جنس يحتفظ بجذره وساقه خلال الشتاء. وجنس يتلف الشتاء ساقه، وتبقى جذوره فينشأ النبات من بقايا أرومة الجذر من جديد. وجنس ثالث يتلف الشتاء ساقه وجذوره، فلا ينمو النبات إلا بالقاء حبوب البذر في التربة. وهذه الأجناس الثلاثة جميعها يتنوع كل واحد منها إلى ثلاثة أنواع: الأول منها يتمثل في الجذوع الباسقة المستقلة عن أي سند غريب. ونوع ثان يعلو في الهواء معتمدا على غيره، حيث يتعلق عليه النبات ويرتقي معه في الهواء.
ونوع ثالث لا يرتفع في الهواء وإنما يمتد على وجه الأرض وينبسط» (2).
وقد أكد زلبربرغ، اتصالا بعلم وظائف الأعضاء «الفيزيولوجيا» ، «أننا لا نجد في هذا المجال فصلا في كتاب النبات، يتضمن أقوالا في المحتوى العام المتعلق بناموس حياة النبات، كما كان الحال لدى المنهج» (3)؛ أحال بذلك إلى ما أفاده أبو حنيفة الدينوري مرارا «حول وقت الزهر وعمر ومراحل النمو المختلفة لما وصف من نبات» .
«يستنتج من ذلك أن مؤلفنا الدينوري عرف علاقة النبات بالتربة والوسط» (4).
أما فيما يتعلق بعلم الشكل والصورة «morphologie» بالنسبة لكتاب النبات فقد وجد زلبربرغ فيه «أهم باب من علم النبات في ذاك الوقت» (5). ففي الكتاب مفهوم علمي رفيع المستوى بهذا الفرع، يدل على ذلك المصطلحات المستخدمة البارزة بالنسبة لأجزاء النبات المختلفة وتعريفالمصطلحات.
«هناك عامل ثان ليس أقل أهمية مما سبق، يتعلق بالصورة المورفولوجية، هو إيضاح صور النبات المعقدة بمقارنتها بأشكال معروفة. وهذا العامل هو الحقيقة نفسها
(1) المصدر السابق ص 53 - 54.
(2)
المصدر السابق ص 63 - 64.
(3)
المصدر السابق ص 65.
(4)
المصدر السابق ص 66 - 67.
(5)
المصدر السابق ص 68.
التي اكتشفها bretzel في علم النبات اليوناني عند theophrast وقدرها في دراساته لحملة الاسكندر والمتعلقة بالنبات (لا يبتسغ عام 1903) بطريقة فذة في كامل أهميتها بالنسبة للطبيعة المورفولوجية والفيزيوغنومية «physiognomisch» المتميزة. ولا أراني بهذه المناسبة بحاجة إلا أن أشير إلى دراسته لهذا الموضوع ص 8 - 22 (انظر كذلك الفهرس تحت عنوان «صور الأوراق») حتى ألفت النظر إلى النقاط المهمة من حيث المبدأ بالنسبة لكتاب النبات أيضا. ومع كل هذا فلا بد هنا من إبراز فرق جوهري بين منهج اليونان ومنهج العرب. فبينما لا يوجد عند theophrast إلا بعض الأشكال القليلة، استخدمت بطريقة علمية- منهجية وبخطة متعمدة لإيضاح الصور الغريبة، فإن الوضع هنا في «كتاب النبات» بالمصادفة ودون اختيار، إلا أنه استعمل فضلا عن ذلك عددا ضخما من أنواع النبات كنماذج موضحة. وهكذا يوجد نحو مائتي نبات عند الدينوري ساقها للمقارنة خلال وصفه، والكثير منها ذكر لدى نوع واحد فقط من النبات، أو لدى أنواع قليلة، أما أفضلها فقد ذكر في عشرة أنواع من النبات. وبغض النظر عن الأنواع الكثيرة الهائلة من صور النبات الاستوائي التي تطلبت عددا ضخما من أشكال المقارنة، فإنه يتبين لنا، تفسيرا لهذه الحقيقة، أن العربي ابن الصحراء كان أعرف بالنبات من اليوناني ابن المدينة بكثير» (1). لقد اقتبس متأخر وعلماء النبات
(1) ويتابع القول: «لننصت إلى theophrast وهو يتذمر أنه اقتصر على أشهر الصور للمعرفة الضئيلة بالنبات عند عصرييه: (4، 14، i)
ayyatwvuevarplwv avwvuuatatyelota xaleutelp oloyroltwvoenuep wvxalwvouaeataty elwealn aloanolsxolvaote paverwoolovautey ou، oukns، poasunyeasatlovo axvnsuvpplvnslwv ayywvnrap xpnolsovoaxolvno uvaewpelvtoletas olaxopas.
فبينما يلاحظ على theophrast أنه اضطر أن يعدل البعد الكبير أو الصغير لشكل المقارنة عن النبات المدروس وذلك بإضافات محدودة أو متممة كثيرة كانت أو قليلة، يلاحظ على البدوي أنه استطاع أن يختار الصور المطابقة في الحال، التى لم يكن بينها وبين ذلك النبات الذي سئل عن منظره الخارجى إلا خطوة قصيرة، هناك تفسير آخر بالنسبة لهذه الوفرة من أشكال المقارنة في كتاب النبات، نلاحظه في أن هذا الكتاب لم يكن كتابا متجانسا لمؤلف واحد كما هو بالنسبة لكتاب theophrast بشكل عام، وإنما هو كتاب جمع الجزء الأعظم فيه من الكثير من أقوال البدو الذين استعملوا بطبيعة الحال النباتات الملاصقة لهم ومما ينمو فى أوطانهم». (المصدر السابق ص 69 - 70).